العثور على منشطات بمعسكر تدريبي لـ«داعش»

مزيج من تكتيكات الحرب التقليدية وحرب العصابات إضافة إلى تلقين عقائدي ديني ضمن أولويات التنظيم

خبير عراقي في مكافحة الإرهاب يتابع تعاليم التنظيم الإرهابي في معسكر أبو سمية الأنصاري بالموصل («واشنطن بوست»)
خبير عراقي في مكافحة الإرهاب يتابع تعاليم التنظيم الإرهابي في معسكر أبو سمية الأنصاري بالموصل («واشنطن بوست»)
TT

العثور على منشطات بمعسكر تدريبي لـ«داعش»

خبير عراقي في مكافحة الإرهاب يتابع تعاليم التنظيم الإرهابي في معسكر أبو سمية الأنصاري بالموصل («واشنطن بوست»)
خبير عراقي في مكافحة الإرهاب يتابع تعاليم التنظيم الإرهابي في معسكر أبو سمية الأنصاري بالموصل («واشنطن بوست»)

داخل أحد معسكرات «أشبال الخلافة» التابعة لـ«داعش»، توجد غرف تمتلئ بأسرة طبقية كان ينام عليها أكثر من 80 من مجندي التنظيم. على الجدران، توجد ملصقات تشرح بالتفصيل مكونات بندقية «كلاشنيكوف» الروسية والبنادق الآلية الأميركية.
ويحمل أحد الملصقات تذكيرًا للمتدربين بأن النصر يأتي من المعارك الطويلة والألم ـ وأن المكافأة تأتي لاحقًا، ويقول نصًا: «تذكروا أننا لم نأت من أجل هذه الحياة، وإنما من أجل الآخرة».
على امتداد عدة منازل واسعة، جرى اكتشاف «معسكر أبو سمية الأنصاري»، هذا الأسبوع، على أيدي قوات عراقية في خضم تقدمها إلى داخل مدينة الموصل من جهة الشمال، والتي يقاتل مسلحو «داعش» بضراوة لاستعادتها.
وفي سبيل تحقيق ما يسميه التنظيم الإرهابي «بالجهاد الجنسي»، أو جهاد النكاح، عثر في المعسكر المذكور تحت اسم «معسكر الشيخ أبو سمية الأنصاري» على مجموعة كبيرة من المنشطات التي يتناولها مقاتلو التنظيم. ويعد هذا مركز التدريب العسكري الأول للقوات العراقية الذي يتم العثور عليه داخل المدينة منذ بدء الهجوم الرامي لاستعادة المدينة من قبضة «داعش» منذ أكثر من ستة أسابيع ماضية.
ومنذ ذلك الحين، تراجعت سيطرة «داعش» على أكثر المراكز الحضرية القيمة التي انتزعها داخل العراق. ومع هذا، ما يزال التنظيم يكبد القوات العراقية المتقدمة أعدادًا كبيرة من الضحايا، عبر السيارات المفخخة والقتال من شارع لآخر.
وتكشف الوثائق والمواد التعليمية التي تركها المسلحون داخل المعسكر عن مزيج من تكتيكات الحرب التقليدية وحرب العصابات ـ إضافة إلى تلقين عقائدي ديني ـ ما يخلق من التنظيم عدوًا لا يستهان به. كما تكشف المواد التي خلفها المسلحون داخل المعسكر عن مستوى مفصل من التخطيط والتدريب العسكري، مع الاعتماد على قوة بشرية وخبرة من مختلف أرجاء العالم.
الملاحظ أن اللافتة المعلقة خارج مخزن الأسلحة داخل المعسكر مكتوبة باللغتين العربية والروسية. كما حملت عبوات ثاني أكسيد الكربون، التي ربما يجري استخدامها في التدريب، إرشادات بالروسية.
جدير بالذكر أن الآلاف من حاملي جوازات سفر روسية سافروا إلى العراق وسوريا للانضمام إلى مقاتلي «داعش»، ويشكلون بصورة إجمالية ما يصل إلى 8 في المائة من المقاتلين الأجانب بصفوف التنظيم، تبعًا لما كشفه «يوروبول»، وكالة فرض القانون التابعة للاتحاد الأوروبي. واللافت أن الغالبية العظمى منهم تأتي من منطقة شمال القوقاز التي يشكل المسلمون غالبية سكانها.
من جهته، قال العميد حيدر العبيدي، قائد بقوات مكافحة الإرهاب العراقية، إن القوات نجحت في إعادة السيطرة على المعسكر وعقد لقاءات مع مقيمين بالمنطقة. وعن المتدربين داخل المعسكر، قال: «نعتقد أن غالبيتهم كانوا من العراقيين، مع وجود بعض الأجانب. وكانوا في معظمهم يتدربون على أسلحة روسية الصنع، لذا ربما كان بعض الأجانب يتدربون معهم».
أما الجيران، فقالوا: إن المتدربين لم يكونوا يختلطون معهم. من بين هؤلاء محمد مظفر، الذي يسكن على الجهة المقابلة من الشارع، والذي أوضح أنه: «كنت أشاهدهم يدخلون ويخرجون، لكنهم كانوا يحرصون على إخفاء وجوههم».
وأضاف: «هذه غرفتي، كنت أشاهدهم من هنا بعض الأحيان، لكنهم عمدوا إلى تغطية جميع النوافذ».
