المركب الجامعي في تونس.. بين التكوين العلمي والنضال السياسي

«صخرة سقراط» منبر الطلبة لإلقاء خطبهم السياسية

لطالما كانت المؤسسات التعليمية في تونس مهدا للحراك الشعبي والسياسي في البلاد.. وفي الصورة مظاهرة احتجاجية تطالب بإعادة هيكلة قسم الدكتوراه في عام 2011 (غيتي)
لطالما كانت المؤسسات التعليمية في تونس مهدا للحراك الشعبي والسياسي في البلاد.. وفي الصورة مظاهرة احتجاجية تطالب بإعادة هيكلة قسم الدكتوراه في عام 2011 (غيتي)
TT

المركب الجامعي في تونس.. بين التكوين العلمي والنضال السياسي

لطالما كانت المؤسسات التعليمية في تونس مهدا للحراك الشعبي والسياسي في البلاد.. وفي الصورة مظاهرة احتجاجية تطالب بإعادة هيكلة قسم الدكتوراه في عام 2011 (غيتي)
لطالما كانت المؤسسات التعليمية في تونس مهدا للحراك الشعبي والسياسي في البلاد.. وفي الصورة مظاهرة احتجاجية تطالب بإعادة هيكلة قسم الدكتوراه في عام 2011 (غيتي)

لعب المركب الجامعي بالعاصمة التونسية دورًا تاريخيًا مهمًا، من خلال المساهمة في تخرج الآلاف من الكوادر التونسية التي التحقت مبكرًا بالإدارة التونسية بمختلف تخصصاتها، وهي في هذا المجال مفخرة لتونس بدأت منذ عقد الستينات من القرن العشرين لتتواصل إلى الآن في أداء دور علمي هام.
إلا أن هذا المركب الجامعي الذي جمع منذ الانطلاق بين طلبة العلوم السياسية والعلوم الاقتصادية والحقوق والهندسة، اضطلع بدور سياسي كبير، فقد مثل طوال عقود امتدت إلى حدود الثمانينات من القرن الماضي بشكل متواصل، محرار الحياة السياسية في غياب معارضة سياسية لنظام الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة.
ومن طرائف التسميات في كلية الحقوق والعلوم السياسية وكلية العلوم الاقتصادية، وهما متجاورتان، وجود «صخرة سقراط»، وهي عبارة عن حجارة رخامية ترتفع فوق الأرض نحو متر ونصف المتر، ومن علوها غالبًا ما يلقي الطلبة بياناتهم السياسية. ولأغلب المتخرجين من الجامعة التونسية حكايات طويلة مع «صخرة سقراط» و«البوليس» السياسي، الذي كان بالمرصاد للطلبة المعارضين لسياسات الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، ومن بعده زين العابدين بن علي.
ويرجع المركب الجامعي اليوم بالنظر إلى جامعة تونس المنار، وهي قطب جامعي تونسي أسس سنة 2000 في إطار إعادة هيكلة مؤسسات التعليم العالي في تونس. ويعتبر من أهم الأقطاب الجامعية في تونس، إذ يجمع بين أروقة مؤسساته الجامعية نحو 45 ألف طالب، وتضم جامعة تونس المنار حاليًا 52 شعبة يشرف عليها 2500 أستاذًا. وللتأكيد على عراقة المركب الجامعي، فقد مثل النواة الأولى للمؤسسات الجامعية في تونس، ويضم كلية العلوم للرياضيات والفيزياء والطبيعيات، وهي إحدى أهم المؤسسات الجامعية التونسية، وتأسست هذه الكلية سنة 1960، ويقدر عدد الطلبة في كلية العلوم بنحو 12 ألف طالب، وبها نحو 50 وحدة بحث و18 مخبرًا بحثيًا، وتتوزع تلك المخابر على كل الاختصاصات العلمية.
أما المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس، فهي أول مدرسة لتكوين المهندسين بتونس، تأسست سنة 1968 وأسهمت منذ ذاك التاريخ في تكوين آلاف المهندسين التونسيين، الذين أسهموا في إرساء البنية التحتية التونسية وفي دفع عجلة التنمية.
وعلى مقربة من كلية العلوم ومدرسة المهندسين، توجد كلية الحقوق والعلوم السياسية، وكلية العلوم الاقتصادية بتونس ليكتمل عقد هذه المؤسسات الجامعية التونسية التي حملت تاريخيًا تسمية «المركب الجامعي بتونس». وكانت المؤسستان في البداية، أي سنة 1960 مع بعضهما بعضًا قبل أن تنفصلا نتيجة تكاثر أعداد المقبلين على دراسة العلوم السياسية والاقتصادية والحقوق.
وفي تونس عرف معظم السياسيين الذين يمارسون السياسة حاليًا بعضهم بعضًا في المركب الجامعي وهم على بينة من توجهات كل طرف منهم، وللبعض منهم تاريخ حافل في المواجهات السياسية التي كانت تجمع بين الطلبة، خصوصًا من التيارات الإسلامية والتيارات اليسارية من ناحية، والبوليس السياسي الذي كان بالمرصاد لكل التحركات الطلابية من ناحية ثانية. لذلك قلما تجد طالبًا تونسيًا ليس له تاريخ وذكرى مع المركب الجامعي بتونس العاصمة.



