مصادر إيرانية لـ«الشرق الأوسط»: رحلة الطائرة الأميركية الغامضة رتبها البنك المركزي

بيع أصول مؤسسة إيرانية لصالح ضحايا الإرهاب

مصادر إيرانية لـ«الشرق الأوسط»: رحلة الطائرة الأميركية الغامضة رتبها البنك المركزي
TT

مصادر إيرانية لـ«الشرق الأوسط»: رحلة الطائرة الأميركية الغامضة رتبها البنك المركزي

مصادر إيرانية لـ«الشرق الأوسط»: رحلة الطائرة الأميركية الغامضة رتبها البنك المركزي

حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما من أن إيران ما زالت غير مفتوحة للتعاملات التجارية، على الرغم من تخفيف بعض العقوبات بعد الاتفاق النووي المبدئي. غير أنه في صباح يوم الثلاثاء الماضي، استقبلت إيران زائرا غير متوقع، إنه طائرة يمتلكها مصرف يوتا، الذي يتخذ من مدينة أوغدن بولاية يوتا مقرا له ولديه 13 فرعا في هذه الولاية. وتوقفت الطائرة، التي تحمل علم أميركيا صغير الحجم على ذيلها، في أكثر الأماكن وضوحا في مطار مهرآباد في العاصمة الإيرانية. غير أن الغموض يكتنف سبب زيارة تلك الطائرة إلى إيران. وحيث إن الكثير من الأنشطة التجارية الأميركية والأوروبية، في ما عدا القليل، محظورة في إيران، تزداد حالة الغموض المحيطة بتلك الطائرة.
وفي الوقت الذي تشير فيه سجلات الطيران الفيدرالية إلى أن الطائرة يمتلكها مصرف يوتا، يقول بريت كينغ، أحد الإداريين بالمصرف، إنه «ليست لدينا فكرة عن سبب وجود الطائرة في ذلك المطار». ويضيف كينغ أن مصرف يوتا يعمل كوكيل للمستثمرين الذين يمتلكون حصصا في الطائرة، مشيرا إلى أن المصرف بدأ تحقيقا في القضية.
وقالت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية إنها لا تمتلك معلومات عن المستثمرين في الطائرة أو الجهة التي تدير رحلاتها. واكتفى المسؤولون، الذين كانوا ينتظرون وصول الطائرة في مطار مهرآباد، بالقول إن الطائرة تعد «شخصية اعتبارية مهمة جدا». وسألت «الشرق الأوسط» مصادر إيرانية حول طبيعة رحلة هذه الطائرة فاكتفت بالقول إنها كانت في ضيافة البنك المركزي في رحلة تتعلق بترتيبات نقل نقد من الأموال التي جرى الإفراج عنها من أرصدة إيران التي كانت مجمدة ولم تحدد المصادر هوية ركاب الطائرة.
وكان مكتب الرقابة على الأرصدة الأجنبية في وزارة الخزانة الأميركية، الذي يتولى متابعة تطبيق العقوبات ضد إيران، امتنع عن التعليق على وجود الطائرة في الأراضي الإيرانية. وبموجب القانون الأميركي، فإن أي طائرة أميركية تحتاج موافقة مسبقة من وزارة الخزانة قبل التوجه إلى إيران من دون انتهاك حزمة من الضوابط التي تنظم الأعمال التجارية.
وفي حالة تلك الطائرة، التي تعمل بمحركات من صنع شركة جنرال إلكتريك الأميركية، ينبغي أن تمنح وزارة التجارة الأميركية موافقتها على دخول أجزاء أميركية الصنع إلى الأراضي الإيرانية.
كما امتنع المسؤولون الإيرانيون أيضا عن التعليق على الهدف من زيارة الطائرة أو الإفصاح عن هوية ركابها. وقال المتحدث باسم البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة، حامد بابائي، إنه «ليس لدينا أي معلومات في هذا الشأن، وأحيلكم إلى المالك».
وقد أصبح رصد مسار الطائرات لعبة عالمية كما يتضح من آلاف الصور الفوتوغرافية التي ينشرها مصورون هواة لطائرات قادمة وأخرى مغادرة في محاولتهم اقتفاء مساراتها. وفي حالة هذه الطائرة، جرى رصدها أثناء مغادرتها أحد مطارات زيوريخ تزامنا مع انعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. كما رصد مصور آخر مغادرة الطائرة من لندن إلى غانا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ولكن رحلة الطائرة هذا الأسبوع، التي رصدها مراسل «نيويورك تايمز» في طهران، لها مغزى خاص لأنها كانت في إيران، البلد الذي ما زال منبوذا من النظام المالي العالمي.
وقال مسؤولون فيدراليون سابقون، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، إن وجود طائرة تحمل العلم الأميركي على أرض مطار إيراني في وضح النهار يعني أنه جرى الموافقة على الرحلة بوصفها رحلة تجارية مشروعة. ويضيف المسؤولون أن الأكثر من ذلك أنه من المستبعد أن تكون الطائرة، التي جرى التعرف عليها بمنتهى السهولة، في مهمة دبلوماسية سرية.
ويزداد الغموض الذي يكتنف مهمة الطائرة تعقيدا بسبب ضوابط الطيران الفيدرالية، التي تجعل من المستحيل عمليا تحديد هوية الجهة التي تسير الطائرة.
وتخضع الطائرات الخاصة، مثل آلاف الطائرات الأخرى، لملكية وكيل، وهو عبارة عن صندوق يجري إنشاؤه لمساعدة رجال الأعمال الأجانب والشركات على الاستثمار في طائرات يمكنها العمل بحرية في أجواء الولايات المتحدة. ويعد الصندوق – وهو مصرف يوتا في حالة الطائرة محل النقاش – هو الكيان الوحيد المسجل كمالك في قاعدة بيانات واسعة خاضعة لإشراف إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية.
وحسب مراجعة قامت بها «نيويورك تايمز» لقاعدة البيانات تلك، يمتلك مصرف يوتا 1.169 طائرة مسجلة، تتراوح بين طائرات «بوينغ 747s» وطائرات «سيسنا» ذات المحرك الواحد. ويمتلك صندوق مصرف يوتا طائرات أكثر من أي مصرف أميركي آخر.
ويضيف كينغ أن المصرف لا يمتلك «رقابة تشغيلية» أو أي حقوق لـ«كشف المعاملات المالية» لأي من تلك الطائرات.
ويشير كينغ إلى أنه ليس مسموحا له أن يكشف عن هويات المستثمرين في تلك الطائرات، مضيفا: «كجهة مؤتمنة، يجب علينا أن نحافظ على المعلومات السرية عندما يتعلق الأمر بالجهة المنتفعة».
وبينما تسمح تلك الصناديق للمشاهير ومديري الشركات بالسفر بشكل سري، تساعد أيضا في إخفاء هوية من يديرون أساطيل الطائرات الكبيرة.
وكان الدور المموه الذي تمارسه المصارف الأميركية في ملكية طائرات خاصة اتسع رغم الضوابط المالية لمراقبة أنشطة وول ستريت، وخاصة بعد الأزمة المالية عام 2008.
وتخضع التعاملات المصرفية مع إيران لمراقبة غير عادية من جانب حكومة الولايات المتحدة، كجزء من عملية واسعة تسعى لإحباط تدفق الأموال إلى الأفراد والدول الأجنبية التي يقول عنها المسؤولون الأميركيون إنها ترتبط بالإرهاب.
وعلى سبيل المثال، توصل مصرف إتش إس بي سي إلى تسوية غير مسبوقة بلغت 1.92 مليار دولار مع السلطات الفيدرالية في عام 2012 بعد اتهامه بتحويل مليارات الدولارات لحساب إيران وتمكين عصابات مخدرات مكسيكية من نقل أموال غير مشروعة عبر فروع البنك في الولايات المتحدة.



تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
TT

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ. في حين نفت إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية ادعاءات تُروِّجها بعض الدوائر وأحزاب المعارضة عن أعداد تفوق الـ10 ملايين لاجئ، مؤكدة أن هذه الأرقام غير صحيحة.

وكشفت الإدارة في بيان، السبت، أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا يبلغ مليونين و935 ألفاً، بمن في ذلك الأطفال المولودون في البلاد، والذين يجري تسجيلهم في نظام البيانات من قِبَل المديريات الإقليمية لإدارة الهجرة، وتصدر لهم وثائق الحماية المؤقتة (كمليك) التي تحتوي على رقم الهوية.

وجاء البيان ردّاً على مزاعم من قِبَل صحافيين وناشطين أتراك على منصات التواصل الاجتماعي، مفادها أن الإحصاءات الصادرة عن الحكومة حول أعداد اللاجئين غير صحيحة، وأن الأطفال السوريين حديثي الولادة لا يُسجلون في نظام إدارة الهجرة.

وترددت هذه المزاعم، بعدما قال وزير الداخلية، علي يرلي كايا، إن 731 ألف سوري لا نعلم عنهم شيئاً، وليسوا موجودين في العناوين المسجلين عليها، في حين قام أكثر من 580 ألفاً آخرين بتحديث عناوينهم.

مخيم للاجئين السوريين في جنوب تركيا (أرشيفية)

وأضاف أن السوريين الذين لن يحدثوا عناوينهم حتى نهاية العام لن يتمكنوا من الاستفادة من الخدمات العامة في تركيا.

وكانت تركيا قد استقبلت أكثر من 3.7 مليون سوري بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلادهم عام 2011.

وفي كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الداخلية لعام 2025 في لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، الخميس، قال يرلي كايا: «إن 150 ألفاً و327 سورياً لم يتلقوا أي خدمة من مؤسساتنا العامة لمدة عام على الأقل، أي أنهم ليسوا هنا، واكتشفنا أنهم عبروا إلى أوروبا، وأزلنا سجلاتهم من نظام إدارة الهجرة».

وذكر أنه بعد عمليات التحقق من العناوين، وجد أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة انخفض إلى مليونين و935 ألفاً و742 سوريّاً، لافتاً إلى أن إجمالي عدد الأجانب في تركيا يبلغ 4 ملايين و174 ألفاً و706 أجانب، منهم مليون و32 ألفاً و379 يحملون تصريح إقامة، و206 آلاف و585 تحت الحماية الدولية.

وأضاف وزير الداخلية التركي أنه «لضمان العودة الطوعية والآمنة والكريمة لأشقائنا السوريين إلى بلدهم، فإننا نقوم بتنفيذ خطة لتهيئة الظروف اللازمة للعودة، وخلال العام الحالي عاد 114 ألفاً و83 سوريّاً إلى بلادهم طوعاً، في حين عاد 729 ألفاً و761 إلى بلادهم طوعاً بين عامي 2016 و2024».

وزير الداخلية التركي متحدثاً عن أوضاع السوريين خلال اجتماع بالبرلمان (حسابه في «إكس»)

ويثير ملف اللاجئين السوريين جدلًا حادّاً في الأوساط السياسية بتركيا، وخلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2023، ركَّزت بعض أحزاب المعارضة، في مقدمتها حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، حملاتها الانتخابية على التخلص من مشكلة اللاجئين السوريين، كما برزت أحزاب قومية أظهرت مناهضة للسوريين، أهمها حزب النصر، الذي يتزعمه أوميت أوزداغ.

ودفعت ضغوط المعارضة وتصاعد مشاعر الغضب ومعاداة السوريين بالمجتمع التركي، الحكومة إلى تنفيذ حملات للحد من وجود المهاجرين غير الشرعيين، وترحيل مخالفي شروط الإقامة.

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 الحكومة التركية بإجبار اللاجئين السوريين على العودة تحت تهديد السلاح، وعلى توقيع أوراق بأنهم اختاروا العودة الطوعية.

وبدورها، تنفي الحكومة التركية الاتهامات بشأن اعتقال وترحيل مئات اللاجئين السوريين تعسفيّاً، وتقول إنهم اختاروا العودة الطوعية إلى بلادهم.

في سياق متصل، عاقبت محكمة تركية العميد بالجيش التركي المحال على التقاعد، بلال تشوكاي، بالسجن 11 سنة و6 أشهر، بتهمة تهريب سوريين إلى تركيا عبر الحدود باستخدام سيارته الرسمية.

وألقي القبض منذ أشهر على تشوكاي وعدد من مساعديه في منطقة أكتشا قلعة بولاية شانلي أورفا، الواقعة على الحدود مع منطقة تل أبيض بريف الرقة؛ حيث كان قائداً لوحدة عسكرية تركية على الحدود، وجرى تسريحه وسحب رتبه العسكرية، بعدما أظهرت التحقيقات تورطه وضباط آخرين ضمن شبكة لتهريب البشر، قامت باستثمار الأموال الناتجة عن أنشطتها غير القانونية في مشروعات تجارية.

الحكم بسجن العميد المحال للتقاعد بلال تشوكاي لتورطه في تهريب سوريين عبر الحدود (إعلام تركي)

من ناحية أخرى، أصدرت محكمة تركية حكماً بالسجن المؤبد المشدد 3 مرات على المواطن التركي كمال كوركماز، بعد إدانته بإشعال حريق متعمد في موقع بناء بمنطقة جوزال بهشه في إزمير عام 2021، ما أدى إلى وفاة 3 عمال سوريين. وطالبت منظمات حقوقية بمحاسبته على أفعاله الوحشية، وفق وسائل إعلام تركية.

وطلب المدعي العام في إزمير الحكم على المتهم بالسجن المؤبد المشدد مقابل كل ضحية بشكل منفصل، لقتله العمال السوريين الثلاثة بطريقة وحشية وحرقهم، وكذلك الحكم عليه بتهمة إلحاق الضرر بالممتلكات الخاصة، لإشعاله النار في المكان الذي كان يُستخدم سكناً للعمال.