كانت حافلات تقل المتدربين إلى داخل وخارج المعسكر، لكن كانت النوافذ مغطاة باللون الأسود بحيث يستحيل على أي شخص بالخارج رؤية من داخل الحافلة، حسبما أضاف مظفر. واستطرد بأن بناية قائمة إلى الجوار كان يجري مسبقًا استخدامها في إيواء نساء، بما في ذلك روسيات وأخريات من طاجيكستان، وكان الانتحاريون «يحتفلون» معهن قبل مهامهم الأخيرة.
يذكر أنه منذ سيطرته على الموصل منذ عامين ونصف العام، شرع «داعش» في برنامج طموح لبناء الدولة، مع بناء هرم بيروقراطي وعملية كاملة لحفظ السجلات. وتسلط الوثائق التي تركها المسلحون وراءهم لدى فرارهم من المعسكر الضوء على الآليات الداخلية في التنظيم.
تضمنت إحدى الوثائق المطبوعة معلومات تفصيلية حول المعدات التي صدرت تعليمات إلى المقاتلين بالاعتماد عليها خلال العمليات. وبجانب الأسلحة والذخائر، كان يتعين على كل مجموعة اصطحاب لغمين مصنوعين من مادة «تي إن تي» و10 عبوات كوكتيل مولوتوف، حسبما نصت الوثيقة، علاوة على مجرفة وسلم ومطارق ومسامير ونقالات.
كما صدرت تعليمات إلى المسلحين باصطحاب قنبلتي دخان كبيرتين، أو أربع قنابل دخان صغيرة، ونظارات للرؤية الليلية وأخرى معظمة. وتضم القائمة أدوات أخرى مذكورة بالتفصيل: مثل سكين ومشعل وقداحة ومعدات إسعاف أولية ومذكرة صغيرة وقلم.
في وسط إحدى الغرف، توجد مجموعة من «الدمبل» وعلب منشطات لم يستخدم سوى نصفها. في غرفة أخرى، توجد مجموعة من الملابس أفغانية الطراز والتي يفضلها التنظيم.
وفوق الجدران، توجد لافتة تحث «المسلحين» على التزام الهدوء والنظافة.
ومن الواضح أن المجندين خضعوا لاختبارات حول مدى معرفتهم بالأسلحة. على سبيل المثال، حملت ورقة اختبار خلفها المسلحون وراءهم مجموعة من الأسئلة كان أولها: «حدد مراكز إطلاق النار بالنسبة لسلاح (كلاشنيكوف) عيار 7.62 مليمتر؟ اذكر المدى الأقصى؟».
وتضمنت وثائق أخرى معلومات مفصلة حول الحالة الصحية للمقاتلين، مع تحديد معدلات نبض القلب وضغط الدم لديهم.
من ناحية أخرى، من غير الواضح أعمار المجندين، لكن مظفر قال: إن المسلحين استهدفوا في جهود التجنيد المراهقين الصغار من سكان المنطقة. ومنذ أن بدأ في ترسيخ وجوده داخل العراق منذ ثلاث سنوات تقريبًا، حاول «داعش» بناء إرثه حول التركيز على تلقين الجيل الجديد داخل التنظيم.
وقال مظفر: «في المساجد، كانوا يحثوننا على القتال، لكن الانضمام الفعلي إليهم كان يتطلب رغبة حقيقية من المرء وحصوله على توصية. ولم يعبأ الناس في سني كثيرًا بالأمر، لكنهم كانوا يتحدثون إلى الصبية الذين تبلغ أعمارهم 12 أو 13 عامًا داخل المسجد وفي الشارع ويحاولون إقناعهم».
المعروف أن «داعش» كان لديه كذلك معسكرات تدريب منفصلة لما أطلق عليه «أشبال الخلافة»، ومع هذا ثمة مؤشرات توحي بأن بعض من كانوا داخل معسكر التدريب كانوا صغارًا في السن. مثلاً، خارج أحد المباني، تضمن كتاب إرشادات دروس حول أركان الإسلام. وفي إحدى الصحف، كتبت كلمة «طائرة» بخط طفولي.
وجاء النص على النحو التالي: «في الصباح، كان صوت الطائرات مرتفعًا للغاية، يكاد يخنقنا. إن الكفار لا رحمة بقلوبهم. إننا في شدة الخوف من الطيار».
وعلى جدران غرفة فسيحة، توجد قائمة بمجموعة من القواعد تبدو أشبه بدستور للمدينة. وتنص على ما يلي: «أيها الناس، لقد جربتم النظام العلماني، وعايشتم الكثير من الحقب. أما الآن، فحقبة (الخلافة)».
وأثنى النص على «النصر» الذي حققه التنظيم داخل المدينة وإطلاقه سراح آلاف السجناء بالسجون العراقية. وأكد على أن «الخلافة ماضية قدمًا. نحن لن نتقهقر قط».
ورغم ذلك، تبسط القوات العراقية ببطء سيطرتها على الأراضي هنا داخل المنطقة التي سبق أن أعلنها «داعش» أرض «خلافة» له. كما تراجعت معدلات تفجير السيارات المفخخة، التي بلغت ذات فترة بالجانب الشرقي من المدينة 25 تفجيرا يوميًا، إلى قرابة خمسة، حسبما أفاد مسؤولون معنيون بمحاربة الإرهاب.
وعلى ما يبدو، يواجه المسلحون انحسارًا في مواردهم، في الوقت الذي انقلبت غالبية سكان الموصل ضدهم.
* خدمة «واشنطن بوست»
- خاص بـ {الشرق الأوسط}



