آرسنال يستعيد هيبته الأوروبية مجددًا

بعد أن أحيا «المدفعجية» آمالهم بتصدر المجموعة الأولى بدوري الأبطال

فينغر وابتسامة كانت غائبة (رويترز) - سانشيز .. مهاجم تعرف قدماه الطريق إلى المرمى (أ.ف.ب) - سانشيز وأوزيل.. ثنائي تألق مع آرسنال هذا الموسم («الشرق الأوسط») - فرحة تكررت كثيرا هذا الموسم للاعبي آرسنال (أ.ف.ب)
فينغر وابتسامة كانت غائبة (رويترز) - سانشيز .. مهاجم تعرف قدماه الطريق إلى المرمى (أ.ف.ب) - سانشيز وأوزيل.. ثنائي تألق مع آرسنال هذا الموسم («الشرق الأوسط») - فرحة تكررت كثيرا هذا الموسم للاعبي آرسنال (أ.ف.ب)
TT

آرسنال يستعيد هيبته الأوروبية مجددًا

فينغر وابتسامة كانت غائبة (رويترز) - سانشيز .. مهاجم تعرف قدماه الطريق إلى المرمى (أ.ف.ب) - سانشيز وأوزيل.. ثنائي تألق مع آرسنال هذا الموسم («الشرق الأوسط») - فرحة تكررت كثيرا هذا الموسم للاعبي آرسنال (أ.ف.ب)
فينغر وابتسامة كانت غائبة (رويترز) - سانشيز .. مهاجم تعرف قدماه الطريق إلى المرمى (أ.ف.ب) - سانشيز وأوزيل.. ثنائي تألق مع آرسنال هذا الموسم («الشرق الأوسط») - فرحة تكررت كثيرا هذا الموسم للاعبي آرسنال (أ.ف.ب)

