تصاعد وتيرة حرب الإنترنت بين الحكومة السودانية ومعارضيها

فنانون وأدباء وصحافيون وكتاب ينضمون إلى حملة دعم العصيان المدني

تصاعد وتيرة حرب الإنترنت بين الحكومة السودانية ومعارضيها
TT

تصاعد وتيرة حرب الإنترنت بين الحكومة السودانية ومعارضيها

تصاعد وتيرة حرب الإنترنت بين الحكومة السودانية ومعارضيها

تصاعدت وتيرة الحملات المؤيدة للعصيان المدني، المقرر في التاسع عشر من الشهر الجاري، بدخول فئات جديدة في الحملة، وبإعلان العشرات من الصحافيين والكتاب والفنانين انحيازهم إلى العصيان مع اقتراب اليوم المحدد، في وقت تزايدت فيه السجالات على مواقع التواصل الاجتماعي بين أنصار الحكومة من جهة ومعارضيها من الجهة الأخرى.
وأعلن تحالف المعارضة الداخلية المعروف بـ«قوى الإجماع الوطني» ومعلمون ومهندسون وفنانون وصحافيون دعمهم الكامل للعصيان، فيما مناصرو الحكومة دأبوا هم الآخرون على شن حملة مناوئة تقلل من العصيان ومن فرص نجاحه.
وقال تحالف قوى الإجماع الوطني المعارض، في بيان أمس، إن خطاب الرئيس عمر البشير في مدينة كسلا قبل يومين، وتحديه لدعاة العصيان المدني ودعوتهم للمواجهة في الشارع: «اعتراف بالمسؤولية عن أحداث سبتمبر (أيلول) 2013»، التي اندلعت بسبب رفع الدعم عن المحروقات.
وكان الرئيس البشير قد قطع بأن الحكومة لا يمكن إسقاطها بحملات «الواتساب»، وبأنه لن يسلم الحكم لنشطاء يعارضون الحكومة عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي.
وحث التحالف في بيان عضوية أحزابه والمواطنين للمشاركة بقوة في عصيان 19 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وعلى غير العصيان السابق في السابع والعشرين من الشهر الماضي، توحدت مجموعات شبابية وناشطون على وسائط التواصل الاجتماعي («واتساب»، و«فيسبوك»، و«تويتر»)، وأعلنوا عن تكوين مجموعات للعصيان في تلك الوسائط. ورغم أن العصيان السابق كان قد أدير بدعوات متفرقة، فإنه حقق نجاحًا نسبيًا، شجع النشطاء والمعارضة المدنية والمسلحة على إلقاء ثقلها في الدعوة الجديدة.
وقال التحالف في البيان، إنه شرع في توزيع مذكرة يطالب فيها بتنحي الرئيس البشير وحكومته، وأضاف: «لتتحول إلى فعل نضالي يومي للجان المقاومة في الأحياء والتوقيع عليها من قبل المواطنين لإظهار التصميم الشعبي على رفض النظام والمطالبة بإسقاطه».
ونظم مجموعة من الدراميين السودانيين، ممثلين ومخرجين، حملة توقيعات للتضامن مع العصيان ودعمه، ولما سموه خيار الشعب في العصيان المقر في التاسع عشر من الشهر الجاري. وذكرت المجموعة وتضم أكثر من 60 فنانًا في بيان أمس: «نعلن وقفتنا التاريخية هذه مع شعبنا الأبي الكريم، لأجل أن يجد كل فرد من أفراد الشعب السوداني الأمن والأمان والطمأنينة والعدل».
وفي مبادرة مثيلة أعلن كتاب وأدباء انحيازهم الكامل لخيارات السودانيين، فيما شرع صحافيون في حملة توقيعات لتأييد العصيان، وقع عليها حتى لحظتها أكثر من سبعين صحافيًا، ويتوقع أن يتزايد العدد كثيرًا خلال الأيام المتبقية على موعد العصيان. ودعا بعضهم إلى توزيع قائمة الموقعين على منظمات حماية الصحافيين والدولية والأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي.
وأعلن تجمع المعلمين السودانيين في بيان، دعمه للعصيان، جاء فيه: «رغم التزامنا الأخلاقي والإنساني تجاه أبنائنا التلاميذ والطلاب في مرحلتي الأساس والثانوي، وهم مقبلون على امتحانات مفصلية في حياتهم الدراسية، فإن الواجب الوطني والأخلاقي تجاه الوطن كله ومصيره، ومستقبلهم هم أنفسهم، يحتم علينا أن نعلن وقوفنا الكامل مع قطاعات الشعب السوداني». وأعلن المعلمون في البيان عن استعدادهم لبذل الجهد المضاعف، لمعالجة ما قد يترتب على مشاركتهم في العصيان من تأخير تحصيلهم.
ودعت مبادرة استعادة نقابة المهندسين لاستعادة النقابة، وأعلنت انحيازها إلى خيار العصيان المدني المعلن، وتعهدت بالعمل على استعادة المنبر النقابي لإيصال «صوت المهندسين استشعارًا للمسؤولية، وانحيازًا طبيعيًا لأشواق قواعد المهندسين، المطالبة بالحرية والعدل والمساواة في استعادة النقابة الفئوية للمهندسين، وأسس العمل النقابي الديمقراطي من أجل نقابات حرة وديمقراطية ومستقلة».
ودعت المبادرة جماهير المهندسين إلى الوقوف في مقدمة الصفوف تخطيطا وتنظيما وتنفيذا للعصيان، الذي ينظم متوافقا مع ذكرى استقلال البلاد، لاسترداد النقابات الفئوية، واستعادة دور المهندس المهني والنقابي والوطني العام.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».