حلب في فصولها الأخيرة... والمعارضة تبحث عن ممر آمن للانسحاب

البابا يناشد الأسد احترام القانون الإنساني والسماح بدخول المساعدات

حلب في فصولها الأخيرة... والمعارضة تبحث عن ممر آمن للانسحاب
TT

حلب في فصولها الأخيرة... والمعارضة تبحث عن ممر آمن للانسحاب

حلب في فصولها الأخيرة... والمعارضة تبحث عن ممر آمن للانسحاب

دخلت معركة حلب في الساعات الماضية المرحلة الأخيرة مع تقدم قوات النظام وحلفائها وسيطرتهم على عدد كبير من الأحياء التي كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة. وباتت هذه الفصائل عمليا كما الآلاف من المدنيين محاصرين في مساحة تتخطى بقليل الـ10 كلم مربع من مساحة المدينة الواقعة شمال سوريا، وهم يبحثون حاليا عن ممر آمن للانسحاب بعدما بات سقوط المدينة عسكريا أمرا محسوما.
وقال الناشط بهاء الحلبي الذي لا يزال موجودا في منطقة سيطرة المعارضة في حلب، إن المدينة تشهد حاليا «مذبحة تاريخية»، لافتا إلى أن «موسكو ترفض حتى هذه اللحظة تأمين ممر آمن لخروج مقاتلي المعارضة وعشرات آلاف المدنيين الذين يفترشون الشوارع ومداخل المباني». وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «الناس هنا تتمنى الموت في كل لحظة... الموت السريع تفاديا لما يرونه من موت تحت الأنقاض. كما أن أكثر ما يخيفهم دخول قوات النظام وحلفائها إليهم». وأوضح الحلبي أن «العشرات من الأشخاص عالقين تحت الأنقاض كما أن الجرحى في الشوارع ولا إمكانية للوصل إليهم وإسعافهم نتيجة القصف العنيف غير المسبوق».
من جهته، أشار مصدر في الجيش السوري الحر إلى أن «الروس ما زالوا يرفضون أي حل يقضي بالخروج الآمن للعالقين في الأحياء الشرقية، ويصرون على إتمام عملية إبادة»، مؤكدا أن «المدينة لا تزال بعيدة عن السقوط عسكريا وهناك معارك شرسة في بستان القصر والكلاسة والسكري وجب الشلبي والإذاعة». وتحدث المصدر لـ«الشرق الأوسط» عن «مأساة كبيرة بين المدنيين الذين بلغت أعدادهم أرقاما هائلة وهم محاصرون في مساحة ضيقة جدا.. وبالتالي كل قذيفة تسقط تؤدي لمقتل العشرات».
وأعلن المرصد السوري بعد ظهر يوم أمس انسحاب مقاتلي المعارضة من ستة أحياء كانت لا تزال تحت سيطرتهم في جنوب شرقي مدينة حلب، متحدثا عن «انهيار كامل» في صفوف الفصائل. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، إن وجود المعارضة في حلب يقتصر حاليا على أحياء المشهد والزبدية والسكري والأنصاري وأجزاء من صلاح الدين وسيف الدولة والعامرية، بعدما انسحبت في الساعات القليلة الماضية بشكل كامل من أحياء بستان القصر والكلاسة وكرم الدعدع والفردوس والجلوم وجسر الحج. وتحدث المرصد عن «وجود جثث في الشوارع لا تعرف هوية أصحابها». وقال شهود عيان في حي المشهد لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الحي يشهد اكتظاظا كبيرا بعد نزوح مدنيين من أحياء أخرى إليه مع تقدم الجيش، من دون أن يتمكنوا من إحضار أي شيء معهم من منازلهم.