رحل الفريق الإداري لآرسنال ولاعبوه عن استاد سانت جاكوب بارك، ملعب فريق بازل السويسري، دون إبداء أدنى إشارة إلى شعورهم بنشوة الانتصار. في الواقع، قضى المدير الفني لآرسنال آرسين فينغر الجزء الأكبر من الفترات اللاحقة للمباريات السابقة في تحذير لاعبيه أنه رغم المفاجأة التي حققوها بتصدر مجموعتهم في بطولة دوري أبطال أوروبا، فإن القرعة التي ستجرى الاثنين المقبل في مدينة نيون السويسرية قد تسفر عن مواجهة فريقه لخصم قوي في لقاءات دور الـ16.
من جهته، لمح لاعب خط وسط آرسنال الفرنسي لوران كوسيلني إلى أن الميزة الوحيدة التي خرج بها الفريق تمثلت في فرصة لعب مباراة العودة من الدور القادم على أرضه. ومن المعتقد أن القيمة الحقيقية لتصدر آرسنال للمجموعة الأولى تتضح من التداعيات التي شهدها استاد «بارك دي برينس». هناك، في معقل فريق باريس سان جيرمان، كان فريق العاصمة الفرنسية يكافح لفهم ما يدور داخل أرض الملعب وكيف حدث. كيف يمكن لفريق كثيرًا ما تفوق على آرسنال، على أرضه وخارج أرضه، على مدار العدد الأكبر من لقاءاتهم، وسجل هدفين على استاد الإمارات، ينتهي به الحال إلى المركز الثاني في المجموعة، الأمر الذي يثير الريبة إزاء هوية الكثير من الفرق المتصدرة لمجموعات أخرى.
من جانبه، كان يأمل مدرب باريس سان جيرمان الإسباني أوناي إيمري في أن تفلح هذه المسابقة في أن تمحو من الأذهان البداية البطيئة التي قدمها في باريس وإقناع الجميع بأنه الرجل المناسب لقيادة الفريق الفرنسي إلى المستوى التالي. ومع ذلك، أعرب المدرب عن «خيبة أمله»، معربًا عن حنقه إزاء عجز لاعبيه عن تحويل الفرص التي سنحت أمامهم إلى أهداف في مواجهة لودوغوريتس رازغراد البلغاري وانتهاء اللقاء بنتيجة 2 - 2 في الجولة الأخيرة من دوري أبطال أوروبا، وتنازله عن صدارة مجموعته لصالح آرسنال. فريق أمطر آرسنال شباكه بستة أهداف دون مقابل على أرضه - ولمح إلى أن باريس سان جيرمان كان يستحق تصدر المجموعة فقط لما قدموه من أداء رائع في لندن. وأعرب كل من لاعب خط وسط باريس سان جيرمان بليز ماتويدي والظهير الأيمن توماس مونييه والمهاجم إدنسون كافاني عن آراء مشابهة قبل مغادرتهم أرض الملعب.
أما رئيس نادي باريس سان جيرمان، ناصر الخليفي، فكان يناضل لإخفاء غضبه. وقال: «كان هدفنا تصدر المجموعة. وكنا متصدرين لها بالفعل قبل هذه المباراة. والآن، نشعر بإحباط شديد تجاه هذه المباراة ونتيجتها، وكذلك مستوى الأداء الذي قدمه لاعبونا. لقد أتيحت لنا الكثير من الفرص وارتكبنا خطأين دفاعيين. وعليه، خسرنا نقطتين ومعهما المركز الأول بالمجموعة».
وأضاف: «بالتأكيد تأهلنا للدور القادم، لكننا كنا نتوقع الفوز في هذه المباراة. وكنت أتوقع أكثر من هذا من لاعبينا. كل ما يمكننا فعله الآن ترك هذا الأمر وراء ظهورنا ومحاولة نسيانه والأمل في أن يقدموا أداءً أفضل. إلا أنني أؤكد على ثقتي الكبير في اللاعبين والمدرب».
بدا الشعور بخيبة الأمل واضحًا، حتى داخل نادي تقدم بشكل جيد نحو الأدوار اللاحقة بعدما أنهى دور المجموعات في المركز الثاني من قبل. أما آرسنال فإن بالتأكيد يشعر بالسعادة، على الصعيد غير المعلن على الأقل، لنجاحه في التفوق على مالكي باريس سان جيرمان الأثرياء ونجاحه في تصدر المجموعة بدلاً منهم، وإن كان هذا يحدث للمرة الثانية فقط على امتداد سبعة مواسم. وبالنسبة لفينغر، فإن الهدف التالي أمامه يتمثل في قيادة فريقه لما وراء دور الـ16 وذلك للمرة الأولى منذ بلوغهم دور الثمانية عام 2010 - عندما نجح برشلونة وليونيل ميسي في وقف مسيرتهم عند هذا الحد - ويتعامل فينغر حاليًا مع هذه المهمة بتفاؤل حذر.
