لماذا يبدو اتفاق خفض إنتاج النفط العالمي هذه المرة مختلفًا؟

التزام «أوبك» والمنتجين من خارجها... توقعات متفائلة بعد «التأقلم»

منظمة «أوبك» اتفقت على خفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميا بدءا من يناير 2017 (غيتي)
منظمة «أوبك» اتفقت على خفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميا بدءا من يناير 2017 (غيتي)
TT

لماذا يبدو اتفاق خفض إنتاج النفط العالمي هذه المرة مختلفًا؟

منظمة «أوبك» اتفقت على خفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميا بدءا من يناير 2017 (غيتي)
منظمة «أوبك» اتفقت على خفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميا بدءا من يناير 2017 (غيتي)

قد يكون جمع 24 دولة وإقناعها بتخفيض إنتاجها النفطي لمدة ستة أشهر أمرًا صعبًا، ولكن الأصعب من ذلك هو جعلهم يلتزمون بهذا التخفيض طيلة هذه المدة. فمنذ أن توصل 13 من منتجي النفط من داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) و11 منتجًا من خارجها هذا الشهر إلى أول اتفاق منذ عام 2001 لخفض إنتاج الخام وتخفيف تخمة المعروض بعد تدني الأسعار لأكثر من عامين، وتركيز السوق تحول إلى مدى الالتزام بالاتفاق.
ومخاوف السوق من عدم التزام المنتجين بالاتفاق لها ما يبررها، فتاريخيًا لم تتمكن «أوبك» من الالتزام بشكل كامل بأي تخفيض، بل كانت نسبة التخفيض تتذبذب وبلغت 70 في المائة كأقصى حد لها، بحسب ما أظهرت الكثير من الدراسات.
بل إن حتى المنتجون من خارج «أوبك»، وبخاصة روسيا، ليس لديها تاريخ مطمئن فيما يتعلق بالتزامها بتخفيض إنتاجها، حيث سبق أن وعدت روسيا «أوبك» بتخفيض إنتاجها ثلاث مرات، أخرها في عام 2008. ولكنها لم تخفض برميلاً واحدًا في أي من هذه المرات.
ولكن هناك تفاؤلا كبيرا هذه المرة بأن يكون الالتزام أعلى، نظرًا لأن الاتفاق ليس لمدة طويلة، ولأن أسعار النفط هبطت إلى مستويات أرهقت ميزانيات غالبية الدول المنتجة.
وقال الأمين العام لـ«أوبك»، النيجيري محمد السنوسي باركيندو، في مقابلة تلفزيونية مع وكالة «بلومبيرغ» الجمعة الماضية إنه يتوقع الالتزام عاليًا خلال فترة الأشهر الستة، ولكنه لا يتوقع أن يكون الالتزام في يناير (كانون الثاني) عاليًا جدًا؛ إذ لا يزال المنتجون يحاولون التأقلم مع الاتفاق الجديد.
وقدر مصرف غولدمان ساكس العملاق، أن يكون التزام «أوبك» والدول خارجها هذه المرة عاليًا، على أن يبلغ 84 في المائة من إجمالي التخفيض المعلن، البالغ 1.8 مليون برميل يوميًا، ولهذا سيكون التخفيض عند مستوى 1.6 مليون برميل يوميًا.
واتفقت منظمة «أوبك» يوم 30 نوفمبر (تشرين الثاني) على خفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل يوميا بدءا من يناير 2017 ولمدة ستة أشهر؛ في مسعى لتقليص وفرة الإمدادات العالمية ودعم الأسعار. وستتحمل السعودية العبء الأكبر من التخفيض، حيث ستخفض إنتاجها بقرابة نصف مليون برميل يوميًا.
والتزمت الدول خارج «أوبك» بتخفيض 558 ألف برميل يوميًا، تكفلت روسيا بتحمل العبء الأكبر منها، حيث وافقت على تخفيض إنتاجها بنحو 300 ألف برميل يوميًا، فيما وافقت عمان على 40 ألف برميل يوميًا، وقالت كازاخستان إنها «ستخفض 20 ألف برميل يوميًا».
وحتى وزير الطاقة السعودي، خالد الفالح، كان من بين المتفائلين، حيث قال للصحافيين الثلاثاء الماضي على هامش «منتدى اكتفاء» لـ«أرامكو السعودية»: إنه يتوقع أن يكون الالتزام عاليًا بين المنتجين هذه المرة.
وفي الأسبوع الماضي، توقع وزير النفط الكويتي، عصام المرزوق، الذي سيترأس اللجنة الوزارية التي ستتابع مدى التزام الدول بتخفيض إنتاجها، أن يكون مستوى الالتزام عاليًا بين «أوبك» وخارجها، وقد يكون الالتزام بالتخفيض أكثر من 60 في المائة في البداية، وقد يصل إلى رقم أعلى من 70 في المائة لاحقًا.
وأضاف المرزوق، أن السعودية قامت بالتخفيض، والكويت والإمارات وقطر وحتى روسيا، إلا أن روسيا ستقوم بالتخفيض تدريجيًا، ولكنها بالأخير ستصل إلى الكمية التي التزمت بها وهي 300 ألف برميل يوميًا خلال ستة أشهر، وهي فترة سريان الاتفاق.
وتوقع الوزير الكويتي، أن تلتزم الأطراف المختلفة، سواء من داخل «أوبك» أو خارجها باتفاقات خفض الإنتاج، وأن ترتفع أسعار النفط لتصل إلى 60 دولارا للبرميل مع بدء تطبيق اتفاق «أوبك».
وقال: «توقعاتنا للأسعار ما بين 50 و60 دولار، مع بداية تطبيق التخفيض إن شاء الله سيبدأ الارتفاع، وهي الأسعار التي نأمل بالاحتفاظ بها».
وأوضح المرزوق، أن إنتاج الكويت الحالي من النفط يبلغ نحو 2.9 إلى 3 ملايين برميل يوميًا، ولكنها ستخفض الإنتاج من يناير إلى مستوى 2.7 مليون برميل يوميًا التزامًا باتفاق «أوبك».
وأكد المرزوق، أن الكويت ستلتزم بحصتها الإنتاجية المتفق عليها في «أوبك»، وأن أي زيادة في الإنتاج من الحقول المشتركة بينها وبين السعودية، والمتوقفة حاليًا: «سينتج منها خفض في حقول أخرى»، متى عادت تلك الحقول المشتركة إلى الخدمة.
وأوضح المرزوق، أن الأمين العام لـ«أوبك» سيزور الكويت مطلع يناير لمناقشة آليات مراقبة الإنتاج مع الكويت، التي ترأس لجنة المسؤولة عن مراقبة إنتاج الدول من خارج وداخل «أوبك» الذين انضموا للاتفاق.
وأضاف المرزوق أن «الكويت تسعى لاستضافة أول اجتماع للجنة، الذي سيعقد الشهر المقبل. وستضم اللجنة كلا من الكويت والجزائر وفنزويلا وعمان وروسيا».
وأوضح باركيندو في حوار مع وكالة «بلومبيرغ» الأسبوع الماضي، أن «أوبك» تنوي مراقبة صادرات دول «أوبك» وليس فقط إنتاجها، وستطالب الدول بتقديم بيانات الصادرات كذلك.
من جهة أخرى، قال وزير الطاقة الروسي، ألكساندر نوفاك: إن جميع شركات النفط الروسية ستخفض إنتاجها تماشيا مع القرار الذي اتخذه الرئيس فلاديمير بوتين بخفض الإنتاج للبلاد. وقال نوفاك إنه سيصطحب معه ممثلين من 12 شركة نفط روسية لاجتماع لجنة المراقبة الذي سينعقد الشهر المقبل.



بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
TT

بعد ساعات على تعيين بايرو... «موديز» تخفّض تصنيف فرنسا بشكل مفاجئ

رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الفرنسي المعين فرنسيس بايرو وسلفه المنتهية ولايته ميشال بارنييه خلال حفل التسليم (د.ب.أ)

خفّضت وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف فرنسا بشكل غير متوقع يوم الجمعة، ما أضاف ضغوطاً على رئيس الوزراء الجديد للبلاد، لحشد المشرّعين المنقسمين لدعم جهوده للسيطرة على المالية العامة المتوترة.

