وعود فريق ترامب الاقتصادي تناقض الحقائق

المراكز البحثية المتخصصة تشير إلى صعوبة تنفيذها

وعود فريق ترامب الاقتصادي تناقض الحقائق
TT

وعود فريق ترامب الاقتصادي تناقض الحقائق

وعود فريق ترامب الاقتصادي تناقض الحقائق

الطبقة الأميركية الوسطى سوف تشهد تخفيضات كبيرة في الضرائب، ولكنها لن تسري على الأثرياء. وسوف تسدد الشركات الأميركية معدلات أقل من الضرائب عن المعتاد، ونتيجة لذلك سوف تجلب مليارات الدولارات مرة أخرى من الخارج. ومن شأن تلك الإجراءات أن تسمح بنمو مستدام للاقتصاد الأميركي بواقع 3 إلى 4 نقطة مئوية على أساس سنوي، وتمنع الانفجار المتوقع في عجز الموازنة.
هذه ليست أخبارا، بل موجز توقعات المستقبل الاقتصادي، الصادر بنهاية الأسبوع الماضي، عن الفريق الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لقيادة وزارتي الخزانة والتجارة، وهما كل من ستيفن منوشين وويلبر روس.
ولكن في عرضهما تلك الوعود الجريئة، تناقض الرجلان المذكوران مع بعض التعهدات الانتخابية للسيد ترامب، الذي تعهد بأن أهداف النمو الاقتصادي سوف تكون عصية على التحقق بالنظر إلى التركيبة السكانية الأميركية الحديثة، والتزم بالخطط التي تفيد بأن أكثر التحليلات الاقتصادية تعاطفا سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى توسعات لا مفر منها في عجز الموازنة.
وتسلط التعليقات الضوء على الكيفية التي يرى بها الرجلان منصبيهما بعد تعيينهما على رأس صناعة السياسات الاقتصادية في إدارة الرئيس الجديد، وهي تكشف في الوقت ذاته عن قدر التحديات الكبيرة التي سوف تواجه محاولة تحقيق أهداف الحملة الانتخابية للرئيس الجديد.
قال السيد منوشين، في مقابلة أجرتها معه شبكة «سي إن بي سي» صباح الأربعاء الماضي: «أي تخفيضات ضريبية نجريها على شرائح الدخل الكبيرة سوف تقابلها خصومات أقل، بحيث إنه لن تكون هناك تخفيضات مطلقة على الطبقة العليا من أصحاب الدخول المرتفعة. سوف تكون هناك تخفيضات كبيرة في الضرائب بالنسبة للطبقة المتوسطة، ولكن أي تخفيضات نجريها على الطبقة العليا من المجتمع سوف تذهب في طريق أقل الخصومات».
ولكن ليس ذلك ما خلص إليه المحللون المستقلون بعد تحليل المقترح الضريبي الذي تقدم به السيد ترامب خلال حملته الانتخابية، والذي من شأنه تقليل معدل ضريبة الدخل على العائلات الثرية من مستواه الحالي البالغ 39.6 في المائة، إلى 33 في المائة فقط.
ومن واقع هذه الخطة، فإن عائلات الطبقة المتوسطة سوف تشهد زيادة بمقدار 0.8 نقطة مئوية في دخل ما بعد سداد الضريبة، وفقا لأحد التحليلات الصادرة عن «مؤسسة الضرائب» البحثية الخاصة، في حين أن شريحة «الواحد في المائة العليا» من دافعي الضرائب سوف تشهد أرباحا بواقع 10.2 إلى 16 في المائة. وهناك مؤسسة بحثية أخرى هي «مركز سياسات الضرائب»، حسبت أن عائلات الطبقة المتوسطة سوف تجني زيادة مقدارها 1.8 في المائة في دخل ما بعد سداد الضريبة، بينما الشريحة العليا من دافعي الضرائب سوف تجني 14 في المائة زيادة، إلى جانب تخفيضات في الضرائب بمبلغ يقارب 1.1 مليون دولار.
وكان السيد منوشين يتحدث بكل تفاخر، إذ قال: «سوف يكون هذا أكبر تغيير في الضرائب منذ ولاية الرئيس (الأسبق رونالد) ريغان».
وأشار السيد منوشين إلى أن إغلاق بعض الثغرات الضريبية من شأنه عكس التأثير الناجم عن انخفاض المعدلات الضريبية بالنسبة للأثرياء، لكنه لم يذكر سوى تحديد سقف خصومات الفائدة على الرهن العقاري. ولقد اقترح المعنيون بإصلاحات الضرائب - ومنذ فترة طويلة - إما عدم فرض الخصومات على مدفوعات الرهن العقاري، وإما تحديد الحد الأقصى لها بالنسبة للمنازل الكبيرة والمساكن الثانية. غير أن المرشح لتولي منصب وزير الخزانة في حكومة ترامب لم يوضح ما الذي يعنيه من وراء ذلك.
وليس من الواضح ما إذا كانت التعليقات الصادرة خلال هذه التصريحات تعكس تحولا ملموسا في مقاصد سياسة السيد ترامب الضريبية أو التحول السياسي الكبير بذلك الشأن.
يقول ألان كول، الخبير الاقتصادي لدى «مؤسسة الضرائب»: «إن ما تحدث عنه لا يطابق الخطة التي كشف عنها النقاب في سبتمبر (أيلول) الماضي. يمكن لهذا البيان أن يكون محورا شرعيا، أو ربما يتحول إلى مجرد تلويح باليد. وأنا لا أدري أيهما يقصد».