وقال فينغر «لودوغوريتس فريق جيد وحقق نتيجة طيبة بالفعل (في باريس) ساعدتنا في تصدر المجموعة وهو ما كنا نرغب فيه».
وأضاف: «نفذنا المهمة بشكل مقنع..أعتقد أن (لوكاس) بيريز استغل الفرصة. هو لاعب هداف وأظهر اليوم براعته أمام المرمى».
وسجل لوكاس من قبل أمام نوتنغهام فورست في كأس رابطة الأندية الإنجليزية في سبتمبر (أيلول) الماضي لكنه شارك في عدد محدود من الدقائق بسبب إصابة بالكاحل.
من الواضح أن دور المجموعات حمل بعضًا من الأمل، ذلك أن آرسنال نجح في اجتياز الدور دونما هزيمة للمرة الأولى منذ موسم 2005 – 2006، عندما وصل إلى الدور النهائي، وقدم أداءً مبهرًا في مواجهة بازل الذي كثيرًا ما أذاق الأندية الإنجليزية الأمرين، ونجح في التفوق بوضوح على لودوغوريتس رازغراد على أرضه. إلا أن البلغاريين أثبتوا أنهم يشكلون عقبة أكبر في صوفيا. ومع ذلك، نجح آرسنال في تبديل النتيجة من هزيمة بنتيجة 2 - 0 إلى فوز بنتيجة 3 – 2، وخلال مباريات الدور الأول، قدم مسعود أوزيل أداءً رائعًا وشارك في سبعة أهداف إما بصنعها أو تسجيلها بالفعل، وكذلك جاء أداء أليكسس سانشيز ممتازًا.
في خط الوسط، هناك المزيد من الخيارات، حيث يبدي السويسري جرانيت تشاكا ثقة كبيرة، ويضفي لمسات قوة على الهجمات. أما ثيو والكوت فقد سجل هدفين بلندن في مرمى بازل، لكنه شارك لفترة وجيزة في لقاء الإياب باستاد سانت جاكوب بارك. وبالنسبة للوكاس بيريز فقد سجل ثلاثة أهداف من محاولاته الثلاثة لإحراز أهداف هناك. إلا أن المخاوف القائمة الآن تدور حول مستوى الأداء الذي سيقدمه لاعبو آرسنال أمام أندية النخبة الأوروبية، وليس الأندية المتواضعة مثل بازل ولودوغوريتس رازغراد. وقد كشفت مواجهة آرسنال لباريس سان جيرمان، النادي الذي يصل بانتظام إلى دور الثمانية وكثيرًا ما شكل خصمًا عتيدًا في مواجهة تشيلسي خلال الموسمين الماضيين، بعض المؤشرات في هذا الصدد.
حتى في هذه اللحظة، ما يزال النادي الفرنسي يعتبر نفسه منافسًا على البطولة ويجب أن يتعلم آرسنال سريعًا من المباراتين اللتين خاضهما أمام باريس سان جيرمان، اللتين لم يملك الفريق الإنجليزي الهيمنة عليهما. ويبقى أداء حارس مرمى آرسنال الكولومبي ديفيد أوسبينا على استاد بارك دي برينس واحدًا من أروع ما شهدته البطولة حتى الآن، وجاء أداء آرسنال على أرضه مبهرًا، خاصة مع نجاحه في تحويل هزيمة بنتيجة 1 - 0 إلى فوز بنتيجة 2 - 1.
من جهته، يدرك فينغر جيدًا أن مفتاح الفوز خلال الفترة المقبلة يكمن في دفع سانشيز وأوزيل لترك بصمة واضحة وطويلة الأمد داخل أرض الملعب، وتوفير الفرنسي لوران كوسيلني والألماني شكوردان مصطفى التأمين اللازم في الخلف. من دون تألق هذا الرباعي وتمتعهم بلياقة بدنية جيدة، فإن آرسنال ربما يبقى بعيدًا بعض الشيء عن كونه واحدًا من أفضل أندية أوروبا. ومن الممكن تغيير الكثير ما بين الآن ومارس ، لكن بالنظر إلى القرعة التي ستجرى يوم الاثنين الذي حدث الاثنين، هل هناك حقًا ما يستحق الخوف منه؟ بالنظر إلى التهديدات التقليدية، نجد أن بايرن ميونيخ واجه صعوبة في بعض الأوقات لشق طريقه بدوري أبطال أوروبا ويأتي في المركز الثاني في جدول ترتيب الدوري الألماني خلف لايبزيغ مفاجأة الموسم. حتى برشلونة، لم يعد بالقوة التي كان عليها من قبل وتفصله عن صدارة الدوري الإسباني في الوقت الراهن ست نقاط كاملة.
من جانبه، قال فينغر: «الأمر برمته سيعتمد على أي مستوى سيكون عليه برشلونة الذي ستواجهه. في الوقت الحاضر، لا يبدو الفريق في الصورة القوية التي تتعذر هزيمتها. لقد نجح مانشستر سيتي بالفعل في هزيمتهم. إلا أنه مثلما قلت من قبل، بحلول مارس (آذار) ستصبح جميع الفرق في صورة مختلفة تمامًا».
لن تتضح قيمة تصدر آرسنال ترتيب مجموعته بدوري أبطال أوروبا قبل سحب قرعة دور 16 يوم الاثنين المقبل ولكن الفوز 4 - 1 على بازل في الجولة الختامية لدور المجموعات برهن على أن الفريق الإنجليزي بدأ يستعيد هيبته القارية. ورغم اللعب 19 مرة متتالية في دور المجموعات خسر آرسنال في دور 16 في آخر ستة مواسم وباتت مشاركته في البطولة أقرب للشرفية. وبينما كانت فرق الصفوة أمثال برشلونة وريال مدريد وبايرن ميونيخ تصل إلى قرب نهاية الموسم وتركيزها ينصب على اللقب القاري كان اهتمام آرسنال عادة في تلك الفترة ينصب على البطولة المحلية.
ولا يكون تركيز آرسنال على الدوري الإنجليزي من أجل المنافسة على اللقب وإنما لمحاولة إنهاء الموسم ضمن فرق المربع الذهبي.
ولكن يبدو آرسنال أفضل حالا هذا الموسم، إذ خسر مرتين فقط في 23 مباراة خاضها في كل المسابقات. وجاء الهدف الثاني من أصل ثلاثية سجلها لوكاس بيريز الثلاثاء الماضي بعد 33 تمريرة في أطول تحضير لهدف في دوري الأبطال هذا الموسم.
ولم يتلق آرسنال أي خسارة في دور المجموعات لأول مرة منذ موسم 2005 - 2006 وتأهل لدور الـ16 متصدرا لمجموعته لأول مرة منذ 2011 - 2012.
وهذا سيعفي الفريق الإنجليزي من مواجهة برشلونة لكنه قد يواجه أسماء كبيرة حلت في المركز الثاني مثل بايرن ميونيخ وريال مدريد أو أخرى كبيرة مثل بروسيا دورتموند أو يوفنتوس أو أشبيلية. كما سيحظى آرسنال بمزية خوض لقاء إياب دور 16 على ملعبه للمرة الأولى منذ 2012، رغم أنه تجرع حينها هزيمة كبيرة 4 - صفر في ملعب سان سيرو ذهابا ما جعل مهمة الإياب مستحيلة. وقال فينغر مدرب «من الصعب معرفة (نتائج إنهاء دور المجموعات في الصدارة) ولكن تشعر أنك قمت بواجبك على ما يرام». وعلى بعض المستويات يأتي التوقف الشتوي لدوري الأبطال في توقيت غير مناسب لآرسنال.
ويقدم المهاجم التشيلي أليكسيس سانشيز - الذي سجل ثلاثة أهداف في الفوز 5 - 1 على وستهام يونايتد يوم السبت الماضي - أفضل مستوياته منذ انضمامه إلى النادي وكذلك يتألق مسعود أوزيل. وقال لوران كوسيلني قائد آرسنال إن فريقه يواصل نتائجه الجيدة. وأضاف: «كنا في حاجة لإنهاء دور المجموعات بصورة جيدة كي لا نشعر بالندم وبدأنا المباراة على نحو جيد وسجلنا هدفين مبكرين». وتابع: «حققنا فوزا جيدا بعد الفوز الكبير يوم السبت. من المهم إنهاء المجموعة في الصدارة لأننا سنخوض إياب دور 16 على ملعبنا».
وكان فينغر صرح أن فريقه لن يبيع لاعبيه سانشيز وأوزيل حتى إذا لم يتوصلا لاتفاق بتمديد التعاقد مع النادي. ويتبقى 18 شهرا على نهاية عقد سانشيز وأوزيل وذكرت تقارير أن المفاوضات ليست سلسة بسبب مطالبات تتعلق بقيمة الراتب وفي ظل رغبة آرسنال أيضا في عدم اجتياز سقف الأجور للإبقاء عليهما. وقال فينغر «سيستمر اللاعبان لمدة 18 شهرا على الأقل. نحن محترفون ونعمل حتى اليوم الأخير من عقودنا». لكن فينغر لم يقدم أي ضمانات على أن هذا الثنائي - الذي ساهم بشكل مؤقت في تقدم آرسنال للمركز الثاني وتصدر مجموعته في دوري أبطال أوروبا - سيستمر لفترة أخرى بعد انتهاء عقديهما. وقال فينغر: «لست الشخص الوحيد الذي يستطيع تحديد ذلك. يتبقى 18 شهرا على نهاية العقد وهما ملتزمان بتقديم أفضل أداء طوال فترة الوجود هنا. سنحاول تمديد عقديهما لكني لا أستطيع الحديث عن هذا الأمر في كل مؤتمر صحافي». وأضاف: «بغض النظر عما سيحدث سيستمر اللاعبان لمدة 18 شهرا ونتمنى أن تطول هذه الفترة». ويظهر سانشيز بشكل رائع في قيادة هجوم آرسنال وسجل 13 هدفا في 20 مباراة وتسبب في ابتعاد أوليفييه جيرو عن التشكيلة الأساسية. ويتألق أوزيل أيضا وسجل ثمانية أهداف في 19 مباراة.



من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
TT

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)

 

انتشرت الألعاب الإلكترونية في المغرب، لا سيما بين الشبان، كوسيلة للترفيه، وقضاء الوقت، لكن سرعة تطور هذه الألعاب شكلت لدى الدولة والمؤسسات المعنية رؤية أوسع بشأن أهمية هذا القطاع، وسبل الاستفادة منه، وتحويله لقطاع جاذب للاستثمار.

ومن بين النماذج الواعدة التي حققت خطوات ملموسة في هذا المجال أنس موسى (21 عاماً) ابن مدينة الحسيمة الساحلية الذي بدأ هاوياً قبل سنوات قليلة حتى استطاع أن يصل إلى نهائي كأس العالم لكرة القدم الإلكترونية 2024 في الرياض.

كذلك نجحت ابتسام فرحان، التي نشأت في حي شعبي بالدار البيضاء، في تحقيق منجز مغربي بمجال الألعاب الإلكترونية حين فازت بالمركز الأول في بطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية التي أقيمت في ليبيا شهر أغسطس (آب) الماضي.

وقالت ابتسام لوكالة (رويترز) للأنباء: «قرار الاحتراف جاء بشكل طبيعي بعدما لاحظت أنني قادرة على المنافسة في مستويات عالية، كنت دائماً أبحث عن التحديات، وعندما بدأت في تحقيق نتائج جيدة في البطولات، شعرت بأن هذا المجال يمكن أن يكون أكثر من مجرد هواية».

هذا الشغف المتزايد تردد صداه في أروقة المؤسسات والوزارات المعنية التي شرعت في وضع القواعد التنظيمية، وإقامة البطولات المحلية، وتأسيس منتخبات وطنية، مع الانفتاح على الاستثمار في البنى التحتية لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي للألعاب الإلكترونية، ليس على مستوى الممارسة فحسب، بل في مجال الابتكار، والبرمجة.

وفي هذا الصدد، تقول نسرين السويسي، المسؤولة عن تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل: «هذا الشغف ليس مجرد ظاهرة مؤقتة كما يعتقد البعض، بل هو تعبير عن جيل يبحث عن هوية رقمية خاصة به، سواء من خلال اللعب التنافسي الذي يجمع الملايين، أو من خلال الإبداع في تطوير الألعاب». وأضافت: «دورنا هو تحويل هذا الحماس إلى فرص عمل، وإنجازات ملموسة من خلال توفير البنية التحتية، والتدريب اللازم لهم ليصبحوا جزءاً من هذه الصناعة».

مبادرات حكومية

وتشيد نسرين بالمبادرات التي أطلقتها الدولة لدعم القطاع الناشئ، ومنها مشروع (مدينة الألعاب الإلكترونية) في الرباط الذي بدأ في الآونة الأخيرة بالشراكة مع فرنسا بهدف توفير منصات تدريبية وإبداعية حديثة، وخلق بيئة متكاملة لدعم صناعة وتطوير الألعاب.

وتستطرد قائلة: «نحن لا نبني مدينة الألعاب على أنه مجرد مبنى، أو مشروع عقاري، بل إنه جزء من استراتيجية متكاملة لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي في صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث ستكون هذه المدينة فضاء شاملاً يضم استوديوهات تطوير متطورة، ومساحات عمل مشتركة للمبرمجين، وورش عمل لمصممي الغرافيكس، وكتاب السيناريوهات، بهدف خلق 6000 فرصة عمل بحلول 2030، وإنتاج ألعاب بجودة عالمية تنافس في الأسواق الدولية، وتضع المغرب على الخريطة العالمية».

وتشرف نسرين أيضاً على (معرض المغرب لصناعة الألعاب الإلكترونية) الذي انطلق لأول مرة العام الماضي وجذب 250 مشاركاً في نسخته الأولى، لكن هذا العدد ارتفع إلى أربعة أمثال في النسخة الثانية، مما عكس اهتماماً متزايداً من المطورين المحليين والشركات الدولية.

قاعدة أوسع

تعمل الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية على تعزيز الجانب التنافسي بقيادة حسناء الزومي التي تقول إن «الاهتمام بالرياضات الإلكترونية في المغرب شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث لاحظنا زيادة كبيرة في عدد اللاعبين، والمسابقات، والجمهور الذي يتابع هذه الفعاليات، سواء بشكل مباشر، أو عبر الإنترنت».

