«مولانا» عن التشدد وفيلمان لبنانيان يتناولان الذاكرة المتألمة

يوميات الشرق في مهرجان دبي السينمائي الدولي (6): الافتراضي لن يصبح واقعًا في لعبة السينما

فيلم «نار من نار» اللبناني لجورج هاشم - عمرو سعد في الفيلم المصري «مولانا»  للمخرج مجدي أحمد علي
فيلم «نار من نار» اللبناني لجورج هاشم - عمرو سعد في الفيلم المصري «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي
TT

«مولانا» عن التشدد وفيلمان لبنانيان يتناولان الذاكرة المتألمة

فيلم «نار من نار» اللبناني لجورج هاشم - عمرو سعد في الفيلم المصري «مولانا»  للمخرج مجدي أحمد علي
فيلم «نار من نار» اللبناني لجورج هاشم - عمرو سعد في الفيلم المصري «مولانا» للمخرج مجدي أحمد علي

سوق الفيلم هي ذلك الحيّز من المهرجان الذي يتعاطى مع شؤون الصناعة والإنتاج والتجارة. وهي حلم قديم لدى إدارة مهرجان دبي تم إنجازه قبل بضع سنوات وتطوّر مع الوقت. ليس كبيرًا كما حال أسواق أخرى حول العالم، لكنه يجمع شركات عربية وعالمية تدرك أن عليها التواجد في هذه السوق إذا ما أرادت التفاعل مع الإنتاجات الحاصلة في هذا الجزء من العالم.
ليس كل السوق يتعاطى وتوزيع الأفلام، فهناك سوق صناعية توفر إحداها شركة «سامسونغ» لتشجيع انتشار السينما المشاركة في الحدث.
تبعًا لها، ولسواها من الشركات التي تتعامل مع تقنيات الديجيتال والعالم الافتراضي، سيكون هناك تطوّر مؤكد بالنسبة لهذا النوع من الأفلام التي يجلس أمامها المشاهد على كرسيه الوثير. يضع نظارته المزوّدة بأجهزة التقاط وبث وتركه أمام شريط تجريبي كناية عن ركوب عربة على سكة حديد «الرولر كوستر» (كتلك التي في ديزني لاند) فجأة أنت فوق هذا المقعد الموجود في عالمك الواقعي تعيش طلعات ونزلات العربة المتحركة بالسرعة القصوى. إنها ليست ذاتها التجربة الحية التي قد تخوضها إذا ما دخلت مدينة ألعاب، لكنها ستغمرك برد فعل قريب فتجد نفسك كما لو كنت فوق تلك العربة تمامًا ترتفع إلى قمة ما ثم تهبط بسرعة. بعض الذين جرّبوا هذا الإنجاز التقني كانوا يصرخون مذعورين كما لو كانوا فعليًا في عربة فعلية.
يقولون لنا إن السينما ستصبح هكذا: تدخل فيلم مغامرات تقع في أدغال الأمازون فتعيش ما يعيشه بطل الفيلم. أفعى كبيرة تزحف إليه، ذئاب تحيط به، رماح تمر فوق رأسه وفي كل حين تحل أنت، مشاهدا، مكان البطل.
الغالب أن هذه البدعة ستخلق خط سير موازيا، لكنها لن تؤثر على السينما التي نعرفها. لا شيء يمكن له استبدال العلاقة الوجدانية بين المشاهد والفيلم المعروض على شاشة غير نافرة. ثم من قال إن المشاهد يكترث لأن يحل محل البطل. إنه يريد أن يراه من بعيد ويتسلّى، ولو بصورة أنانية، بما يمر به بطل الفيلم من مشكلات ومخاطر.

{مولانا} المصري
الأفلام العربية التي تحتل في دورة دبي التي انتهت أمس بإعلان النتائج وبعرض فيلم Rogue One‪:‬ A Star Wars Story موقع الصدارة بين كل المهتمين بعالم السينما والأفلام من جمهور ونقاد، لا تزال تعيش في رحى الواقع غالبًا ولا تتعامل، إلا في نحو محدود جدًا، مع الخيال الجانح أو الفانتازيا أو حتى الشكل ذاته من المغامرات التي تغري هوليوود بتقديمها بالأبعاد الثلاثة.
والواقع أن العدد الأوفر من الأفلام التي عرضت هنا تعاملت مع الواقع أو مع ما يماثله أو ما قد يستوحى منه. تعاملت مع النزاع الدائر في سوريا، وتعاملت مع الآمال المحبطة في تونس، ومع المتشددين في مصر ومع الأوضاع الاجتماعية في ريف المغرب. وحتى عندما نشدت تقديم رؤاها التي لا تنضوي تحت بند الواقع، لم تكن بعيدة عنه، كما الحال في «إنشالله استفدت» و«اسمعي». الأول كوميديا أردنية سوداء، والثاني دراما عاطفية لبنانية.
في الصلب نجد فيلم الفوز طنجور «ذاكرة باللون الخاكي»، كما تقدّم الحديث عنه قبل يومين. نجد كذلك فيلم «مولانا» للمخرج المثير دومًا للاهتمام مجدي أحمد علي. بينما الفيلم الأول (المسابقة) ينتقد نظام الأسد منذ بدأت مواجهاته الأولى، سنة 2008. مع المطالبين بالحرية والتغيير. يجد الفيلم الثاني مساحة كاملة للحديث عن المتشددين.
الرواية للكاتب إبراهيم عيسى، والمخرج أنجز منها فيلما يزلزل كثيرا من القناعات لكنه يعترف بأنه لو أقدم على تحقيق الرواية كاملة لحدث بركان من ردات الفعل. ما نشاهده على الشاشة هو سرد لحكاية مقلقة حول الداعي المعتدل الشيخ حاتم (يقوم به عمرو سعد) الذي لديه برنامج ديني أسبوعي يُبث من إحدى القنوات التلفزيونية بنجاح كبير. الشيخ حاتم أسس نجاحه على الانفتاح على التيارات والمشارب والآراء، وهو يعلم أن بعض الذين يدورون في حلقات التشدد (دور للممثل الجيد أحمد راتب) يتمنون لو أنه يسقط من موقعه بأي وسيلة.
يضخ الفيلم في حكايته موقف الحكومة منه التي تتمنّى له الفشل إذا ما استمر في عناده. فهو يرفض التعاون مع المسؤولين وانتهاج رغباتهم الدعائية التي يستفيد منها النظام ويحفر لنفسه طريقًا مستقلاً عن المتشددين وعن المسؤولين معًا.
الموضوع يسود في هذا الفيلم، لكن آلية العمل لدى مجدي أحمد علي ومعالجته الحكيمة في مجال الاقتباس الأدبي (ثاني اقتباس أدبي يقدم عليه منذ «عصافير النيل» عن رواية إبراهيم أصلان) ودرايته بالأوضاع وكيف ينسجها في أسلوب كلاسيكي يساعد العمل على تجاوز عراقيل سلبية أهمها ثقل الطرح المؤثر على المعالجة. المخرج مندفع لتقديم نقد حار وصادق، لكن قدرًا من الهدوء، والاكتفاء بالصورة عوض الكلمة، كان يمكن لهما تعزيز المنشود من هذا العمل المهم.

هاجس الحرب الذي لا ينتهي
في سياق مختلف تمامًا يتقدّم فيلمان لبنانيان عرضا في المسابقة ولفتا الأنظار، مجددًا، لموهبة مخرجيهما. الأول «نار من نار» لجورج هاشم، والثاني «اسمعي» لفيليب عرقتنجي.
«نار من نار» هو فيلمان في فيلم واحد. مخرج يصوّر، مع مطلع الفيلم ذاته، مشهدًا عاطفيًا من فيلمه. حكايات ذلك الفيلم الداخلي جزء من ركام وجداني وعاطفي يعيش في داخله ودواخل ممثليه. حين ينتقل «نار من نار» إلى الحياة الحاضرة (حيث تقع غالبية الأحداث)، يبقى المشروع الذي يقوم به المخرج (وجدي معوض) هاجسه لما حدث فيه خلال التصوير ولما ما زال يتفاعل من أفكار خرجت من سياقها القصصي الأول ويتداولها الحال الحاضر خصوصًا عندما يقع اللقاء بين المخرج وصديق قديم (فادي أبي سمرا) ليتطور إلى مناجاة صادقة ومهمّة يختتم الفيلم بها أحداثه.
المعالجة المتبعة هنا هي أعلى فنًا وأكثر عمقًا مما وفّـره المخرج قبل أربعة أعوام، عندما أخرج فيلمه الروائي الطويل «رصاصة طايشة». شيء من تاركوفسكي في هذا الفيلم عبر لقطاته لأقدام تسير. مياه. وحول مساحات ومسافات إلخ… وكثير من هواجس حرب مضت وشخصيات ما زالت حاضرة تعيشها في البال وتمزّقها الأسئلة التي لم يعد لها أجوبة.
إلى حد بعيد، يتفق فيلم فيليب عرقتنجي «اسمعي» مع هذا الوضع. شخصياته أيضًا نتاج حرب وإن كانت لم تعشها. الواقع الحالي (اللاجئون السوريون) يتسلل. التقسيم الطبقي والديني يلوح بيده. لكن «اسمعي» فيلم رومانسي في الأساس بين مهندس صوت درزي وفتاة مسيحية. إثر حادث سيارة، تدخل الفتاة الكوما وهم صديقها إعادتها للحياة عبر إسماعها أصوات الحياة وأصوات الذاكرة التي جمعتهما.
كما «نار من نار» هناك فيلم وسينما وذاكرة موجعة وبقايا حرب أهلية في البال ومسافة متعارف عليها ضمنًا بين الطوائف. لكن جل «اسمعي» هو ذلك النسيج العاطفي الذي يثمر عن حكاية حب متوترة تتداخل فيها أكثر من شخصية. يبدأ الفيلم كما لو كان سيعجز عن إثارة الاهتمام، لكنه من بعد نصف ساعته الأولى، يتبلور إلى عمل أكثر جدية مما بدا عليه.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.