«هاكسو ريدج» يقود الدراما و«لا لا لاند» يتقدم الموسيقى والكوميديا

«الشرق الأوسط» في موسم الجوائز (4): الترشيحات خلت من أي فيلم عربي

مشهد من «الجحيم أو الطوفان» لديفيد مكنزي - الممثلة الفرنسية إيزابيل أوبير  في «هي»
مشهد من «الجحيم أو الطوفان» لديفيد مكنزي - الممثلة الفرنسية إيزابيل أوبير في «هي»
TT

«هاكسو ريدج» يقود الدراما و«لا لا لاند» يتقدم الموسيقى والكوميديا

مشهد من «الجحيم أو الطوفان» لديفيد مكنزي - الممثلة الفرنسية إيزابيل أوبير  في «هي»
مشهد من «الجحيم أو الطوفان» لديفيد مكنزي - الممثلة الفرنسية إيزابيل أوبير في «هي»

فيلم حربي وفيلم وسترن وفيلم عاطفي وفيلمان عن البيئة الاجتماعية الحاضنة هي الأعمال التي استولت على اهتمام أعضاء «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» من بين كل ما تم عرضه من أفلام أميركية وغير أميركية.
في مجال الفيلم الكوميدي والموسيقي حيث الخط المميّز بين ما هو موسيقي وما هو كوميدي أكثر وضوحًا، خمسة أفلام أخرى. ثم خمسة أفلام كرتونية طويلة وخمسة أفلام أجنبية في سباق «أفضل فيلم أجنبي». هذا ما مجموعه 20 فيلمًا سينمائيًا (بخلاف أفلام تلفزيونية) توفرها الجمعية لنيل جوائز غولدن غلوبس السنوية.
على عكس الأوسكار، ليس هناك شرط لا يجيز التقدّم لجائزة غولدن غلوبس من دون عرض يتم في البلد المصدر أو في الولايات المتحدة. لذلك من الأسهل التقدّم إلى «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» على مستوى شخصي، أي من دون الحاجة إلى مؤسسة إنتاجية أو مرجع وطني في حال كان الفيلم آتيًا من خارج الولايات المتحدة.
وفي الملاحظات الأولى للترشيحات التي أعلنت قبل أربعة أيام، أنها خلت من فيلم عربي من بين تلك التي تم توفيرها لناخبي الجائزة إلى دائرة الترشيحات الرسمية في سباق «أفضل فيلم أجنبي». يقول أحد الأعضاء في هذا الشأن: «هذه السنة كانت المحاولة أكثر جدية، لكن الضعف كمن في الإمكانيات. ليس بالإمكان، كما تعلم، دفع فيلم إلى الصدارة إذا لم يتم تخصيص تغطية إعلامية يتولاها ملحق صحافي محترف، يشرف على عملية الترويج واستقطاب أعضاء الجمعية لمشاهدة الفيلم».
مثل هذه التغطية تكلّف مالاً، والمنتجون العرب لا يوفرون هذه التكلفة، وهم، في غالبهم، بالكاد استطاع تأمين نسخته في عهدة مندوب عنه.
الفيلم اللبناني «فيلم كتير كبير» لميرجان بوشعيا كان من أقوى الأفلام المقبلة من العالم العربي. وفي نظرة محض نقدية، هو في مساواة فيلم «رجل المبيعات» (The Salesman) للإيراني أصغر فرهادي وأكثر تحررًا في عكسه للحياة الاجتماعية والسياسية بكثير. لكن فيلم فرهادي هو الذي دخل مسابقة الفيلم الأجنبي بسبب خلفية عروضه في مهرجان «كان» التي منحته ما يكفي من الوقود ليبقى ساخنًا حتى موسم الجوائز الحالي (يمثل إيران في أوسكار أفضل فيلم أجنبي). أما الفيلم اللبناني فهو تسلّح بجائزة أولى واحدة هي تلك التي حصل عليها من مهرجان مراكش السينمائي في العام الماضي.
لا يُنتظر فوز فيلم فرهادي بالغولدن غلوب عن هذا القسم بسبب ثلاثة أفلام منافسة تتمتع بإعجاب أكبر بين المصوّتين هي «نيرودا» (تشيلي) و«توني إردمان» (ألمانيا) و«هي» (فرنسا).

