أجانب «النصرة» يبحثون تشكيل «طالبان الشام»

خبير يشكك بنجاحه لغياب العناصر السورية وضعف القدرة على استدعاء الغرباء

أجانب «النصرة» يبحثون تشكيل «طالبان الشام»
TT

أجانب «النصرة» يبحثون تشكيل «طالبان الشام»

أجانب «النصرة» يبحثون تشكيل «طالبان الشام»

تسعى القيادات المتشددة غير السورية الموالية لتنظيم القاعدة في سوريا، إلى تشكيل تنظيم جديد يحمل اسم «طالبان الشام»، يعلن ولاءه لزعيم القاعدة أيمن الظواهري، بعد انفصال «جبهة فتح الشام» عن التنظيم في الصيف الماضي، في خطوة تحيطها الشكوك بإمكانية النجاح؛ نظرًا إلى أن «معظم المؤيدين للخطوة من الغرباء، ويحتاجون إلى رفدهم بمقاتلين أجانب، وهو الشرط غير المتاح حاليًا».
وتأتي تلك الخطوة في ظل انقسامات تعتري التنظيمات المتشددة على خلفية الولاء لتنظيم القاعدة، وتمثلت في وقت سابق بالخلافات بين «داعش» و«جبهة النصرة» التي كانت رسميًا فرع «القاعدة» في سوريا، قبل أن تحل نفسها في الصيف الماضي وتشكيل «جبهة فتح الشام»، رغم أن كثيرين ينظرون إلى هذا التحول بوصفه «شكليًا». وإثر الإعلان عن هذا التحول، برز جناح رافض للتخلي عن الولاء لتنظيم القاعدة، يمثله «المهاجرون» وهم القيادات الأجنبية الذين لا يزالون يعتقدون بأن الولاء للتنظيم الأم في أفغانستان، سيضمن بقاءهم.
وبدأت المساعي لتشكيل «طالبان الشام» على شكل فكرة في يوليو (تموز) الماضي في جنوب سوريا، بحسب ما تقول مصادر المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط»، بينما أخذت سياقًا أكثر فاعلية في الشمال، حين «انضوى 200 مقاتل أجنبي معظمهم يتحدرون من القوقاز والشيشان في كتيبة واحدة، نأت بنفسها عن (النصرة) حين حيدت نفسها عن (القاعدة)». وأكدت المصادر أن عدد هذه المجموعة لم يرتفع وبقيت من دون فاعلية، بالنظر إلى أن المقاتلين السوريين لم ينضموا إليهم.
وبحسب مصادر المعارضة، فإن جماعة «النصرة» في الجنوب، يناهز عددهم الـ1800 عنصر، معظمهم من السوريين، بينما يشكل الأجانب أقل من 25 في المائة من عناصر «القاعدة» في جنوب سوريا.
وتصاعدت خلال الأسبوعين الأخيرين المعلومات عن مساعٍ لتشكيل «طالبان الشام» في الجنوب، وسط أنباء عن أن قياديين في «النصرة»، هما الأردنيان إياد الطوباسي، المعروف بأبو جليبيب، وبلال خريسات، المعروف بأبو خديجة، أطلقا الدعوة إلى مشروع هذا الفصيل، بتوجيهٍ من بعض المرجعيات المتشددة خارج سوريا.
وقال الباحث السوري في شؤون الجماعات المتشددة عبد الرحمن الحاج، إن المجموعة العراقية التي انشقت عن «النصرة» إضافة إلى مجموعة من المتشددين «القاعديين» الأردنيين «حاولوا حشد المقربين من (القاعديين) السوريين، لتقليد مشروع طالبان في أفغانستان»، مشيرًا إلى أن عدد السوريين المشاركين في تلك المساعي «ضئيل جدًا»، جازمًا في الوقت نفسه أن احتمال ولادة مشروع مشابه «ضعيف جدًا».
وأكد الحاج لـ«الشرق الأوسط» أنه خلافًا للمعلومات التي حُكي عنها، عن أن أحد المنظرين الأردنيين لتنظيم القاعدة، أبو محمد المقدسي، أعلن عن الخطوة، «لم يعلن عنها فعلاً، رغم أن المقدسي لم يكن راضيًا عن انفصال (النصرة) عن (القاعدة) بعد أن أعلنت الجبهة التخلي عن التنظيم الأم»، مشيرًا إلى أن «المقدسي طرح فكرة شبيهة بحركة طالبان، وكان ذلك على سبيل طرح الأفكار، فالتقطتها العناصر الأجنبية في الجنوب السوري بسرعة، في حين كانت تحاول البحث عن مشروع جديد».
وأوضح الحاج أن «قسمًا من العناصر الأردنيين في الجنوب السوري لم يتحملوا هذا التوجه الجديد لجبهة النصرة، وأبرزهم أبو خديجة القيادي في (النصرة) في الجنوب السوري، علمًا بأن الشخصيات المعارضة لتوجه (النصرة) من المتشددين والمكروهين سوريًا».
و«طالبان» التي بدأت كحركة أفغانية محلية، نشأت على شكل «حركة تصحيحية» تجمع الفصائل والأطياف في أفغانستان إثر الحرب ضد الاتحاد السوفياتي، ولم تكن قاعدة في البداية، بل احتوت تنظيم القاعدة، وفرضت مقاتلين أجانب في مراحل معينة ساهمت في إجبار الفصائل المحلية على الاندماج.
وفق هذا المنظور، من الصعب أن يتكرر الأمر في الجنوب السوري، ذلك أن عماد المجموعة في سوريا الآن هي من العناصر الأجنبية، وبالتالي لا يمكن أن تتبلور وتتوسع «إلا بالهجوم على الفصائل كاملة وإحلال نفسها مكان الجميع»، بحسب الحاج الذي أشار إلى أن الحل الطالباني «يعني حل جميع الفصائل وتدميرها بإجبارها على الانضمام»، لكنه رجح أن يكون هناك فصيلان يمكن أن ينضويا في حال أعلن عن المجموعة هما: «بقايا فصيل شهداء اليرموك المؤيد لـ(داعش) و(القاعدة) على حد سواء في الجنوب»، و«جند الأقصى المستقل عن (النصرة) و(داعش) في الشمال، لكنه مؤيد لهما عقائديًا»، معتبرًا أن الفصيلين «يمثلان مادة خام يمكن لها أن تستجيب لتطلعات طالبان الشام».
وجزم الحاج بأن استنساخ الفكرة الطالبانية في مناخ سوري بعناصر أجنبية «أمر شبه مستحيل»، موضحًا أن «نشوء التنظيم يجب أن يكون كبيرًا، ويمتلك قدرة من المركزية والتماسك، ويجبر الفصائل على الانضمام إليه، لكنهم لا يمتلكون تلك القدرة لأنهم أقليات وأجانب»، مشددًا على أنه «لا شيء واقعيًا يسمح للتنظيم بالتمدد، إذا لم يحصل تدفق كبير للمقاتلين الأجانب من خارج سوريا، وهو أمر مستحيل حتى الآن».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.