البنوك الخليجية في مأمن عقب رفع الفائدة الأميركية

قرار خفض إنتاج النفط يحد من الآثار السلبية لارتفاع الدولار

البنوك الخليجية في مأمن عقب رفع الفائدة الأميركية
TT

البنوك الخليجية في مأمن عقب رفع الفائدة الأميركية

البنوك الخليجية في مأمن عقب رفع الفائدة الأميركية

بددت التدابير الاستباقية التي اتخذتها دول الخليج العربي، والتي تتعلق بزيادة قوة الوضع المالي ومستوى السيولة النقدية في القطاع المصرفي، خطر التأثر سلبًا بقرار الفيدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة، خصوصًا أن البنوك المركزية الخليجية كانت تتوقع اتخاذ مثل هذا القرار.
ولما للقرار المتعلق برفع الفائدة من تأثيرات سلبية وأخرى إيجابية على الاقتصاد الخليجي، أكد تقرير اقتصادي أمس، أن مستوى السيولة النقدية في القطاع المصرفي السعودي في مأمن من التأثر بهذا القرار، وهو الأمر الذي يعطي مزيدًا من الثقة في أكبر اقتصاد على مستوى المنطقة.
وعلى أعقاب خطوة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، قررت مؤسسة النقد العربي السعودي رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس من 50 نقطة أساس، إلى 75 نقطة أساس، وإبقاء معدل اتفاقيات إعادة الشراء عند مستوى 200 نقطة أساس، وذلك بناءً على المستجدات التي حصلت في الأسواق المالية المحلية والدولية.
والخطوة السعودية ذاتها، تزامنت معها خطوات أخرى مشابهة من قبل بقية دول الخليج، جاء ذلك في كل من الكويت، وقطر، والإمارات، والبحرين، وسط تراجعات محدودة مُنيت بها أسواق المال الخليجية أمس، باستثناء السوق السعودية، والسوق البحرينية.
وفي هذا الخصوص، من المتوقع أن يكون التأثير الإيجابي على قرار رفع الفائدة مرتكزًا على ربحية القطاع المصرفي، ومكافحة مستويات التضخم في دول الخليج، فيما ينزلق التأثير السلبي إلى تراجع مستويات الإقبال على الرهن العقاري، وإمكانية انخفاض أسعار النفط، والذهب، وهو المعدن الذي تضخ فيه دول الخليج استثمارات كبرى.
ويعتبر التحسن المرتقب في قيمة الدولار الأميركي ذا انعكاس إيجابي على قيمة الريال السعودي، في ظل تثبيت سعر صرف الريال مقابل الدولار (3.75 ريال مقابل كل دولار أميركي)، فيما يعتبر صعود الدولار الأميركي ذا تأثير سلبي على قيمة العملات الخليجية غير المثبتة مقابل الدولار.
أمام هذه التطورات، ارتفع الدولار الأميركي إلى أعلى مستوى له في 14 عامًا مقابل سلة من العملات الأخرى، جاء ذلك بعد أن رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أول من أمس الأربعاء أسعار الفائدة الأميركية للمرة الأولى هذا العام.
وفيما يخص الملف النفطي، فإن عضوية 4 دول خليجية لدول الأوبك تعتبر ركيزة أساسية لاستقرار أسواق الطاقة، كما أن الإيرادات النفطية تعتبر هي المصدر الأول للميزانيات الخليجية، الأمر الذي يجعل سيناريو الضغط على أسعار النفط عقب قرار الفيدرالي الأميركي أمرًا مربكًا إلى حد ما، إلا أن دول الخليج استبقت هذا القرار بالتصويت مع دول الأوبك، وبقية الدول المنتجة، على خفض إنتاج النفط بنحو 1.7 مليون برميل يوميًا، مما يجعل تأثر أسعار النفط بقرار الفيدرالي الأميركي أمرًا غير مستدام.
وعلى صعيد قنوات الاستثمار، من المنتظر أن يفتح قرار رفع الفائدة الباب بشكل أكبر للاستثمار في سوق الدخل الثابت، ومنها أسواق المرابحات الإسلامية، والصكوك، مما يجعل هذه الأسواق خيارًا استثماريًا مناسبًا لرؤوس الأموال الخليجية.
وفي هذا الشأن، استبعد تقرير اقتصادي صدر أمس أن يكون لقيام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة في 14 ديسمبر (كانون الأول) الجاري والتوقعات بالمزيد من الارتفاعات خلال عام 2017، تأثير كبير على أوضاع السيولة في السعودية، مرجعًا ذلك إلى التدابير التي اتخذتها مؤسسة النقد «ساما» مؤخرًا، لتعزيز السيولة في النظام المالي السعودي.
وأشار تقرير شركة جدوى للاستثمار إلى أن تأثير استئناف الإنفاق الحكومي انعكس بالفعل من خلال الانتعاش الأخير في نمو المؤشرات النقدية، وأضاف أن النمو في المؤشرات النقدية تحقق كذلك بفضل استبدال الإصدار الشهري لسندات الدين المحلية - بواقع 20 مليار ريال (5.3 مليار دولار) شهريًا منذ يونيو (حزيران) 2015 - ببيع سندات دين خارجي بقيمة 17.5 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول) 2016.
وجاء في التقرير: «نتيجة لذلك الإصدار لسندات الدين الخارجي، انتعشت المؤشرات النقدية خلال الشهور الأخيرة، تأكيدًا للنظرة السابقة بأن الاقتراض من المصادر الخارجية سيؤدي إلى تحسين أوضاع السيولة المحلية»، معربا عن تفاؤله بتواصل ذلك المسار خلال الفترة المتبقية من العام.
وتوقعت جدوى مواصلة السعودية إصدار سندات الدين إلى البنوك المحلية والمؤسسات المستقلة خلال عام 2017، لكن بكميات أقل مقارنة بالوتيرة السابقة، حيث ظلت الحكومة تطرح إصدارات منتظمة من السندات بواقع 20 مليار ريال شهريًا (5.3 مليار دولار) خلال الفترة بين يونيو 2015 وسبتمبر (أيلول) 2016.
ويرى التقرير أن الإبقاء على إصدار دين محلي بكميات معقولة يعتبر أمرا ضروريا لإنشاء مؤشر للعائد القياسي تستطيع الشركات من خلاله تسعير إصداراتها من الدين، وهذا يؤدي بدوره إلى إنشاء سوق قوية للدخل الثابت في السعودية. ولفت التقرير إلى أن سندات الدين الخارجي ستؤدي إلى استقرار صافي تدفقات رأس المال إلى الخارج خلال عام 2017، مما يقود إلى تخفيف الضغط على احتياطي المملكة من الموجودات الأجنبية.
ووفقًا للتقرير فإن الارتفاع الكبير في صافي تدفقات رأس المال إلى الخارج الذي أدى إلى انخفاض احتياطي الموجودات الأجنبية في الربع الأخير من عام 2015. والربع الأول عام 2016 شهد هدوءًا في الربعين الثاني والثالث من عام 2016، مرجعًا ذلك إلى تحسن العجز في الحساب الجاري، وكذلك الفائض الذي تحقق في الحساب المالي المستبعد من الاحتياطي.
وتعليقًا على قرار مؤسسة النقد العربي السعودي برفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس من 50 نقطة أساس إلى 75 نقطة أساس، قال محمد السويد المستشار الاقتصادي خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس «لن يكون لهذا القرار تأثير كبير على حجم السيولة في القطاع المالي السعودي، لكنه سيرفع تكلفة الإقراض المقدم من قبل البنوك».
ولفت السويد إلى أن رفع الفائدة سيضغط على مستويات التضخم في دول الخليج، موضحًا في الوقت ذاته أن هذا القرار سيعزز من مستويات الاستثمار في سوق الدخل الثابت، مثل المرابحات الإسلامية، والصكوك، إضافة إلى أنه سيخفف من مستويات الإقبال على الاستثمار في الرهن العقاري.
وعلى صعيد اقتصاديات المواطن الخليجي، أكد السويد أن قرار رفع الفائدة لن يكون له أثر واضح على المستوى الاقتصادي لمواطني دول المنطقة، مرجعًا ذلك إلى أن حجم الرفع الذي تم إقراره مساء أول من أمس، لم يتجاوز مستويات 0.25 في المائة فقط.
وفي أول رد فعل على قرار رفع معدلات الفائدة أمس، شهدت أسهم البنوك في السوق المالية السعودية ارتفاعات إيجابية دعمت من مكاسب مؤشر السوق، ما دفعه إلى الإغلاق على المنطقة الخضراء، عقب تداولات شهدت سيولة نقدية يبلغ حجمها نحو 4.6 مليار ريال (1.22 مليار دولار).
وقفز سهم «مصرف الراجحي» بنحو واحد في المائة، فيما أنهت أسهم «ساب»، و«الجزيرة»، و«العربي الوطني»، و«البلاد»، و«مصرف الإنماء» تداولاتها على ارتفاع بنسب تراوحت بين 1 و4 في المائة، مما دفع مؤشر السوق العام للإغلاق عند مستويات 7091 نقطة، بمكاسب يبلغ حجمها نحو 25 نقطة.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي أكد فيه جيرارد غالاغر، الشريك المسؤول عن الخدمات الاستشارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «إرنست ويونغ» في تصريحات سابقة أن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تواجه لحظة حاسمة، فمع انخفاض أسعار النفط، بات على تلك الدول أن تعمل على تسريع إيجاد محفزات نمو جديدة لا تعتمد على عائدات النفط، وتسعى حكومات دول الخليج في الوقت الحالي إلى النظر في خيارات جديدة واتخاذ قرارات مثل الانفتاح على المستثمرين الأجانب ورفع الدعم وفرض الضرائب ورفع كفاءة الإنفاق.



بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».