تحديات

بالنسبة لمعظم الأفلام المدرجة في سباق أفضل فيلم كوميدي (كلها ناطقة بالإنجليزية) فإن الغالب هو ذلك القدر من التزاوج بين الموضوع العاطفي والموضوع الكوميدي أو الموسيقي. هذا يتمثّل في «لا لا لاند» وفي «فلورنس فوستر جنكينز» و«نساء القرن العشرين». «سينغ ستريت» فيلم تقليدي الحياكة مهما بدا منعشًا و«دَدبول» وهو واحد من أسوأ كوميديات العقد الحالي.
المسابقة التي تحتوي على أعلى نسبة من التحديات هي مسابقة أفضل فيلم درامي ولخمسة أسباب مهمة، كل سبب منها يكمن في واحد من الأفلام الخمسة المرشّحة. «مونلايت» فيلم مبهر في بساطته كما في عمق مدلولاته. أخرج الأفرو - أميركي باري جنكنينز عن بيئة أفرو - أميركية ترعرع ترنس (شريف إيرب) فيها ليكتشف هويته بالتدريج.
«ليون» لغارث ديفيز يتولى تقديم حكاية عن بيئة مختلفة: صبي هندي يضيع في شوارع بومباي ويكتشف وجوده زوجان أستراليان فينقلانه معهما إلى أستراليا حيث يعيش تحت سقفهما. عندما يكبر، وكما الحال مع بطل «مونلايت»، يبدأ بالبحث عن هويته ما يعني رغبته في العودة إلى الهند لعله يجد والديه.
الفيلم الثالث «مانشستر على البحر» لكنيث لونرغان دراما تداهم المشاهد بقوّتها من دون اغتراب أو كثير بحث. إنها عن علاقات يخوضها بطل الفيلم (كايسي أفلك) مع الشخصيات المحيطة به من بعد أن يؤول إليه العناية بطفل كان والده الميت يرعاه.
كل من «مانشستر» و«مونلايت» يتقاسمان نحو 60 في المائة من جوائز النقاد والمؤسسات الصغيرة وإذا فاز أحدهما بالغولدن غلوبس فسوف يعود بقوّة إلى الأوسكار وسواه.
في رحى الغرب الأميركي الحديث يلجأ «جحيم أو طوفان» (Hell or High Water) لديفيد مكنزي ليتناول حكاية سرقات مصرفية يقوم بها شقيقان لا يجدان سبيلاً آخر للعيش وفك الأزمات وتحقيق الطموحات الكبيرة. في أعقابهما رئيس البوليس (جف بردجز) في دور جيد ولو أنه شبيه بدور مايك شانون في «حيوانات ليلية» الذي يأتي ذكره ثلاث مرّات في الترشيحات، فهو في خانة مسابقة أفضل مخرج (توم فورد) وأفضل سيناريو (فورد) وأفضل تمثيل رجالي مساند (آرون تايلور جونسون).
أما الفيلم الذي يقود مسابقة الفيلم الدرامي فهو «هاكسو ريدج» لمل غيبسون، وهو الفيلم الحربي الجيد بكل تفاصيله الذي تناولناه أكثر من مرّة أخيرا.
الممثل الأول في «هاكسو ريدج» (أندرو غارفيلد) مرشح كأفضل ممثل في دور درامي لجانب كايسي أفلك عن «مانشستر على البحر». الباقون هنا هم جول إدجرتون عن «لفينغ» وفيغو مورتنسن عن «كابتن فانتاستيك» ودنزل واشنطن عن «حواجز».

