شاشة الناقد

من فيلم «حواجز» لمخرجه دنزل واشنطن
من فيلم «حواجز» لمخرجه دنزل واشنطن
TT

شاشة الناقد

من فيلم «حواجز» لمخرجه دنزل واشنطن
من فيلم «حواجز» لمخرجه دنزل واشنطن

Fences | حواجز
• إخراج: دنزل واشنطن
• دراما اجتماعية | الولايات المتحدة ‫(2016)‬
• تقييم: ‬***

إلى جانب أن دنزل واشنطن دائمًا ما سعى لتمييز أدواره بأداء صادق ومنفتح على السود والبيض على حد سواء، هو مخرج يختار مواضيع تحمل رسالات اجتماعية. في ثالث أفلامه، مخرجًا من بعد «أنطوان فيشر» و«المتداولون العظام»، يسترجع مسرحية كتبها أوغست ولسون وتم تقديمها في نيويورك أول مرّة في مطلع الخمسينات ثم أعيد تقديمها أكثر من مرّة بعد ذلك.
مثل المسرحية يتناول «حواجز» مسائل تقع في حضن الحياة الأفرو - أميركية مع واشنطن وفيولا ديفيز يتناوبان على الكشف عن مشاعرهما حيال الحياة ومداعباتهما لها. المنحى الذي يعمد إليه واشنطن مخرجًا هو تقديم ما يمكن اعتباره عكسًا واقعيًا كاملاً، وهذا يحتم عليه إيقاعًا رتيبًا بعض الشيء كان يمكن له أن يكون أكثر رتابة فيما لو اكتفى بالنص المسرحي. لكنه يخرج عنه مكانًا ويجمع لجانب مشاهد الفيلم الداخلية نبضًا من الشارع.
‫Collateral Beauty
جمال ملازم‬

• إخراج: ديفيد فرانكل
• دراما عاطفية | الولايات المتحدة ‫(2016)‬
• تقييم: *‬

ما يحتاج إليه الممثل ول سميث لكي ينقذ نفسه، وأفلامه، من العثرات الفنية والنقدية هو أن يعود إلى حين كان قادرًا على مفاجأة الجميع بجاذبيته. آنذاك، أي في أفلام مثل «عدو الولاية» و«علي» و«أسطورة باغر فانس» ترك سميث للفيلم أن يأخذه إلى حيث يريد أن يذهب. لاحقًا، وقد أصبح نجمًا مشهورًا، اختار محاولة أن يقود هو الفيلم إلى حيث يريد. بذلك أصبح هو الذي يقود والفيلم هو تابعه.
في «جمال جماعي» يؤدي دور موظف كبير ينسحب من الحياة إثر وفاة ابنته (ذات الستة أعوام) ويحاول المقربون منه سحبه مرّة أخرى إليها. لكنه حزين دائم وفي مقلتيه معين لا ينضب من الدموع وهو ما زال بعد ثلاث سنوات أو نحوها يعيش التراجيديا مزدوجة: خسران ابنته وخسران منطقه. وهذا، في الأساس، كل شيء. تدخل الفيلم لتستشف صراعًا أو عدة كبيرة بحجم المأساة الواردة، لكن هناك إصرار من كاتب الفيلم (ألان لوب) ومخرجه (ديفيد فرانكل) على استدرار عاطفة رخيصة يجسدها سميث وتشاركه فيها هيلين ميرين وكايرا نايتلي وناوومي هاريس.
‫Incarnate | تقمص‬

• إخراج: براد بيتون
• رعب | الولايات المتحدة ‫(2016)‬
• تقييم: **
براد بايتون من هؤلاء المنفذين الذين لا يكترثون لأي علامة فارقة. في العام الماضي شاهدنا له أسوأ فيلم كوارثي في التاريخ القريب (على الأقل) لهوليوود تحت عنوان «سان أندرياس». الآن ينتقل إلى فيلم رعب حول عالم يستطيع دخول الشخصيات التي تعاني من مساس شيطاني لإنقاذها.
كان على المخرج الاستعانة بذلك العالم (آرون إيكهارت) لعله أنقذ له فيلمه هذا. بعض ما في الفيلم جديد إلى حد على ما انتشر حول استخراج الأرواح الشريرة من الأبدان الممسوسة، لكن آرون إيكهارت هو أفضل من أن يلعب في مثل هذه الأفلام وستبقى مسألة قبوله هذا الدور (الممثل المعروف الوحيد) مسألة تحتاج إلى «إكسورسيزم» خاص بها.

* جوائز النقاد

* تم الإعلان عن جوائز «ذا كريتيكس تشويس» (تم تأسيسها سنة 1996) وتجهد في سبيل التميّز عن عدد آخر من جوائز الجمعيات النقدية. حتى الآن هي من بين المؤسسات غير الرائدة في مجال الترشيحات والجوائز، لكن أي دعم لأي فيلم أو ممثل أو مخرج من أي طرف هو أمر مرحب به.
جوائز 2016 لهذه المؤسسة احتوت على عدد من الأفلام الواردة في ترشيحات الغولدن غلوبس. ففيلم «لا لا لاند» فاز عنونة عن تسعة أفلام منافسة أخرى بجائزة أفضل فيلم. أفضل ممثل هو كايسي أفلك («مانشستر على البحر») وأفضل ممثلة هي نتالي بورتمان (عن «جاكي») وفي التمثيل الرجالي المساند ماهرشالا علي (عن «مونلايت») والمقابل النسائي كأفضل ممثلة مساندة ذهبت إلى فيولا ديفيز عن «حواجز».
جائزة الإخراج نالها داميان شازيل عن «لا لا لاند» عنوة عن ستة مخرجين آخرين من بينهم مل غيبسون («هاكسو ريدج») ودنيس فيلينيوف (عن «وصول»). وديفيد ماكنزي (عن «جحيم أو طوفان»).



«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
TT

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)

LES TEMPÊTES

(جيد)

* إخراج: دانيا ريمون-بوغنو

* فرنسا/ بلجيكا (2024)

الفيلم الثاني الذي يتعاطى حكاية موتى- أحياء، في فيلم تدور أحداثه في بلدٍ عربي من بعد «أغورا» للتونسي علاء الدين سليم («شاشة الناقد» في 23-8-2024). مثله هو ليس فيلم رعب، ومثله أيضاً الحالة المرتسمة على الشاشة هي في جانب كبير منها، حالة ميتافيزيقية حيث العائدون إلى الحياة في كِلا الفيلمين يمثّلون فكرةً أكثر ممّا يجسّدون منوالاً أو حدثاً فعلياً.

«العواصف» إنتاج فرنسي- بلجيكي للجزائرية الأصل بوغنو التي قدّمت 3 أفلام قصيرة قبل هذا الفيلم. النقلة إلى الروائي يتميّز بحسُن تشكيلٍ لعناصر الصورة (التأطير، والإضاءة، والحجم، والتصوير نفسه). لكن الفيلم يمرّ على بعض التفاصيل المكوّنة من أسئلة لا يتوقف للإجابة عليها، أبرزها أن بطل الفيلم ناصر (خالد بن عيسى)، يحفر في التراب لدفن مسدسٍ بعد أن أطلق النار على من قتل زوجته قبل 10 سنوات. لاحقاً نُدرك أنه لم يُطلق النار على ذلك الرجل بل تحاشى قتله. إذن، إن لم يقتل ناصر أحداً لماذا يحاول دفن المسدس؟

الفيلم عن الموت. 3 شخصيات تعود للحياة بعد موتها: امرأتان ورجل. لا أحد يعرف الآخر، وربما يوحي الفيلم، أنّ هناك رابعاً متمثّلاً بشخصية ياسين (مهدي رمضاني) شقيق ناصر.

ناصر هو محور الفيلم وكان فقد زوجته «فجر» (كاميليا جردانة)، عندما رفضت اعتلاء حافلة بعدما طلب منها حاجز إرهابي ذلك. منذ ذلك الحين يعيش قسوة الفراق. في ليلة ماطرة تعود «فجر» إليه. لا يصدّق أنها ما زالت حيّة. هذا يؤرقها فتتركه، ومن ثَمّ تعود إليه إذ يُحسن استقبالها هذه المرّة. الآخران امرأة ورجل عجوزان لا قرابة أو معرفة بينهما. بذا الموت الحاصد لأرواح تعود إلى الحياة من دون تفسير. الحالة نفسها تقع في نطاق اللا معقول. الفصل الأخير من الفيلم يقع في عاصفة من التراب الأصفر، اختارته المخرجة ليُلائم تصاعد الأحداث الدرامية بين البشر. تنجح في إدارة الجانبين (تصوير العاصفة ووضعها في قلب الأحداث)، كما في إدارة ممثليها على نحوٍ عام.

ما يؤذي العمل بأسره ناحيةٌ مهمّةٌ وقعت فيها أفلام سابقة. تدور الأحداث في الجزائر، وبين جزائريين، لكن المنوال الغالب للحوار هو فرنسي. النسبة تصل إلى أكثر من 70 في المائة من الحوار بينما، كما أكّد لي صديق من هناك، أن عامّة الناس، فقراء وأغنياء وبين بين، يتحدّثون اللهجة الجزائرية. هذا تبعاً لرغبة تشويق هذا الإنتاج الفرنسي- البلجيكي، لكن ما يؤدي إليه ليس مريحاً أو طبيعياً إذ يحول دون التلقائية، ويثير أسئلة حول غياب التبرير من ناحية، وغياب الواقع من ناحية أخرى.

* عروض مهرجان مراكش.

«احتفال» (كرواتيا إودڤيحوال سنتر)

CELEBRATION

(ممتاز)

* إخراج: برونو أنكوڤيتش

* كرواتيا/ قطر (2024)

«احتفال» فيلم رائع لمخرجه برونو أنكوڤيتش الذي أمضى قرابة 10 سنوات في تحقيق أفلام قصيرة. هذا هو فيلمه الطويل الأول، وهو مأخوذ عن رواية وضعها سنة 2019 دامير كاراكاش، وتدور حول رجل اسمه مِيّو (برنار توميتش)، نَطّلع على تاريخ حياته في 4 فصول. الفصل الأول يقع في خريف 1945، والثاني في صيف 1933، والثالث في شتاء 1926، والرابع في ربيع 1941. كلّ فصل فيها يؤرّخ لمرحلة من حياة بطله مع ممثلٍ مختلف في كل مرّة.

نتعرّف على مِيو في بداية الفيلم يُراقب من فوق هضبة مشرفة على الجيش النظامي، الذي يبحث عنه في قريته. يمضي مِيو يومين فوق الجبل وتحت المطر قبل أن يعود الفيلم به عندما كان لا يزال فتى صغيراً عليه أن يتخلّى عن كلبه بسبب أوامر رسمية. في مشهد لا يمكن نسيانه، يربط كلبه بجذع شجرة في الغابة ويركض بعيداً يلاحقه نباح كلب خائف، هذا قبل أن ينهار مِيو ويبكي. ينتقل الفيلم إلى شتاء 1926. هذه المرّة الحالة المعيشية لا تسمح لوالده بالاختيار، فيحمل جدُّ مِيو فوق ظهره لأعلى الجبل ليتركه ليموت هناك (نحو غير بعيد عمّا ورد في فيلم شوهاي إمامورا «موّال ناراياما» The Ballad of Narayama سنة 1988). وينتهي الفيلم بالانتقال إلى عام 1941 حيث الاحتفال الوارد في العنوان: أهالي القرى يسيرون في استعراضٍ ويرفعون أيديهم أمامهم في تحية للنازية.

«احتفال» معني أكثر بمراحل نمو بطله وعلاقاته مع الآخرين، وسط منطقة ليكا الجبلية الصعبة كما نصّت الرواية. ما يعنيه هو ما يُعانيه مِيو وعائلته وعائلة الفتاة التي يُحب من فقر مدقع. هذا على صعيد الحكاية وشخصياتها، كذلك وَضعُ مِيو وما يمرّ به من أحداث وسط تلك الطبيعة القاسية التي تُشبه قسوة وضعه. ينقل تصوير ألكسندر باڤلوڤيتش تلك الطبيعة وأجواءها الممطرة على نحوٍ فعّال. تمثيلٌ جيدٌ وناضجٌ من مجموعة ممثلين بعضُهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا، ومن بينهم كلارا فيوليتش التي تؤدي دور حبيبة مِيو، ولاحقاً، زوجته.

* عروض مهرجان زغرب (كرواتيا).