​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
TT

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون في سجون مخابرات الجماعة الحوثية، أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين، في طليعتهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي»، رغم انقضاء شهرين على إيداعهم السجن بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى الثورة التي أطاحت أسلاف الجماعة.

وذكرت مصادر حقوقية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أفرجوا أخيراً عن خمسة فقط من المعتقلين في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، لكنها مستمرة في رفض إطلاق سراح وكيل وزارة الشباب والرياضة والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» أحمد العشاري وزميليه في الحزب أمين راجح وسعد الغليسي.

الحوثيون يرون قادة جناح «المؤتمر الشعبي» بصنعاء خصوماً لهم (إعلام محلي)

وقالت المصادر إن الجماعة تتهم المعتقلين بالتآمر مع الحكومة الشرعية لقيادة انتفاضة شعبية في مناطق سيطرتها تحت شعار الاحتفال بالذكرى السنوية لقيام «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت نظام حكم الإمامة في شمال اليمن عام 1962.

ووفق هذه المصادر، فإن الاتصالات التي أجراها جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين للمطالبة بالإفراج عن قياداته قوبلت بتعنت وتسويف.

وأشارت المصادر إلى أن مجموعة كبيرة من المعتقلين لا يُعرف مصيرهم، وأن كلّاً من فهد أحمد عيسى، وعمر أحمد منة، وأحمد البياض، وعبد الخالق المنجد، وحسين الخلقي لا يزالون رهن الاعتقال، إلى جانب الناشطة سحر الخولاني، والكاتبين سعد الحيمي، ومحمد دبوان المياحي، والناشط عبد الرحمن البيضاني، ورداد الحذيفي، وعبد الإله الياجوري، وغالب شيزر، وعبد الملك الثعيلي، ويوسف سند، وعبده الدويري، وغازي الروحاني.