تعددية عرقية

نسائيًا في هذا الإطار: آمي أدامز عن الفيلم الخيالي العلمي «وصول» وجسيكا شستين عن التشويق السياسي «مس سلون» وروث نيغا عن الدراما الاجتماعية «لفينغ» ونتالي بورتمن عن السيرة الذاتية «جاكي»، كما إيزابل أوبير عن الدراما العاطفية «هي». لكن أوبير، على قوّة دورها، مفقودة في عداد الممثلات المرشحات لغولدن غلوبس أفضل ممثلة.
في النطاق الكوميدي - الرجالي المتنافسون هم كولين فارل («ذي لوبستر») وريان غوزلينغ («لا لا لاند») وهيو غرانت («فلورنس فوستر جنكنيز»)، جونا هيل («كلاب الحرب») ورايان رينولد عن «دَدبول».
في نطاق التمثيل الرجالي المساند فإن المحظوظين المرشحين في دائرة الأفلام الكوميدية - الموسيقية هم ماهرشالا علي (عن «مونلايت») وجف بردجز («الجحيم أو الطوفان»)، سيمون هلبرغ («فلورنس فوستر جنكنز») والهندي دف باتل («ليون») وذلك لجانب آرون تايلور - جونسون عن «حيوانات ليلية» كما ذكرت.
نسائيًا في سياق الأدوار المساندة نجد فيولا ديفيز في «حواجز» وناوومي هاريس («مونلايت») ونيكول كدمان («ليون»)، أوكتافيا سبنسر («أشكال مخبأة») وميشيل ويليامز («مانشستر على البحر»).
التنويع العرقي موجود في هذه المسابقة أكثر من سواها فديفيز وهاريس وسبنسر من الممثلات الأفرو - أميركيات.
هذه الأفلام ستكون ذاتها التي سيتكرر الإعلان عنها في كل مسابقة مقبلة وفوقها ربما «جاكي» لبابلو لارين و«صمت» (جديد مارتن سكورسيزي) و«صولي» لكلينت إيستوود وكلها مضت عنها ترشيحات غولدن غلوبس لصالح ما انتخبته.
بالإضافة، لم تعر دنزل واشنطن (في «حواجز») ولا توم هانكس (عن «صولي») أو مايكل كيتون (عن «المؤسس») أي اهتمام. وعلى الجانب النسائي وجدت إيما ستون ونتالي بورتمان وميريل ستريب خارج الحسبان كذلك.



هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
TT

هوليوود ترغب في صحافيين أقل بالمهرجانات

جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)
جوني دَب خلال تصوير فيلمه الجديد (مودي بيكتشرز)

عاش نقادُ وصحافيو السينما المنتمون «لجمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» (كنت من بينهم لقرابة 20 سنة) نعمة دامت لأكثر من 40 عاماً، منذ تأسيسها تحديداً في السنوات الممتدة من التسعينات وحتى بُعيد منتصف العشرية الثانية من العقد الحالي؛ خلال هذه الفترة تمتع المنتمون إليها بمزايا لم تتوفّر لأي جمعية أو مؤسسة صحافية أخرى.

لقاءات صحافية مع الممثلين والمنتجين والمخرجين طوال العام (بمعدل 3-4 مقابلات في الأسبوع).

هذه المقابلات كانت تتم بسهولة يُحسد عليها الأعضاء: شركات التوزيع والإنتاج تدعو المنتسبين إلى القيام بها. ما على الأعضاء الراغبين سوى الموافقة وتسجيل حضورهم إلكترونياً.

هذا إلى جانب دعوات لحضور تصوير الأفلام الكبيرة التي كانت متاحة أيضاً، كذلك حضور الجمعية الحفلات في أفضل وأغلى الفنادق، وحضور عروض الأفلام التي بدورها كانت توازي عدد اللقاءات.

عبر خطّة وُضعت ونُفّذت بنجاح، أُغلقت هذه الفوائد الجمّة وحُوّلت الجائزة السنوية التي كانت الجمعية تمنحها باسم «غولدن غلوبز» لمؤسسة تجارية لها مصالح مختلفة. اليوم لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة بعدما فُكّكت وخلعت أضراسها.

نيكول كيدمان في لقطة من «بايبي غيرل» (24A)

مفاجأة هوليوودية

ما حدث للجمعية يبدو اليوم تمهيداً لقطع العلاقة الفعلية بين السينمائيين والإعلام على نحو شائع. بعضنا نجا من حالة اللامبالاة لتوفير المقابلات بسبب معرفة سابقة ووطيدة مع المؤسسات الإعلامية المكلّفة بإدارة هذه المقابلات، لكن معظم الآخرين باتوا يشهدون تقليداً جديداً انطلق من مهرجان «ڤينيسيا» العام الحالي وامتد ليشمل مهرجانات أخرى.

فخلال إقامة مهرجان «ڤينيسيا» في الشهر التاسع من العام الحالي، فُوجئ عدد كبير من الصحافيين برفض مَنحِهم المقابلات التي اعتادوا القيام بها في رحاب هذه المناسبة. أُبلغوا باللجوء إلى المؤتمرات الصحافية الرّسمية علماً بأن هذه لا تمنح الصحافيين أي ميزة شخصية ولا تمنح الصحافي ميزة مهنية ما. هذا ما ترك الصحافيين في حالة غضب وإحباط.

