قمة مصرية ـ سلوفينية بالقاهرة تبحث الدور الأوروبي في قضايا الشرق الأوسط

الرئيس بوروت باهور بدأ زيارة إلى مصر تمتد ليومين

قمة مصرية ـ سلوفينية بالقاهرة تبحث الدور الأوروبي في قضايا الشرق الأوسط
TT

قمة مصرية ـ سلوفينية بالقاهرة تبحث الدور الأوروبي في قضايا الشرق الأوسط

قمة مصرية ـ سلوفينية بالقاهرة تبحث الدور الأوروبي في قضايا الشرق الأوسط

عقدت في القاهرة أمس قمة مصرية سلوفينية بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي ونظيره بوروت باهور، الذي أعرب عن أمنيته كرئيس لسلوفينيا وكرئيس لأحد أعضاء الاتحاد الأوروبي أن يكون الاتحاد الأوروبي أكثر نجاحا ورغبة في المساعدة لإيجاد حلول للقضايا المعقدة الخاصة بالشرق الأوسط. وكان باهور قد وصل إلى القاهرة أمس في زيارة رسمية إلى مصر لمدة يومين، بدأها بزيارة النصب التذكاري للجندي المجهول، حيث قام بوضع إكليل من الزهور على قبر الجندي المجهول، أعقبها جلسة مباحثات مع الرئيس السيسي في قصر الاتحادية (شرق القاهرة).
وفي مؤتمر صحافي عقده الرئيسان، أشاد السيسي بجهود الرئيس السلوفيني في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. وقال: «نحن على ثقة بأن هذه الزيارة ستساهم في إعطاء قوة دفع لتطوير العلاقات الثنائية».
وأوضح أن المباحثات مع الرئيس السلوفيني تطرقت إلى العديد من الموضوعات الهامة التي تخدم مصالح البلدين، مشيرا إلى أنه سيتم تنظيم عدة فعاليات على هامش الزيارة لإعطاء دفعة للعلاقات. وأضاف: «أود أن أؤكد للرئيس باهور عزمنا على التعاون مع سيادته لتحقيق هذا الهدف، والارتقاء بمستوى التعاون الثنائي مع سلوفينيا في كافة المجالات».
وأشار الرئيس السيسي إلى أن «المباحثات تناولت تطورات الأوضاع التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وذلك في ضوء الأزمات التي تتعرض لها بعض دولها وما ينتج عنها من معاناة إنسانية نسعى إلى إنهائها، والحفاظ على حقوق الشعوب التي تعاني من تبعات تلك الأزمات». وأعرب عن أمله بالتعاون مع قادة الدول الصديقة مثل سلوفينيا في وضع حد لتلك الأزمات والتوصل إلى حلول سياسية تؤدي إلى استعادة الأمن والاستقرار بتلك الدول والمنطقة بأكملها.
من جانبه، قال الرئيس السلوفيني إن هذه الزيارة تعد فرصة جيدة لفتح فصل جديد للعلاقات الجيدة بين الشعبين والأمتين المصرية والسلوفينية، معربا عن سعادته بزيارته إلى مصر، مشيرا إلى أن مباحثاته مع الرئيس السيسي تطرقت إلى العديد من المواقف بين البلدين، بالإضافة إلى محاولة إيجاد حلول سلمية لأكثر الموضوعات الجوهرية التي تؤثر على كلا البلدين والمنطقة برمتها والعالم أجمع.
ووجه باهور الشكر إلى الرئيس السيسي على وجهة نظره الأمينة والمخلصة تجاه القضايا الحساسة التي تؤثر على سلامة وأمن المنطقة والعالم بأسره، موضحا أن بلاده تبذل قصارى جهدها من أجل إشراك الاتحاد الأوروبي في حل القضايا التي تقلق الشعبين المصري والسلوفيني، لافتا إلى أن مباحثاته مع الرئيس السيسي أكدت أن العلاقات بين البلدين جيدة ويمكن تعزيزها أكثر، فضلا عن سعي كلا الجانبين لتحقيق هذا الهدف.
وأشار باهور إلى أن حجم التبادل التجاري بين مصر وسلوفينيا يقل عن 100 مليون دولار سنويا، موضحا أن الأعوام المقبلة ستشهد زيادة في هذا الرقم وخاصة مع الاستثمارات الضخمة من الجانبين. واختتم لاهور مؤكدا على أن الحلول لكل القضايا المعقدة لا بد أن تكون سلمية، معربا عن أمله في إيجاد حل سياسي سلمي لكافة هذه القضايا.
وتشمل زيارة الرئيس السلوفيني لقاءات مع رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب، فضلا عن حضوره منتدى رجال الأعمال المصري السلوفيني بمشاركة وفد يمثل 13 شركة سلوفينية، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك.
كما سيتم تنظيم فعاليتين على هامش الزيارة تشمل الاحتفال بمرور 25 عاما على استقلال جمهورية سلوفينيا، وهما: معرض بمركز فنون الهناجر تحت عنوان «إسونزو/ سوكا إلى شواطئ النيل».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.