شروط الإفراج

تقول مصادر سياسية في صنعاء إن «التحالف الشكلي» الذي كان قائماً بين جناح «المؤتمر الشعبي» والحوثيين قد انتهى فعلياً مع تشكيل حكومة الانقلاب الأخيرة، حيث تم استبعاد كل المحسوبين على هذا الجناح، وسيطرة الحوثيين على كل المناصب.

وبالتالي، فإن الحزب لا يعول على ذلك في تأمين إطلاق سراح المعتقلين، والذين لا يُعرف حتى الآن ما نيات الحوثيين تجاههم، هل سيتم الاحتفاظ بهم لفترة إضافية في السجون أم محاكمتهم؟

أكدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية استخدام الحوثيين التعذيب لانتزاع الاعترافات (إعلام حوثي)

ووفق إفادة بعض المعتقلين الذين أفرج الحوثيون عنهم، فقد تم استجوابهم بتهمة الانخراط في مخطط تآمري للإطاحة بحكم الجماعة في صنعاء بدعم وتمويل من الحكومة الشرعية.

وبعد جلسات من التحقيق والاستجواب وتفتيش الجوالات، ومراجعة منشورات المعتقلين في مواقع التواصل الاجتماعي، أفاد المعتقلون المفرج عنهم بأنه يتم الموافقة على إطلاق سراحهم، ولكن بعد التوقيع على تعهد بعدم العودة للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أو أي فعالية وطنية أخرى، وأن يظلوا رهن الاستعداد للحضور متى ما طُلب منهم ذلك إلى جهاز المخابرات الحوثي.

ولا تقتصر شروط الإفراج على ذلك، بل يُلزم المعتقلون بإحضار ضامن من الشخصيات الاجتماعية، ويكون ملزماً بإحضارهم متى طُلب منهم ذلك، ومنعهم من مغادرة منطقة سكنهم إلا بإذن مسبق، وعدم تغيير رقم جوالاتهم أو إغلاقها، وأن يظل تطبيق «الواتساب» يعمل كما كان عليه قبل اعتقالهم. كما يلحق بذلك تهديدات شفهية بإيذاء أطفالهم أو أقاربهم إذا غادروا إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو عادوا للنشر ضد الجماعة.

تعذيب مروع

بالتزامن مع استمرار الحوثيين في اعتقال المئات من الناشطين، كشف النائب اليمني المعارض أحمد سيف حاشد، عما سماها «غرف التعذيب» في سجون مخابرات الجماعة.

وقال حاشد إن هناك مسلخاً للتعذيب اسمه «الورشة» في صنعاء، وتحديداً في مقر سجن «الأمن والمخابرات» (الأمن السياسي سابقاً)، وإن هذا المسلخ يقع في الدور الثالث، وموزع إلى عدة غرف، وكل غرفة تحتوي على وسائل تعذيب تصنع في نفوس الضحايا الخوف المريع والبشاعة التي لا تُنسى.

الناشطة اليمنية سحر الخولاني انتقدت فساد الحوثيين وطالبت بصرف رواتب الموظفين فتم اعتقالها (إعلام محلي)

ووفق ما أورده حاشد، الذي غادر مؤخراً مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، توجد في هذا المكان سلاسل ترفع الشخص إلى الأعلى وتعيده إلى الأسفل بواسطة زر تحكم، حيث يُعلَّق الضحية ويُثبَّت بالطريقة التي يريد المحققون رؤيته عليها.

وذكر أن البعض من الضحايا يُعلق من يديه لساعات طويلة، وبعضهم يُعلق من رجليه، وبعد ذلك يتم إنزاله وقد صار عاجزاً أو محمولاً في بطانية.

ووفق هذه الرواية، فإن هذا القسم يشمل وسائل تعذيب متنوعة تشمل الكراسي الكهربائية، والكماشات لنزع الأظافر، والكابلات، والسياط، والأسياخ الحديدية، والكلاب البوليسية، وكل ما لا يخطر على البال من وسائل صناعة الرعب والخوف والألم.