باولو جنتيلوني الزعيم الدمث اسمًا وفعلاً

رئيس الوزراء الجديد «أرستقراطي» عاقل يخوض في مستنقع السياسة الإيطالية

باولو جنتيلوني الزعيم الدمث اسمًا وفعلاً
TT

باولو جنتيلوني الزعيم الدمث اسمًا وفعلاً

باولو جنتيلوني الزعيم الدمث اسمًا وفعلاً

ألقى باولو جنتيلوني، رئيس الوزراء الإيطالي الجديد، بيان حكومته في المجلس النيابي قبل أيام لنيل الثقة في قاعة خلت من غالبية قوى المعارضة التي انسحبت بذريعة أن «هذه الحكومة الضعيفة لا تستحق حتى التصويت ضدها!». واستغرق البيان ثلث ساعة جرى خلالها الهمس بين الحاضرين من مؤيدي الحكومة، وكأنه تعبير عن مللهم، لأن النتيجة مضمونة لصالحه.
وصل باولو جنتيلوني (واسم «جنتيلوني» يعني اللطيف أو الدمث بالإيطالية) إلى منصبه الجديد نتيجة فشل سلفه ماتيو رينزي في إقناع 60 في المائة من الناخبين الإيطاليين بتبني إصلاحاته الدستورية التي تعطي رئيس الوزراء مزيدا من الصلاحيات، وتبدل تركيبة مجلس الشيوخ، وتتبنى قانونا جديدا للانتخابات.
غير أن الحكومة الجديدة تُعتبر نسخة طبق الأصل عن الحكومة المستقيلة باستثناء بعض التفاصيل مثل تحويل آنجيلينو الفانو من وزير للداخلية إلى وزير للخارجية، مع الإبقاء على وزيرة الإصلاح الدستوري ماريا ايلينا بوسكي التي جهزت مسودة الإصلاحات الفاشلة في الاستفتاء، وكذلك بقاء رينزي زعيما للحزب الديمقراطي الحاكم يحرك الأمور من وراء الستار.
جيوفاني، أورسينا أستاذ السياسة الإيطالية في جامعة لويس بروما، قال معلقًا: «لقد حشر رينزي نفسه قبل الاستفتاء على الإصلاحات، فحوّله إلى استفتاء على أدائه لذا خسر بنسبة كبيرة». وأردف: «على الحكومة الآن أن تسترجع أصوات الناخبين الذين ابتعدوا عن تأييد الحزب الديمقراطي ليدعموا (حركة 5 نجوم) المعارضة للحكومة وللاتحاد الأوروبي التي يقودها الممثل الهزلي ذو اللسان السليط بيبي غريللو».
على أي حال، فإن اختيار جنتيلوني ليترأس الحكومة الجديدة، بعدما كان قد شغل منصب وزير الخارجية في الحكومة السابقة لمدة سنتين، يعني فعليًا استمرار سياسة يسار الوسط المتبعة في عهد ماتيو رينزي حتى موعد إجراء الانتخابات النيابية المقبلة المقررة عام 2017، قبل انتهاء المدة القانونية للمجلس النيابي الحالي عام 2018.

