الانقلابيون يضيفون «خطف الأطفال» لقائمة انتهاكاتهم ضد اليمنيين

منعوا النشيد الوطني في المدارس واعتمدوا «الصرخة» الإيرانية

الانقلابيون يضيفون «خطف الأطفال» لقائمة انتهاكاتهم ضد اليمنيين
TT

الانقلابيون يضيفون «خطف الأطفال» لقائمة انتهاكاتهم ضد اليمنيين

الانقلابيون يضيفون «خطف الأطفال» لقائمة انتهاكاتهم ضد اليمنيين

ألغى المتمردون الحوثيون النشيد الوطني في المدارس اليمنية الواقعة تحت سيطرتهم، وأقروا إلزام الطلاب بنشيد طائفي يعرف باسم «الصرخة الإيرانية»، فضلا عن إلزام مديري المدارس بخطب وكلمات طائفية يتم تلقينها للطلاب في طابور الصباح يوميا. ويأتي هذا التطور في المشهد اليمني، في الوقت الذي أضاف فيه الحوثيون إلى قائمة انتهاكاتهم ضد الشعب اليمني عمليات اختطاف الأطفال والزج بهم في السجون، وذلك بهدف إرغام أولياء أمورهم على الإذعان لهم.
وأوضح عبد الحفيظ الحطامي الناشط الحقوقي اليمني لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن الكلمات التي ألزم الحوثيون بها الطلاب تتضمن محاولة زرع الأفكار الإقصائية والتكفيرية والنيل من دول الجوار والحكومة الشرعية لليمن.
وأكدت مصادر ميدانية متطابقة لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين يركزون على اعتقال أبناء النخب المتعلمة لإجبار آبائهم على الانصياع لأجندة التمرد على الشرعية، مشيرة إلى أن من بين المستهدفين في الاعتقال المعلمين والمعلمات، وخطباء المساجد الذين يرفضون تسييس منابرهم الدينية، إضافة إلى الإعلاميين والعاملين في الأعمال الخيرية الذين يتم اختطاف أطفالهم في حال عدم القبض عليهم.
وتابع الحطامي أن الحوثيين يستخدمون الأطفال وسيلة للضغط على آبائهم لتسليم أنفسهم، بعد اعتقالهم وإذاقتهم ألوان العذاب بهدف الوصول إلى معلومات عن مكان وجود آبائهم. وقال إنه لا يتم إخراج الأطفال من المعتقلات إلا بعد تسليم الآباء أنفسهم أو دخول وساطات لعرض مبالغ مالية طائلة تصل إلى مليون ريال يمني (أربعة آلاف دولار) لإطلاق سراحهم، ما يعني أن اعتقال الأطفال تحول إلى مصدر دخل للحوثيين في اليمن.
وكشف الناشط الحقوقي عن أن معتقلات الحديدة تضم حتى الآن أكثر من 300 معتقل من بينهم عشرات الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم 13 عاما فضلا عن النساء وكبار السن، لافتا إلى أن الاعتقالات تكثر بين النخب المتعلمة، خصوصا معلمي المدارس والطلاب وأئمة المساجد الذين رفضوا تسييس منابرهم، ومسؤولي الجمعيات الخيرية، إضافة للصحافيين والمصورين. وقال إن هذه النخب تتعرض عند الاعتقال إلى «أبشع وسائل التعذيب والتي تصل ببعضهم لحد الموت».
وتطرق إلى أن الحوثيين يستخدمون منشآت عامة كمعتقلات، منها قلعة الحديدة التي تؤوي أكثر من 200 سجين، ونادي الضباط، ومقرات جمعيات خيرية استولوا عليها، ومنازل مشايخ، إلى جانب السجن السياسي والشرطة العسكرية والأمنية. وأشار الخطامي الذي يعمل نائبا لنقيب الصحافيين في منطقة الحديدة، إلى أن التمرد الحوثي أثبت على نفسه التورط بالعديد من جرائم الحرب، والجرائم المصنفة دوليا على أنها جرائم ضد الإنسانية.
في سياق متصل، أكد مواطن يمني (طلب عدم الكشف عن اسمه حفاظا على حياته وأفراد أسرته) لـ«الشرق الأوسط»، أن ابنه تعرض للاختطاف والسجن والتعذيب من قبل الحوثيين ولم يتم إخراجه إلا بفدية مالية. وقال إنه تمكن في وقت سابق من الهرب من أحد المعتقلات بعد قصف صاروخي للمبنى، لكن التمرد الحوثي استعاض عنه باختطاف ابنه. وتابع: «بعد هربي من المعتقل الذي كان داخل مبنى سكني، مع عشرات الناجين من جحيم العذاب بعد قصف صاروخي أحدث فتحة في جدران المبنى، ذهب الحوثيون إلى مقر سكني وخطفوا أحد أبنائي الذي لم يتجاوز 13 عاما، ثم طلبوا من زوجتي أن أسلم نفسي إذا كانت تريد أن تنقذ ولدنا»، مبينا أن الابن بقي في المعتقل نحو شهرين قبل أن يتدخل بعض المقربين من أسرته بوساطة مع الحوثيين، انتهت بإخراج السجين القاصر مقابل مليون ريال يمني (أربعة آلاف دولار).
وأضاف أن الفدية تقاسمها الحوثيون والوسيط لإطلاق سراح ابنه الذي لم يتمكن حتى الآن من سماع صوته للاطمئنان عليه كي لا يعرضه للخطر.
وتطرق إلى الظروف غير الإنسانية التي كان يقاسيها قبل الهروب من المعتقل، مشيرا إلى أن أعضاء «كتيبة الموت»، وهي الكتيبة المتخصصة بتعذيب المعتقلين، كانوا يأتون بعد منتصف الليل لسحب بعض الأشخاص إلى غرف أخرى، والتنكيل بهم وإذاقتهم ألوان العذاب بكل الوسائل غير الشرعية كالصعق بالكهرباء والحرق بالنار والجلد والصلب، وإلقائهم بين المعتقلين حتى يروهم يموتون ببطء وهو ما حدث مع ثلاثة أشخاص أمام مرأى عينيه على حد قوله.
وأوضح أن الجنود الذين يقومون بالتعذيب وحراسة المعتقل، لم يكونوا يكترثون بحال المعتقلين الذين تلقوا التعذيب ولا باستغاثة المعتقلين الآخرين لإنقاذهم، وكانوا يقولون: «دعوهم يموتون في ستين داهية»، لافتا إلى أن نباح الكلاب التي كانت تتجمع حول المبنى نتيجة سماع أصوات صراخهم نتيجة التعذيب لا تزال في سمعه حتى اللحظة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم