سوق العقارات الهندية في ورطة بسبب وقف تداول العملات الكبيرة

توقعات بآثار سلبية على المدى القصير.. وتفاؤل بمستقبل «أكثر شفافية»

قرار الحكومة الهندية بوقف تداول العملات ذات الفئات الكبيرة فاقم من أزمة قطاع العقارات (رويترز)
قرار الحكومة الهندية بوقف تداول العملات ذات الفئات الكبيرة فاقم من أزمة قطاع العقارات (رويترز)
TT

سوق العقارات الهندية في ورطة بسبب وقف تداول العملات الكبيرة

قرار الحكومة الهندية بوقف تداول العملات ذات الفئات الكبيرة فاقم من أزمة قطاع العقارات (رويترز)
قرار الحكومة الهندية بوقف تداول العملات ذات الفئات الكبيرة فاقم من أزمة قطاع العقارات (رويترز)

سبّب قرار الحكومة الهندية الأخير بوقف التعامل بالفئات النقدية الكبيرة خسائر فادحة في سوق العقارات في البلاد، حيث جاء الإعلان غير المتوقع من جانب الحكومة بوقف وسحب العملات النقدية فئة 500 و1000 روبية من التداول العام بمثابة صدمة قاسية لقطاع العقارات، والذي كان يمر بالفعل بأزمة خانقة في الآونة الأخيرة. ومن الحقائق الثابتة والمعروفة استخدام الأموال النقدية في المعاملات العقارية في البلاد.
ووسط تلك التراكمات، يشاهد الوسطاء العقاريون الأموال تهرب من بين أيديهم بسبب إلغاء التعاقدات، وهو الأمر الذي حدث نتيجة اختفاء المكون النقدي، وعدم توافر «الأموال البيضاء» مع الناس، حتى عندما حدث استقرار نسبي.
ويقول مانجيت سينغ، الوسيط العقاري الذي يعمل في مجال «المستوى المتوسط» في جنوب دلهي، إنه كان يفكر في تغيير نشاطه وعمله بالكلية. فلقد أصبح، بعد أن كان يتكسب ما بين 30 و100 ألف روبية في الأسبوع الواحد، غير قادر حتى على إبرام صفقة عقارية واحدة خلال العشرين يومًا الماضية، حيث تجمد النشاط تمامًا في مجال المبيعات والمشتريات، وحتى في مجال الإيجارات وعلى نحو مفاجئ.
ويوضح سينغ عن ذلك، قائلاً: «الناس لا يملكون المال. وأغلب أصحاب العقارات يتسلمون أموال الإيجار نقدا لتفادي الضرائب، في حين أن الجانب الأكبر من سوق إعادة البيع يتوقف على توافر العملات النقدية ذات الفئات الكبيرة. وسوف تستمر هذه المشكلة الكبيرة خلال الأشهر المقبلة على أقل تقدير».
ويعتقد خبراء الصناعة العقارية أن سوق الإسكان سوف تشهد هدوءًا خلال الشهور المقبلة، حتى ينتهي أثر هذه التطورات الأخيرة على الأسواق. فمن شأن المفاجأة الحكومية بفرض التدابير الصارمة على مكتنزي «الأموال السوداء»، وحظر التداول بالفئات النقدية الكبيرة من 500 و1000 روبية، أن يتسبب في حالة من الركود في مجالات معينة من سوق العقارات السكنية في البلاد.
وتحمل سوق العقارات الهندية، السوق المجزأة وغير المنظمة، سمعة الملاذ الآمن لـ«الأموال السوداء»، وتعتبر سوق الإسكان بمثابة «المرتع الساخن» للاستخدام العشوائي للأموال السوداء من جانب المواطنين. والكثير من المطورين العقاريين والموزعين والمشترين يصرون على وجود العملات النقدية كمكون رئيسي للسداد في الصفقات العقارية. ويمكن لمشتري المساكن توقع انخفاض أسعار العقارات في بعض المواقع، والذي قد يوفر للبعض فرصة سانحة لأن يأخذوا خطوتهم المنتظرة بالشراء. لكن العرض قد يتأثر أكثر نتيجة انتظار البائعين لتحسن أحوال السوق.
ويؤكد روهيت غيرا، المدير التنفيذي لشركة «غيرا» للتطوير العقاري، قائلاً: «ليس هناك من شك أن تتأثر المبيعات التي تستلزم وجود العملات النقدية. وسوف يؤثر ذلك في أسعار الأراضي أيضًا. وإذا ما انخفضت أسعار الأراضي وفقًا لذلك، فهناك احتمال لأن تتراجع أسعار العقارات هي الأخرى».
وبالنظر إلى حالة عدم اليقين المتنامية، والتأثير السلبي في الطلب الناجم عن وقف التداول بالفئات النقدية الكبيرة، من المرجح أن يؤجل كثير من الناس خطط شراء العقارات في الوقت الحالي، مما سوف يؤدي إلى مزيد من الارتفاع في مستويات المخزون العقاري. ونتيجة لذلك، سوف يضطر المطورون العقاريون والبائعون إلى خفض الأسعار كثيرًا من أجل تحريك المبيعات.

مستقبل أكثر شفافية

يتفق أغلب الخبراء على رأي مفاده أن الأسواق الثانوية سوف تتأثر بشكل واضح، وذلك لأنها تتعامل بكميات كبيرة من العملات النقدية.
ويقول اشويندر راج سينغ، المدير التنفيذي لشركة الخدمات الإسكانية المحدودة: «سوف يتأثر القطاع العقاري من دون شك بإجراءات وقف التداول بالفئات النقدية الكبيرة، وذلك لأنه شهد ضخ كميات كبيرة من الأموال السوداء والمعاملات النقدية. ومع ذلك، فإن معظم هذه الأحداث وقعت في سوق المبيعات الثانوية، حيث المكون النقدي هو من المكونات (اللازمة) لإجراء الصفقات». وقال أيضًا إن المشاريع التي تشرف عليها شركات التطوري العقاري الموثوق منها في المدن الهندية الراقية سوف لن تتأثر كثيرًا بالإجراءات الحكومية الأخيرة، موضحًا أن ذلك يعود لأن المشترين الذين يستثمرون في مثل تلك المشاريع العقارية يأخذون طريق القرض العقاري، وتتم كل المعاملات من خلال القنوات القانونية. وبالتالي، فإن السوق الرئيسية من المرجح ألا تتأثر أبدًا بالخطوات الحكومية الصارمة.
وبالنسبة لكبار المطورين العقاريين، الذين كانوا يتعاملون من خلال المعاملات المصرفية بالأساس، فسوف تسنح أمامهم الكثير من الفرص الجديدة، حيث إن الشركات العقارية الصغيرة سوف تزول تمامًا من مجال العقارات. ومن شأن ذلك أيضا أن يدفع بالقطاع العقاري نحو التغييرات المؤسساتية. ولكن، وبمزيد من الأهمية، سوف يكون عامل المقدرة على تحمل التكاليف من العوامل الواقعية، وسوف يتم تحقيق هدف «الإسكان للجميع» الحكومي، حيث تتحول الأراضي الرخيصة في نهاية المطاف إلى منازل رخيصة للمواطنين.ويرى نافين ماخيجي، المدير التنفيذي في «مجموعة وادوا» للتطوير العقاري، إنه «على المدى البعيد، سوف تجعل هذه الخطوة من الصناعة العقارية أكثر موثوقية وتفاعلاً بالنسبة للمستثمرين الأجانب». كما أشار نيها هيرانانداني، المدير في شركة «هاوس أوف هيرانانداني» العقارية، بقوله إنها «خطوة جريئة وتقدمية من جانب الحكومة. فإن الطبقات تلو الطبقات من القوانين الروتينية تؤدي إلى عدم الكفاءة، وتفسح الطريق أمام ممارسات الفساد. لقد كنا في انتظار مثل هذه الخطوات منذ زمن».
ومن شأن هذه الخطوة التطهيرية أن تزيل كل التناقضات والممارسات التجارية غير المنصفة مما يؤدي إلى قطاع عقاري أفضل.

صعوبات على المدى القصير

ويشير التقرير الصادر عن مؤسسة «فيتش» للتصنيف الائتماني إلى أن الخطوة الحكومية سوف يكون لها تأثير سلبي في شركات بناء المنازل خلال العام أو العامين المقبلين. ويقول التقرير: «نتوقع انخفاض أسعار العقارات السكنية والمبيعات العقارية السكنية، في الوقت الذي يحاول فيه المستهلكون العثور على وسيلة للإعلان عن ثرواتهم. ومن شأن التأثير السلبي أن يكون أكثر ظهورا في مبيعات العقارات الفاخرة، والعقارات بالتقسيط، والتي يستهدفها العملاء الأثرياء والمستثمرون، بدلاً من المساكن العادية التي تقصدها فئة مشتري المنازل للمرة الأولى».
ومع ذلك، يمكن لمشتري المنازل التطلع إلى أفضل الأسعار في السوق الثانوية أو سوق إعادة البيع.
ورغم ذلك، فإن خطوة وقف التعامل بالفئات النقدية الكبيرة يمكن أن تكون «نعمة» بالنسبة لأولئك الذين يبحثون عن الصفقات العقارية في قطاع الإسكان الفاخر أو الراقي. وفقًا لروهيت بودار، المدير التنفيذي في شركة «بودار للإسكان والتطوير العقاري»، فإن هذه الشريحة من العملاء يمكن أن تواجه تأثيرا كبيرا من حيث التكلفة، والعامل النقدي الكبير هو من التقاليد المعمول بها في قطاع الإسكان الفاخر، حيث إن الكثير من المشترين يصرون على استخدام الأموال النقدية.
ولكن مع الخطوة الحكومية الأخيرة، من المتوقع انخفاض المبيعات في هذا القطاع العقاري، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار بدورها. ولقد اتجهت بعض شركات التطوير العقاري بالفعل إلى خفض الأسعار. ومن شأن شريحة العقارات الفاخرة بأسعار معقولة، والتي يجري تسعيرها في متناول المشترين بمستوى أقل قليلاً من فئة أصحاب الثروات المرتفعة، أن توفر الفرص الجيدة خلال الشهور المقبلة.
ويقول جاغديش بهالا، الذي شيد الشقق السكنية في منطقة كايلاش دلهي الكبرى: «سوف يستغرق الأمر ستة أشهر على الأقل من أجل إحياء هذه الفئة من المشترين بعد انهيار المكون النقدي في المعاملات بشكل كبير». وقد تتعرض سوق إعادة البيع في القطاع العقاري إلى صدمة كبيرة، حيث إن الكثير من الصفقات تتم بالدفع النقدي.
* تغيرات تاريخية
منذ 16 يناير (كانون الثاني) من عام 1978، وهو تاريخ المرة الأخيرة التي أصدرت الحكومة الهندية فيها القرار بوقف التعامل بالفئات النقدية الكبيرة من فئة 500، و1000، و10 آلاف روبية، بهدف الحد من الأموال السوداء، مر قطاع العقارات الهندي بتغييرات كبيرة وجذرية. وبصرف النظر عن التضخم ومستويات المعيشة، فإن الطفرة العقارية قد نمت بشكل غير متساوٍ. وربما كان القطاع الوحيد في البلاد الذي يشهد تشييد ناطحات السحاب الشاهقة بالأموال النقدية السائلة.
ويقول خبراء التطوير العقاري إن قرار وقف التعامل بالفئات النقدية الكبيرة من شأنه تثبيط فرص استخدام الأموال غير المعلن عنها في القطاع العقاري، ويمنحه المزيد من المصداقية. ويُعتقد أن معاملات الصفقات العقارية السكنية ستعاني بسبب الأزمة المالية التي يمر بها اقتصاد البلاد. وكما لوحظ من قبل، وقع بطء كبير في هذا القطاع؛ وإلى حد كبير بعد قرار وقف التعامل بالفئات النقدية الكبيرة.
ومع ذلك، فمن المتوقع أن تتحسن الأوضاع وتعود إلى طبيعتها في وقت قريب بعد زوال آثار قرار وقف التعامل بالفئات النقدية الكبيرة خلال النصف الأول من العام المقبل أو نحوه، وإلا سوف يضطر بائعو الأراضي إلى خفض أسعار العقارات حتى يستمروا في العمل.
ويقول أنوج بوري، رئيس مجلسي الإدارة ورئيس قطاع الهند في مؤسسة «جيه إل إل» العقارية، سوف تشهد الأسواق الصغيرة كمًا أكبر من الآثار عن المدن الكبرى. ففي المدن الكبيرة التي تتأثر باللاعبين العقاريين الكبار، تميل الصفقات لأن تُعقد بصورة أكثر شفافية، «ومع ذلك، بعض مدن الطبقة الثانية أو الطبقة الثالثة، حيث كان المكون النقدي هو العامل الرئيسي في أغلب المبيعات الأولية، سوف تشهد أزمة كبيرة في الأعمال».
كما سوف تتأثر سوق إعادة البيع كذلك. وسوف تتضرر أيضًا شرائح العقارات السكنية الفخمة والفاخرة، حيث إن مثل تلك المعاملات غالبًا ما تنطوي على العنصر النقدي المرتفع، كما قال السيد بوري. ووفقًا لمؤسسة «جيه إل إل» العقارية، يمكن تمديد المشاريع، حيث إن المصادر غير الرسمية لرأس المال قد لا تكون متاحة. وأردف السيد بوري يقول: «على المدى القصير، من المرجح أن نشهد تأثيرًا في السيولة العامة في الأسواق أيضًا. وبالتالي، فإن رؤوس الأموال العاملة بالنسبة للمطورين العقاريين الصغار والمتوسطين وغيرهم من رواد الأعمال الأخرى، سوف يكون تأثرها أعلى بكثير».



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».