أرستقراطي دمث وعاقل
ليس لدى باولو جنتيلوني، في واقع الأمر، طموحات سياسية شخصية. فهو رجل يتحدّر من عائلة نبيلة عريقة درس العلوم السياسية في جامعة روما لا سابيينسا المرموقة في العاصمة الإيطالية. ويتميّز، وفق متابعي مسيرته الشخصية والمهنية والسياسية، بسلوكه المسؤول والمشرف. فهكذا عُرف طوال عمله كصحافي عضو في حزب «الخضر» البيئي، ومنذ عام 1993 كعضو في البرلمان، ثم كوزير للاتصالات في حكومة رومانو برودي بين عامي 2006 – 2008.
ويتمتع جنتيلوني بفضل رزانته واعتداله – وكما يقول عارفوه ومؤيدوه بـ«حسن أخلاقه»، بقدر كبير من الاحترام في مختلف الأوساط. وشخصيته الهادئة تختلف تمامًا عن شخصية رينزي (41 سنة)، الشاب الوسيم ذو المواهب الخطابية، والسياسي الغريزي الذي يحب المواجهة ويتسم بالنشاط والحيوية.. وأيضًا بالغرور. وحقًا، يؤخذ على رينزي أنه تصرف بتهور كبير في فترة من فترات صعوده السياسي الصاروخي، مما أفقده تأييد الجناح اليساري من حزبه، وهو الجناح ذو الجذور الشيوعية بزعامة ماسيمو داليما رئيس الوزراء الأسبق.
عودة إلى باولو جنتيلوني، المولود في العاصمة روما قبل 62 سنة، فإنه حين تبوأ منصب وزير الخارجية أثبت أهليته ومقدرته بسرعة لافتة. كذلك برهن، بخلاف غالبية من سبقوه إلى تولّي هذا المنصب، على تمكّنه من اللغة الإنجليزية، وتعامل بسلاسة مع جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، لتأييد الحكومة الليبية برئاسة فايز السراج المدعومة من الأمم المتحدة. وفي الوقت ذاته، كان يساير روسيا بكياسة ودبلوماسية، ويصرح مرارًا بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «زعيم يمكن الوثوق به».
وعلى صعيد آخر، وجّه جنتيلوني دفة السياسة الخارجية الإيطالية نحو الاعتماد على تنمية الاقتصاد والتجارة بدلاً الانخراط في الأزمات السياسية العويصة في العالم. ويذكر عنه أنه أثناء عمله كوزير للخارجية هدّده تنظيم داعش الإرهابي المتطرف لأنه صرح بأن إيطاليا لا تقبل بوجود تهديد إرهابي في ليبيا يبعد عنها بضع ساعات، ووصفه الدواعش يومذاك بأنه «عدو صليبي».

التحديات الاقتصادية
أما الآن، وبعد تولي جنتيلوني رئاسة الحكومة فإن التحديات التي تواجهه صارت أكبر. ولعل أهم مشكلة تواجهه (تواجه إيطاليا) الآن هي الوضع الاقتصادي المتدهور للبلاد، لا سيما الأزمة المالية التي تعصف بعدد من البنوك، خصوصًا أقدم مصرف في العالم (يعمل منذ القرن الخامس عشر) وهو مونتي دي باسكي في مدينة سيينا، بإقليم توسكانيا بوسط إيطاليا الغربي. فلقد طلب هذا المصرف وقتًا إضافيًا ليجد مَن يمول رسملته ولكن دون جدوى، وذلك لأن المستفيدين من قروضه ليس بإمكانهم دفع ديونهم.
ويبدو أن الحكومة الجديدة ستضطر إلى التدخل من أجل إنقاذ هذا المصرف العريق من الإفلاس. وأما المشكلة الثانية المهمة، فتتعلق بانتظار قرار المحكمة الدستورية حول الوضع القانوني لقانون الانتخابات. وهنا من المتوقع أن يقود ماتيو رينزي حزبه في هذه الانتخابات إلا أن الوضع ما زال غامضًا، حتى اللحظة، حول ما إذا بإمكانه إنجاز مهمة توحيد أجنحة الحزب الديمقراطي في وقت قريب.
وجود جنتيلوني على رأس الحكومة الحالية بكفاءته وحسن تصرفه، حسب آراء كثرة من المحللين والمعلقين السياسيين الإيطاليين، من شأنه أن «يضمن الاستقرار في البلاد والاستمرارية في متابعة السياسات الحكيمة في وقت تلوح العواصف في إيطاليا وأوروبا». ويشير المحللون والمعلقون هؤلاءِ، اليوم، من خلال رصد تطورات الساحة السياسية الإيطالية - وبالأخص، الاستفتاء الأخير - إلى وجود خطر جدي يكمن في أن الناخبين ملوا حقًا من الساسة التقليديين الذين اعتادوا السير في طريق تتبادل فيه الطبقة السياسية المنافع رغم اختلافها في الآراء والمواقف، وقد يميلون في الانتخابات البرلمانية المقبلة إلى التصويت لمرشحي الأحزاب الشعبوية مثل «حركة 5 نجوم» و«رابطة الشمال» الانفصالية ما يمكن أن يعرض فكرة الاتحاد الأوروبي للخطر، ويؤدي إلى انسحاب إيطاليا من العملة الموحدة (اليورو).
وبناء، عليه، لا يشك المحللون في أن مهمة رئيس الوزراء الجديد خلال الأشهر المقبلة ستكون شاقة وحافلة بالتحديات، ويذهبون إلى حد القول إن جنتيلوني قد يجد نفسه مضطر لكبح جماح رينزي، رئيسه السابق، مع أن مثل هذا الأمر «يتطلب شجاعة كبيرة».

ماذا يقول خصومه؟
في المقابل، يتهم خصوم جنتيلوني، ومنهم أولئك الذين يحاولون طعنه من الخلف، رئيس الوزراء الجديد أنه «يتأثر كثيرا بأفكار رينزي». وخلال برنامج هزلي على التلفزيون الإيطالي ظهر ممثل فكاهي معروف يدعى موريتزيو كروتزا، يقلد جنتيلوني بصورة متقنة، وفتح معطفه فشاهد المتفرجون جهازًا مخفيًا يتوهّج باستمرار... بينما يقول كروتزا: «الجهاز يوقف ضربات قلبي إذا بُحت بأي شيء لا يعجب رينزي».
وبالفعل، بدأت عدة قوى في المعارضة شن الهجمات على جنتيلوني، ووصفه بأنه «دمية في يد رينزي». وذهب لويجي دي مايو، أحد زعماء «حركة 5 نجوم» في هجماته إلى حد القول: «تعيين جنتيلوني بعد خسارة الاستفتاء يعني خيانة الشعب الإيطالي». والواقع، أن خصوم الحزب الديمقراطي يدركون أن مشكلات الاقتصاد الضعيف وتزايد الهجرة غير الشرعية سلاح فعّال يثير المواطن العادي الذي فقد بهجة الحياة المعروفة في إيطاليا، ومن ثم غدا «مَن هو في السلطة» هدفا طبيعيا لتنفيس مشاعره الغاضبة.
لكن مناصري جنتيلوني يرون أن في تحميله المسؤولية عن مشكلات إيطاليا المتفاقمة إجحافًا وظلمًا كبيرين. أما المراقبون الموضوعيون فيعتقدون أن جنتيلوني بسبب شخصيته الهادئة لا يبدي الثقة المفرطة التي كانت سمة تصرفات رينزي، كما لا يرى المحايدون منهم في «حركة 5 نجوم» الشعبوية الكفاءة والخبرة اللازمتين لحل المشكلات المعقدة لإيطاليا، ومن جانب آخر، فإن فكرة عودة الملياردير اليميني ورئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني إلى سدة الحكم على رأس حكومة يمين - وسط لا تلقى الاستحسان.
ختامًا، لا شك في أن إيطاليا تمر الآن بفترة انتقالية حساسة، ولا يبدو في الأفق من يعرف كيف ستتطور الأحداث خلال الشهور المقبلة. ولكن ربما سيحاول جنتيلوني أن يضع حدا لمحاولات رئيسه السابق رينزي التدخل في شؤون حكومته، من منطلق أنه زعيم الحزب الحاكم وليس في الأفق من سيخلفه. وبالتالي، فإن احتمالات التخبط أو التشويش واردة في على الدوام، إلا أن إيطاليا (المتعايشة فعليًا مع الهزات والبراكين) دأبت (على امتداد العقود الأخيرة) على اجتراح المفاجآت ومفاجأة العالم... بوقوفها على قدميها بعد كل هزّة سياسية.

بطاقة شخصية
* اسمه الكامل باولو جنتيلوني سيلفيري، ويتحدر من أسرة نبيلة عريقة، ويحمل ألقاب «نبيل فيلوترانو» و«نبيل تشينغولي» و«نبيل ماسيراتا».
* ولد في العاصمة الإيطالية روما يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1954. ودرس في مدرسة ليسيوم توركاتو تاسو الكلاسيكية، ثم درس العلوم السياسية في جامعة روما لا سابيينسا في العاصمة، وتخرّج فيها ثم انطلق للعمل في مجال الصحافة.
* متزوّج من إيمانويلا ماورو.
* انخرط في أيام دراسته بحركة طلابية يسارية، ثم بتنظيم «حركة العمال من أجل الاشتراكية». وخلال هذه الفترة أصبح مديرًا لصحيفة «لا نووفا إيكولوجيكا» البيئية. وعبر عمله التقي بحليفه وصديقه المستقبلي فرنشيسكو روتيللي.
* عام 1993 اختاره روتيللي ناطقًا باسمه إبان حملة انتخابات عمدة روما التي خاضها روتيللي وانتصر فيها على منافسه اليميني المتشدد جيانفرانكو فيني. ومن ثم صار جنتيلوني عضوًا في مجلس بلدية روما.
* دخل البرلمان لأول مرة عام 2001.
* عام 2002 كان أحد مؤسسي حزب «الأقحوانة» (يسار وسط مسيحي)، وتولى مسؤولية قيادية وإعلامية في الحزب.
* بين 2005 و2006 شغل منصب رئيس لجنة الرقابة على خدمات البث الإعلامية الحكومية.
* عام 2006 أُعيد انتخابه عضوًا في مجلس النواب عن تحالف «شجرة الزيتون» (يسار وسط) تحت قيادة رئيس الوزراء الأسبق رومانو برودي، ومن عين وزيرًا للاتصالات في حكومة برودي الثانية (2006 – 2008).
* عام 2007 كان واحدًا من 45 عضوًا في اللجنة التأسيسية الوطنية للحزب الديمقراطي، شكلوا من ائتلاف الديمقراطيين الاشتراكيين وديمقراطيي اليسار والجناح اليساري «الأقحوانة» بين الديمقراطيين المسيحيين.
* تكرر انتخابه لمجلس النواب عام 2008.
* خسر معركة انتخابات عمدة روما عام 2013، لكنه فاز مجددًا (للمرة الرابعة) بالانتخابات البرلمانية.
* عام 2014 عيّن وزيرًا للخارجية في حكومة ماتيو رينزي خلفًا لفيديريكا موغيريني، بعد توليها منصب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي.
* يوم 7 ديسمبر (كانون الأول) 2016 اختير رئيسًا للحكومة الإيطالية.



تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
TT

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد الخريجي، وترأس الجانب الصيني نظيره نائب الوزير دنغ لي. وبحث الجانبان تطوير العلاقات الثنائية، مع مناقشة المستجدات التي تهم الرياض وبكين. يذكر أن العلاقات السعودية الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، إذ تعززت الشراكة بين البلدين على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية. وتعود العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إلى عام 1990، عندما افتتحت سفارتا البلدين رسمياً في العاصمتين بكين والرياض. مع أن علاقات التعاون والتبادل التجاري بين البلدين بدأت قبل عقود. وعام 1979، وقّع أول اتفاق تجاري بينهما، واضعاً الأساس لعلاقات قوية مستمرة حتى يومنا هذا.

 

