خبراء: «تويتر» له الحق في إيقاف تغريدات ترامب

على مدار سنوات تركت إدارة الموقع العنان لألفاظ عنصرية

خبراء: «تويتر» له الحق  في إيقاف تغريدات ترامب
TT

خبراء: «تويتر» له الحق في إيقاف تغريدات ترامب

خبراء: «تويتر» له الحق  في إيقاف تغريدات ترامب

إذا ما رغب القائمون على «تويتر» في ذلك، فإن نطاق صلاحياتهم يخول لهم تمامًا تجميد حساب دونالد ترامب.
وبعد استخدام الرئيس المنتخب «تويتر»، الأسبوع الماضي، في توجيه سهام النقد إلى تشوك جونز، زعيم نقابي في ولاية إنديانا يمثل العاملين بشركة «كاريير»، أشار جونز إلى تلقيه سلسلة من المكالمات الهاتفية التي تحوي تهديدات من أنصار ترامب. وبالمثل، استخدم ترامب حسابه عبر «تويتر» في مهاجمة طالبة جامعية طرحت عليه سؤالاً محرجًا أثناء أحد المؤتمرات الجماهيرية. وذكرت صحيفة «ذي واشنطن بوست» أن المرأة تتعرض منذ ذلك الحين لسيل من التهديدات والشتائم النابية.
بصفتها مؤسسة تجارية، لا تخضع «تويتر» لأي إلزام تبعًا للتعديل الأول من الدستور يفرض عليها الاستمرار في السماح لترامب باستخدام خدماتها. ويحق للمؤسسة تحديد قواعد التعبير الخاصة بها داخل النطاق الخاضع لها، ومن بين هذه القواعد المقررة من قبل المؤسسة فيما يخص استغلال خدماتها حظر استخدام خدماتها في التحريض على مضايقات أو تحرش.
جدير بالذكر، أنه في وقت سابق من هذا العام، جمدت المؤسسة بالفعل حسابات الكثير من أنصار ترامب بدا أنهم خالفوا هذه القواعد. وسبق أن أعلنت إدارة «تويتر» أن قواعدها تسري على جميع المستخدمين. ومع ذلك، لا يبدو أن «تويتر» في طريقه لاتخاذ مثل هذا الإجراء ضد حساب @realDonaldTrump.
وإذا أمعنا النظر في الرسائل التي أطلقها ترامب عبر «تويتر»، سنجد أنه يتحرك بالكاد داخل الأطر التي تحددها قواعد السلوك المقررة من جانب إدارة «تويتر». علاوة على ذلك، فإن أنصار حرية التعبير يرون أن السياسات التي تنتهجها إدارة «تويتر» ينبغي أن تولي اهتمامًا للشخصيات السياسية، وإن تجميد حساب ترامب سيشكل نوعًا من أنواع الرقابة. ورغم أن «تويتر» يتمتع بحرية فرض رقابة على كتابات أي حساب لديه، فإنه في الوقت ذاته يحمل على عاتقه واجبا يفرض عليه إدراك كيفية تأثير إجراءاته على العالم بشكل أوسع، حسبما يرى أعضاء هذا المعسكر.
من ناحية أخرى، من الممكن أن يخلف مثل هذا الإجراء تداعيات واسعة، خصوصا بالنظر إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» تحولت إلى الساحة الرئيسة على الصعيد العالمي للحوار السياسي، ومن شأن أي قواعد تتعلق بحرية التعبير السياسي ترك تأثيرات واسعة النطاق، ومن الممكن استغلالها في حظر ليس فقط حساب الرؤساء المليارديرات، وإنما كذلك النشطاء والمعارضون بمختلف أرجاء العالم.
ومثلما أخبرني الكثير من النشطاء المهتمين بحرية التعبير، فإنه سيكون من العسير على «تويتر» فرض قاعدة تحظر تغريدات ترامب، بينما لا تفرض رقابة على التعبير عبر الموقع بوجه عام. وبالنظر إلى أننا ندخل الآن حقبة تهيمن عليها التيارات القومية اليمينية، فإن مثل هذه القواعد ربما تؤتي بنتائج عكسية على العناصر التقدمية التي تحث «تويتر» على تجميد حساب ترامب. في هذا الصدد، شرحت جيليان يورك، الناشطة الداعمة لحرية التعبير لدى «إلكترونيك فرونتير فاونديشن»، أن «المشكلة لا تكمن بالضرورة فيما يقوله، لكن في فكرة أن الرئيس من يقول ذلك. إذا ما جرى فرض رقابة على مثل هذا الحديث فيما يتعلق بالجميع، فإننا سنواجه بذلك مشكلة كبرى. إنه سيكون بمثابة تعدٍ على حريتي في التعبير إذا لم يسمح لي بانتقاد زعيم نقابي أو صحافي أو رئيس».
من ناحية أخرى، لم ترد المتحدثة الرسمية باسم ترامب على طلب وجهناه إليها للتعليق على هذا الأمر.
وبدلاً عن فرض حظر، ربما يثمر إمعان النظر في تغريدات ترامب شيئا أكثر عمقًا بخصوص «تويتر»: بعض التفكير العميق من جانب إدارته في نمط المنبر الذي يرغبون في أن يكون عليه الموقع. في الواقع، لم يكن «تويتر» قط فاعلاً في صياغة وفرض قواعد للتعبير من خلاله. وعلى مدار سنوات، تركت إدارة الموقع العنان لتغريدات عنصرية وتحمل كراهية نحو المرأة والسامية. ويرى المتابعون للموقع أن إدارته عززت بشكل واضح من جهودها لفرض قواعدها بخصوص حرية التعبير خلال الشهور الأخيرة، لكنها تعرضت لاتهامات لقيامها بذلك على نحو يكتنفه الغموض ولا يسلط الضوء على مجمل استراتيجية الموقع لمنع وقوع إساءات. الآن، تأتي حقبة ترامب لـ«تويتر» حاملة فرصة تقديم أداء أفضل لـ«تويتر»، ذلك أن إدارة الموقع بإمكانها إقرار مجموعة واضحة من القواعد وآليات موضوعية لتنفيذها. كما يمكن للشركة إقرار أنظمة فنية تسمح للمستخدمين برصد والتعامل مع المحتوى المثير للكراهية بأنفسهم.

* خدمة: «نيويورك تايمز»



فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
TT

فوز ترمب «يُحطم» البنية الإعلامية التقليدية للديمقراطيين

ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)
ليلة انتصار ترمب... على الإعلام التقليدي (رويترز)

قد يكون من الواجب المهني الاعتراف بأن الجميع أخطأ في قراءة مجريات المعركة الانتخابية، والمؤشرات التي كانت كلها تقود إلى أن دونالد ترمب في طريقه للعودة مرة ثانية إلى البيت الأبيض. وترافق ذلك مع حالة من الإنكار لما كانت استطلاعات الرأي تُشير إليه عن هموم الناخب الأميركي، والأخطاء التي أدّت إلى قلّة التنبُّه لـ«الأماكن المخفية»، التي كان ينبغي الالتفات إليها.

لا ثقة بالإعلام الإخباري

وبمعزل عن الدوافع التي دعت جيف بيزوس، مالك صحيفة «واشنطن بوست»، إلى القول بأن «الأميركيين لا يثقون بوسائل الإعلام الإخبارية» لتبرير الامتناع عن تأييد أي من المرشحيْن، تظل «الحقيقة المؤلمة» أن وسائل الإعلام الأميركية، خصوصاً الليبرالية منها، كانت سبباً رئيسياً، ستدفع الثمن باهظاً، جراء الدور الذي لعبته في تمويه الحقائق عن الهموم التي تقضّ مضاجع الأميركيين.

صباح يوم الأربعاء، ومع إعلان الفوز الكاسح لترمب، بدا الارتباك واضحاً على تلك المؤسسات المكتوبة منها أو المرئية. ومع بدء تقاذف المسؤوليات عن أسباب خسارة الديمقراطيين، كانت وسائل الإعلام هي الضحية.

وفي بلد يتمتع بصحافة فعّالة، كان لافتاً أن تظل الأوهام قائمة حتى يوم الانتخابات، حين أصرت عناوينها الرئيسية على أن الأميركيين يعيشون في واحد من «أقوى الاقتصادات» على الإطلاق، ومعدلات الجريمة في انخفاض، وعلى أن حكام «الولايات الحمراء» يُضخّمون مشكلة المهاجرين، وأن كبرى القضايا هي المناخ والعنصرية والإجهاض وحقوق المتحولين جنسياً.

في هذا الوقت، وفي حين كان الجمهوريون يُسجلون زيادة غير مسبوقة في أعداد الناخبين، والتصويت المبكر، ويستفيدون من التحوّلات الديموغرافية التي تشير إلى انزياح مزيد من الناخبين ذوي البشرة السمراء واللاتينيين نحو تأييد ترمب والجمهوريين، أصرّت العناوين الرئيسية على أن كامالا هاريس ستفوز بموجة من النساء في الضواحي.

جيف بيزوس مالك «واشنطن بوست» (رويترز)

عجز عن فهم أسباب التصويت لترمب

من جهة ثانية، صحيفة «وول ستريت جورنال»، مع أنها محسوبة على الجمهوريين المعتدلين، وأسهمت استطلاعاتها هي الأخرى في خلق صورة خدعت كثيرين، تساءلت عمّا إذا كان الديمقراطيون الذين يشعرون بالصدمة من خسارتهم، سيُعيدون تقييم خطابهم وبرنامجهم السياسي، وكذلك الإعلام المنحاز لهم، لمعرفة لماذا صوّت الأميركيون لترمب، ولماذا غاب ذلك عنهم؟

في أي حال، رغم رهان تلك المؤسسات على أن عودة ترمب ستتيح لها تدفقاً جديداً للاشتراكات، كما جرى عام 2016، يرى البعض أن عودته الجديدة ستكون أكثر هدوءاً مما كانت عليه في إدارته الأولى، لأن بعض القراء سئِموا أو استنفدوا من التغطية الإخبارية السائدة.

