تحسن مرتقب في أصول البنوك السعودية

قوة الاقتصاد وتنوعه المحرك الرئيسي للإقبال العالمي

متعاملون في أحد البنوك السعودية («الشرق الأوسط»)
متعاملون في أحد البنوك السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

تحسن مرتقب في أصول البنوك السعودية

متعاملون في أحد البنوك السعودية («الشرق الأوسط»)
متعاملون في أحد البنوك السعودية («الشرق الأوسط»)

توقع مختصون في القطاع المصرفي، أن تشهد السنوات المقبلة دخول مزيد من البنوك العالمية في السوق السعودية، وذلك لأن الاقتصاد السعودي سيتضاعف في 2030 وسيصل إلى قرابة 5.7 تريليون دولار، ما سينعكس على نمو القطاع المصرفي، مرجحين حدوث ارتفاع طفيف في إجمالي الأصول المصرفية للبنوك العاملة في السعودية في 2017، إلى أكثر من 2.2 تريليون دولار.
وقال الدكتور سعيد الشيخ، عضو مجلس الشورى السعودي، كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري لـ«الشرق الأوسط»: «إن النمو المتوقع في أصول البنوك السعودية سيكون بطيئا نسبيًا، مقارنة بما سجلته البنوك في سنوات سابقة، خصوصا في ظل تباطؤ نمو الإقراض»، موضحًا «أن هناك نموًا ملموسًا في الأصول والذي سيكون واضحًا في السنوات المقبلة إضافة لنمو السيولة والودائع على مستوى السعودية بشكل تدريجي».
وأضاف الشيخ، أن الأمر ينطبق تمامًا على دول مجلس التعاون الخليجي في نمو الأصول والذي لن يكون بمستوى 2014 - 2015، لافتا إلى أن إجمالي أصول البنوك السعودية يقدر بنحو 2 تريليون دولار، يضاف لها الاستثمارات والقروض.
وأكد أن النمو المتواضع في أصول البنوك عام 2016، سيرتفع تدريجيًا، وسيكون واضحًا في عام 2017، مع المرحلة الانتقالية التي تعيشها البلاد، خصوصًا مع تخصيص الدولة بعض المؤسسات الحكومية، والدخول في تمويل مشاريع من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، وهنا سيتعاظم دور القطاع الخاص، وسيصبح هناك نشاط ونمو أكبر مما شاهدناه في 2016.
واستطرد كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي، أن مراحل هيكلة الاقتصاد، والحد من اعتماد الاقتصاد على الإنفاق الحكومي والتوجه لتفعيل الاقتصاد ونشاطه من خلال القطاع الخاص، سيؤدي إلى تحسن تدريجي في أداء البنوك ومستوى النشاط الاقتصادي لتحقيق التحول الوطني 2020، ومن ثم رؤية المملكة 2030.
وعن قدرة البنوك في إقراض المستثمرين للمرحلة المقبلة، قال عضو مجلس الشورى، إن البنوك لها دور في التمويل سواء كان في القطاع الصناعي أو القطاعات الأخرى، ولكن عندما نتحدث عن توجه الدولة إلى الصناعة، يفترض أن يكون هناك «رؤوس أموال» مباشرة سواء من مستثمرين سعوديين، أو مستثمرين أجانب في قطاع الصناعة.
وتطرق إلى أن البنوك المحلية لا يشترط فيها أن تموّل المشاريع بالكامل، وإنما تمول «رأس المال التشغيلي» في فترة من فترات المشروع، موضحًا أن دور البنوك ليس هو الوحيد في عملية التمويل، فهناك دور لسوق المال، من خلال طرح هذه المصانع للاكتتاب، ومن ثم تموّل من خلال سوق المال «الأسهم» كما حدث في مشاريع منها «بترو رابغ»، والتي يمول جزء كبير منها من خلال سوق المال، والبنوك هنا تقوم في معظم الأحيان بتمويل «قصير، أو متوسط الأجل» ليس رأسمال مباشرا.
وحول حاجة السوق السعودية لبنوك جديدة، قال كبير اقتصاديي البنك الأهلي، إن دخول بنوك جديدة في السوق المحلية سيكون إضافة للاقتصاد السعودي، وسيدعم مسيرة الاقتصاد، خصوصًا أن اقتصاد السعودية سيتضاعف في 2030 ويصل إلى 5.7 تريليون، وهذه مؤشرات قوية للاقتصاد المحلي والذي سيدفع لنمو القطاع البنكي، وأيضا دخول بنوك جديدة في السوق المحلية لدعم هذا التحول.
وحقق القطاع المصرفي نموا ملحوظا من حيث الأصول أو ما يعرف بـ«الموجودات» ورؤوس الأموال وحقوق المساهمين، وما حققته هذه البنوك من أرباح وزيادة أعداد الفروع وأجهزة الصراف الآلي، إذ تمكنت من المحافظة على نوعية متميزة من الأصول، وموقع ريادي فيما يعرف بالملاءة المالية لهذه البنوك.
ويرى الدكتور لؤي الطيار الخبير في الشأن الاقتصادي، أن كل المؤشرات تشير أن هناك طفرة في أداء ونمو البنوك المحلية، خصوصًا أن هناك توسعًا في أداء المشاريع التنموية التي تبناها القطاع الخاص بالشراكة مع الحكومة، إضافة إلى نمو التعداد السكاني للسنوات العشر المقبلة، الأمر الذي يتطلب توسعًا في الأداء وزيادة عدد هذه البنوك لتواجه النمو ويمكّنها من أداء دورها في دعم المشاريع من خلال الإقراض «طويل، قصير الأجل».



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.