أحد التعهدات التي أطلقها السيد منوشين، الذي يطابق ما وعد به السيد ترامب، هو معدل ضرائب دخل الشركات بواقع 15 في المائة، وهو التخفيض الكبير من المعدل الحالي البالغ 35 في المائة. ويفضل القادة في كلا الحزبين الكبيرين تخفيض معدل الضرائب على الشركات، والمسددة بموجب قانون الضرائب ومع القليل للغاية من الخصومات والمراوغات.
ولكن وزير الخزانة الأسبق تيموثي إف. غايتنر لا يمكنه إلا تخفيض ذلك المعدل إلى 28 في المائة فقط عندما راجع الأرقام بنفسه. حتى النواب الجمهوريون في الكونغرس لم يستهدفوا تخفيض هذا المعدل بأقل من 25 في المائة.
وقال السيد منوشين: «نحن في طريقنا لخفض الضرائب على الشركات، مما سوف يجلب كثيرا من فرص العمل مرة أخرى إلى الولايات المتحدة. كما سوف نصل إلى مستوى 15 في المائة، وسوف نجلب كثيرا من الأموال مرة أخرى إلى الوطن».
واقترح السيد منوشين والسيد روس أن الخطط لن تؤدي إلى توسيع فجوة عجز الموازنة بفضل «التسجيل الديناميكي» أو التوقعات التي تفترض أن التخفيضات الضريبية سوف تؤدي إلى النمو الاقتصادي السريع، وبالتالي تسدد نفسها بنفسها.
لكن التخفيضات الضريبية التي يعد بها السيد ترامب سوف تحتاج إلى إطلاق العنان للنمو الاقتصادي السريع، وبأكثر مما توحي به السجلات التاريخية.. ومن المرجح أيضا أن تتجنب الزيادة السريعة في عجز الموازنة. وخلص تحليل «مؤسسة الضرائب» لخطة حملة السيد ترامب المفرج عنها في سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى أنه في ظل «التسجيل الديناميكي»، فمن المتوقع أن تقلل الخطة من الإيرادات الفيدرالية بواقع 2.6 إلى 3.9 تريليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة، ومن شأن تخفيضات الإنفاق الغائبة أن تزيد من عجز الموازنة بمقدار الثلث، أعلى من المستويات التي توقعها مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي.
ولقد ركز مرشحا السيد ترامب على التوقعات الإيجابية المرتفعة للنمو الاقتصادي على المدى الطويل، فقد صرح السيد منوشين للصحافيين المجتمعين في برج ترامب في حي مانهاتن يوم الأربعاء الماضي: «إن أولويتنا الأولى هي الاقتصاد، والعودة إلى معدلات النمو بواقع 3 إلى 4 في المائة. وإننا نعتقد أنها نسبة مستدامة للغاية».
صحيح أن النمو الاقتصادي الأميركي بلغ متوسط 3.5 نقطة مئوية على أساس سنوي خلال النصف الثاني من القرن العشرين، قبل أن يتراجع إلى نحو 2 في المائة على أساس سنوي خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. وعند محاولة تحقيق هذا الهدف سوف تواجه إدارة ترامب رياحا ديموغرافية معاكسة وكبيرة.
وساعد النمو السريع خلال القرن الماضي وجود جيل طفرة المواليد الذي دخل إلى قوة العمل، ومزيد من النساء اللاتي ينزلن إلى سوق العمل. والآن، بدأت طفرة المواليد المذكورة في بلوغ سن التقاعد وبقيت نسبة النساء العاملات مستقرة.
ولهذه الأسباب، يتوقع مكتب الميزانية في الكونغرس أن تنمو القوة العاملة في الولايات المتحدة بواقع 0.6 نقطة مئوية على أساس سنوي خلال العقد المقبل. وعلى النقيض من ذلك، منذ عام 1949 إلى عام 2000 ارتفعت نسبة القوة العاملة إلى متوسط 1.7 نقطة مئوية على أساس سنوي.
ومن المضاعفات الأخرى لتوقعات فريق السيد ترامب، أن الرئيس المنتخب قد تعهد بفرض ضوابط صارمة على الهجرة، وهي الرافعة التي من شأنها زيادة القوة العاملة الأميركية.
ولتحقيق القوة الاقتصادية التي تهدف إليها إدارة الرئيس ترامب، فإما أن يحدث شيء قوي يؤدي إلى تغيير الاتجاهات الديموغرافية الحالية، مثل مستويات الهجرة المرتفعة، وإما أن يعمل المحالون إلى التقاعد لفترات أطول، وإما ستكون الشركات الأميركية في حاجة ماسة إلى أن تكون أكثر إنتاجية بشكل كبير وبأكثر مما كانت عليه خلال السنوات الأخيرة.
وبعبارة أخرى، في الوقت الذي يحاول فيه فريق ترامب الرئاسي تشكيل وتحويل الوعود الانتخابية القوية إلى سياسات واقعية، فربما يجد أن الحد الأكبر المواجه له هو الرياضيات الاقتصادية.

* خدمة «نيويورك تايمز»



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).