طائرة «درون» تقتل 12 من «القاعدة» في اليمن

مسؤول أمني: نتوقع هجمات انتقامية

يمنيون يتفقدون سيارة في محافظة البيضاء بعد استهدافها في غارة أميركية من طائرة من دون طيار (درون) أدت إلى مقتل 12 ممن يشتبه أنهم من أعضاء تنظيم القاعدة أمس (رويترز)
يمنيون يتفقدون سيارة في محافظة البيضاء بعد استهدافها في غارة أميركية من طائرة من دون طيار (درون) أدت إلى مقتل 12 ممن يشتبه أنهم من أعضاء تنظيم القاعدة أمس (رويترز)
TT

طائرة «درون» تقتل 12 من «القاعدة» في اليمن

يمنيون يتفقدون سيارة في محافظة البيضاء بعد استهدافها في غارة أميركية من طائرة من دون طيار (درون) أدت إلى مقتل 12 ممن يشتبه أنهم من أعضاء تنظيم القاعدة أمس (رويترز)
يمنيون يتفقدون سيارة في محافظة البيضاء بعد استهدافها في غارة أميركية من طائرة من دون طيار (درون) أدت إلى مقتل 12 ممن يشتبه أنهم من أعضاء تنظيم القاعدة أمس (رويترز)