تبلور هذا الموقف عندما حضرت أنجلينا جولي المهرجان الإيطالي تبعاً لعرض أحد فيلمين جديدين لها العام الحالي، هو «ماريا» والآخر هو («Without Blood» الذي أخرجته وأنتجته وشهد عرضه الأول في مهرجان «تورونتو» هذه السنة). غالبية طلبات الصحافة لمقابلاتها رُفضت بالمطلق ومن دون الكشف عن سبب حقيقي واحد (قيل لبعضهم إن الممثلة ممتنعة لكن لاحقاً تبيّن أن ذلك ليس صحيحاً).

دانيال غريغ في «كوير» (24A)

الأمر نفسه حدث مع دانيال كريغ الذي طار من مهرجان لآخر هذا العام دعماً لفيلمه الجديد «Queer». بدءاً بـ«ڤينيسيا»، حيث أقيم العرض العالمي الأول لهذا الفيلم. وجد الراغبون في مقابلة كريغ الباب موصداً أمامهم من دون سبب مقبول. كما تكرر الوضع نفسه عند عرض فيلم «Babygirl» من بطولة نيكول كيدمان حيث اضطر معظم الصحافيين للاكتفاء بنقل ما صرّحت به في الندوة التي أقيمت لها.

لكن الحقيقة في هذه المسألة هي أن شركات الإنتاج والتوزيع هي التي طلبت من مندوبيها المسؤولين عن تنظيم العلاقة مع الإعلاميين ورفض منح غالبية الصحافيين أي مقابلات مع نجوم أفلامهم في موقف غير واضح بعد، ولو أن مسألة تحديد النفقات قد تكون أحد الأسباب.

نتيجة ذلك وجّه نحو 50 صحافياً رسالة احتجاج لمدير مهرجان «ڤينيسيا» ألبرتو باربيرا الذي أصدر بياناً قال فيه إنه على اتصال مع شركات هوليوود لحلّ هذه الأزمة. وكذلك كانت ردّة فعل عدد آخر من مديري المهرجانات الأوروبية الذين يَرون أن حصول الصحافيين على المقابلات حقٌ مكتسب وضروري للمهرجان نفسه.

لا تمثّل «جمعية هوليوود للصحافة الأجنبية» إلّا قدراً محدوداً من نشاطاتها السابقة

امتعاض

ما بدأ في «ڤينيسيا» تكرّر، بعد نحو شهر، في مهرجان «سان سيباستيان» عندما حضر الممثل جوني دَب المهرجان الإسباني لترويج فيلمه الجديد (Modi‪:‬ Three Days on the Wings of Madness) «مودي: ثلاثة أيام على جناح الجنون»، حيث حُدّد عدد الصحافيين الذين يستطيعون إجراء مقابلات منفردة، كما قُلّصت مدّة المقابلة بحدود 10 دقائق كحد أقصى هي بالكاد تكفي للخروج بحديث يستحق النشر.

نتيجة القرار هذه دفعت عدداً من الصحافيين للخروج من قاعة المؤتمرات الصحافية حال دخول جوني دَب في رسالة واضحة للشركة المنتجة. بعض الأنباء التي وردت من هناك أن الممثل تساءل ممتعضاً عن السبب في وقت هو في حاجة ماسة لترويج فيلمه الذي أخرجه.

مديرو المهرجانات يَنفون مسؤولياتهم عن هذا الوضع ويتواصلون حالياً مع هوليوود لحل المسألة. الاختبار المقبل هو مهرجان «برلين» الذي سيُقام في الشهر الثاني من 2025.

المديرة الجديدة للمهرجان، تريشيا تاتل تؤيد الصحافيين في موقفهم. تقول في اتصال مع مجلة «سكرين» البريطانية: «الصحافيون مهمّون جداً لمهرجان برلين. هم عادة شغوفو سينما يغطون عدداً كبيراً من الأفلام».

يحدث كل ذلك في وقت تعرّضت فيه الصحافة الورقية شرقاً وغرباً، التي كانت المساحة المفضّلة للنشاطات الثقافية كافة، إلى حالة غريبة مفادها كثرة المواقع الإلكترونية وقلّة عدد تلك ذات الاهتمامات الثقافية ومن يعمل على تغطيتها. في السابق، على سبيل المثال، كان الصحافيون السّاعون لإجراء المقابلات أقل عدداً من صحافيي المواقع السريعة الحاليين الذين يجرون وراء المقابلات نفسها في مواقع أغلبها ليس ذا قيمة.

الحل المناسب، كما يرى بعض مسؤولي هوليوود اليوم، هو في تحديد عدد الصحافيين المشتركين في المهرجانات. أمر لن ترضى به تلك المهرجانات لاعتمادها عليهم لترويج نشاطاتها المختلفة.