عائلة المتهم بتفجير «البطرسية» مرتبكة بعد بياني الداخلية و«داعش»

عائلة المتهم بتفجير «البطرسية» مرتبكة بعد بياني الداخلية و«داعش»
TT

عائلة المتهم بتفجير «البطرسية» مرتبكة بعد بياني الداخلية و«داعش»

عائلة المتهم بتفجير «البطرسية» مرتبكة بعد بياني الداخلية و«داعش»

تسبب اختلاف لقب منفذ العملية الانتحارية بين معلومات وزارة الداخلية المصرية (أبو دجانة)، وبيان تنظيم داعش (أبو عبد الله)، في إرباك عائلة محمود شفيق، التي التقطها «الشرق الأوسط» أمس. وقالت شقيقته، التي تحفظت على ذكر اسمها، إنها «ما زالت تتشكك في أن يكون شقيقها منفذ العملية»، مشيرة إلى أن صورة جثة الانتحاري غير واضحة، والاسم الذي ذكره «داعش» غير اسم وزارة الداخلية، قائلة إنه «لا يزال موجودا خارج مصر، وهو في دولة السودان التي حدثنها منها آخر مرة قبل العملية».
في حين قلل الخبير الأمني المصري العميد خالد عكاشة في حديث لـ«الشرق الأوسط» من أهمية اختلاف ألقاب الانتحاري منفذ العملية بين الجماعات المتشددة، مشيرا إلى أن السلطات المصرية لديها جثته بالفعل وكل المعلومات الرسمية عنه، وقال: «ربما نكتشف أنه لقب باسم آخر في وقت آخر، الأهم هي المعلومات الرسمية الحقيقية، وليس الألقاب».
ونفت أسرة الانتحاري محمود شفيق تعرضه لانتهاك جنسي أثناء احتجازه في قسم الشرطة عام 2014. وقالت شقيقته أمس إنه فقط تلقى بعض الضربات في وجهه وجسده ولم يتعرض لانتهاك جنسي كما نشر في بعض وسائل الإعلام، مشيرة إلى أن محمود (طالب كلية العلوم) هرب إلى السودان بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحه، هربا من الملاحقات الأمنية، وأنها تلقت آخر اتصال منه قبل نحو أسبوع، حيث اطمئن عليهم دون أن يدلي بأي معلومات حول مقر وجوده. واستبعدت قيامه بالتفجير.
وأشارت شقيقته إلى أن الأمن يحتجز شقيقيه أيضا؛ وأن أحدهما ألقي القبض عليه بعد تفجير الكنيسة بيوم وأنها لا تعلم عنه شيئا.
إلى ذلك، أشار عكاشة أن حادث تفجير الكنيسة «البطرسية» ، أظهر بوضوح وجود خطوط تعاون رسمية ومفتوحة بين تنظيم «داعش» الإرهابي وجماعة الإخوان، تتعلق بتنفيذ عمليات إرهابية مشتركة، تهدف إلى إسقاط النظام المصري الحالي.
من جهته قررت نيابة أمن الدولة العليا أمس حبس 4 متهمين؛ بينهم سيدة، في حادث التفجير، 15 يوما على ذمة التحقيق. كما قررت النيابة ضبط متهمين اثنين هاربين.
وقالت النيابة إن «التحقيقات وجهت للمتهمين تهمة الانضمام لجماعة إرهابية وحيازة مفرقعات، والتحريض على القتل العمد، والاشتراك في تفجير الكنيسة بمساعدة الانتحاري لتنفيذ الجريمة».
وفي السياق ذاته، رفضت الحكومة القطرية الزج باسمها في قضية تفجير كنيسة القديسين بولس وبطرس بالعباسية في العاصمة المصرية القاهرة، وأكدت أن المتهم الرئيسي في الهجوم الإرهابي دخل دولة قطر نهاية العام الماضي بتأشيرة زيارة، وأن الدوحة لم تتلق طلبا مصريا بمنعه من الدخول، وأنه غادر البلاد بعد نحو شهرين إلى القاهرة.
وقالت الخارجية القطرية في بيان صدر مساء أول من أمس، إنها تعرب «عن استنكارها ورفضها الكامل الزج باسم دولة قطر والادعاء المغرض بشأن هذا العمل الإرهابي المدان والمستنكر بذريعة قيام المشتبه به المدعو مهاب مصطفى بزيارة دولة قطر عام 2015».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.