غضب روسي من تصريحات ابن كيران حول تدخل موسكو العسكري في سوريا

المغرب يؤكد احترامه دور روسيا وقدرتها على تغيير مجريات الأحداث

غضب روسي من تصريحات ابن كيران حول تدخل موسكو العسكري في سوريا
TT

غضب روسي من تصريحات ابن كيران حول تدخل موسكو العسكري في سوريا

غضب روسي من تصريحات ابن كيران حول تدخل موسكو العسكري في سوريا

أكد المغرب احترامه دور روسيا في الملف السوري، وقدرتها على التحرك الميداني والتأثير على مجريات الأحداث في هذا البلد، وذلك ردا على تصريحات لعبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية المعين، انتقد فيها التدخل العسكري الروسي بسوريا، ما أغضب موسكو.
وأفاد بيان لوزارة الخارجية أن صلاح الدين مزوار وزير الخارجية استقبل بمقر الوزارة أول من أمس، سفير فيدرالية روسيا في الرباط فاليري فوروبييف، بطلب من هذا الأخير، وأن السفير الروسي عبر عن «انشغال موسكو على أثر تصريحات إعلامية منسوبة لمسؤول حكومي مغربي كبير، يتهم فيها روسيا بأنها مسؤولة عن تدمير سوريا».
وأوضح البيان أنه «ردا على ذلك، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون في البداية التزام المملكة المغربية بالحفاظ على العلاقات القوية مع فيدرالية روسيا، التي تعززت بالإعلان حول الشراكة الاستراتيجية المعمقة بين البلدين، المبرم بمناسبة الزيارة الملكية لموسكو في مارس (آذار) الماضي».
وكان ابن كيران قد قال قبل أسبوع لوكالة «قدس برس» إن «ما يجري من تصعيد عسكري من النظام السوري وحلفائه في حلب يدمي القلب، وغير قابل للفهم»، وحث ابن كيران روسيا على أن تكون قوة لحل الأزمة في سوريا لا أن تكون طرفا فيها، وقال بهذا الخصوص: «ما يفعله النظام السوري بشعبه مسنودا بروسيا وغيرها يتجاوز كل الحدود الإنسانية، ولا يمكن فهم أسبابه الحقيقية»، وأضاف متسائلا: «لماذا تدمر روسيا سوريا بهذا الشكل؟ كان يمكن لروسيا أن تتدخل لإيجاد حل للأزمة، وليس لتعميقها».
وسجل البيان أن الوزير ذكر بالموقف الواضح للمغرب حيال الأزمة السورية، الذي يرتكز بالأساس على أربعة عناصر؛ تتمثل في الالتزام من أجل حل سياسي يضمن استقرار سوريا ويحافظ على وحدتها الوطنية والترابية، والانشغال بالمآسي الإنسانية الخطيرة التي خلفتها الأزمة السورية، ويتعلق الأمر أيضا بالمبادرات الملموسة التي تم القيام بها، بتعليمات من الملك محمد السادس، بهدف التخفيف من معاناة الشعب السوري الشقيق، ولا سيما إقامة مستشفى ميداني بمخيم الزعتري منذ سنة 2012، والتسوية الاستثنائية لوضعية اللاجئين السوريين بالمغرب، ومنح مساعدة إنسانية مهمة. كما يرتكز موقف المغرب على القناعة بأن حل الأزمة السورية يتطلب انخراطا قويا للمجتمع الدولي، لا سيما القوى القادرة على التحرك الميداني والتأثير على مجريات الأحداث.
كما شدد البيان على أن المملكة المغربية تحترم دور وعمل فيدرالية روسيا بخصوص هذا الملف، كما هو الشأن بالنسبة لقضايا دولية أخرى، وأن وزير الخارجية المغربي أكد للسفير الروسي أن «المملكة المغربية باعتبارها دولة مسؤولة وذات مصداقية على الساحة الدولية، تحدد مواقفها الدبلوماسية الرسمية على ضوء القيم والمبادئ والمصالح التي تحكم سياستها الخارجية». وأشار المصدر ذاته إلى أن اتخاذ هذه المواقف الرسمية يأتي عقب تقييم عميق ومسلسل من التفاعل بانخراط عدد من الفاعلين والمؤسسات، وأنه لا يمكن لهذه المواقف بالنظر لتعقدها وخطورتها أن تكون محط ارتجال، أو أن تعبر عن وجهات نظر شخصية.
وخلص البيان إلى أن «الملك محمد السادس يبقى الضامن لثبات واستمرارية المواقف الدبلوماسية للمملكة المغربية ولاحترام التزاماتها الدولية»، في انتقاد ضمني لابن كيران بسبب اختراقه المجال الدبلوماسي للملك.
بدوره، انتقد محمد لقماني، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة المعارض، تصريحات ابن كيران، وكتب على موقعه في «فيسبوك»: «ماذا عسى صلاح الدين مزوار أن يفعل غير الاعتذار للسفير الروسي بالرباط، وطمأنته بأن تصريحات ابن كيران حول روسيا غير ملزمة للمغرب».
وتأتي تصريحات ابن كيران التي أغضبت موسكو لتزيد من متاعبه السياسية، وذلك بسبب حالة الجمود الذي تعرفها مشاورات تشكيل الحكومة وتعثرها، رغم مرور شهرين على الانتخابات التشريعية، حيث لم يتمكن ابن كيران بعد من تشكيل أغلبيته الحكومية بسبب الخلاف مع حزب التجمع الوطني للأحرار (37 مقعدا).
وحسم حزبان فقط؛ هما «التقدم والاشتراكية» وحزب «الاستقلال»، أمر مشاركتهما في الحكومة المقبلة، إلا أن ابن كيران في حاجة إلى 20 مقعدا إضافيا ليحصل على الأغلبية، وهو ما دفعه إلى أن يعرض على «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» الانضمام إلى التحالف الحكومي المقبل، إلا أن المشاورات بين الحزبين ما زالت تراوح في مكانها، فيما يطرح عدد من المحللين خيار التحكيم الملكي حلاً لتجاوز مأزق تشكيل الحكومة، لكن البعض يرى أن «الجواب الدستوري الممكن في حال تعذر تشكيل أغلبية حكومية هو حل مجلس النواب المنتخب، احتراما لمبدأ الأغلبية البرلمانية المقرر في دستور 2011».
وفي سياق منفصل، فقد ابن كيران والدته مفتاحة الشامي، التي وافتها المنية مساء أول من أمس، ثم ووري جثمانها الثرى أمس بمقبرة الشهداء في الرباط، بعد أن أقيمت عليها صلاة الجنازة بعد صلاة العصر بمسجد «الشهداء».
وتلقى ابن كيران العزاء في والدته أمس في بيته بالرباط من قبل قادة حزبه، وعدد من السياسيين من مختلف الأحزاب الذين حضروا أيضا مراسم تشييع جثمان الفقيدة إلى مثواها الأخير. وبعث الملك محمد السادس أمس ببرقية تعزية ومواساة إلى رئيس الحكومة.
وكان ابن كيران متعلقا جدا بوالدته، وقال في تصريحات سابقة إنها هي من دفعته إلى الاهتمام بالسياسة والشأن العام، وظلت تقدم له نصائح في هذا المجال. وكان لافتا، أمس، قيام السفير الروسي في الرباط بزيارة منزل ابن كيران لتقديم واجب العزاء له. ورأى مراقبون في خطوة السفير الروسي أن الرباط وموسكو تجاوزتا تداعيات تصريحات ابن كيران حول الدور الروسي في سوريا.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».