وأوضحت أن بطولات مثل «البطولة» و«الدوري» نمت بشكل كبير، حيث ارتفع عدد المشاركين في «الدوري» من 180 لاعباً و21 جمعية إلى أكثر من 1200 لاعب و51 جمعية، مع زيادة الألعاب من اثنتين إلى سبع.

كما ترى اللاعبة ابتسام فرحان أن الألعاب الإلكترونية تتيح الفرصة للفتيات لإبراز إمكاناتهن، إذ تقول إن «مستقبل الرياضات الإلكترونية للنساء في المغرب واعد جداً، خاصة مع تزايد عدد اللاعبات المشاركات في البطولات المحلية والدولية».

وتعتبر أن فوزها ببطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية لم يكن مجرد إنجاز شخصي، بل بداية لتحفيز جيل جديد من اللاعبات إذ تسعى إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في الألعاب وتصبح نموذجاً يلهم الفتيات الأخريات لاقتحام هذا المجال.

الجانب الثقافي للألعاب

ولا تجذب الألعاب الإلكترونية اللاعبات في المغرب فحسب، بل اقتحمت الفتيات مجال البرمجة، والتصميم، ومنهن سلمى محضر التي تحلم بصنع ألعاب تعكس الروح والهوية المغربية.

وقالت سلمى: «لدينا اهتمام العديد من الشبان المغاربة الذين يريدون تحويل شغفهم إلى مهنة في تطوير الألعاب، أو ببساطة تعلم مهارات إنشاء ألعاب الفيديو، مما دفعهم للانضمام إلى مجتمعات تطوير الألعاب المخصصة، مثل مجموعة (مطوري الألعاب المغاربة)، مما أظهر أن المزيد من الشبان مهتمون بصناعة الألعاب، وليس فقط لعبها». وأضافت: «من تجربتي الشخصية، تمكنت من التعرف أكثر على جغرافية وتاريخ العديد من الدول، وأرى كيف يمكن للألعاب المغربية أن تتناسب مع هذه الصورة باستخدام ثقافتنا الجميلة، وتاريخنا الغني، وجمالنا المحلي في الألعاب».

وتابعت قائلة: «لماذا لا ننشئ لعبة عن عمارتنا في المدن القديمة مثل مراكش وفاس المعروفة بتصاميمها التفصيلية، والأسواق الملونة، والمعالم التاريخية، حيث يتبع اللاعب قصة جيدة بينما يزور أماكن تاريخية مثل مسجد الكتبية، ساحة جامع الفنا، قصر الباهية في مراكش، وجامعة القرويين، المدينة، والمدرسة البوعنانية في فاس».

وختمت بالقول: «لضمان نجاح عالمي للعبة... يجب أن تتابع اتجاهات الألعاب الحديثة، ما هو جديد في الصناعة، وتستمع إلى آراء اللاعبين في كل مراجعة للعبة لفهم ما حدث من خطأ، أو ما حدث بشكل صحيح... ببساطة، يجب أن تكون شخصاً مبدعاً، تحليلياً، صبوراً ومتفهماً».

سوق واعد

وبحسب التقديرات الرسمية تبلغ قيمة سوق الألعاب المغربية 2.24 مليار درهم (نحو 230 مليون دولار)، مع التطلع لمضاعفة هذه القيمة إلى خمسة مليارات درهم بحلول 2023.

ورغم التطور السريع، والانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية في المغرب، فإن ثمة تحديات تواجه القطاع الواعد من وجهة نظر المتخصصين.

ويقول الإعلامي المتخصص في الألعاب والرياضات الإلكترونية الطيب جبوج إن البنية التحتية للإنترنت في المغرب شهدت تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، لا سيما في المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، لكن لا تزال هناك تفاوتات في المناطق الريفية، أو الأقل تطوراً.

وأضاف أنه من أجل تحقيق نتائج أفضل مستقبلاً يحتاج الأمر إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتشجيع تدريب المواهب، والاستثمار في التدريب، والبحث، وإقامة أحداث رياضية إلكترونية منظمة تسمح بتوحيد مجتمع يتزايد عدده باستمرار.