البرلمان الياباني يصادق على اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي

رغم الغموض حول مستقبلها

تضم اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي 12 دولة وتمثل جزءاً من السياسة التجارية لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي (أ.ب)
تضم اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي 12 دولة وتمثل جزءاً من السياسة التجارية لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي (أ.ب)
TT

البرلمان الياباني يصادق على اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي

تضم اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي 12 دولة وتمثل جزءاً من السياسة التجارية لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي (أ.ب)
تضم اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي 12 دولة وتمثل جزءاً من السياسة التجارية لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي (أ.ب)

صادق البرلمان الياباني أمس الجمعة على اتفاقية تجارية رئيسية تهدف لإقامة منطقة تجارية بين دول المحيط الهادي، رغم أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب صرح بأنه سوف ينسحب من هذه الاتفاقية.
وقال ترامب الشهر الماضي إنه سوف ينسحب من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي في أول يوم يتولى فيه مهام منصبه، ووصف ترامب الاتفاقية التي تضم 12 دولة بأنها «كارثة محتملة لبلادنا» وذكر أنه سوف يسعى للتوصل إلى إبرام اتفاقيات تجارية ثنائية «عادلة» بدلا منها.
وصرح كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا، في ذلك الوقت، بأن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي «ليس لها معنى من دون الولايات المتحدة، فالتوازن الأساسي للمزايا سوف ينهار، كما أن إعادة التفاوض مستحيلة».
وتمثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي جزءا مهما من السياسة التجارية لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي.
ولا تعاني طوكيو كثيرا في علاقاتها التجارية بالعالم، فقد أظهرت بيانات رسمية نُشرت أول من أمس الخميس استمرار فائض ميزان الحساب الجاري لليابان للشهر رقم 28 على التوالي، بفضل انخفاض أسعار النفط وارتفاع قيمة الين أمام العملات الرئيسية الأخرى.
وذكرت وزارة المالية اليابانية في تقرير أولي أن ميزان الحساب الجاري هو مقياس أوسع نطاقا لحركة التجارة الخارجية للسلع والخدمات بالنسبة للدولة، قد سجل فائضا قدره 1.72 تريليون ين (15 مليار دولار) خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بزيادة نسبتها 22.7 في المائة عن الشهر نفسه من العام الماضي.
وبلغ فائض ميزان تجارة السلع اليابانية خلال أكتوبر الماضي 587.6 مليار ين، وتعتمد اليابان على استيراد النفط الخام والغاز الطبيعي المسال بكثافة وبخاصة منذ كارثة انفجار محطة فوكوشيما النووية عام 2011، وقرار وقف تشغيل كل محطات الطاقة النووية في البلاد، كما تعاني اليابان من فقر شديد في الموارد الطبيعية، وهو ما يجعلها تعتمد بشدة على استيراد المواد الخام.
وقال مصدر مطلع أول من أمس الخميس إن اليابان ستزيد حجم قرض من دون فائدة مقدم إلى طوكيو للطاقة الكهربية (تبكو)، الشركة المشغلة لمحطة فوكوشيما النووية المنكوبة، بأكثر من الثلث، إلى 14 تريليون ين (123 مليار دولار).
وأفاد المصدر أن زيادة القرض من تسعة تريليونات ين إلى 14 تريليون ين، تهدف إلى تغطية تكاليف التعويض وإزالة التلوث بالمناطق المحيطة بالمحطة.
ويهدد ارتفاع تكاليف أسوأ كارثة نووية منذ تشرنوبيل في 1986 قدرة تبكو على الاستمرار كمرفق كهرباء. وحتى فيما يخص الولايات المتحدة، لا تبدو العلاقات التجارية والاستثمارية اليابانية سيئة، فقد أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الثلاثاء الماضي أن شركة الاتصالات اليابانية «سوفت بنك» ستستثمر 50 مليار دولار في الولايات المتحدة.
وأضاف أن استثمارات الشركة اليابانية ستوفر نحو 50 ألف وظيفة جديدة، وجاء الإعلان بعد لقاء ترامب مع الملياردير ماسايوشي صن، الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة «سوفت بنك» في نيويورك.
وقال ترامب عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إن «ماسا أبلغني أنه لم يكن ليفعل ذلك (ضخ الاستثمارات في أميركا) لو لم نفز (أي ترامب) في الانتخابات».
ولم يصدر أي تأكيد من الشركة اليابانية، كما لم يقدم ترامب ولا صن أي تفاصيل محددة بشأن الاستثمارات المنتظرة.
وهناك تكهنات بإمكانية استثمار الشركة اليابانية التي تمتلك حصة أغلبية في شركة الاتصالات الأميركية «سبرنت» أموالها في صفقات استحواذ أو اندماج في السوق الأميركية، وقال صن بعد اجتماعه مع ترامب في «برج ترامب» بمدينة نيويورك إن الشركة ستستثمر في شركات جديدة.
يذكر أن «سوفت بنك» اشتركت مع صندوق استثمار مدعوم من الحكومة السعودية ومستثمرين آخرين في إنشاء صندوق برأسمال 100 مليار دولار للاستثمار في شركات التكنولوجيا في مختلف دول العالم، ولم يتضح ما إذا كانت الاستثمارات التي تحدث عنها ترامب اليوم مرتبطة بهذا الصندوق أم لا. وعلى المستوى الداخلي، وافقت الحكومة اليابانية أول من أمس الخميس على خطط إصلاح ضريبي للعام المالي 2017، ما يمهد الطريق إلى مراجعة نظام الإعفاء الضريبي الإجمالي للزوجين من أجل دعم الإقبال على العمل بنظام الدوام الجزئي وسط مساعي تقوية الاقتصاد.
وأشارت وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء إلى أنه من أهم الإصلاحات التي تمت الموافقة عليها للعام المالي التالي الذي يبدأ في أبريل (نيسان) المقبل رفع الحد الأدنى لإجمالي دخل الزوجين الذي يتطلب إخضاعه للضريبة، وتوحيد معدلات الضريبة على الجعة والمشروبات الشبيهة بالجعة، وأيضا تقديم إعفاءات ضريبية أكبر كمكافأة للشركات صغيرة ومتوسطة الحجم التي ترفع أجور العاملين بها. وقرر «الحزب الليبرالي الديمقراطي» وشريكه في الائتلاف الحاكم «كوميتو» رفع الحد الأدنى لإجمالي دخل الزوجين الذي يتطلب إخضاعه للضريبة إلى 1.5 مليون ين (13 ألف دولار)، من 1.03 مليون ين حاليا.
وتأتي هذه الإصلاحات في ظل تباطؤ نمو الاقتصاد الياباني، ومحاولات حكومية كثيرة لتنشيط الطلب. وأظهرت بيانات حكومية أول من أمس الخميس أن اقتصاد اليابان نما بمعدل سنوي 1.3 في المائة في الفترة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول) 2016، وذلك بعد تعديل نزولي عن قراءة أولية لمعدل نمو 2.2 في المائة.
وجاءت القراءة المعادلة أقل من متوسط التوقعات البالغ 2.4 في المائة في استطلاع رأي لخبراء الاقتصاد أجرته «رويترز».
ويعني هذا الرقم زيادة 0.3 في المائة على أساس فصلي مقابل قراءة أولية لنمو 0.5 في المائة، وتوقعات لمتوسط نمو 0.6 في المائة.
وقال اقتصاديون إن الحكومة اعتمدت سنة أساس جديدة لحساب الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما أدى لتغييرات في البيانات السابقة وجعل توقع الناتج المحلي الإجمالي المُعدل للربع الثالث أكثر صعوبة.



«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.