الخطوط الجوية الكولومبية تنظر في عروض بيعها

«إليوت» يتوسط في أكبر صفقة في مجال الخطوط الجوية خلال العام الحالي

واجهت «أفيانكا» الكثير من العراقيل المتعلقة بالأمان فقد فجرت احدى عصابات المخدرات طائرة عام 1989 وفي العام التالي تحطمت طائرة متجهة إلى نيويورك مما أسفر عن مقتل نحو 200 شخص في الحادثين
واجهت «أفيانكا» الكثير من العراقيل المتعلقة بالأمان فقد فجرت احدى عصابات المخدرات طائرة عام 1989 وفي العام التالي تحطمت طائرة متجهة إلى نيويورك مما أسفر عن مقتل نحو 200 شخص في الحادثين
TT

الخطوط الجوية الكولومبية تنظر في عروض بيعها

واجهت «أفيانكا» الكثير من العراقيل المتعلقة بالأمان فقد فجرت احدى عصابات المخدرات طائرة عام 1989 وفي العام التالي تحطمت طائرة متجهة إلى نيويورك مما أسفر عن مقتل نحو 200 شخص في الحادثين
واجهت «أفيانكا» الكثير من العراقيل المتعلقة بالأمان فقد فجرت احدى عصابات المخدرات طائرة عام 1989 وفي العام التالي تحطمت طائرة متجهة إلى نيويورك مما أسفر عن مقتل نحو 200 شخص في الحادثين

كانت المشاكل تتراكم خلال الصيف الحالي في «أفيانكا هولدينغز»، أو الخطوط الجوية الكولومبية، التي تعد ثاني أكبر خطوط جوية في أميركا اللاتينية.
بسبب عدم توافر السيولة النقدية الكافية كانت الشركة بحاجة إلى الحصول على أموال؛ وكان أحد الخيارات بالنسبة إلى الكثيرين في الشركة هو بيع جزء من الشركة. مع ذلك كان لدى رجل الأعمال جيرمان إفروموفيتش، أكبر مستثمر في الشركة المولود في بوليفيا والمحب للمغامرة، أفكار أخرى. وكانت شركة الخطوط الجوية هي الخيط الذي يربط بقايا إمبراطوريته، التي كانت يومًا ما قوية، وتعمل في النفط، والغاز، وأحواض بناء السفن، والفنادق، والملاحة الجوية معًا؛ ولم يكن ليستسلم من دون نضال.
أبدى عدد من الشركات منها خطوط «دلتا» الجوية، والخطوط الجوية المتحدة، وخطوط كوبا الجوية، اهتمامًا بشراء حصة من الشركة تتضمن حصة إفروموفيتش وشقيقه خوسيه، لكن أوضح الاثنان عدم استعدادهما للتخلي عن السيطرة، بحسب ما قال أشخاص مطلعون على المفاوضات. كثيرًا ما كان يختلف إفروموفيتش مع روبرتو كريت، ثاني أكبر مساهم في الشركة. وتصاعدت حدة التوترات في غرفة اجتماعات مجلس إدارة الشركة خلال الأشهر القليلة الماضية إلى حد وصل إلى الصراخ في بعض الاجتماعات.
مع ذلك كان هناك صراع على جبهة أخرى سوف يوحد الأطراف مرة أخرى. بعد رهانات إفروموفيتش الكبيرة في مجال الطاقة قبل زيادة أسعار النفط، كان إفروموفيتش على حافة التخلف عن سداد قروض قيمتها مئات الملايين من الدولارات؛ وكان المقرض هو بول سنغر، وصندوق التحوط الخاص به «إليوت ماندجمنت»، الذي يشتهر بمعركته التي دامت لعشر سنوات مع الأرجنتين على خلفية تخلفها عن سداد دينها. وكانت بعض الضمانات المقدمة حصة إفروموفيتش في «أفيانكا». ودفع هذا المسؤولين التنفيذيين في «إليوت» إلى الجلوس على طاولة المفاوضات خلال الأشهر القليلة الماضية، ولقاء المشترين المحتملين لشركة «أفيانكا»، والمشاركة في اجتماعات مجلس الإدارة، ومراقبة المقترضين. في نهاية الأسبوع الماضي، قدمت كل من شركة «دلتا»، والخطوط الجوية المتحدة، وخطوط كوبا الجوية عروض شراكة في «أفيانكا». وتلقى صندوق «إليوت» نسخًا من بعض تلك العروض على الأقل.
عرضت شركة الخطوط الجوية المتحدة تقديم قرض قيمته 500 مليون دولار إلى شركة «أفيانكا» وربما إلى أحد المستثمرين بها. وسعت شركة خطوط كوبا الجوية إلى عملية دمج تكون قيمة شركة «أفيانكا» طبقًا لها أكثر من ملياري دولار، أو إضافة بنسبة 150 في المائة إلى سعر السهم خلال الأسبوع الماضي؛ أما شركة «دلتا» فقد عرضت أكثر من مليار دولار نقدًا، يتم تخصيص الجزء الأكبر من المبلغ لشراء القسم الأكبر من مجموعة «سنيرجي غروب»، الذراع الاستثمارية لإفروموفيتش، في حين يتم تخصيص الجزء الباقي إلى شركة «أفيانكا». وتبلغ القيمة المقدرة في العرض المقدم من شركة «دلتا» 1.9 مليار دولار.
ومن المتوقع أن تجتمع لجنة خاصة من مجلس إدارة شركة «أفيانكا» يوم الثلاثاء من أجل اتخاذ قرار بشأن قبول أي من العروض، أو النظر في مجموعة أخرى من العروض. في حال التوصل إلى اتفاق، سوف يكون صندوق «إليوت» قد توسط في عقد واحدة من كبرى الصفقات في مجال الخطوط الجوية خلال العام الحالي. وتستند تفاصيل تلك المناقشات إلى مقابلات أجريت مع أشخاص مطلعين بشكل مباشر على الشركة، والمفاوضات، لكن غير مصرح لهم بالحديث علنًا. رغم ما واجهته شركة «أفيانكا»، ومقرّها في بوغوتا بكولومبيا، وثاني أكبر شركة في المنطقة بعد خطوط «لاتام» الجوية في تشيلي، من مشكلات مؤخرًا، تظل من الأصول الجذابة. ومن المتوقع أن تصبح أميركا اللاتينية أكبر سوق نامية في السفر من وإلى الولايات المتحدة على مدى العقدين الماضيين وذلك بحسب تقرير صادر عن إدارة الطيران الفيدرالية.
الخطوط الجوية الأميركية هي شركة الطيران الأميركية الوحيدة التي تتواجد بقوة في المنطقة. وقال ستيفن ترينت، محلل يغطي الطيران والنقل في أميركا اللاتينية لصالح شركة «سيتي غروب»: «لا يمتلك أولئك اللاعبون أي بصمة» في إشارة إلى الشركات الثلاث المقدمة للعروض إلى شركة «أفيانكا». ورفضت خطوط «دلتا»، والخطوط الجوية المتحدة التعليق على أمر الاتفاق، بينما لم ترد خطوط كوبا الجوية على الطلب الخاص بالتعليق. كذلك رفضت شركة «أفيانكا» التعليق، لكن أكد إيرنان رينكون ليما، الرئيس التنفيذي للشركة، خلال آخر مكالمة جماعية في نوفمبر (تشرين الثاني)، أن الوضع المالي لشركة «أفيانكا» كان أقوى منه عند بداية عملية تلقي العروض. وأضاف في مكالمة مع محللين: «منذ البداية عندما سعينا للعثور على شريك طويل المدى، لم نكن نسعى وراء المال، بل وراء الاستراتيجية، والمستقبل، والخدمة، والعالم».
في الوقت الذي يعد فيه إفروموفيتش وشقيقه عضوين من أعضاء مجلس الإدارة، هناك بعض التساؤلات بشأن ما إذا كانا لا يزالان يحتفظان بحصتيهما. وقال إفروموفيتش خلال مقابلة إن مجموعته «سنيرجي» تمتلك الحصة الأكبر من «أفيانكا»، ولم يعد هو مالك الحصة الأكبر من «سنيرجي»، مؤكدًا أن «ذلك قد تغير مع مرور الوقت». وأضاف قائلا: ليس علي تقاسم علاقتي بـ«إليوت»، ليس فقط مع «إليوت» بل مع الكثير من الصناديق. هذا هو عملي، مقرًا بعلاقته بـ«إليوت» قائلا: «إنها مشكلتي الخاصة».
وصرح إفروموفيتش لصحيفة «إيكونوميكو» اليومية، التي تغطي أخبار الأعمال في البرازيل، في سبتمبر (أيلول) بأنه تخلى عن أسهمه في «أفيانكا هولدينغز». وقال: «ليس لدي سهم واحد في شركة أفيانكا هولدينغز، فقد قدمت سنيرجي غروب جزءا من أسهمها في أفيانكا من أجل تمويل الطائرات وأمور أخرى». عندما سُئل عما إذا كان يمتلك حصة في «سنيرجي» قال: «ليس اليوم».
وظهر صندوق «إليوت»، الذي يُعرف بكونه مقاتلا أكثر من كونه دبلوماسيا، في «أفيانكا» نتيجة علاقة عمرها عقدين من الزمان تجمعه بإفروموفيتش، كشف عنها مسؤولون تنفيذيون للمرة الأولى لأعضاء مجلس إدارة شركة «أفيانكا» خلال الصيف الحالي.
لقد تخصص «إليوت» لفترة طويلة في المشاركة في ترتيبات معقدة خاصة بالديون، وأشهرها استثماره في دين الأرجنتين، الذي تخلفت عن سداده، وعلى مدى سنوات، ساعد «إليوت» في دعم توسع مجموعة «سنيرجي غروب» المملوكة لإفروموفيتش ماليًا. كذلك ساعد «إليوت» في تمويل هجوم إفروموفيتش على أحواض صناعة السفن البرازيلية من خلال سلسلة من القروض التي تم توفيرها لأصول أخرى في الإمبراطورية التي تشمل «أفيانكا». يصف العاملون في مجال الأعمال إفروموفيتش بالمغامر نظرًا لاستثماراته المتنوعة التي تتعدى حدود أميركا الجنوبية، وتشمل مجموعة متنوعة من الصناعات والمجالات من بينها الطاقة، وبناء السفن، والاتصالات. وأنشأ «سنيرجي غروب» مع شقيقه خوسيه من أجل العمل كأداة استثمار لكثير من مشروعاته.
منذ عقود واجهت شركة «أفيانكا» الكثير من العراقيل المتعلقة بالأمان، حيث فجرت شبكة «ميدلين كارتل» المهربة للمخدرات طائرة أعلى بوغوتا عام 1989، وفي العام التالي تحطمت طائرة متجهة إلى نيويورك مما أسفر عن مقتل نحو 200 شخص في الحادثين.
أدى ذلك إلى حدوث انهيار اقتصادي في شركة «أفيانكا»، وفي عام 2004 وجد إفروموفيتش فرصة للعودة، حيث وافق على شراء 75 في المائة من أسهم الشركة بسبب الإفلاس مقابل 64 مليون دولار، وكشفت شركة «سنيرجي غروب» مؤخرًا عن أن قيمة حصة نسبتها 52 في المائة في الشركة تبلغ 460 مليون دولار. وبعد خمس سنوات وافقت شركة «أفيانكا» على الاندماج مع «غروبو تاكا» مما يمثل وحدة بين أقدم شركتي طيران في أميركا اللاتينية. وتتحكم عائلة كريت في «تاكا» منذ ستينات القرن الماضي، وأصبحت واحدة من كبرى شركات الطيران في المنطقة. وصمدت العائلة في هذا المجال أثناء الحروب الأهلية، وفترات الاضطراب السياسي، التي شهدتها العقود القليلة الماضية، بل وأنشأت شركة لصيانة الطائرات تقدم خدماتها إلى الكثير من شركات الطيران الكبرى حول العالم.
وحصل كريت، وهو من السلفادور، على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من كلية بوسطن، وتولى إدارة الشركة بعد جده في ثمانينات القرن الماضي. ويعمل حاليًا مديرًا لشركة «أفيانكا»، ويعد ثاني أكبر مستثمر في الشركة بعد إفروموفيتش. وكان دمج شركتي إفروموفيتش وكريت معًا أمرًا محببا في البداية. وقال إفروموفيتش عند سؤاله عن علاقتهما إن كريت شريك جيد و«رجل يتمتع بخبرة في هذا المجال» مضيفًا أن إسهامه في مجلس الإدارة كان «إيجابيًا جدًا».
ووافق أكبر مساهمين في الشركة على طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام عام 2014 حيث تم إدراج أسهم الشركة في سوق نيويورك للأوراق المالية، وسوق كولومبيا للأوراق المالية، بقيمة تقدر بملياري دولار. وتقدر قيمة الشركة اليوم بنصف تلك القيمة. وبعد الاكتتاب العام بفترة قصيرة بدأت تسوء العلاقة بين الرجلين، حيث أدخل إفروموفيتش «أفيانكا» في صفقات مع بعض مشروعاته التجارية الأخرى فيما يعرف بالمعاملات مع طرف ذي صلة. وتعد مثل هذه الترتيبات قانونية طالما أنها تتم لصالح الشركة والمساهمين فيها. مع ذلك وجد بعض المساهمين أن تلك المعاملات التجارية تتضمن تبديد، وإهدارا للمال، واتهموا إفروموفيتش بدعم بعض مشروعاته الأخرى.
كان هناك شركة «إمبريسارياليس» للحافلات والتابعة لـ«سنيرجي» تقدم خدمة النقل البري للطيارين ومضيفي الطيران العاملين في الشركة. دفعت شركة «أفيانكا» مقابل خدمات لم تقدمها شركة «إمبريسارياليس» بالكامل، بحسب أشخاص مطلعين على مراجعة داخلية. كذلك كان هناك شركة تأجير طائرات تابعة لـ«سنيرجي» تأخرت في توصيل طائرتين من طراز «إيه 330». وبلغت تكلفة التأخير، وتكلفة تغيير الطائرات حتى تصبح مطابقة لمعايير شركة «أفيانكا»، 7.5 مليون دولار بحسب هؤلاء الأشخاص.
وقال كريت في مكالمة هاتفية: «بالنسبة لي يجب أن تكون المعاملات مع طرف ذي صلة بعيدة عن العلاقات الشخصية، فعندما تقوم الشركة بأمور مع جيرمان، لا تقوم بها مع أي أحد آخر، فهذه تكون معاملة ملوثة مع طرف ذي صلة». وهدد كل من كريت وإفروموفيتش بإقامة دعاوى قضائية ضد بعضهما البعض، لكن لم يفعل أي منهما ذلك بعد.
* خدمة «نيويورك تايمز»



«الفيدرالي» محاصر بين ضغوط خفض الفائدة وتصاعد الانقسامات

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» محاصر بين ضغوط خفض الفائدة وتصاعد الانقسامات

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

يدخل مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» اجتماعه الأخير لعام 2025 وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي. هذا الاجتماع لا يقتصر على تحديد مصير أسعار الفائدة في ظل انقسام حاد بين صانعي السياسة النقدية، بل يأتي قبل أشهر معدودة من تغيير رئاسة البنك المركزي الأميركي المقرر في مايو (أيار) المقبل، الأمر الذي يضع مصير السياسة النقدية الأميركية لعام 2026 وما بعده على المحك.

قرار صعب في ظل مؤشرات متضاربة

الاجتماع، الذي يستمر يومي الثلاثاء والأربعاء، يضع «الاحتياطي الفيدرالي» أمام خيارين متناقضين: إما خفض الفائدة للمرة الثالثة هذا العام لدعم سوق العمل المتباطئة، أم الإبقاء عليها مرتفعة لمواجهة التضخم المتصلب الذي لا يزال فوق المستهدف، البالغ 2 في المائة. الأمر الذي يتسبب بانقسام حاد بين صانعي السياسة النقدية.

كما أن هذا الاجتماع يأتي قبل كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب النقاب عن مرشحه لخلافة الرئيس الحالي لـ«الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول. إذ أعلن ترمب هذا الأسبوع، عن أنه سيكشف عن مرشحه لمنصب رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» القادم في أوائل عام 2026، ولمَّح إلى أنه يريد ترشيح كبير مستشاريه الاقتصاديين كيفن هاسيت (وهو من أكثر المطالبين بخفض الفائدة) ليحل مكان باول الذي تنتهي ولايته في مايو.

باول خلال مشاركته في سلسلة محاضرات جورج بي. شولتز التذكارية في جامعة ستانفورد (أ.ف.ب)

توقعات السوق

في الأسابيع الأخيرة، شهدت التوقعات حول قرار الفائدة في اجتماع اللجنة يومّي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول)، تقلبات حادة، لكنها استقرت حالياً. وتشير أسواق السندات الآجلة، وتحديداً أداة «فيدووتش» من مجموعة «سي إم إيه»، إلى أن احتمالات خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية تبلغ نحو 87 في المائة.

وفي حال إقرار هذا الخفض، سيكون الثالث على التوالي، ليصل نطاق سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى 3.50 في المائة - 3.75 في المائة.

معضلة الولاية المزدوجة

قرار اللجنة الفيدرالية يزداد تعقيداً؛ بسبب المهمة المزدوجة التي منحها الكونغرس للفيدرالي: تحقيق استقرار الأسعار، ومنع ارتفاع البطالة. البيانات الأخيرة التي أظهرت ارتفاع معدل البطالة إلى 4.4 في المائة ترجِّح كفة المطالبين بخفض الفائدة، لكن التضخم لا يزال أعلى من الهدف البالغ 2 في المائة.

الواضح أن الصورة الاقتصادية مشوشة بشكل غير عادي، فبعض المؤشرات تشير إلى نمو قوي ومخاطر تضخمية، بينما أخرى توحي ببداية تباطؤ اقتصادي. وزاد الإغلاق الحكومي في أكتوبر (تشرين الأول) التشويش على البيانات الرسمية، في الوقت الذي أثرت فيه السياسات التجارية والقيود على الهجرة سلباً على التوظيف، في حين دفعت التعريفات الجمركية الأسعار إلى الأعلى.

متداول في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

صراع الحمائم والصقور

هذا التضارب بين المؤشرات والضغوط المتنامية انعكس انقساماً حاداً داخل «الفيدرالي». ففي الخطابات العامة التي سبقت فترة الصمت المعتادة قبل الاجتماع، انقسم مسؤولو «الفيدرالي» إلى معسكرين رئيسيَّين:

فريق يرى أن التضخم هو الخطر الأكبر، ويجب الإبقاء على الأسعار مرتفعة.

فريق لديه ثقة أكبر بأن التعريفات الجمركية تمثل زيادة في الأسعار لمرة واحدة، وليست مصدراً للتضخم المستدام (وهو التعريف الحقيقي للتضخم).

هذا الانقسام يعني أن السوق قد تبالغ في توقعات الخفض، رغم أن تقرير التضخم الأخير الصادر يوم الجمعة، والذي أظهر ارتفاعاً أقل من المتوقع في سبتمبر (أيلول) عزَّز احتمالات الخفض.

باول يلقي كلمةً خلال سلسلة محاضرات جورج بي. شولتز التذكارية في جامعة ستانفورد (أ.ف.ب)

ترجيح كفة «الحمائم»

رغم أن باول كان واضحاً في أن خفض ديسمبر ليس «أمراً مُسلّماً به»، فإن كثيراً من المحللين يتوقعون أن تسود كفة «الحمائم» وأن يتم إقرار الخفض، مدعومين بارتفاع معدل البطالة، وضعف مقاييس نمو الوظائف الخاصة.

ويتوقَّع الخبراء أن يتمكَّن باول من إقناع الأعضاء المترددين بالتصويت لصالح الخفض، مقابل الإشارة القوية إلى أن التخفيضات المستقبلية ستكون محدودة، مما يعني فترة توقف طويلة بعد خفض ديسمبر.

ومن المقرر أن يصدر الفيدرالي «مخطط النقاط» (Dot Plot) لتوقعات أسعار الفائدة والاقتصاد، لكن لا يُتوقع تغييرات مادية عن توقعات سبتمبر.

تركيبة المجلس

يذكر أنه رغم أنه من المقرر أن يرأس باول 3 اجتماعات للجنة الفيدرالية في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) وأبريل (نيسان) قبل انتهاء ولايته، فإن ولايته محافظاً لبنك الاحتياطي الفيدرالي لن تنتهي حتى يناير 2028. وهو ما يعني أنه قد يكسر التقاليد ويبقى في بنك الاحتياطي الفيدرالي لسنوات أخرى عدة، وهو ما قد يثير استياء المكتب البيضاوي على الأرجح.

لكن ترمب قد يستفيد من مقاعد في اللجنة ليسمي موالين له. إذ من المقرر أن يتقاعد رئيس بنك أتلانتا الفيدرالي رفائيل بوستيك في فبراير (شباط) 2026، مما يمثل فراغاً إضافياً في اللجنة. في حين لا تزال هناك قضية المحافظة ليزا كوك، التي حاول ترمب عزلها، ومن المقرر أن تنظر المحكمة العليا في قضيتها في يناير، ما قد يفتح الباب لتعيين آخر يختاره البيت الأبيض.

آفاق عام 2026

رغم التوقعات الحالية التي تشير إلى فترة توقف طويلة بعد خفض ديسمبر، فإن المشهد قد يتغير جذرياً في منتصف العام المقبل إذا تولى كيفن هاسيت رئاسة «الاحتياطي الفيدرالي» خلفاً لجيروم باول. فهاسيت معروف بمواقفه الداعمة لخفض أسعار الفائدة بشكل أسرع، وهو ما يتماشى مع توجهات ترمب.

وبالتالي، في حال فوزه، فمن المرجح أن يدفع «الاحتياطي الفيدرالي» نحو مزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، حتى مع وجود مؤشرات على تحسن سوق العمل أو استمرار التضخم فوق المستهدف.

إذا تحقق هذا السيناريو، فإن التوقعات التي تشير حالياً إلى تخفيضين فقط في صيف 2026 قد تصبح متحفظة للغاية، إذ قد نشهد دورة جديدة من التيسير النقدي أكثر جرأة، ما سيؤثر على عوائد السندات، وأسواق الأسهم، وحتى الدولار الأميركي.


«لوبريف» تتلقى إشعاراً من «أرامكو السعودية» لتوريد اللقيم إلى مرفق جدة

شعار «أرامكو السعودية» على لافتة بأحد المصانع (رويترز)
شعار «أرامكو السعودية» على لافتة بأحد المصانع (رويترز)
TT

«لوبريف» تتلقى إشعاراً من «أرامكو السعودية» لتوريد اللقيم إلى مرفق جدة

شعار «أرامكو السعودية» على لافتة بأحد المصانع (رويترز)
شعار «أرامكو السعودية» على لافتة بأحد المصانع (رويترز)

تلقت شركة «أرامكو السعودية لزيوت الأساس» (لوبريف) إشعاراً رسمياً من «أرامكو السعودية» بشأن اتفاقية جديدة لتوريد اللقيم إلى مرفق الشركة بجدة، وستحل اتفاقية توريد اللقيم الجديدة محل الاتفاقية الحالية والتي من المقرر أن تنتهي في 28 أغسطس (آب) 2026.

وأوضحت الشركة في بيان على السوق المالية السعودية (تداول) أن الإشعار يأتي انسجاماً مع موافقة وزارة الطاقة على تخصيص اللقيم للمرفق، ما يمثل خطوة محورية تؤكد استمرار التعاون بين أرامكو السعودية ولوبريف، وبما يدعم الهدف الاستراتيجي المشترك المتمثل في استمرارية عمليات مرفق جدة لما بعد عام 2026.

وأضافت «لوبريف» أنه مع استمرار العمليات في مرفق جدة، ستواصل الشركة الحفاظ على طاقتها الإنتاجية القصوى الحالية البالغة 275 ألف طن متري سنوياً من زيوت الأساس من الفئة الأولى.

ومع استكمال مشروع التوسعة الثانية في ينبع، سترتفع الطاقة الإنتاجية القصوى الإجمالية للشركة إلى 1.53 مليون طن متري سنوياً.

وأكدت الشركة أنها ستعلن عن أي تطورات جوهرية فور الانتهاء من توقيع واعتماد الاتفاقية الجديدة وفق الأنظمة المعمول بها.

وأشارت «لوبريف» إلى أن نشرة الطرح الأولي كانت قد نصّت على خطط لإغلاق مرفق جدة بحلول منتصف 2026، إلا أن تخصيص اللقيم الجديد سيضمن استمرارية تشغيل المرفق بعد هذا التاريخ.


هل يواصل الذهب اندفاعه في 2026؟ 3 سيناريوهات تحكم مصيره بعد قفزة الـ60 %

سبائك ذهب وزنها أونصة واحدة معروضة بـ«ويتر كوينز» في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)
سبائك ذهب وزنها أونصة واحدة معروضة بـ«ويتر كوينز» في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)
TT

هل يواصل الذهب اندفاعه في 2026؟ 3 سيناريوهات تحكم مصيره بعد قفزة الـ60 %

سبائك ذهب وزنها أونصة واحدة معروضة بـ«ويتر كوينز» في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)
سبائك ذهب وزنها أونصة واحدة معروضة بـ«ويتر كوينز» في سان فرانسيسكو (أ.ف.ب)

شهد الذهب عام 2025 أداءً استثنائياً، وصفه تقرير توقعات الذهب لعام 2026، الصادر عن «مجلس الذهب العالمي» في ديسمبر (كانون الأول) 2025 بـ«الطفرة المدهشة». وحقَّق المعدن الأصفر عوائد تجاوزت 60 في المائة، مسجلاً ما يزيد على 50 رقماً قياسياً جديداً على الإطلاق.

هذا الأداء القوي جاء مدعوماً بمزيج من العوامل التي رسّخت مكانة الذهب ملاذاً آمناً: تصاعد حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، وضعف مستويات الدولار الأميركي، بالإضافة إلى الزخم الإيجابي في الأسعار، وفق ما جاء في تقرير «مجلس الذهب العالمي». وشهد عام 2025 زيادةً ملحوظةً في مخصصات الذهب، حيث كثف كل من المستثمرين والبنوك المركزية عمليات الشراء؛ بحثاً عن التنويع والاستقرار.

وبالنظر إلى عام 2026، يطرح التقرير سؤالاً محورياً يشكل توقعات المستثمرين: «هل يندفع الذهب للأمام أم يتراجع؟». ففي ظل استمرار حالة عدم اليقين الجيو-اقتصادي، ورغم أن التوقعات الأولية قد تبقي الأسعار في نطاق محدود إذا استمرّت الظروف الحالية، فإن العام المقبل يحمل في طياته «مفاجآت» قد تدفع الأسعار بقوة في اتجاهين متعاكسين، يتراوحان بين «الحلقة الكارثية» التي تدفع الأسعار للارتفاع، ونجاح سياسات إدارة ترمب الذي قد يهدد مكاسب الذهب.

طفرة عام 2025

لم يكن الأداء القياسي للذهب في عام 2025 مجرد صدفة، بل كان انعكاساً لتوجهات استثمارية عالمية. إذ دعمت حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي المتزايدة أداء الذهب بشكل قوي. كما أسهم تراجع الدولار الأميركي في جعل الذهب أكثر جاذبيةً للمشترين من العملات الأخرى. وأظهر كل من المستثمرين والبنوك المركزية زيادةً واضحةً في مخصصاتهم للذهب، حيث سعوا للحصول على التنويع والاستقرار في محافظهم الاستثمارية ضد تقلبات السوق.

ويشير تقرير «مجلس الذهب العالمي» إلى أن طلب القطاع الرسمي (البنوك المركزية) كان ولا يزال مساهماً كبيراً في أداء الذهب العالمي. وعلى الرغم من أن البنوك المركزية تراجعت قليلاً عن مستويات الشراء القياسية التي سجَّلتها في السنوات الـ3 السابقة، فقد استمرّت في عام 2025 بـ«موجة الشراء»، حيث بقي الطلب أعلى بكثير من المتوسط التاريخي.

ويُظهر التحليل أن البنوك المركزية تشتري الآن بمستويات مرتفعة بشكل هيكلي:

  • متوسط ما قبل «كوفيد» (2010 - 2019): كان الشراء الصافي في حدود 500 طن سنوياً.
  • متوسط ما بعد «كوفيد» (2020 - 2024): ارتفع بشكل حاد إلى نحو 800 طن سنوياً.
  • التقديرات السنوية لـ2025: تتراوح التقديرات بين 750 و 900 طن، مما يمثل استمراراً للزخم القوي.

رغم دورها بصفها قوةً داعمةً، يصنف التقرير البنوك المركزية بأنها «عامل مجهول» لأن عملية قرار الشراء غالباً ما تُملى بواسطة السياسة وليس ظروف السوق وحدها. لذلك، يمكن أن يتحول هذا العامل إلى ضاغط على الأسعار في 2026 في حالة واحدة، وهي سيناريو الخطر. إذ قد يؤدي تراجع كبير في مشتريات البنوك المركزية إلى مستويات تقع عند متوسط ما قبل «كوفيد» (أو أقل) إلى خلق ضغوط إضافية على سعر الذهب، خصوصاً في ظل حالة عدم اليقين السائدة.

امرأة هندية تجرب الحلي الذهبية بمتجر للمجوهرات في بنغالور (إ.ب.أ)

سيناريوهات ثلاثة في 2026

يشير تقرير «مجلس الذهب العالمي» إلى أن النظرة المستقبلية للذهب في 2026 تتشكَّل بفعل استمرار حالة عدم اليقين الجيو-اقتصادي، ويحدد 3 سيناريوهات رئيسية محتملة يمكن أن يتبعها سعر الذهب:

1- الانزلاق الضحل: مكاسب معتدلة

هذا السيناريو يمثل توقعات أكثر اعتدالاً، حيث يُتوقع أن يشهد الذهب مكاسب متوسطة. يحدث ذلك إذا تباطأ النمو الاقتصادي العالمي واستمرت معدلات الفائدة في الانخفاض. في هذه البيئة، سيعمل انخفاض الفوائد على تقليل جاذبية الأصول المدرة للعائد (مثل السندات)، مما يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب ويزيد من الطلب عليه بوصفه تحوطاً، دافعاً الأسعار للأعلى بشكل معتدل.

2- الحلقة الكارثية: اندفاع قوي للأسعار

هذا هو السيناريو الأكثر تفاؤلاً لمشتري الذهب، ويتمثل في حدوث تراجع اقتصادي أكثر حدة في عام 2026، يترافق مع تصاعد في المخاطر العالمية (سواء جيوسياسية أو مالية). في هذه الحالة، سيشهد الذهب أداءً قوياً جداً، حيث يتجه المستثمرون والبنوك المركزية بتركيز أكبر نحو المعدن الأصفر ملاذاً أخيراً.

3- العودة إلى التضخم: خطر التراجع

يمثل هذا السيناريو الخطر الأكبر على أداء الذهب. ويتحقَّق إذا أدت السياسات الاقتصادية التي تنفذها إدارة ترمب إلى نتائج ناجحة بشكل غير متوقع. هذا النجاح سيعمل على تسريع النمو الاقتصادي وتقليل المخاطر الجيوسياسية. ستؤدي هذه البيئة إلى رفع معدلات الفائدة وزيادة قوة الدولار الأميركي، وهما عاملان تاريخيان يؤديان إلى تراجع أسعار الذهب.

مفتاح اللغز في «المفاجآت»

على الرغم من الأداء القياسي لعام 2025، فإن «مجلس الذهب العالمي» يرى أن سعر الذهب قد يظل في نطاقه الحالي في بداية 2026 إذا ظلت التوقعات الاقتصادية ثابتة. ومع ذلك، فإن التحول الكبير في السعر سيعتمد على «المفاجآت» التي سيحملها العام الجديد.

لقد أثبت الذهب قدرته على عكس التوقعات في 2025، ومن المرجح أن يستمر في إظهار حساسية بالغة تجاه أي تغييرات غير متوقعة في مسارات النمو العالمي، واستجابة البنوك المركزية، خصوصاً في ظل استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي المحيطة بكثير من الملفات الدولية.