خادم الحرمين: الأزمات الدولية حلها سياسي... وسنواجه الإرهاب ودعاة التطرف

قال خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز، إن بلاده تسير بخطى ثابتة للتكيف مع التحديات بإرادة صلبة، وتواجه كل من يدعو للتطرف أو الغلو في الدين، وفي الوقت نفسه، تدعم أي حل سياسي للأزمات الدولية لإتاحة المجال لجهود التنمية، مشيرًا إلى أن السعودية سخرت كل إمكاناتها لحماية أمن الوطن والمجتمع وخدمة الحرمين الشريفين.
وافتتح الملك سلمان بن عبد العزيز، أمس، أعمال السنة الأولى من الدورة السابعة لمجلس الشورى. وقال: «نسأل الله أن يوفقنا لخدمة الدين، ثم الوطن والمواطن، مقدرًا للمجلس أعماله وجهوده المشكورة، ومتمنيًا لكم في دورته الجديدة التوفيق والسداد».
وشدد خادم الحرمين الشريفين على أن الدولة «قامت على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وسخرت إمكاناتها لحماية أمن الدولة والمجتمع، وخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، وتقديم أفضل الخدمات للمواطن، واليوم تسير بلادكم بخطى راسخة، نحو التكيف مع المستجدات، والتعامل مع التحديات بإرادة صلبة، لنحافظ على ما تحقق من إنجازات، وعلى مكانة السعودية بين الأمم، ودورها الفاعل إقليميًا ودوليًا».
وتابع: «دولتكم دولة الإسلام؛ الدين القويم الذي نزل على رسول البشرية محمد صلى الله عليه وسلم، دين الوسطية والتسامح، نعمل به، ونسعى لتطبيقه على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدون من بعده رضي الله عنهم، فهو قدوتنا ومثلنا الأعلى، وسوف نواجه كل من يدعو إلى التطرف والغلو، امتثالاً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)، وبنفس القدر سوف نواجه كل من يدعو إلى التفريط بالدين».
وأشار الملك سلمان بن عبد العزيز إلى أن سياسة السعودية الداخلية «تقوم على ركائز أساسية، تتمثل في حفظ الأمن وتحقيق الاستقرار والرخاء في بلادنا، وتنويع مصادر الدخل، ورفع إنتاجية المجتمع، لتحقيق التنمية، بما يلبي احتياجات الحاضر، ويحفظ حق الأجيال القادمة. وكما تعلمون، فإن العالم يمر بتقلبات اقتصادية شديدة عانت منها معظم دول العالم، وأدت إلى ضعف بالنمو، وانخفاض في أسعار النفط».
وأكد الملك سلمان أن الدولة سعت إلى التعامل مع هذه المتغيرات بما لا يؤثر على ما تتطلع إلى تحقيقه من أهداف، «وذلك من خلال اتخاذ إجراءات متنوعة لإعادة هيكلة الاقتصاد، قد يكون بعضها مؤلمًا مرحليًا، إلا أنها تهدف إلى حماية اقتصاد بلادكم من مشكلات أسوأ فيما لو تأخرنا في ذلك».
ومضى قائلاً: «لقد مر على بلادنا خلال العقود الثلاثة الماضية ظروف مماثلة اضطرت فيها الدولة لتقليص نفقاتها، ولكنها خرجت منها، ولله الحمد، باقتصاد قوي ونمو متزايد ومستمر. وإصلاحاتنا الاقتصادية اليوم انطلقنا فيها من استشراف المستقبل، والاستعداد له في وقت مبكر قبل حدوث الأزمات، وخلال السنتين الماضيتين واجهنا تلك الظروف بإجراءات اقتصادية وإصلاحات هيكلية أعدنا فيها توزيع الموارد بالشكل العادل الذي يتيح فرصة نمو الاقتصاد وتوليد الوظائف، وتأتي (رؤية السعودية 2030) في هذا السياق بهدف رفع أداء مؤسسات الدولة لغدٍ أفضل، ولتحقيق العيش الكريم لأبنائنا وبناتنا، ونحن متفائلون بذلك بحول الله وقوته».
وفي مجال السياسة الخارجية، أكد خادم الحرمين الشريفين: «سنستمر بالأخذ بنهج التعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق السلام العالمي، وتعزيز التفاعل مع الشعوب لترسيخ قيم التسامح والتعايش المشترك، ونرى أن خيار الحل السياسي للأزمات الدولية هو الأمثل لتحقيق تطلعات الشعوب نحو السلام، وبما يفسح المجال لتحقيق التنمية».
وتابع: «الجميع يدرك أن الدولة السعودية الأولى قامت منذ ما يقارب الثلاثمائة عام، وتلتها الدولة السعودية الثانية، ومن ثم قامت الدولة السعودية الثالثة منذ قرابة المائة عام على يد الملك المؤسس عبد العزيز؛ رحمه الله، ومرت عليها ظروف صعبة، وتهديدات كثيرة، تخرج منها دائمًا، بحمد الله، أكثر صلابة، وأقوى إرادة، بتوفيق الله وعونه، ثم بعزم رجالها وإرادتهم الصلبة. ولعل الظروف التي أحاطت بالمملكة وشقيقاتها دول الخليج في العقود القريبة الماضية خير مثال على ذلك، فقد استمرت فيها الحياة والنمو الاقتصادي على طبيعته».
وأشار خادم الحرمين الشريفين إلى أن «الظروف التي نمر بها حاليًا ليست أصعب مما سبق، وسنتجاوزها إلى مستقبل أفضل وغد مشرق بإذن الله. أقول ذلك وكلي ثقة بالله، ثم بأبناء هذا الوطن، ولن نسمح لكائن من كان من التنظيمات الإرهابية أو من يقف وراءها أن يستغل أبناء شعبنا لتحقيق أهداف مشبوهة في بلادنا أو في العالمين العربي والإسلامي، ورغم ما تمر به منطقتنا العربية من مآس وقتل وتهجير، إلا أنني متفائل بغد أفضل إن شاء الله».
وأوضح الملك سلمان في ما يتعلق باليمن، أن السعودية «ترى أن أمن اليمن؛ الجار العزيز، من أمن المملكة، ولن نقبل بأي تدخل في شؤونه الداخلية، أو ما يؤثر على الشرعية فيه، أو يجعله مقرًا أو ممرًا لأي دول أو جهات تستهدف أمن المملكة والمنطقة والنيل من استقرارها، ونأمل نجاح مساعي الأمم المتحدة في الوصول إلى حل سياسي باليمن وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم (2216)، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني».
وعن عمل «الشورى»، أوضح الملك سلمان بن عبد العزيز أن على المجلس «مسؤوليات عظيمة تجاه الوطن والمواطنين، وإنني أطالبكم جميعًا، كما ذكرت لكم بالأمس، بأن تضعوا مصالح الوطن والمواطنين نصب أعينكم دائمًا، وإبداء المرئيات حيال ما تتضمنه تقارير الحكومة المعروضة على المجلس، والتشاور مع المسؤولين، وعلى المسؤولين في كل الجهات التعاون مع المجلس، وتزويده بما يحتاجه من معلومات، متمنيًا لكم التوفيق في عملكم الذي نعقد عليه آمالاً كبيرة، ونحن على يقين بأنكم - إن شاء الله - أهل لذلك».