مقتل 6 من قوات الشرطة المصرية في تفجير غرب القاهرة

«حسم» أعلنت مسؤوليتها.. وخبراء عدّوه تحولا في أساليب التنظيمات العشوائية

حضور أمني مكثف عقب تفجير إرهابي استهدف مرتكزين أمنيين في شارع الهرم السياحي غرب العاصمة المصرية القاهرة أمس (أ.ب)
حضور أمني مكثف عقب تفجير إرهابي استهدف مرتكزين أمنيين في شارع الهرم السياحي غرب العاصمة المصرية القاهرة أمس (أ.ب)
TT

مقتل 6 من قوات الشرطة المصرية في تفجير غرب القاهرة

حضور أمني مكثف عقب تفجير إرهابي استهدف مرتكزين أمنيين في شارع الهرم السياحي غرب العاصمة المصرية القاهرة أمس (أ.ب)
حضور أمني مكثف عقب تفجير إرهابي استهدف مرتكزين أمنيين في شارع الهرم السياحي غرب العاصمة المصرية القاهرة أمس (أ.ب)

قالت مصادر أمنية وطبية في مصر إن 6 من أفراد الشرطة قتلوا، أمس، إثر انفجار عبوة ناسفة استهدفت مرتكزين أمنيين في شارع الهرم السياحي غرب العاصمة المصرية القاهرة. وأعلنت حركة «حسم» مسؤوليتها عن الحادث، الأمر الذي عده خبراء تحولا نوعيا في أساليب عمل التنظيمات الإرهابية الهامشية.
وأوضحت مصادر أمنية أن ضابطين وأمين شرطة و3 جنود قتلوا فيما أصيب 3 آخرون، في أحدث حلقات العمليات الموجهة ضد قوات الأمن، والتي بدأت عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي منتصف عام 2013.
وقالت المصادر الأمنية إن التفجير الذي شهده شارع الهرم أمس استخدمت فيه عبوة ناسفة شديدة الانفجار، زرعت في إحدى السيارات المتوقفة على جانب الطريق بالقرب من مرتكزين أمنيين، مما أدى كذلك إلى تهشم سيارتين أخريين وواجهات منازل قريبة من منطقة الانفجار.
وتبنت حركة «حسم» في بيان نشرته عبر تطبيق «تليغرام» للتواصل الاجتماعي، العملية، قائلة إن فرقة المتفجرات المركزية بالحركة «قامت باستهداف تمركز أمني في شارع الهرم تابع لداخلية الاحتلال العسكري في مصر باستخدام عبوة ناسفة شديدة الانفجار». وكانت الحركة نفسها أعلنت مسؤوليتها عن عدد من العمليات الإرهابية أبرزها محاولتا اغتيال مفتي البلاد السابق علي جمعة والنائب العام المساعد زكريا عبد العزيز.
وعقب الحادث قرر وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، تشكيل فريق بحث موسع لسرعة تحديد هوية الجناة في الحادث. وقال مصدر أمني رفيع المستوى بوزارة الداخلية، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أمس، إن «فريق البحث الذي تم تشكيله لتحديد هوية الجناة وضبطهم، ضم ضباطا من الإدارة العامة لمباحث الجيزة وقطاعي الأمن العام والأمن الوطني».
وقال أحمد كامل البحيري، الخبير في شؤون التنظيمات المتشددة، إن «العملية تشير لمهارات إضافية اكتسبتها التنظيمات العشوائية، لكنها تشير أيضا ومع الأسف إلى أن الأجهزة الأمنية لا تتعلم من أخطائها».
وتابع البحيري أن «عملية أمس تشبه إلى حد التطابق عملية استهداف كمين أمام جامعة القاهرة قبل عامين، قنبلة صوتية كفخ لتعيد القوات انتشارها فتنفجر القنبلة الثانية وتُسقط القتلى.. لا جديد هنا، لكن بالنظر لمسيرة التنظيمات الهامشية مثل (حسم) يمكن القطع بأنها تمثل تطورا في تكتيكاتها».
وأضاف البحيري أنه «يجب الحذر من التعامل مع تسميات مثل (حسم) و(لواء الثورة)، خصوصا أن حركة حسم على وجه التحديد وجهت إليها ضربات أمنية قوية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، هناك على الأرجح صلة تجمع تلك التنظيمات، والأرجح عندي أنها خلايا عنقودية جمعت عناصر من جماعة الإخوان المسلمين، خصوصا من جناح القيادي محمد كمال (قتل مؤخرا ويمثل الجناح المتشدد داخل الجماعة)». وفي تعليق له على العملية الإرهابية، قال شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، إن «تزامن التفجير الآثم بمحيط منطقة مسجد السلام بشارع الهرم, مع احتفال مصر والعالم الإسلامي بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف؛ إنما يؤكد أن الإرهاب لا دين له، وأنه بعيد كل البعد عن روح الدين الإسلامي السمحة ومبادئه العادلة».
وثمن إسماعيل في بيان له أمس تضحيات رجال الشرطة «جنبا إلى جنب مع أبطال القوات المسلحة، في سبيل استعادة الأمن والأمان وتطهير ربوع مصر من عناصر الإرهاب الغاشم».
وكانت وتيرة ونوعية العمليات الإرهابية قد تراجعت إلى حد بعيد خلال العام الماضي، واتسمت بما وصفه مراقبون بـ«بدائية» التخطيط والوسائل، لكنها تركزت في مناطق محددة كان من بينها حي الهرم في محافظة الجيزة، التي شهدت عددًا من عمليات إطلاق النار على قوات الشرطة.
وخلال الأسبوع الماضي، قالت وزارة الداخلية إنها نجحت في توقيف خلية إرهابية بمحافظة السويس (شرق القاهرة)، لافتة إلى أن أحد عناصر تلك الخلية على صلة بتنظيم أنصار بيت المقدس في شمال سيناء وهو الفرع المحلي لتنظيم داعش الإرهابي. وتتركز التنظيمات الإرهابية الأكثر تنظيما وتدريبا في شمال سيناء، وخلال عام 2014 نجح التنظيم في بناء شبكة من الخلايا الإرهابية داخل وادي النيل قامت بعمليات كبرى أبرزها تفجير مديريتي أمن القاهرة والدقهلية، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم. ويأتي هذا التطور في دلتا مصر، فيما شهدت محافظة شمال سيناء تطورا جديدا أيضا بإعلان تنظيم أنصار بيت المقدس الموالي لـ«داعش» عزمه على مواجهة مشايخ الطرق الصوفية في شبه الجزيرة.
وهدد التنظيم أتباع الطرق الصوفية في مصر، مؤكدا ذبح اثنين من شيوخهما الشهر الماضي. ونشر الفرع المصري لتنظيم داعش صورا لأحد عناصره يحمل سيفا ويقطع رأس رجلين مسنين اتهمهما بأنهما «طاغوتان يدعيان علم الغيب». وفي عدد الخميس من نشرة «النبأ» التي يصدرها التنظيم المتطرف، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، حذر أحد عناصر التنظيم، قائلا إنه مسؤول «الأمر بالمعروف» في التنظيم في سيناء، الصوفيين وأمرهم بالتخلي عن معتقداتهم. وأضاف: «نقول لجميع الزوايا الصوفية شيوخا وأتباعا في داخل مصر وخارجها إننا لن نسمح بوجود طرق صوفية في ولاية سيناء خاصة وفي مصر عامة».
وكان مقتل الشيخ الصوفي أبو حراز وأحد أتباعه الشهر الماضي قد أثار إدانات واسعة من المؤسسات الدينية في مصر وخارجها. ودان الأزهر مقتل الرجلين ووصفه بأنه «جريمة نكراء».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.