نتائج اجتماع «النواة الصلبة» بباريس مرهونة بالاتصالات الأميركية الروسية في جنيف

فرنسا تتساءل عن «التقارب» بين واشنطن وموسكو في موضوع انسحاب مقاتلي المعارضة

نتائج اجتماع «النواة الصلبة» بباريس مرهونة بالاتصالات الأميركية الروسية في جنيف
TT

نتائج اجتماع «النواة الصلبة» بباريس مرهونة بالاتصالات الأميركية الروسية في جنيف

نتائج اجتماع «النواة الصلبة» بباريس مرهونة بالاتصالات الأميركية الروسية في جنيف

تجهد الدبلوماسية الفرنسية للتحضير لاجتماع دول «النواة الصلبة» الداعمة للمعارضة السورية يوم السبت المقبل، وسط معطيات ميدانية وسياسية سلبية للغاية بالنسبة لهذه المعارضة، وشعور ملح بالحاجة لـ«إخراجها» من الوضع الذي حشرت فيه. وقررت باريس دعوة الدكتور رياض حجاب، رئيس الهيئة العليا للمفاوضات «المعارضة» إلى الاجتماع الذي ستحضره البلدان العشرة التي تتكون منها النواة الصلبة «الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، إيطاليا، المملكة العربية السعودية، تركيا، الأردن، قطر، والإمارات»، إضافة إلى فدريكا موغيريني، «وزيرة» الخارجية الأوروبية.
بيد أن السؤال الذي يعتمل الدبلوماسية الفرنسية يتناول بالطبع ما يمكن «توقعه» عمليًا من الاجتماع المذكور، في الوقت الذي ترى فيه مصادرها أن التحالف الروسي الإيراني والنظام السوري والميليشيات التابعة له، ماض في «الحل العسكري» في حلب، وأنه راغب في إقفال ملفها قبل تسلم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهماته الدستورية في العشرين من الشهر المقبل.
ومشكلة باريس كما تقول مصادرها، أنه عليها «انتظار ما ستسفر عنه الاتصالات الأميركية الروسية» التي أعلن عنها الوزير سيرغي لافروف والمنتظرة اليوم أو غدا في جنيف. وقالت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط»، إن باريس «لا تعرف تمامًا الخطط الأميركية وما هو الخط الذي ستدافع عنه واشنطن في هذه الاجتماعات»، علما بأن الجانب الروسي، وفق لافروف نفسه، قال بوضوح ما يتوقعه منها. وبحسب الوزير الروسي، فإن المحادثات تهدف إلى «توفير كل السبل من أجل خروج كل مقاتلي المعارضة من أحياء شرق حلب»، بما في ذلك «المسالك والمهل الزمنية». وعندها فقط يمكن أن تبدأ الهدنة. وذهب لافروف إلى أبعد من ذلك عندما ذكر أن كيري أرسل مقترحاته بشأن مسارات وتوقيت الانسحاب، ما يؤشر إلى «تقارب» في الرؤيتين الأميركية والروسية. وبدا لافروف «واثقًا» من إمكانية توصل الطرفين الأميركي والروسي إلى «اتفاق» بشأن انسحاب كل المقاتلين من شرق حلب. لكن باريس تتساءل عن صحة هذا التقارب بين الجانبين وعما يمكن أن تكون واشنطن قد حصلت عليه من المعارضة السورية المسلحة؟
هذا الموقف يفسر، بحسب المصادر الفرنسية، موقف روسيا من مشروع القرار الثلاثي الذي تقدمت به مصر ونيوزيلندا وإسبانيا الذي يدعو إلى هدنة من سبعة أيام «قابلة للتجديد»، وإلى إدخال المساعدات الإنسانية. وقد عمد لافروف إلى إجهاضه سلفًا بقوله إنه «استفزازي»، كما أنه «يطيح بالجهود الأميركية الروسية». ووفق الوزير الروسي، فإن مشروع القرار المشار إليه ستكون له نتائج «عكسية»؛ لأنه سيسمح لقوات المعارضة بالتقاط أنفاسها، ما سيجعلها ترفض الخروج من شرق حلب. وتلاحظ المصادر الفرنسية أنه بعدما كانت روسيا