الجيش العراقي يستعيد حي النور ويوسع مناطق سيطرته في الموصل

العبادي في قاطع عمليات «قادمون يا نينوى»: المعركة ستحسم قريبًا

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته قواطع عمليات «قادمون يا نينوى» (الصورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته قواطع عمليات «قادمون يا نينوى» (الصورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية)
TT

الجيش العراقي يستعيد حي النور ويوسع مناطق سيطرته في الموصل

رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته قواطع عمليات «قادمون يا نينوى» (الصورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية)
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي خلال زيارته قواطع عمليات «قادمون يا نينوى» (الصورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية)

قام رئيس الوزراء العراقي، القائد العام للقوات المسلحة، حيدر العبادي، صباح أمس، بزيارة إلى قاطع عمليات «قادمون يا نينوى»، حيث تفقد القوات المرابطة في هذا القاطع، واطلع على سير المعارك التي يشهدها، في وقت أكدت فيه مصادر عسكرية، أن الجيش العراقي، أحرز تقدما في حربه ضد تنظيم داعش، واستعاد سيطرته الكاملة على حي النور، معززا بذلك مواقعه في شرق المدينة.
وذكرت «رويترز»، أن العبادي عقد، فور وصوله، اجتماعا بالقيادات الأمنية والعسكرية التي تقاتل في القاطع العسكري، وأشاد بأداء القوات العراقية «البطلة»، في مختلف القطاعات، وبـ«التضحيات التي يقدمها المقاتلون الغيارى والتي ساهمت بتحرير الأراضي من رجس عصابات (داعش) الإرهابية».
وأكد رئيس الوزراء العراقي، على «التزام قواتنا بكافة قطعاتها في المعركة»، موضحا: «إن هدفنا هو تقليل عدد الضحايا في صفوف قواتنا والمدنيين، وأن المعركة ستنحسم قريبا بإذن الله».
وكانت قوات جهاز مكافحة الإرهاب، قد تمكنت من طرد عناصر «داعش» من حي النور، وتقدمت داخل الموصل التي يواجه سكانها، الذين يصل عددهم إلى مليون نسمة، نقصا في الوقود والغذاء والمياه.
وقال الفريق الركن عبد الغني الأسدي، من جهاز مكافحة الإرهاب: «هذا الحي اتحرر قبل نص ساعة، والآن احنا متواجدين به، تشوف الشوارع وتشوف الأهالي وإصرارهم على استقبالنا بهذه القوة وبهذه الروح المعنوية العالية». وقال اللواء الركن معن الأسعدي: «اليوم احنا بنتجول في حي النور اللي حررناه اليوم، واليوم بتحرير حي النور، قفلنا أو أتممنا المرحلة الأولى، وما بقي لنا إلا أيام قليلة، وإن شاء الله نتحرك باتجاه الأحياء الأخرى، واللي هي ما تتجاوز ست أحياء ونصل إلى ضفاف نهر دجلة، ونكمل تحرير الساحل الأيسر (لنهر دجلة) بالكامل». فيما قال أحد سكان الحي معقبا: «الحمد لله والشكر، حررنا جهاز مكافحة الإرهاب، بس الله طلعنا بسلامة.. طلعنا بخير.. الله نجانا من فوق سابع سما.. والحمد لله المنطقة أمان، وجهاز مكافحة الإرهاب وصل، وإن شاء الله ييجي الأحسن».
وعلى الرغم من تقدم القوات العراقية إلى داخل الموصل، فإن تقدمها هذا يظل بطيئا، حيث يواجه الجنود هجمات مضادة شرسة من عناصر التنظيم الإرهابي، الذين يسيطرون على المدينة منذ منتصف عام 2014، ويقل عددهم بكثير عن عدد القوات، لكنهم مجهزون بشكل جيد ولديهم عتاد عسكري قوي.
في سياق متصل، ذكر متحدث باسم الشرطة العراقية أمس، أن بضعة آلاف من أفراد الشرطة الاتحادية، مستعدون للانضمام إلى القوات المهاجمة في شرق الموصل، لتعزيز مواجهتها الهجمات العنيفة مضادة التي يشنها عناصر «داعش» منذ أسابيع.
وقال الفريق رائد شاكر جودت، المتحدث باسم قيادة الشرطة الاتحادية، أن الألوية الثلاثة من الفرقة الخامسة بالشرطة، مستعدة الآن للتحرك، على الرغم من إشارته إلى أنها قد لا تبدأ عملياتها على الفور.. وأضاف، أن القوات موجودة، حاليا، قرب قرة قوش على مسافة نحو 15 كيلومترا من الطرف الجنوبي الشرقي للموصل، و«جاهزون تماما الآن للبدء بالهجوم للسيطرة على الساحل الأيسر (للمدينة)». لكنه أوضح أنهم ينتظرون التقدم في أماكن أخرى على الجبهة الشرقية، حيث تحقق قوات جهاز مكافحة الإرهاب تقدما مطردا من شارع إلى شارع، على عكس التقدم السريع الذي حققته الفرقة المدرعة صوب مستشفى السلام في الأسبوع الماضي.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.