البشير: لم أهرب ولن تسقط حكومتي بالعصيان

الرئيس السوداني يدعو المعارضة لمواجهته ويتوعدها بالهزيمة

الرئيس السوداني عمر حسن البشير أثناء إلقائه خطابا في حشد جماهيري (غيتي)
الرئيس السوداني عمر حسن البشير أثناء إلقائه خطابا في حشد جماهيري (غيتي)
TT

البشير: لم أهرب ولن تسقط حكومتي بالعصيان

الرئيس السوداني عمر حسن البشير أثناء إلقائه خطابا في حشد جماهيري (غيتي)
الرئيس السوداني عمر حسن البشير أثناء إلقائه خطابا في حشد جماهيري (غيتي)

توعد الرئيس السوداني عمر البشير معارضيه من دعاة العصيان المدني بهزيمة قاسية حال مواجهة حكمه مباشرة، وفي ذات الوقت نفى أن يكون قد هرب بسبب العصيان المدني السابق الذي تزامن مع سفره إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. وقلل من الدعوات للعصيان في التاسع عشر من الشهر الجاري، ودعا منظمي العصيان لمواجهة حكومته مباشرة بدلاً من التخفي خلف «الكيبوردات» ومواقع التواصل الاجتماعي وفقًا لعبارته.
وقال البشير في حشد جماهيري بولاية كسلا شرقي البلاد أمس، إن حكومته لن تسقط عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، قاطعا بعدم تسليمه للحكم: «لن تسقط الحكومة بالواتساب والكيبورد، ولن أسلم الحكم لهم، الدايرنا يجينا عديل».
واستبقت التصريحات النارية للرئيس البشير دعوات لعصيان مدني ثان يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، نظمها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعلنت أحزاب المعارضة الرئيسية المدنية والمسلحة انضمامها للحملة الرامية لإسقاط نظام الحكم، وحثت مؤيديها للاشتراك في العصيان.
وأضاف البشير في حديثه للحشد ساخرًا: «نسمع من يقول إنه سيتم هزيمتنا بالكيبورد والواتساب، من يريدنا يأتي إلينا مباشرة، الإنقاذ ليست عمر البشير بل أنتم»، مشيرًا على الجماهير.
ونفى البشير أن يكون قد هرب إثر العصيان المدني في السابع والعشرين من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتزامن مع زيارته لدولة الإمارات العربية المتحدة والتي استغرقت أسبوعًا، وقال: «لما أطلقوا دعوتهم للعصيان مؤخرًا، وأنا كنت في الخارج في مهمة وعمل رسمي، بينما قالوا الرئيس هرب، وأنا لن أهرب لأني أمثل من موقعي عزة وكرامة السودانيين».
وقطع البشير بعدم التنازل عن الحكم لمن أطلق عليهم دعاة الكيبورد، بالقول: «الأرض التي رويناها بدماء الشهداء لن نبيعها بالدولارات، ولن نسلمها لناس الكيبورد والواتساب، ومن يريدنا يأتي لنا مباشرة»، وواصل البشير انتقاده لمعارضيه واتهمهم بالعمالة والخيانة، وبأنهم يسعون لبيع السودان بالعملات الأجنبية، نافيًا أن يكون حكمه حكم حزب، على الرغم من أنه يترأس حزب المؤتمر الوطني الحاكم، بقوله: «ما جينا عشان نحكم بحزب ولا حزبيين، نحن كل أهل السودان».
ولتأكيد عدم حزبيته، قال البشير إنه أقام حوارًا وطنيًا، شارك فيه كل الناس، وأضاف: «لأجل ذلك عندنا الحوار، وجاءه كل الناس إلا من أبى، والبيابا الصلح نقول لهم الشعب لن ينتظر، وما ولن نقف ولن ننتظر خونة وعملاء، تجار الدولار من يريدون أن يبيعوا السودان ببعض الدولارات، والسودان عزيز وغال».
ووسط هتافات وتكبيرات من مؤيديه نددت بمحقق المحكمة الجنائية السابق لويس مورينو أوكامبو، جدد البشير بلهجة حماسية تحديه لمحكمة لاهاي: «أنا في موقعي هذا، أمثل عزة وكرامة الشعب السوداني، لن أعمل موقف، لأني أمثل شعب عزيز فيه كل الصفات الحميدة، حين سافرت الخارج، الدوحة، الصين، وطلبت تأشيرة لنيويورك، يظنون أنني أمزح، أنا جاهز لو أعطوني تأشيرة سأنزل في نيويورك».
وقال البشير إنه لا يعرف الخوف، مستخدمًا مفردات حماسة سودانية ترى أن الخوف عيب تسخر منه النساء، ودعا لمقاطعة من سماهم المخذلين، ونقلت «الشرق الأوسط» مطلع هذا الأسبوع أن نائب البشير في الحزب الحاكم ومساعده إبراهيم محمود، أعلن عن تكوين غرفة خاصة للرد على دعاة العصيان المدني، وعلى استفسارات عضوية الحزب الحاكم، وأنه شن هجومًا قاسيًا على المعارضة، بالقول: «العصيان المدني لن يسقط حكومته»، وإن عصيان نوفمبر الماضي كان فاشلاً.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.