وحتى مع متابعة المشاهدين لنتائج الانتخابات، يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر، ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق. وبغضّ النظر عن زيادة عدد المشاهدين في الأمد القريب، يرى هؤلاء أن على المسؤولين التنفيذيين في وسائل الإعلام الإخبارية وضع مهامهم طويلة الأجل قبل مخاوفهم التجارية قصيرة الأجل، أو المخاطرة «بتنفير» جماهيرهم لسنوات مقبلة.

وهنا يرى فرانك سيزنو، الأستاذ في جامعة «جورج واشنطن» ورئيس مكتب واشنطن السابق لشبكة «سي إن إن» أنه «من المرجح أن يكون عهد ترمب الثاني مختلفاً تماماً عمّا رأيناه من قبل. وسيحمل هذا عواقب وخيمة، وقيمة إخبارية، وينشّط وسائل الإعلام اليمينية، ويثير ذعر اليسار». ويضيف سيزنو «من الأهمية بمكان أن تفكر هذه القنوات في تقييماتها، وأن تفكر أيضاً بعمق في الخدمة العامة التي من المفترض أن تلعبها، حتى في سوق تنافسية للغاية يقودها القطاع الخاص».

صعود الإعلام الرقمي

في هذه الأثناء، يرى آخرون أن المستفيدين المحتملين الآخرين من دورة الأخبار عالية الكثافة بعد فوز ترمب، هم صانعو الـ«بودكاست» والإعلام الرقمي وغيرهم من المبدعين عبر الإنترنت، الذين اجتذبهم ترمب وكامالا هاريس خلال الفترة التي سبقت الانتخابات. وهو ما عُدَّ إشارة إلى أن القوة الزائدة للأصوات المؤثرة خارج وسائل الإعلام الرئيسية ستتواصل في أعقاب الانتخابات.

وفي هذا الإطار، قال كريس بالف، الذي يرأس شركة إعلامية تنتج بودكاست، لصحيفة «نيويورك تايمز» معلّقاً: «لقد بنى هؤلاء المبدعون جمهوراً كبيراً ومخلصاً حقّاً. ومن الواضح أن هذا هو الأمر الذي يتّجه إليه استهلاك وسائل الإعلام، ومن ثم، فإن هذا هو المكان الذي يحتاج المرشحون السياسيون إلى الذهاب إليه للوصول إلى هذا الجمهور».

والواقع، لم يخسر الديمقراطيون بصورة سيئة فحسب، بل أيضاً تحطّمت البنية الإعلامية التقليدية المتعاطفة مع آرائهم والمعادية لترمب، وهذا ما أدى إلى تنشيط وسائل الإعلام غير التقليدية، وبدأت في دفع الرجال من البيئتين الهسبانيكية (الأميركية اللاتينية) والفريقية (السوداء) بعيداً عنهم، خصوصاً، العمال منهم.

يرى الخبراء أن تقييمات متابعة التلفزيون والصحف التقليدية في انحدار مستمر ومن غير المرجّح أن يُغيّر فوز ترمب هذا المأزق

تهميش الإعلام التقليدي

لقد كانت الإحصاءات تشير إلى أن ما يقرب من 50 مليون شخص، قد أصغوا إلى «بودكاست» جو روغان مع ترمب، حين قدم تقييماً أكثر دقة لمواقفه ولمخاوف البلاد من المقالات والتحليلات التي حفلت بها وسائل الإعلام التقليدية، عن «سلطويته» و«فاشيته» لتدمير المناخ وحقوق الإجهاض والديمقراطية. ومع ذلك، لا تزال وسائل الإعلام، خصوصاً الليبرالية منها، تلزم الصمت في تقييم ما جرى، رغم أن توجّه الناخبين نحو الوسائل الجديدة عُدّ تهميشاً لها من قِبَل الناخبين، لمصلحة مذيعين ومؤثّرين يثقون بهم. وبالمناسبة، فإن روغان، الذي يُعد من أكبر المؤثّرين، ويتابعه ملايين الأميركيين، وصفته «سي إن إن» عام 2020 بأنه «يميل إلى الليبرالية»، وكان من أشد المؤيدين للسيناتور اليساري بيرني ساندرز، وقد خسره الديمقراطيون في الانتخابات الأخيرة عند إعلانه دعمه لترمب. وبدا أن خطاب ساندرز الذي انتقد فيه حزبه جراء ابتعاده عن الطبقة العاملة التي تخلّت عنه، أقرب إلى ترمب منه إلى نُخب حزبه، كما بدا الأخير بدوره أقرب إلى ساندرز من أغنياء حزبه الجمهوري.