روس لمحاربة «داعش» في تدمر بعد الانتهاء من حلب

لافروف: ما زلنا مستعدين للتعاون مع الدول المؤثرة

روس لمحاربة «داعش» في تدمر بعد الانتهاء من حلب
TT

روس لمحاربة «داعش» في تدمر بعد الانتهاء من حلب

روس لمحاربة «داعش» في تدمر بعد الانتهاء من حلب

كان الوضع في تدمر محط اهتمام روسي واسع، أمس، سياسيا وإعلاميا، إذ ذكرت تسريبات صحافية، أن وزارة الدفاع الروسية تشدد على عدم منح مقاتلي «داعش» أي متنفس لتجميع قواهم وترتيب صفوفهم. وقالت إن مهمة قوات النظام على المدى القريب هي الحفاظ على مواقعها الحالية إلى أن تنتهي عملية النظام في شرق حلب.
ويكشف الحديث حول نقل القوات من حلب إلى تدمر مدى الضعف في قوات النظام وحلفائه من الميليشيات المحلية والطائفية المدعومة من إيران. إذ يرى فيكتور موراخوفسكي، عقيد الاحتياط في الجيش الروسي، أن سبب سقوط مدينة تدمر يعود إلى قلة عدد الوحدات في الجيش السوري القادرة فعليا على القتال.
أما بالنسبة للوضع في شرق مدينة حلب، فقد رفض وزير الخارجية الروسي الحديث عن أي هدنة أو ممرات لخروج مسلحي المعارضة من هناك، وذلك قبل ساعات من الإعلان عن اتفاق فتح ممرات لخروج المسلحين من هناك. وكان لافروف قد أشار إلى أنه كان بالإمكان حل تلك المسألة منذ فترة بعيدة، وتأمين ممرات لخروج المسلحين والمدنيين من هناك، متهما الولايات المتحدة بأنها لم تفعل أي شيء من أجل الفصل بين المعارضة والإرهابيين. وقال لافروف، في تصريحات يوم أمس من العاصمة الصربية بلغراد: «نحن متعبون من سماع الرثاء من الإدارة الأميركية الحالية بخصوص ضرورة الوقف الفوري للعمليات الحربية في حلب، وبأن الروس لا يريدون ذلك (وقف إطلاق النار) إلا بعد أن يتم الاتفاق على الممرات».
في الشأن السياسي حول الأزمة السورية، أشار الوزير الروسي إلى القرار الدولي «2254» حول التسوية السورية، لافتا إلى أنه كان من المتوقع أن يدعو المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا إلى جولة مفاوضات جديدة في شهر سبتمبر (أيلول)، لكن ذلك لم يحدث، حسب قوله، ليؤكد في هذا السياق أن «روسيا ما زالت مستعدة للعمل في إطار حوار قائم على المساواة بمشاركة كل الدول التي تؤثر على الوضع في سوريا بشكل أو بآخر». وفي عرضه أهداف ذلك الحوار يرتب لافروف الأولويات على النحو التالي: «التوصل إلى وقف إطلاق النار في أقرب وقت، والقضاء على الإرهاب، وبدء العملية السياسية دون أي شروط مسبقة، وفق ما تنص عليه القرارات الدولية».
وكان لافتا أن خص وزير الخارجية الروسي خلال حديثه عن الاتصالات السياسية حول سوريا التعاون بين موسكو وأنقرة. وبعد تأكيده أن روسيا تعمل مع كل القوى التي تؤثر على الوضع «على الأرض» في سوريا، أشار إلى أن «هناك تعاونا بالطبع مع تركيا. ويجري الرئيسان الروسي والتركي محادثات دائمة شخصيا وعبر الهاتف، ويبحثان تلك المسائل التي يجب حلها كي لا ينمو التهديد الإرهابي»، حسب قوله، موضحا أن المشاورات مع الجانب التركي تجري كذلك بشكل دائم على مستوى الخبراء من وزارات الخارجية وعبر قنوات وزارتي الدفاع وأجهزة الاستخبارات في البلدين. ومن جديد يضع لافروف التصدي للإرهاب على قائمة أولويات التعاون حول الشأن السوري بين موسكو وأنقرة، إذ يرى أن «هناك فهما مشتركا لتلك المهام المطروحة أمام المجتمع الدولي، وبالدرجة الأولى مهام التصدي للإرهاب، والمهام بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية، وعدم السماح بتفكك سوريا»، مؤكدًا أن «الاتصالات مع الجانب التركي موجهة بالفعل لتنسيق خطواتنا في سوريا»، واصفا تلك الاتصالات بأنها «مكثفة جدا وتحمل طابعا دوريا».
وكانت وسائل إعلام تركية قد ذكرت أن مسؤولين روسيين وأتراكا سيجتمعون اليوم الأربعاء في تركيا لبحث وقف إطلاق النار في حلب. إلا أن موسكو لم تكن نهار أمس، وقبل الإعلان عن الاتفاق حول خروج مسلحي المعارضة من حلب، متفائلة بشأن نتائج تلك المشاورات واحتمال إعلان وقف إطلاق نار، ويبدو أنها كانت تنتظر «النصر العسكري» للنظام السوري، إذ رفض المتحدث الصحافي باسم الكرملين التعليق على الأنباء حول اجتماع أنقرة، واكتفى بالقول إنه لا يمكن الحديث حاليا عن إمكانيات فتح ممرات للمسلحين في شرق حلب، لافتا إلى أن «موسكو تراقب عن كثب دينامية تقدم الجيش السوري لتحقيق هدفه في بسط سيطرته التامة على المدينة».
في شأن آخر على صلة بالمهام العسكرية الروسية في سوريا، قال موقع «روس بالت» الإخباري، إن التحقيقات تمكنت من تحديد هوية الشخص الذي نشر مقطع فيديو يعرض إرسال قوات برية روسية، وتحديدا من الشيشان، إلى سوريا. وينقل الموقع عن مصدر مطلع قوله إن النيابة العامة فتحت ملف قضية جنائية حول حادثة نشر مقطع الفيديو. وكانت مواقع على الإنترنت قد تداولت منذ أيام مقطع فيديو تظهر فيه وحدات من المقاتلين الشيشان أثناء استعدادهم للمغادرة باتجاه سوريا، ويؤكد حديث الجنود أن التصوير جرى لحظات الاستعداد للرحيل، وكان الحديث باللغة الشيشانية. ولم تعلق وزارة الدفاع الروسية حتى الآن على تلك المعلومات.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.