وخفض التصنيف، الذي جاء خارج جدول المراجعة المنتظم لـ«موديز» لفرنسا، يجعل تصنيفها «إيه إيه 3» من «إيه إيه 2» مع نظرة مستقبلية «مستقرة» للتحركات المستقبلية، أي 3 مستويات أقل من الحد الأقصى للتصنيف، ما يضعها على قدم المساواة مع تصنيفات وكالات منافسة «ستاندرد آند بورز» و«فيتش».

ويأتي ذلك بعد ساعات من تعيين الرئيس إيمانويل ماكرون للسياسي الوسطي المخضرم، وحليفه المبكر فرنسوا بايرو كرئيس وزراء رابع له هذا العام.

وكان سلفه ميشال بارنييه فشل في تمرير موازنة 2025، وأطاح به في وقت سابق من هذا الشهر نواب يساريون ويمينيون متطرفون يعارضون مساعيه لتقليص الإنفاق بقيمة 60 مليار يورو، التي كان يأمل في أن تكبح جماح العجز المالي المتصاعد في فرنسا.

وأجبرت الأزمة السياسية الحكومة المنتهية ولايتها على اقتراح تشريع طارئ هذا الأسبوع، لترحيل حدود الإنفاق وعتبات الضرائب لعام 2024 مؤقتاً إلى العام المقبل، حتى يمكن تمرير موازنة أكثر ديمومة لعام 2025.

وقالت «موديز» في بيان: «إن قرار خفض تصنيف فرنسا إلى (إيه إيه 3) يعكس وجهة نظرنا بأن المالية العامة في فرنسا سوف تضعف بشكل كبير بسبب التشرذم السياسي في البلاد، الذي من شأنه في المستقبل المنظور أن يقيد نطاق وحجم التدابير التي من شأنها تضييق العجز الكبير».

وأَضافت: «بالنظر إلى المستقبل، هناك الآن احتمال ضئيل للغاية بأن تعمل الحكومة المقبلة على تقليص حجم العجز المالي بشكل مستدام بعد العام المقبل. ونتيجة لذلك، نتوقع أن تكون المالية العامة في فرنسا أضعف بشكل ملموس على مدى السنوات الثلاث المقبلة مقارنة بسيناريو خط الأساس الخاص بنا في أكتوبر (تشرين الأول) 2024».

وفتحت وكالة التصنيف الائتماني الباب لخفض تصنيف فرنسا في أكتوبر، عندما غيرت توقعاتها للبلاد من «مستقرة» إلى «سلبية».

وكان بارنييه ينوي خفض عجز الموازنة العام المقبل إلى 5 في المائة من الناتج الاقتصادي من 6.1 في المائة هذا العام، مع حزمة بقيمة 60 مليار يورو من تخفيضات الإنفاق وزيادات الضرائب. لكن المشرّعين اليساريين واليمينيين المتطرفين عارضوا كثيراً من حملة التقشف وصوتوا على إجراء حجب الثقة ضد حكومة بارنييه، مما أدى إلى سقوطها.

وقال بايرو، الذي حذر منذ فترة طويلة من ضعف المالية العامة في فرنسا، يوم الجمعة بعد وقت قصير من توليه منصبه، إنه يواجه تحدياً «شاقاً» في كبح العجز.

وقال وزير المالية المنتهية ولايته أنطوان أرماند، إنه أخذ علماً بقرار «موديز»، مضيفاً أن هناك إرادة لخفض العجز كما يشير ترشيح بايرو. وقال في منشور على أحد مواقع التواصل الاجتماعي: «إن ترشيح فرنسوا بايرو رئيساً للوزراء والإرادة المؤكدة لخفض العجز من شأنه أن يوفر استجابة صريحة».

ويضيف انهيار الحكومة وإلغاء موازنة عام 2025، إلى أشهر من الاضطرابات السياسية التي أضرت بالفعل بثقة الشركات، مع تدهور التوقعات الاقتصادية للبلاد بشكل مطرد.

ووضعت الأزمة السياسية الأسهم والديون الفرنسية تحت الضغط، ما دفع علاوة المخاطر على سندات الحكومة الفرنسية في مرحلة ما إلى أعلى مستوياتها على مدى 12 عاماً.