قال مسؤول أمني يمني، إن ما لا يقل عن 12 شخصا يعتقد أنهم من تنظيم القاعدة، وثلاثة مدنيين، قتلوا في غارة جوية لطائرة من دون طيار في محافظة البيضاء وسط البلاد.
قال مدير أمن محافظة البيضاء العميد عادل الأصبحي لـ«الشرق الأوسط»، إن «عناصر (القاعدة) كانوا على متن سيارتين في منطقة الصومعة، قادمين من محافظة حضرموت، وقد قتلوا جميعا». كما قتل بالغارة ثلاثة مدنيين وجرح خمسة آخرين، كانوا بالقرب من السيارة المستهدفة. وأوضح الأصبحي أن الأجهزة الأمنية لا تزال تحقق في هويات المستهدفين بعد حصولها على عدد من بطاقات الهوية للقتلى، مشيرا إلى أن المعلومات الأولية تشير إلى أن القتلى كلهم من اليمن، وينتمون إلى محافظتي شبوة، والضالع، المحاذيتين للبيضاء، مؤكدا أن عناصر من «القاعدة» سحبوا الجثث التي تناثرت أشلاؤها في المنطقة. وتوقع مدير أمن البيضاء رد فعل انتقاميا من «القاعدة»، جراء هذه العملية، وقال: «نحن في إطار الجهوزية الأمنية العالية، ونتوقع الرد منهم في أي وقت كما حصل خلال الفترة الماضية». وكانت مصادر قبلية ذكرت لوكالة «رويترز» أن «طائرة بلا طيار، كانت تحلق فوق المنطقة لأيام». وتابعت أن الطائرة قصفت سيارتين في وقت مبكر من صباح السبت، وأن من يشتبه بأنهم متشددون من تنظيم القاعدة كانوا بداخل السيارتين، مضيفة أن ثلاثة مدنيين كانوا في سيارة مجاورة قتلوا أيضا.
وشهدت البيضاء خلال الأسبوعين الماضيين حوادث متفرقة نفذتها عناصر مفترضة من «القاعدة»، أبرزها اغتيال نائب الحاكم المحلي للبيضاء العميد حسين ديان، إضافة إلى قتل جندي وإصابة ثلاثة آخرين في كمائن لوحدات الجيش والأمن. وتبعد محافظة البيضاء إلى الجنوب الشرقي للعاصمة صنعاء بنحو 268 كيلومترا، وتتكون من 20 مديرية، حيث استغل التنظيم تضاريسها الصحراوية ومرتفعاتها الجبلية الوعرة للاختباء فيها وتنفيذ عمليات استهدفت الجيش والأمن انطلاقا منها.
وقال مسؤول أمني يمني إن الغارة نفذتها طائرة من دون طيار أميركية ونقل عن شاهد عيان أن الطائرة قصفت السيارة الأولى واستمرت الانفجارات 30 دقيقة بينما نفذت طائرة أخرى من دون طيار هجوما على السيارة الثانية.
وهاجم سياسيون وحقوقيون استمرار الغارات لطائرات بلا طيار، التي سقط خلالها عشرات المدنيين، وعد أمين عام حزب الرشاد السلفي، عبد الوهاب الحميقاني، الغارة الجوية «جريمة منكرة، يجري فيها قتل الناس بدم بارد». وقال في منشور بصفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «مهما برر لهذا القتل الذي تقوم به طائرات (الدرون) فهو جريمة وقتل بالشبهة وقتل خارج نطاق القضاء الشرعي»، عادا أن هذه العملية هي «مثل العمليات التي تستهدف الجنود والمواطنين اليمنيين من قبل بعض المسلحين»، وطالب الحميقاني الذي أدرجته واشنطن ضمن قائمة الإرهاب: بأن «يحاسب ويقاضى كل من يقف وراءها، فكلها جرائم في القوانين الوطنية والدولية».
وكان البرلمان اليمني أقر في ديسمبر (كانون الأول) 2013، منع الغارات لطائرات من دون طيار، بعد تكرار استهداف المدنيين، كان أبرزها مقتل 17 مدنيا، أثناء حفل زفاف بمحافظة البيضاء.
وصعدت الولايات المتحدة من هجماتها بطائرات بلا طيار ضمن حملة على «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» المتمركز في اليمن والذي تعده واشنطن أحد أخطر أجنحة تنظيم القاعدة.
وتعترف الولايات المتحدة باستخدام طائرات بلا طيار في شن هجمات في اليمن إلى جانب دول أخرى غير أنها لا تعلق على هذه الأنشطة.
وكان مصدر أمني قال الأسبوع الماضي إن متشددين من «القاعدة» قتلوا بالرصاص وكيل محافظة البيضاء أثناء مغادرته منزله.
وشهدت البيضاء حوادث أمنية في السابق. ففي ديسمبر (كانون الأول) قال مسؤولون أمنيون إن غارة جوية قتلت 15 شخصا أثناء توجههم إلى حفل زفاف بعد أن قصفت قافلتهم اعتقادا على ما يبدو أنها قافلة لأعضاء تنظيم القاعدة.
في سياق متصل، هددت جماعة «أنصار الشريعة» المرتبطة بتنظيم القاعدة، بمحاربة اللجان الشعبية في المحافظات الجنوبية، ونشرت الجماعة أمس بيانا صحافيا، اتهمت فيه عناصر اللجان الشعبية بأنهم كبش فداء للأميركيين والفرنسيين، بحسب البيان. وأكدت الجماعة التي كانت تسيطر على محافظتي أبين وشبوة، قبل أن يطردها الجيش بمشاركة اللجان الشعبية، عام 2011، أن «من دخل في هذه اللجان أو وقف معها فإننا سوف نقاتله ونستهدفه ونستهدف مصالحه ونلاحقه أينما وجد وأينما ذهب كائنا من كان».
إلى ذلك، كشفت وزارة الداخلية عن هوية أحد قتلى الهجوم الذي استهدف المنطقة العسكرية الرابعة بمدينة التواهي بمحافظة عدن، مطلع الشهر الجاري، وذكرت الوزارة على موقعها الإلكتروني أن أحد القتلى، ويدعى يحيى يوسف حمد، 26 سنة، من أهالي بيت هران بمديرية تبن بمحافظة لحج الجنوبية، وأوضحت أن يحيى كان من ضمن الفارين من السجن المركزي بصنعاء، في عملية الهروب الشهيرة التي فر خلالها 21 مسجونا، من التنظيم، بينهم قيادات خطرة وخبراء متفجرات.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.