تُعدّ الصين اليوم الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، وانعكست العلاقات المتنامية بين البلدين بشكل كبير على التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما؛ إذ أسهمت في وصول حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 100 مليار دولار أميركي في عام 2023. تستورد الصين النفط الخام من السعودية بشكل رئيسي، وتعدّ المملكة أكبر مورد للنفط إلى الصين، إذ تصدر ما يقرب من 1.7 مليون برميل يومياً. ولقد تجاوزت الاستثمارات الصينية في المملكة حاجز الـ55 مليار دولار. وبحسب تقرير لـ«edgemiddleeast»، ضخّت الصين 16.8 مليار دولار في المملكة في 2023 مقابل 1.5 مليار دولار ضختها خلال عام 2022، استناداً إلى بيانات بنك الإمارات دبي الوطني، وهي تغطي مشاريع في البنية التحتية والطاقة والصناعات البتروكيماوية. وفي المقابل، استثمرت المملكة في عدد من المشاريع داخل الصين، منها الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والنقل. واستضافت الرياض أيضاً في شهر يونيو (حزيران) من هذا العام «مؤتمر الأعمال العربي الصيني» الذي استقطب أكثر من 3600 مشارك. وبعد أسبوعين فقط، أرسلت السعودية وفداً كبيراً بقيادة وزير الاقتصاد السعودي إلى مؤتمر «دافوس الصيفي» في الصين. وبالإضافة إلى هذا الزخم الحاصل، دعت الصين المملكة العربية السعودية كضيف شرف إلى «معرض لانتشو الصيني للاستثمار والتجارة» الذي أقيم من 7 إلى 10 يوليو (تموز) من هذا العام. وكانت وزارة الاستثمار السعودية حثّت الشركات على المشاركة بفاعلية في المعرض، والجناح السعودي المعنون «استثمر في السعودية». كذلك وقّعت السعودية والصين اتفاقيات متعددة لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة. وتسعى المملكة لتحقيق «رؤية 2030» التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على النفط وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، في حين تسعى الصين إلى تأمين إمدادات الطاقة اللازمة لتنميتها الاقتصادية. وبالفعل، جرى أخيراً توقيع اتفاقية بين شركة «تي سي إل تشونغ هوان» لتكنولوجيا الطاقة المتجددة الصينية، وشركة توطين للطاقة المتجددة، وشركة «رؤية للصناعة» السعوديتين، لتأسيس شركة باستثمار مشترك، من شأنها دفع توطين إنتاج الرقائق الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية. ووفقاً للاتفاقية، يبلغ إجمالي حجم الاستثمار في المشروع المشترك نحو 2.08 مليار دولار. التعاون السياسي والدبلوماسي تتعاون المملكة والصين على مستوى عالٍ في القضايا الدولية والإقليمية. وتستند العلاقات السياسية بين البلدين إلى احترام السيادة الوطنية والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية. كذلك تتبادل الدولتان الدعم في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، ولقد لعبت الصين دوراً محوَرياً في الوساطة بين السعودية وإيران، ما أدى إلى تحقيق نوع من التوافق بين البلدين، أسهم في توطيد الاستقرار، وقلّل من حدة التوترات، وعزّز من الأمن الإقليمي. الزيارات الرسمية والقمم المعروف أنه في مارس (آذار) 2017، قام الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة رسمية للصين حيث التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال الزيارة، وُقّعت 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، تضمنت التعاون في مجالات الطاقة والاستثمارات والعلوم والتكنولوجيا. وفي وقت سابق، كان خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قد زار الصين رسمياً عام 2006، كانت تلك الزيارة بمثابة نقطة تحوّل في تعزيز العلاقات الثنائية، وشملت مباحثات مع القيادة الصينية وشهدت توقيع اتفاقيات عدة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار. كما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الصين في فبراير (شباط) 2019 كجزء من جولته الآسيوية. خلال هذه الزيارة، وقّعت 35 اتفاقية تعاون بين البلدين بقيمة تجاوزت 28 مليار دولار، وشملت مجالات النفط والطاقة المتجددة والبتروكيماويات والنقل. بعدها، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، قام الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارة تاريخية إلى الرياض، حيث شارك في «قمة الرياض»، التي جمعت قادة دول مجلس التعاون الخليجي والصين. وتركّزت هذه القمة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية بين الجانبين، وخلالها وقّع العديد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. من الزيارات البارزة الأخرى، زيارة وزير الخارجية الصيني إلى السعودية في مارس (آذار) 2021، حيث نوقش التعاون في مكافحة جائحة «كوفيد 19» وتعزيز العلاقات الاقتصادية،