تطالب بفصل مقاتلي جبهة فتح الشام عن باقي قوات المعارضة، فإنها أخذت تطلب حاليًا خروج كل المقاتلين، ما يعني أنها «تبنت كليا موقف النظام» الذي رفض منذ الأساس أية صيغة تسمح للمعارضة المسلحة الوجود في حلب أو بقاء الإدارة المدنية التي أقامتها. وسبق لوزير الخارجية وليد المعلم أن أبلغ هذا الموقف للمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا في زيارته الأخيرة الفاشلة إلى دمشق. وتضيف المصادر الفرنسية أن كل «التنازلات» التي قدمها معدو مشروع القرار لدفع موسكو إلى الامتناع عن اللجوء إلى حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي، ذهبت سدى، بما في ذلك وجود بند يقول إن «وقف النار لا يسري على جبهة فتح الشام أو التنظيمات الإرهابية الأخرى»، ما يدلل بشكل قاطع، بحسب باريس، على عزم موسكو حسم وضع حلب عسكريًا و«استثماره» لاحقًا على طاولة المفاوضات في جنيف، في حال أعيدت الحياة إليها.
تعتبر الأوساط الفرنسية أن ضعف الدعم المقدم حاليا للمعارضة السورية ليس مصدره فقط الانخراط الروسي المكثف في الحرب، بل يرتبط كذلك بعوامل خاصة بدول مجموعة «النواة الصلبة»، وأولها الولايات المتحدة الأميركية. وجدير بالذكر أن زيارة الوزير جون كيري لأوروبا هذا الأسبوع ترجح أن تكون الأخيرة له قبل أن يترك وزارة الخارجية. ولذا، فالسؤال المطروح يتناول مدى قدرة الإدارة الأميركية على تنفيذ الالتزامات التي قد يتعهد بها كيري أو مدى التزام الإدارة المقبلة بها. وما يصح على واشنطن يصح أيضًا على باريس الغارقة في لعبة الانتخابات التمهيدية والمقبلة على تعديل في الحكومة الحالية، وكذلك على بريطانيا المشغولة بتدبير خروجها من الاتحاد الأوروبي. أما إيطاليا، فإنها ولجت، عقب استفتاء الأحد، أزمة سياسية ستحد من تحركها الخارجي الهامشي أصلاً. ولذا لا يبقى في الميدان سوى الدول الخليجية الثلاث «السعودية، الإمارات وقطر» والأردن وتركيا. والسؤال الخاص بها يتناول قدرتها على التحرك «الأحادي» بعيدًا عن الغطاء الأميركي - الغربي خصوصًا أنها ليست في مواجهة قوة إقليمية فقط «إيران»، بل أيضا دولة عظمى «روسيا».
حتى الآن، تقول أوساط الخارجية الفرنسية إنها «غير قادرة» على إعطاء ثبت دقيق بمستوى حضور الاجتماع الوزاري السبت المقبل. والحال أن مستوى الحضور يمكن أن يكون مؤشرًا للجدية التي ينظر فيها للاجتماع الذي يأتي في سياق بالغ الصعوبة. وإذا كان من الصعب توقع الإجراءات العملية التي يمكن أن يقررها المجتمعون، فإن باريس تسوقها في إطار «الضغوط السياسية» التي تمارس على موسكو إن في مجلس الأمن أو في الجمعية العامة أو في باريس. والغرض الأول السعي لمعالجة الوضع الإنساني في حلب الذي لم تجاوز كل الحدود عن طريق التركيز عليه. ثم إن أحد أغراض الاجتماع «ملء الفراغ الدبلوماسي والسياسي» المتأتي عن تراجع الدور الأميركي في الملف السوري وإعادة «تعبئة» المجتمع الدولي، وتأكيد الحاجة لحل سياسي يبدو اليوم أنه قد بعد أكثر من أي يوم مضى.
يبقى التساؤل المشروع: هل هذا التحرك سيكون له تأثير ما إنساني وميداني وسياسي؟ الجواب يفترض أن يأتي من موسكو، التي صمّت حتى الآن أذنيها عن سماع نداءات الأسرة الدولية. فهل سيتغير اليوم أداؤها؟



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.