20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند
TT

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

ارتفع عدد الطلاب الأجانب بالتعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي بنسبة 3.4 في المائة؛ أي نحو مليون طالب، وبزيادة تصل إلى 35 ألف طالب عن عام 2016، والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية على تأشيرات الطلاب غير المهاجرين.
وحسب تقرير مؤسسة «الأبواب المفتوحة (أوبن دورز)» الذي نشر في آخر 2017، فإن الزيادة في عدد الطلاب تأتي للمرة السابعة، وإن عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في كليات وجامعات أميركا ارتفع بنسبة 85 في المائة منذ 10 سنوات.
تم نشر تقرير «الأبواب المفتوحة» عن التبادل التعليمي الدولي، من قبل معهد التعليم الدولي الذي يعد من أهم منظمات التبادل الثقافي الرائدة في الولايات المتحدة. وقد «أجرى معهد التعليم الدولي إحصاءات سنوية عن الجامعات حول الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة منذ عام 1919، وبدعم من مكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية منذ أوائل السبعينات. ويستند التعداد إلى استطلاع شمل نحو 3 آلاف من المؤسسات التعليمية المرموقة في الولايات المتحدة».
وحسب التقرير المفصل، فإن هذا العدد من الطلاب الأجانب لا يشكل إلا 5 في المائة من عدد الطلاب الذين يدرسون في قطاع التعليم العالي بالكليات والجامعات الأميركية، حيث يصل مجمل العدد حسب التقرير إلى 20 مليون طالب؛ أي بارتفاع بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المائة عن عام 2007. ويعود سبب الارتفاع إلى ازدياد عدد الطلاب الأجانب وتراجع عدد الطلاب الأميركيين في البلاد منذ أن سجل عدد الطلاب الأميركيين أعلى معدل في عامي 2012 و2013.
وحول أصول الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية، فقد ذكر التقرير أنه للسنة الثالثة على التوالي كان أكبر نمو في عدد الطلاب من الهند، وعلى مستوى الدراسات العليا في المقام الأول وعلى مستوى التدريب العملي الاختياري (أوبت). ومع هذا، لا تزال الصين أكبر دولة من ناحية إرسال الطلاب الأجانب، حيث يبلغ عدد الطلاب في الولايات المتحدة نحو ضعف عدد الطلاب الهنود. لكن ما يؤكد عليه التقرير هو النمو في عدد الطلاب الآتين من الهند.
ومن هنا أيضا فقد وجد التقرير أن 50 في المائة من إجمالي الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة من دولتي الصين والهند.
ووصلت نسبة التراجع لدى الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة إلى 14.2 في المائة، ويعود ذلك، حسب التقرير، إلى حد كبير للتغييرات في برنامج المنح الدراسية للحكومة السعودية الذي يقترب الآن من عامه الرابع عشر.
التراجع الملحوظ في عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، كان من اليابان والمملكة المتحدة وتركيا، وبنسبة أقل من اثنين في المائة لكل من هذه الدول. وإضافة إلى كوريا الجنوبية، فقد انخفض عدد طلاب هونغ كونغ بنسبة 4.7 في المائة. وكانت أكبر نسبة انخفاض بين الطلاب الأجانب من البرازيل، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى 32.4 في المائة. ويعود ذلك أيضا إلى نهاية البرامج الحكومية البرازيلية التي تساعد الطلاب الذين يدرسون في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة.
وحول أسباب التراجع في عدد طلاب هذه الدول بشكل عام، يقول تقرير «أوبن دورز» إنه من المرجح أن تشمل عوامل التراجع مزيجا من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية في هذه الدول؛ «وفي بعض الحالات توسع فرص التعليم العالي في داخل هذه الدول وتراجع عدد السكان».
ويكشف التقرير الأخير أن 25 من أفضل الجامعات الأميركية و10 ولايات أميركية يستقبلون أكبر عدد من الطلاب الأجانب السنة الماضية. وكان على رأس المستقبلين كما هو متوقع ولاية كاليفورنيا، تبعتها ولاية نيويورك، وولاية تكساس في المرتبة الثالثة، وماساتشوستس في المرتبة الرابعة.
ويتضح من التقرير أن 22.4 من مجمل الطلاب الأجانب الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية، جاءوا إلى الجامعات الـ25 الأولى في ترتيب الجامعات التي استقبلت الطلاب الأجانب.
وعلى الصعيد الاقتصادي، وحسب غرفة التجارة الأميركية، فإن لارتفاع عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي؛ إذ ارتفع ما يقدمه هؤلاء الطلاب إلى الاقتصاد الأميركي من 35 مليار دولار إلى 39 مليار دولار العام الماضي. ويبدو أن سبب الارتفاع يعود إلى أن ثلثي الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة يتلقون تمويلهم من الخارج، أي من حكوماتهم وعائلاتهم وحساباتهم الشخصية. ولا تتوقف منفعة الطلاب الأجانب على الاقتصاد؛ بل تتعداه إلى المنافع العلمية والبحثية والتقنية.
وحول الطلاب الأميركيين في الخارج، يقول التقرير إنه رغم التراجع الطفيف في السنوات القليلة الماضية، فإن عدد هؤلاء الطلاب تضاعف 3 مرات خلال عقدين. ووصلت نسبة الارتفاع إلى 46 في المائة خلال العقد الماضي. كما أن عدد هؤلاء الطلاب في الخارج وصل إلى 325.339 ألف طالب لعامي 2015 و2016.
ويبدو أن معظم الطلاب الأميركيين يرغبون بدراسة العلوم والهندسة والرياضيات في الخارج وتصل نسبة هؤلاء الطلاب إلى 25.2 في المائة من إجمالي عدد الطلاب. وبعد ذلك يفضل 20.9 في المائة من هؤلاء الطلاب دراسة إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية.
ولا تزال الدول الأوروبية المحطة الرئيسية للطلاب الأميركيين في الخارج، وقد ارتفع عدد هؤلاء الطلاب بنسبة 3.5 في المائة عامي 2015 و2016. وتأتي على رأس لائحة الدول المفضلة للطلاب الأميركيين بريطانيا، تليها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا التي احتلت المركز الخامس بدلا من الصين العامين الماضيين. كما ارتفع عدد الطلاب الأميركيين في الفترة نفسها في كل من اليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والدنمارك وتشيكيا ونيوزيلندا وكوبا وهولندا. ولاحظ التقرير أيضا ارتفاعا في عدد الطلاب الأميركيين الذين يذهبون إلى دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية للدراسة الجامعية.
ووصلت نسبة الارتفاع في هذه الدول إلى 5.6 في المائة، ووصل عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية إلى 53.105 ألف طالب.
لكن أهم نسب الارتفاع على عدد الطلاب الأميركيين في الخارج كما جاء في التقرير، كانت في اليابان التي سجلت نسبة ارتفاع قدرها 18 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 3 في المائة.
ورغم هذه الارتفاعات في كثير من الدول، خصوصا الدول الأوروبية، فإن هناك تراجعات في عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في بعض البلدان كما يشير التقرير الأخير، ومن هذه الدول كما يبدو الصين التي تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها بنسبة 8.6 في المائة، أما نسبة التراجع في فرنسا فقد وصلت إلى 5.4 في المائة، حيث وصل عدد الطلاب إلى 17.215 ألف طالب، وسجلت البرازيل نسبة كبيرة من التراجع في عدد الطلاب الأميركيين الذين يأتون إليها، ووصلت نسبة هذا التراجع إلى 11.4 في المائة، ووصل عدد الطلاب إلى 3.400 ألف طالب. أما الهند فقد تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها خلال العامين الماضيين بنسبة 5.8 في المائة، ووصلت هذه النسبة إلى واحد في المائة في اليونان التي عادة ما تستقطب الطلاب المهتمين بالميثولوجيا اليونانية والراغبين بدراسة اللغة اليونانية نفسها.
مهما يكن، فإن عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في الخارج لا يزيدون بشكل عام على 10 في المائة من مجمل عدد الطلاب الأميركيين الباحثين عن جامعة جيدة لإنهاء تحصيلهم العلمي قبل دخول عالم العمل والوظيفة.