مباحثات الهدنة تصطدم بإدخال موسكو مقاتلي «أحرار الشام» في صفقة حلب

معارضون يطلبون وقف إطلاق نار 4 ساعات لإخراج الجرحى من تحت الركام

حافلة نقل قرب مشفى الرازي في حلب أمس تستعد لنقل بعض النازحين إلى الأحياء الشرقية التي انتزعها النظام من الفصائل المعارضة أخيرًا (أ.ف.ب)
حافلة نقل قرب مشفى الرازي في حلب أمس تستعد لنقل بعض النازحين إلى الأحياء الشرقية التي انتزعها النظام من الفصائل المعارضة أخيرًا (أ.ف.ب)
TT

مباحثات الهدنة تصطدم بإدخال موسكو مقاتلي «أحرار الشام» في صفقة حلب

حافلة نقل قرب مشفى الرازي في حلب أمس تستعد لنقل بعض النازحين إلى الأحياء الشرقية التي انتزعها النظام من الفصائل المعارضة أخيرًا (أ.ف.ب)
حافلة نقل قرب مشفى الرازي في حلب أمس تستعد لنقل بعض النازحين إلى الأحياء الشرقية التي انتزعها النظام من الفصائل المعارضة أخيرًا (أ.ف.ب)

لم تثمر المباحثات الروسية مع فصائل المعارضة السورية للتوصل إلى هدنة في حلب، أي نتيجة، بعد أن اصطدمت بشرط روسي يقضي بخروج 900 مقاتل من حلب، قالت إنهم يتبعون «فتح الشام»، بينما نصفهم من مقاتلي «حركة أحرار الشام»، مقابل التوصل إلى اتفاق يقضي بإيقاف القصف، وإدخال المساعدات الإنسانية، وإجلاء الجرحى من أحياء حلب الشرقية، بينما ينتظر معارضون وقف إطلاق نار لمدة 4 ساعات بحلب؛ لإخراج الجرحى من تحت الركام على وقع القصف المستمر.
وتواصلت المعارك العسكرية، حيث أحرز النظام وحلفاؤه تقدمًا إضافيا من الجهة الشرقية للأحياء المحاصرة، بموازاة محاولات كسر دفاعات قوات المعارضة في العمق، حيث يعمل النظام على استراتيجية تقسيم الأحياء إلى مناطق صغيرة؛ ما يسهل محاصرتها والسيطرة عليها.
وقال مصدر معارض في شمال حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن الطرف الروسي «متمسك بإخراج قائمة من 900 مقاتل يقول إنهم يتبعون (جبهة النصرة) (فتح الشام حاليًا) لقاء تنفيذ بنود الاتفاق الإنسانية»، مشددًا على أن أعداد مقاتلي «النصرة» في أحياء حلب الشرقية «يعدون أقل من 400 مقاتل؛ ما يعني أن الروس ضموا مقاتلي (أحرار الشام) ومقاتلين آخرين يتبعون فصائل أخرى إلى قائمتهم للمقاتلين الذين يشترط خروجهم من المنطقة». وقال المصدر: «هذا يعني عمليًا أن الروس، غير جادين في التوصل إلى هدنة، وأطفأوا محركات التباحث حول هدنة إنسانية؛ كونهم يزيدون شروطهم تعجيزًا، فبعد أن اقتصرت الشروط السابقة على خروج مقاتلي (فتح الشام)، اليوم يضع عراقيل إضافية، وليست هناك ضمانات بألا يوسع الطرف الروسي قائمته أكثر».
وتشير التقديرات إلى أن المقاتلين المعارضين في أحياء حلب الشرقية المحاصرة، يناهز عددهم الـ14 ألف مقاتل، يتوزعون بين فصائل معتدلة تابعة للجيش السوري الحر، وعدد قليل من المقاتلين المتشددين، لا يزيد عددهم على 400 مقاتل، يتبعون جبهة «فتح الشام».
وتتصدر قضية إخراج المقاتلين العراقيل التي تحول دون التوصل إلى اتفاق؛ إذ قال زكريا ملاحفجي، المسؤول الكبير بالمعارضة السورية، أمس، إن جماعات المعارضة أبلغت الولايات المتحدة أنها لن تترك حلب ردا على دعوة موسكو لإجراء محادثات مع واشنطن بشأن انسحاب كامل لمقاتلي المعارضة من الأحياء الشرقية المحاصرة في المدينة.
في السياق، نفى قائد في جيش حلب التابع للمعارضة المسلحة، الأنباء التي تناقلتها وسائل إعلام مقربة من «النظام «السوري حول تسليم مسلحين أنفسهم لجيش النظام أمس». وقال القائد العسكري، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لوكالة الأنباء الألمانية: «ننفي بشكل قاطع تسليم أي من الثوار نفسه لقوات النظام، وأن هذه الأخبار الكاذبة اعتدنا عليها وهي تعيد الأخبار ذاتها التي تناقلتها تلك الوسائل سابقًا بأن مسلحين ومواطنين خرجوا من أحياء حلب الشرقية ليتبين فيما بعد أنهم من أحياء حلب الغربية».
ومع فشل التوصل إلى هدنة، يزداد الوضع الإنساني والعسكري سوءًا؛ إذ قال المصدر نفسه إن الفصائل «يتمنون هدنة، ولو أربع ساعات فقط، تسمح لهم بإخراج الجرحى والقتلى من تحت الدمار؛ ذلك أن كثافة القصف تمنع جهودًا مشابهة، كما أن هناك رفضًا من قبل النظام لدخول أي منظمة أو هيئة طبية إلى المدينة»، لافتًا إلى أن الحديث عن هدنة «يصطدم بتعنت النظام وتسريباته بأنه عازم على السيطرة على كامل حلب قبل نهاية الشهر الحالي».
وجددت المعارضة السورية مطالبة المجتمع الدولي بالتحرك لوقف الهجوم على شرق المدينة. ودعت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة في المعارضة السورية في بيان، أمس «مجلس الأمن وكل الدول الصديقة والمجتمع الدولي عامة إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم والعمل الفوري لإيقاف القصف والمجازر التي تتعرض لها مناطق عدة في سوريا وحلب بشكل خاص». وطالبت بـ«السعي الحثيث لإدخال المساعدات الإنسانية غير المشروطة» بعدما «أصبحت حلب مدينة منكوبة مهددة بكارثة كبرى».
ميدانيًا، تواصلت المعارك العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب، والفصائل المقاتلة والإسلامية من جانب آخر في القسم الأوسط من أحياء حلب الشرقية، حيث تمكنت قوات النظام من تحقيق تقدم في حي الميسر، إضافة للسيطرة على أجزاء من ضهرة عواد، وسط قصف مكثف لقوات النظام على محاور الاشتباك، فيما قصفت الطائرات الحربية بالصواريخ مناطق في حيي باب النيرب والفردوس.
ويتبع النظام سياسة «تقسيم المقسم» لمحاصرة الأحياء في مربعات صغيرة، بهدف إجبار قوات المعارضة على إخلاء مناطقها إلى جنوب الأحياء المحاصرة.
وفي ظل التراجع المستمر لقوات المعارضة، ساد التوتر الأحياء الجنوبية والوسطى من القسم الشرقي من مدينة حلب، في أعقاب حدوث توترات بين فصائل عاملة في أحياء حلب الشرقية، على خلفية قيام «جبهة فتح الشام» و«كتائب أبو عمارة» وفصائل مساندة لها، بمهاجمة مستودعات «جيش الإسلام» و«فيلق الشام» و«قوات النصر» العاملة في حلب، وجرى الهجوم على المستودعات الموجودة في حيي بستان القصر والكلاسة، حيث تم الاستيلاء على أسلحة وذخيرة ومواد تموينية وغذائية ووقود.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن ما زاد في استياء المواطنين، هو قيام الفصائل هذه بالاستيلاء على كميات من الوقود الذي هدر على الأرض أثناء نقله، مع استيلاء فصائل أخرى على المواد الغذائية، في الوقت الذي يعاني فيه أهالي القسم الشرقي من حلب، الجوع وقلة الغذاء والمؤن، لافتًا إلى أن «فتح الشام» و«أبو عمارة» اعتقلت عددًا من مقاتلي الفصيلين وحراس المستودعات، ومن ضمنهم القيادي أبو عبدو شيخ العشرة، معللين الاعتقال بأنه «جرى بأمر من قيادة جيش حلب الموحد بسبب عدم رباط الفصيلين على جبهات القتال».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.