في هذا الوقت، أعلن مركز المصالحة الروسي في حميميم أن القوات النظام تسيطر بالكامل على أكثر من 95 في المائة من مدينة حلب السورية، بعد دخولها خلال الساعات الـ24 الماضية إلى ثلاثة أحياء جديدة في شرق حلب هي الشيخ سعيد وكرم حومد وباب المقام، مؤكدا أن «مساحة الأحياء الشرقية للمدينة التي يسيطر عليها المسلحون لا تتجاوز 10 كيلومترات مربعة».
وأشار المركز إلى أنه «تم إجلاء أكثر من 100 ألف من سكان حلب، بينهم أكثر من 40 ألفا و484 طفلا، بعد بدء عملية تحرير المدينة من المسلحين»، لافتا إلى أن «أكثر من 5 آلاف و100 شخص عادوا إلى بيوتهم في المناطق المحررة شرق حلب». وأضاف أن «2215 مسلحا ألقوا السلاح وتم العفو عن 2137 آخرين».
وقال اللواء زيد الصالح رئيس اللجنة الأمنية في حلب، إن «عملية الجيش السوري لاستعادة شرق حلب الخاضع لسيطرة المعارضة أصبحت بخواتمها النهائية»، لافتا إلى أنه «يبقى بيد المسلحين مساحة عشرة في المائة من مساحة هذه الأحياء».
ونقلت شبكة «سي إن إن» الأميركية عن عضو في «جماعة الدفاع المدني السوري»، المعروفة أيضًا بـ«الخوذ البيضاء» ويُدعى إسماعيل عبد الله، قوله إنه «وبعد دخول قوات الأسد على حي الفردوس، هناك نزوح جماعي من المدنيين المذعورين يفرون من الحي المذكور ومن الجلوم والصالحين، والمناطق التي تمت السيطرة عليها اليوم إلى مناطق أخرى مثل المشهد وصلاح الدين. وسيكون ذلك وضعًا صعبًا للغاية بسبب عدم وجود مكان لجميع هؤلاء المدنيين الفارين». وأضاف عبد الله: «نعتقد أن هناك عددًا كبيرًا من الإصابات في صفوف المدنيين نتيجة لتكثيف الهجوم، وعمال إنقاذ الخوذ البيضاء لا يستطيعون التحرك للوصول إلى أي من تلك الأماكن».
بدوره، وصف بسام مصطفى، عضو المكتب السياسي في حركة نور الدين الزنكي، أبرز الفصائل المقاتلة في حلب، لصحافيين عبر الإنترنت، ما يحدث في شرق المدينة بـ«الانهيار المريع»، موضحا أن «المقاتلين يتراجعون تحت الضغط، والأمور سيئة جدا». ويرى كبير الباحثين في مركز «كارنيغي» لـ«الشرق الأوسط» يزيد الصايغ، أن سيطرة النظام على مدينة حلب «ستكسر ظهر المعارضة المسلحة، ويصبح من الممكن أخيرا تجاوز التفكير بإمكانية الإطاحة بالنظام عسكريا».
إلى ذلك قالت الفاتيكان إن البابا فرنسيس ناشد رئيس النظام السوري بشار الأسد، أمس، في رسالة شخصية، ضمان احترام القانون الإنساني الدولي من أجل حماية المدنيين والسماح بإدخال المساعدات لهم.
وفي رسالته التي سلمها سفير الفاتيكان في دمشق للأسد، ناشد البابا رئيس النظام السوري والمجتمع الدولي إنهاء العنف، وأدان «جميع أشكال التطرف والإرهاب من أي جانب».
وذكر بيان نقلته «رويترز» أن البابا عبّر عن تعاطفه مع الشعب السوري «الذي يجتاز اختبارا صعبا». وناشد الأسد «ضمان الاحترام الكامل للقانون الدولي الإنساني في ما يتعلق بحماية المدنيين ووصول المساعدات الإنسانية».
ومن غير المألوف أن تكشف الفاتيكان عن تفاصيل بشأن الرسائل الخاصة التي يرسلها البابا لزعماء العالم. وصدر البيان بعدما ذكرت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، أن البابا عبر في الرسالة عن «تعاطفه العميق مع سوريا وشعبها» وهو ما فسرته بعض المواقع الإخبارية على الإنترنت في الشرق الأوسط بأنه إظهار الدعم للأسد.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.