أسبوع حاسم ينتظر الفلسطينيين قبل أن يقرر «المجلس المركزي» مصير السلطة

يناقش الأسبوع المقبل مقترح حلها وانتخابات من دون حماس والوضع القانوني للشرعيات

أحد عناصر كتائب {شهداء الأقصى} يتلو بيانا يحتج فيه على القبض على أحد عناصر الكتائب في مخيم بلاطة للأجئين الفلسطينيين بنابلس أمس (أ.ب)
أحد عناصر كتائب {شهداء الأقصى} يتلو بيانا يحتج فيه على القبض على أحد عناصر الكتائب في مخيم بلاطة للأجئين الفلسطينيين بنابلس أمس (أ.ب)
TT

أسبوع حاسم ينتظر الفلسطينيين قبل أن يقرر «المجلس المركزي» مصير السلطة

أحد عناصر كتائب {شهداء الأقصى} يتلو بيانا يحتج فيه على القبض على أحد عناصر الكتائب في مخيم بلاطة للأجئين الفلسطينيين بنابلس أمس (أ.ب)
أحد عناصر كتائب {شهداء الأقصى} يتلو بيانا يحتج فيه على القبض على أحد عناصر الكتائب في مخيم بلاطة للأجئين الفلسطينيين بنابلس أمس (أ.ب)

يناقش المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، في جلسة حاسمة، تعقد بداية الأسبوع المقبل، مستقبل السلطة الفلسطينية برمته، وسط دعوات متزايدة لحل السلطة.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس المركزي الذي يعقد دورته الـ26 في مدينة رام الله يومي السبت والأحد المقبلين، سيخرج بقرارات حاسمة للغاية تعالج المأزق الفلسطيني الحالي على كل الصعد.
وأوضحت المصادر: «المفاوضات مع إسرائيل والمصالحة مع حماس والانتخابات العامة ومسألة حل السلطة من عدمه، ستكون على جدول أعمال المجلس وسيتخذ فيها قرارات هامة».
ويعد المجلس المركزي في حالة انعقاده أعلى سلطة تشريعية الآن في ظل غياب المجلس التشريعي المعطل.
وهو الذي كان كلف اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية، بتشكيل مجلس السلطة الوطنية الفلسطينية في المرحلة الانتقالية.
ويتكون المجلس المركزي من رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية، وممثلين عن الفصائل والقوى الفلسطينية والاتحادات الطلابية واتحاد المرأة واتحاد المعلمين واتحاد العمال إلى جانب ممثلين عن أصحاب الكفاءات بالإضافة إلى ستة مراقبين.
وتتوقف طبيعة القرارات التي سيتخذها المجلس المركزي في دورته المرتقبة على نتائج المباحثات التي يجريها المفاوضون الفلسطينيون مع المفاوضين الإسرائيليين، ويفترض أن تكون شارفت على الانتهاء قبل أجلها المحدد في الـ29 من هذا الشهر، ونتيجة زيارة وفد المصالحة الذي شكلته القيادة الفلسطينية لقطاع غزة.
وقالت المصادر: «إذا كانت المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود، فيوجد أمام المجلس خياران، الأول: حل السلطة ودعوة إسرائيل لتحمل مسؤولياتها تجاه احتلال دولة فلسطين، والثاني: الانضمام فورا إلى 48 منظمة دولية بينها ميثاق روما الذي يتيح محاكمة مسؤولين مدنيين وعسكريين إسرائيليين».
وترتفع هذه الأيام الأصوات من أجل حل السلطة الفلسطينية. وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس نفسه لمح إلى هذا الخيار إذا استمر الجمود الحالي في مباحثات السلام، في اجتماع قبل يومين مع أعضاء كنيست إسرائيليين.
وقال عباس لضيوفه: «سأسلم مفاتيح السلطة إلى صاحب الفندق خمس نجوم»، في إشارة إلى رئيس الإدارة المدنية التابعة للاحتلال في الضفة الغربية التي تتدخل في معظم شؤون الفلسطينيين كما كان عليه الحال قبل قيام السلطة.
مضيفا: «لست بحاجة إلى (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو، أو رئيس الأركان. أعطوني ضابطا صغيرا وسوف أسلمه مفاتيح السلطة الفلسطينية. تفضلوا وتولوا الإدارة وسوف أخرج حالا».
وحل السلطة ليس فكرة جديدة، بل متجددة، وفي أكثر من مرة سابقة خلال السنوات السابقة لوح أبو مازن باتخاذ قرارات من هذا النوع. وقالت المصادر إن أبو مازن أبلغ الأميركيين أكثر من مرة أنه مستعد فورا لتسليم مفاتيح السلطة إلى إسرائيل. وأضافت: «في كل مرة كانت فكرة حل السلطة نوعا من الانتحار، لكن لا يمكن الاستمرار بهذه الطريقة».
وسيستمع المجلس المركزي لتقرير من أبو مازن حول آرائه وأفكاره بشأن مستقبل السلطة ومستقبله الشخصي، إذ يعتقد أن يجدد إعلانه الاستقالة من منصبه وعدم ترشحه للانتخابات المقبلة.
ولا يوجد أمام المجلس المركزي مناص من مناقشة الوضع القانوني لمنصب الرئيس والمجلس التشريعي، باعتبار الشرعيات الفلسطينية منتهية الصلاحية.
وكان المركزي هو الذي قرر في 2009 بعد انتهاء المدة القانونية للرئيس والتشريعي التمديد لهما لحين إجراء انتخابات. وسيكون موضوع الانتخابات، البند الثاني الأكثر سخونة، على جدول أعمال المركزي. ووفق المصادر فإن تقريرا سيقدمه عزام الأحمد، مسؤول ملف المصالحة مع حماس، عقب زيارته على رأس وفد قيادي إلى غزة، سيكون مفصليا وحاسما ومحددا لطبيعة قرارات المركزي.
وقالت المصادر: «إذا وافقت حماس على إجراء انتخابات، سنذهب جميعا إليها، لكن إذا لم توافق قد يتخذ المركزي قرارا بإجراء الانتخابات بمن حضر»، ويعني ذلك إجراء انتخابات من دون حماس.
ولم تتضح بعد طرق إجراء الانتخابات من دون حماس، لكن مصادر في حركة فتح قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه يوجد أكثر من طريقة لذلك، أهمها إجراء الانتخابات كما ينص القانون وفق النظام النسبي الكامل، باعتبار الوطن قائمة واحدة، وبالتالي فإن الانتخابات تعقد بمن حضر سواء في الضفة أو غزة أو القدس، ومهما كانت نسبة التصويت فهي كافية.
ومن بين الخيارات الأخرى إجراء انتخابات في الضفة على أن تستكمل في غزة، أو إيجاد طريقة لتمكين من يرغب من غزة بالتصويت.
ورفضت حماس فكرة إجراء انتخابات من دون مشاركتها. وقال الناطق باسم الحركة صلاح البردويل: «لا انتخابات في جزء دون جزء آخر من الوطن، ولا انتخابات في غزة دون القدس أو الضفة الغربية والعكس، ولا بد من انتخابات في آن واحد».
ونفى البردويل رفض حركته إجراء الانتخابات، موضحا أن إثارة الموضوع هو هروب من واقع ما تتعرض له القضية الفلسطينية.
ومن المفترض أن يزور وفد منظمة التحرير قطاع غزة، منتصف الأسبوع الحالي من أجل حسم المسألة.
وقال الأحمد إن مهمة الوفد الاتفاق مع حماس على تنفيذ اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة فورا، من دون أي حوارات جديدة.
وكانت الحركتان اتفقنا على تشكيل حكومة مؤقتة يرأسها أبو مازن نفسه لمدة ستة أشهر، ومهمتها إجراء انتخابات عامة في الأراضي الفلسطينية، لكن خلافات حول ترتيب الملفات وأولوياتها عطلت الاتفاق.
وسيبحث المجلس مسائل أخرى من بينها الوضع المالي للسلطة وسبل دعم مدينة القدس وأهلها وطرائق وأساليب النضال الوطني الفلسطيني، بما فيها تبني فكرة المقاومة الشعبية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.