يونكر يحذر من تقلص ثقل أوروبا الاقتصادي والسكاني

انتقد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر رفض حكومات الالتزام بحصص طرحتها المفوضية الأوروبية بخصوص عدد اللاجئين الذين يتعين على كل بلد أن يقبل بتوطينه، مضيفا أن أزمة الهجرة التي شهدت وصول نحو 4.‏1 مليون طالب لجوء إلى أوروبا منذ بداية العام الماضي دمرت مفهوم الاتحاد الأوروبي كتكتل قائم على قواعد مشتركة متفق عليها. وقال يونكر، كما جاء في تقرير الوكالة الفرنسية: «هناك شيء جديد. للمرة الأولى في التاريخ الأوروبي بعد الحرب لا تطبق جميع الدول الأعضاء القواعد المشتركة المتفق عليها». وأضاف: «هذا ضد المبدأ الأساسي المتمثل في أن الاتحاد الأوروبي نظام مبني على قواعد. هذا لم يعد موجودا». جاء كلام يونكر في احتفال نظم أمس الجمعة بمناسبة توقيع معاهدة ماستريخت التاريخية.
واستقبلت ألمانيا العدد الأكبر من اللاجئين الذين تدفقوا على أوروبا. وبالأمس صادق مجلس الوزراء الألماني على تقرير مفوضة الحكومة الألمانية لشؤون الاندماج عيدان أوزوجوز بشأن وضع المهاجرين في ألمانيا. ويرصد التقرير بعنوان «المشاركة والمساواة في الفرص والتطور القانوني في مجتمع الهجرة ألمانيا»، حسب وكالة الأنباء الألمانية، تطور أوضاع المهاجرين في البلاد خلال العامين الماضيين. ويعيش في ألمانيا حاليا نحو 2.‏17 مليون شخص من أصول مهاجرة، ليشكلوا نسبة 21 في المائة من إجمالي عدد السكان. وارتفع بذلك عددهم بمقدار 8.‏1 مليون شخص مقارنة بعام 2014، وبحسب التقرير، يحمل نحو 50 في المائة من الأشخاص المتحدرين من أصول مهاجرة الجنسية الألمانية. ويتحدر معظم المهاجرين من تركيا وبولندا وروسيا. استيعاب الجزء الأكبر من اللاجئين السوريين تسبب في انتقادات حادة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأصبحت الأحزاب اليمينية تتقدم على حساب حزبها المسيحي الديمقراطي.
وبموجب الاتفاق الذي وقع في مارس (آذار)، والذي تم التفاوض بشأنه بعد أن وصل أكثر من مليون شخص إلى السواحل الأوروبية العام الماضي، وافقت أنقرة على استضافة المهاجرين وطالبي اللجوء الذين عبروا بحرا من تركيا إلى جزر يونانية، بما في ذلك اللاجئون الذين فروا من الحرب في سوريا. وفي المقابل، عرض الاتحاد الأوروبي إعادة توطين اللاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا وتوفير مساعدات ومزايا أخرى لهم.
وخلص أحدث تقرير للمفوضية الصادر في سبتمبر (أيلول) إلى أن طالبي اللجوء في سوريا تم إرغامهم على العودة من اليونان إلى تركيا بموجب الاتفاق. وتقطعت السبل بأكثر من 62 ألف لاجئ ومهاجر في الجزر اليونانية والبر الرئيسي لعدة أشهر. وذكرت وزارة الهجرة اليونانية الأسبوع الماضي أن أكثر من 16 ألف مهاجر ينتظرون التعامل مع طلبات اللجوء الخاصة بهم في جزرليسبوس وخيوس وساموس وليروس وكوس.
وأعرب 52 في المائة من الألمان الذين يحق لهم الانتخاب في استطلاع للرأي عن توقعهم ارتفاع معدلات الجريمة في بلادهم بسبب اللاجئين. وفي المقابل، لا تساور 45 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع الذي نشرت نتائجه أمس الجمعة هذه المخاوف.
وأبدى الألمان تخوفا أكبر إزاء العواقب الاقتصادية لتدفق اللاجئين على بلدهم، حيث أعرب 60 في المائة من الألمان عن مخاوفهم من أن تتسبب النفقات المخصصة للاجئين في تقليص النفقات على مجالات أخرى، بينما لا يتوقع ذلك 39 في المائة من الذين شملهم الاستطلاع. وذكر 30 في المائة من الألمان أنهم يرون «القيم الثقافية والمجتمعية» لبلدهم في خطر جراء اللاجئين، بينما ذكر 66 في المائة من الألمان أنهم لا يرون في اللاجئين تهديدا لتلك القيم. أجرى الاستطلاع معهد «فالن» لقياس مؤشرات الرأي بتكليف من القناة الثانية في التلفزيون الألمانية «زد دي إف»، وأجري خلال الفترة من 6 حتى 8 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
وعودة إلى خطاب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بمناسبة معاهدة ماستريخت، الذي حذر فيه من أن ثقل أوروبا الاقتصادي والسكاني في العالم يتقلص وأن دولها ستختفي في وقت ما إذا لم تقف معا تحت مظلة الاتحاد الأوروبي.
وقال: إنه في غضون عشر سنوات ستنخفض مساهمة أوروبا في الاقتصاد العالمي إلى 15 في المائة من 25 في المائة حاليا. وفي غضون عشرين عاما لن تكون أي دولة أوروبية ضمن مجموعة الدول السبع صاحبة أكبر اقتصادات في العالم. وأوضح يونكر أنه عند بداية القرن الماضي شكل الأوروبيون نحو 20 في المائة من الجنس البشري بينما انخفضت النسبة إلى ما بين خمسة وسبعة في المائة في بداية القرن الحالي وستنكمش إلى أربعة في المائة بنهايته.
وقال يونكر «لذلك من يعتقدون أنه قد حان الوقت للتفكيك.. لنقسم أوروبا إلى أجزاء.. ونقسم أنفسنا إلى أقسام قومية.. هم مخطئون تماما. لن نكون موجودين كدول منفردة في غياب الاتحاد الأوروبي». كان يونكر يشير إلى الدعم المتنامي للخطاب المناهض للاتحاد الأوروبي في أرجاء أوروبا والذي بلغ ذروته في استفتاء خروج بريطانيا من التكتل وتنامي شعبية الحركات القومية والشعبوية في فرنسا وإيطاليا وبولندا والمجر وغيرها.
ومن جانب آخر اقتحم نحو 400 مهاجر من أفريقيا جنوب الصحراء فجر الجمعة السياج المرتفع الذي يحيط بجيب سبتة الإسباني في المغرب، كما ذكرت الوكالة الفرنسية نقلا عن الشرطة المحلية. ونجح المهاجرون في اقتحام نقطتين من السياج البالغ ارتفاعه ستة أمتار حول جيب سبتة، بحسب ما أعلن متحدث باسم الحكومة المحلية.
وبث موقع صحيفة «الفارو دي سبتة» الإلكتروني لقطات يظهر فيها عشرات المهاجرين، بما في ذلك رجال حفاة الأقدام ودون قمصان، يهتفون «إسبانيا» بفرح عند دخولهم إلى سبتة، وأشار الصليب الأحمر أنه قدم الإسعافات لـ103 أشخاص بعد تعرضهم لإصابات طفيفة، وتم نقل 25 شخصا إلى المستشفى.
وتشكل سبتة ومليلية الأرض الإسبانية في شمال أفريقيا الحدود الوحيدة للاتحاد الأوروبي مع أفريقيا. وهما نقطتا عبور مفضلتان للمهاجرين الذين يريدون التوجه إلى أوروبا ويقومون بتسلق السياج أو السباحة طوال الساحل. ويسعى المهاجرون الذين يدخلون إلى سبتة بصورة غير قانونية إلى الوصول إلى مركز حقوق إسباني مؤقت حيث يستطيعون من حيث المبدأ تقديم طلب اللجوء.
وتندد منظمة العفو الدولية وجماعات حقوقية بمعاملة الشرطة للمهاجرين في سبتة ومليلية.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تمكنت مجموعة من 220 شخصا من اقتحام نقطتي عبور إلى سبتة، ما أدى إلى إصابة 35 مهاجرا وثلاثة من رجال الأمن. ومنذ 2014 لقي أكثر من عشرة آلاف مهاجر حتفهم معظمهم في البحر المتوسط، بحسب أرقام للمفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة.