باريس ماضية في التحضير لمؤتمر سلام رغم معارضة تل أبيب

مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: حضور كيري «مؤشر إيجابي»

متظاهر فلسطيني يهرب لتحاشي الغاز المسّيل للدموع في مظاهرة إحتجاجية على المستوطنات في قرية كفر كضوم قرب نابلس (أ.ف.ب)
متظاهر فلسطيني يهرب لتحاشي الغاز المسّيل للدموع في مظاهرة إحتجاجية على المستوطنات في قرية كفر كضوم قرب نابلس (أ.ف.ب)
TT

باريس ماضية في التحضير لمؤتمر سلام رغم معارضة تل أبيب

متظاهر فلسطيني يهرب لتحاشي الغاز المسّيل للدموع في مظاهرة إحتجاجية على المستوطنات في قرية كفر كضوم قرب نابلس (أ.ف.ب)
متظاهر فلسطيني يهرب لتحاشي الغاز المسّيل للدموع في مظاهرة إحتجاجية على المستوطنات في قرية كفر كضوم قرب نابلس (أ.ف.ب)

مؤتمران دوليان ستستضيفهما باريس في أقل من أسبوعين: الأول، يوم السبت المقبل، وهو مخصص للحرب في سوريا، وسيضم الدول العشر المكونة لما يسمى «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة السورية، للنظر في كيفية مواجهة «استراتيجية الحرب الشاملة» التي ينفذها النظام بدعم من روسيا وإيران ومجموعة من الميليشيات المرتبطة بطهران. والمؤتمر الثاني سيكون أوسع نطاقا، وسيخصص للبحث في إمكانية العودة إلى مفاوضات السلام الفلسطينية - الأميركية، المتوقفة منذ ربيع عام 2014، بعد أن تخلى الوزير الأميركي، جون كيري، عن جهوده في دفع الطرفين المتنازعين لاستئناف التفاوض. ومن حيث المبدأ، فإن المؤتمر الثاني، الذي يفترض أن يضم ما لا يقل عن 50 دولة ومنظمة إقليمية ودولية، سيعقد قبل أعياد الميلاد المقبلة، ومن التواريخ المتداولة 21 أو 23 الشهر الحالي. بيد أن مصادر دبلوماسية قالت لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن المؤتمر سيُعقد حُكما لكن التاريخ النهائي «لم يحدد بعد». وأضافت هذه المصادر، إن الدعوات لم توجه رسميا حتى الآن، فيما يجري التواصل مع الأطراف الفاعلة للاتفاق على تاريخ يلائم الأكثرية.
حقيقة الأمر، أن أكثر من علامة استفهام ترسم حول مؤتمر السلام، لجهة حظوظ نجاحه، بعد المؤتمر الذي نظمته باريس واستضافته، أوائل يونيو (حزيران) الماضي. ووفق التصور الفرنسي الأساسي، فإن مؤتمر بداية الصيف، الذي جرى في غياب الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، كان «تمهيديا»، وأن المؤتمر المقبل كان يجب أن يحصل بحضور الطرفين المتنازعين. لكن رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي المطلق الاستجابة للدعوة الفرنسية، قطع خيط الأمل الذي كانت تتعلق به باريس. ولا تريد الدبلوماسية الفرنسية أن يحضر طرف ويغيب آخر، لذا، تركّز البحث في الأيام الأخيرة، على ترتيب صيغة تمكّن وزارة الخارجية الفرنسية من الدعوة إلى المؤتمر، على أن يجمع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونتنياهو، بعد المؤتمر في قصر الإليزيه، بغرض «إطلاعه» على ما يكون قد صدر عنه من توصيات.
اللافت في هذا الملف، أن خبر انعقاد المؤتمر في الأيام المقبلة جاء من إسرائيل، والمرجح أنه سُرب من مكتب السفيرة الفرنسية لدى تل أبيب، هيلين لوغال. ووفق ما نقلته صحيفة «لو فيغارو» في طبعتها ليوم أمس، عن مراسلها في تل أبيب، فإن لوغال اتصلت بمستشار نتنياهو لشؤون الأمن، لنقل دعوة هولاند، لكن مكتب نتنياهو لم يرد بعد بالإيجاب. ولذا، فإن باريس، التي أعلنت منذ شهور عن عزمها، في إطار مبادرتها للسلام، أن ينعقد المؤتمر الثاني قبل نهاية العام، تراهن على إعلان نتنياهو، أكثر من مرة، عن استعداده للقاء أبو مازن ثنائيا وفي أي مكان. من هنا، جاء مخرج دعوتهما معا إلى قصر الإليزيه لمرحلة ما بعد المؤتمر وليس للمشاركة فيه.
بيد أن المعضلة ليست في التمكن من الدعوة للمؤتمر، بل فيما قد ينتج عنه، وخصوصا في ظل إدارة أميركية منتهية ولايتها وتتهيأ للمغادرة (أوباما)، وإدارة لم تتسلم بعد مسؤولياتها (ترامب). وتعي المصادر الفرنسية، أنه «في غياب الدعم الأميركي، فلا شيء ممكن التحقيق في الملف الفلسطيني - الإسرائيلي». وأفادت هذه المصادر، بأن الوزير جون كيري «سيحضر المؤتمر»، وسيسبق ذلك منحه وساما رفيعا على يدي نظيره جان مارك إيرولت. وترى باريس في مشاركة كيري «علامة إيجابية» على استمرار اهتمام واشنطن بالملف الفلسطيني. وكانت جهات واسعة الاطلاع في الخارجية الفرنسية، قالت، سابقا، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «لا تستبعد» أن يطلق أوباما، في الفترة الفاصلة بين الانتخابات الرئاسية وتسلم ترامب «مبادرة جديدة»، قد تكون قرارا جديدا واضحا من مجلس الأمن الدولي، أو إعلانا رئاسيا، أو أي صيغة أخرى من شأنها أن «تثبت» صورة حل الدولتين ومحدداته. وتريد باريس مؤشرا على ذلك البيان شديد اللهجة الذي صدر عن كيري، قبل أيام، في «منتدى تسابان»، و(هو رجل أعمال أميركي يهودي من أشد مناصري إسرائيل)، وفيه انتقادات قوية للاستيطان الإسرائيلي ولمخاطره على حل الدولتين. ولذا، فإن باريس ترى أن من شأن مبادرتها «إراحة» واشنطن؛ لأنها توفر لها الفرصة للتعبير عن موقف «قوي». وبالتالي، فإن الجانب الفرنسي «لا يتخوف» من أن يضع الطرف الأميركي العصي في الدواليب، بل أن يكون مسهلا.
أما الأمر الآخر، الذي يجعل باريس مصرة على المؤتمر، على الرغم من حظوظه الضئيلة، فهو «تخوفها» من السياسة التي قد يسير عليها ترامب، والموالية تماما لإسرائيل، انطلاقا من تصريحاته المتكررة خلال حملته الانتخابية. ومما يثير القلق، الإعلان عن رغبته في نقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو ما امتنعت عنه الإدارات الأميركية كافة، جمهورية كانت أم ديمقراطية، منذ ضم المدينة المقدسة و«تشريع» المستوطنات الإسرائيلية على أشكالها في الضفة الغربية. إضافة إلى ذلك، لا تريد باريس أن يكون الملف الفلسطيني الذي غاب عن لائحة الأولويات منذ اندلاع ما سمي «الربيع العربي»، الضحية الدائمة لنزاعات الشرق الأوسط ولتقاعس الأسرة الدولية. ولذا، فإن باريس «مصممة» على إعادته إلى الواجهة، وعلى توفير الدعم الدولي لجهودها، علما بأنها هددت في الماضي، (قبل أن تتراجع لاحقا)، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية إذا باءت جهودها السلمية بالفشل.
منذ أن عهدت إليه مهمة التحضير للمؤتمر، جال السفير المجرب بيار فيمون، الذي شغل لخمس سنوات، منصب الأمين العام للجهاز الدبلوماسي الأوروبي في بروكسل، بعد أن كان سفيرا في واشنطن، على غالبية العواصم المؤثرة في الملف الفلسطيني - الإسرائيلي.
ومنذ اجتماع يونيو الماضي، جرى تشكيل ثلاث لجان لتقديم مقترحات في ثلاثة ميادين: المساعدات الممكن توفيرها للطرفين في حال التوصل إلى اتفاق، ودعم المؤسسات الفلسطينية، وأخيرا انخراط المجتمع المدني في البحث عن الحل السياسي. وكانت ثمة فكرة لجنة رابعة تهتم بالتدابير والإجراءات الأمنية المصاحبة لأي حل، لكن يبدو أنه جرى التخلي عنها.
مساء الخميس قبل الماضي، أكد هولاند، بمناسبة إعلان تخليه عن الترشح لولاية ثانية، أنه عازم على الاستمرار رئيسا ممارسا لصلاحياته «حتى آخر يوم» من ولايته. ويبدو أنه راغب في أن يترك وراءه «إرثا دبلوماسيا» يضاف إلى الحربين اللتين خاضهما في الساحل الأفريقي (مالي وأفريقيا الوسطى)، وفي الحربين الأخريين (العراق وسوريا)، وكلها تندرج في الحرب على الإرهاب.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.