الناطق باسم {البنيان المرصوص}: ما زلنا نواجه {داعش} في سرت

5 كتائب تهاجم مقر كتيبة الإحسان المحسوبة على الجماعة الليبية المقاتلة

أطفال هربوا من مناطق كان «داعش» يسيطر عليها في سرت يتلقون العلاج بمصراطة أول من أمس (رويترز)
أطفال هربوا من مناطق كان «داعش» يسيطر عليها في سرت يتلقون العلاج بمصراطة أول من أمس (رويترز)
TT

الناطق باسم {البنيان المرصوص}: ما زلنا نواجه {داعش} في سرت

أطفال هربوا من مناطق كان «داعش» يسيطر عليها في سرت يتلقون العلاج بمصراطة أول من أمس (رويترز)
أطفال هربوا من مناطق كان «داعش» يسيطر عليها في سرت يتلقون العلاج بمصراطة أول من أمس (رويترز)

نفى العميد محمد الغصري الناطق الرسمي باسم الموالية لحكومة الوفاق الوطني الليبية المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، أن تكون القوات التي تحارب تنظيم داعش في مدينة سرت الساحلية نجحت في فرض سيطرتها بالكامل على المدينة والقضاء على المتطرفين بداخلها. وقال الغصري لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات خاصة عبر الهاتف أمس: «ما زالت قواتنا تخوض معارك.. لدينا بعض المشكلات، حيث نحاصر 18 منزلاً يتحصن فيهم مقاتلو (داعش)».
وأضاف: «لم نفرض سيطرتنا بشكل كامل، لكننا نقترب من هذا.. ما زال هناك عمل عسكري في حي الجيزة آخر معاقل (داعش)»، رافضًا تحديد أي موعد رسمي لإعلان تحرير المدينة بالكامل، كما نفى علمه بزيارة محتملة لفائز السراج رئيس الحكومة المدعومة من بعثة الأمم المتحدة إلى المدينة فور تحريرها.
وقال الغصري: «لم تقم الطائرات الأميركية بأي طلعات جوية أمس، لكننا فقدنا أحد عناصرنا اليوم (أمس) الذي قتل في المعارك، بينما تسلمنا نحو 30 جثة تعود لـ(الدواعش)».
وزعمت غرفة عملية البنيان المرصوص في وقت سابق أمس أن قواتها فرضت ما وصفته بـ«سيطرتها الكاملة» على مدينة سرت على الساحل الليبي بعد أشهر من معارك متواصلة مع تنظيم داعش، بعدما نجحت في استعادة السيطرة على آخر مجموعة من المباني التي كان يتحصن فيها مقاتلو تنظيم داعش في مدينة سرت معقلهم السابق وتؤمن المنطقة.
وقالت الغرفة في بيان عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: «انهيار تام في صفوف (الدواعش) والعشرات منهم يسلّمون أنفسهم لقواتنا، مشيرة إلى أن قواتها تتعامل مع أفراد من (داعش) في آخر معاقلهم في منطقة الجيزة البحرية بالمدينة».
وتم تحديث صورة الغلاف على صفحة «عملية البنيان المرصوص»، وهو اسم العملية العسكرية في سرت، على موقع «فيسبوك»، ونشرت صورة لجنود يرفعون شارة النصر، مع عبارة «انتصر البنيان وعادت سرت».
لكن العميد محمد الغصري المتحدث الرسمي باسم هذه القوات قال في المقابل إن هناك بعض الجيوب الصغيرة التي ما زالت تتحرك داخل الحي، وأن قواتنا تتعامل معها.
ورغم ذلك سارع رضا عيسى وهو متحدث آخر باسم هذه القوات إلى الادعاء بأن القوات التي تقودها كتائب من مصراتة مدعومة بضربات جوية أميركية سيطرت على حي الجيزة البحرية بالكامل ولا تزال تؤمن المنطقة، مضيفًا: «قواتنا تفرض سيطرتها بالكامل على سرت»، و«شهدت قواتنا عملية انهيار تام لـ(الدواعش)».
وقالت وكالة الأنباء الليبية إن قوات البنيان المرصوص شرعت منذ مساء أمس في تمشيط كامل لمنطقة الجيزة البحرية داخل سرت.
ولم يرد إعلان رسمي بالسيطرة على سرت، علما بأنه في وقت سابق قال مسؤولون إن أكثر من عشرة من مقاتلي «داعش» كانوا يرابطون في حي الجزيرة البحرية في سرت استسلموا للقوات الليبية، وأن ثلاث نساء على الأقل غادرن المنطقة التي يسيطر عليها المتشددون.
وأكدت غرفة البنيان المرصوص صحة هذه لمعلومات وقال إن قواتها نجحت في تأمين خروج 4 نساء، مشيرة إلى أن 12 من مقاتلي «داعش» سلّموا أنفسهم.
وفي الأيام القليلة الماضية قالت القوات الليبية إن عشرات النساء والأطفال غادروا آخر مجموعة مبانٍ يسيطر عليها التنظيم.
وانطلقت العملية العسكرية في مايو (أيار) الماضي، وحققت القوات الحكومية تقدما سريعا في بدايتها مع سيطرتها على المرافق الرئيسية في سرت المطلة على البحر المتوسط والتي تبعد 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس. لكن هذا التقدم سرعان ما بدأ بالتباطؤ مع وصول القوات إلى مشارف المناطق السكنية في المدينة، لتتحول المعركة إلى حرب شوارع وقتال من منزل إلى منزل.
وبدأ التنظيم يتغلغل في سرت في 2014 وسيطر عليها بشكل كامل منذ منتصف العام الماضي، وأقام أهم قاعدة له خارج الشرق الأوسط، وبسط سيطرته على مسافة نحو 250 كيلومترا على ساحل البحر المتوسط.
وشنت قوات تقودها كتائب من مدينة مصراتة الواقعة في غرب ليبيا هجوما مضادا على المتشددين في مايو الماضي، فيما شنت الولايات المتحدة اعتبارًا من الأول من أغسطس (آب) الماضي 470 ضربة جوية على الأقل لدعمها.
وكان وجود أسر عاملا أساسيا في تعقيد محاولات التقدم داخل آخر قطعة أرض يسيطر عليها التنظيم المتشدد، ونفذت عدة نساء هجمات انتحارية أثناء توفير ممر آمن لخروجهن.
إلى ذلك، ورغم توقف الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس لليوم الثاني على التوالي، فإن هذه الميليشيات شرعت أمس في استخدام سواتر ترابية لإغلاق بعض الطرق في المدينة وسط إعادة انتشار لميليشياتها بآلياتها العسكرية في بعض المناطق.
وقال سكان محليون بالإضافة إلى مصادر أمنية إن دبابات انتشرت على نحو مفاجئ أمام حديقة الحيوان، كما تم إغلاق جانب كبير من طريق الهضبة بسواتر ترابية للمرة الأولى منذ اندلاع الاشتباكات الدامية بين الميليشيات التي تسيطر على العاصمة منذ نحو عامين.
وقال مسؤول أمني إن هذه الميليشيات تابعة لكتيبة غنيوة الككلي التي تتخذ من حي أبو سليم مقرًا لها داخل طرابلس. وكان أشرف الثلثي، الناطق الرسمي باسم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، أعلن في مؤتمر صحافي عقده أمس بمقر رئاسة الحكومة بطرابلس، تشكيل لجنة برئاسة وزير الحكم المحلي وعميد بلدية أبو سليم، لدراسة وتقييم الأضرار التي لحقت بالمباني العامة والممتلكات الخاصة بالمواطنين في منطقة الاشتباكات التي شهدتها طرابلس على مدى الأيام القليلة الماضية.
وزعم الثلثي أن وسائل الإعلام بالغت في وصف هذه الاشتباكات، مشيرًا إلى عودة الحياة إلى طبيعتها، وانتهاء المظاهر المسلحة بالعاصمة.
وهاجمت خمس كتائب قبل أيام بشكل مفاجئ مقر كتيبة الإحسان المحسوبة على الجماعة الليبية المقاتلة بقيادة طارق درمان، على خلفية مقتل الشيخ نادر العمراني أحد أعضاء دار الإفتاء الليبية بعد اختطافه على أيدي مسلحين مجهولين مؤخرًا في العاصمة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم