معماري بريطاني يشرح لـ«الشرق الأوسط» أسباب تصميمه مساجد بلا مآذن أو قباب

شاهد سليم: ثقافتنا نصنعها من جديد

المهندس المعماري البريطاني شاهد سليم - زخارف خارج المسجد توحي بالهوية الاسلامية في شرق لندن ({الشرق الأوسط})
المهندس المعماري البريطاني شاهد سليم - زخارف خارج المسجد توحي بالهوية الاسلامية في شرق لندن ({الشرق الأوسط})
TT

معماري بريطاني يشرح لـ«الشرق الأوسط» أسباب تصميمه مساجد بلا مآذن أو قباب

المهندس المعماري البريطاني شاهد سليم - زخارف خارج المسجد توحي بالهوية الاسلامية في شرق لندن ({الشرق الأوسط})
المهندس المعماري البريطاني شاهد سليم - زخارف خارج المسجد توحي بالهوية الاسلامية في شرق لندن ({الشرق الأوسط})

شاهد سليم مهندس معماري بريطاني مسلم ممارس للمهنة من أصول هندية، وباحث، ومدرس للعمارة في جامعة وستمنستر، وكلية بارتليت للعمارة في جامعة «يونيفرستي كوليدج لندن». ودرس في جامعة كينغستون، وبدأ مسيرته المهنية في مجال العمارة عام 2004 في إيست لندن. وعلى مدى الاثنى عشر عامًا الماضية كوّن خبرة من خلال العمل مع الجاليات الدينية في أنحاء المملكة المتحدة في مجال تصميم وتنفيذ المباني ودور العبادة الخاصة بهم. وقد تضمن ذلك العمل الجالية المسلمة، وتصميم وبناء مساجدهم. ومن الأمور التي اهتم بها في البحث والممارسة عمارة الجاليات المهاجرة وما بعدها، وبشكل خاص علاقتها بأفكار التراث، والانتماء، والأمة. وكلفت هيئة التراث الإنجليزي شاهد سليم بالبحث والكتابة عن العمارة، والتاريخ الاجتماعي للمسجد البريطاني، ومن المقرر أن تقوم هيئة إنجلترا التاريخية بنشر هذا البحث عام 2017. وتم ترشيح أعماله في مجال التصميم لنيل جائزة «فيه آند إيه جميل» عام 2013. وجائزة «أغا خان» للعمارة عام 2016. والمساجد بالنسبة له ليست مجرد أماكن للعبادة في بريطانيا، بل هي مراكز تبنى بشكل عام على نفقة الجالية المسلمة بمبادرة من أهالي كل منطقة، لتكون مراكز تجمع واحتفال والتقاء وصناديق للمعونات الغذائية، بل حتى صالات رياضية.
ومن الخدمات التي تقدمها هذه الجوامع والمساجد وكيف سيبدو شكلها في المستقبل، يرى سليم أن العمارة مؤشر عميق لعملية استكشاف الإسلام البريطاني وماهيته، وإن استخدمنا الهندسة المعمارية لاستكشاف الهوية الجديدة الآخذة في التشكل في هذا البلد، فسيكون ذلك مفيدًا وسوف يمثل أحوالنا وظروفنا الحالية بشكل أكثر دقة. ويقول: «ثقافتنا شيء نصنعه من جديد». «الشرق الأوسط» حاورت المهندس البريطاني عبر البريد الإلكتروني، حيث أكد أنه قام بتصميم خمسة مساجد في بريطانيا فقط بما فيها المساجد التي لم يتم بناؤها بعد. يوجد في هاكني مسجد شاه بوران، وآخر في أبردين وهو مسجد الحكمة، ومسجد آخر في كامبرويل في جنوب لندن، إنه مركز كامبرويل الإسلامي. وعن الطابع البريطاني للمسجد قال سليم: «لا يوجد شيء واحد يكوّن الطابع البريطاني أو البصمة البريطانية. على نحو ما إذا كان المسلمون في بريطانيا يبنون المساجد بالصورة التي يريدونها، فسيكون حينها مسجدًا بريطانيًا. أعلم أن هناك تساؤلات الآن حول ما إذا كان هذا المسجد يضم مئذنة أو قبة أم أنه ينبغي أن يبدو مثل مبنى تقليدي، لكنني أعتقد أن هذا سؤال يختلف عن السؤال الخاص بالطابع البريطاني. أعتقد أنه سؤال عن كيفية فهمنا للتاريخ، والثقافة، وماضينا وحاضرنا الإسلامي. إنه لا يتعلق بالطابع البريطاني».
وحول تاريخ مساجد بلا قبة أو مآذن في العالم الإسلامي، وهل هذا النمط من المساجد يمكن أن ينتشر في العالم الإسلامي، قال سليم: «أعتقد أنني أستطيع القيام بذلك، فلا يوجد ما يمنع هذا. لم يبدأ إدخال القبة إلى تصميم المباني الإسلامية إلا عندما بدأ المسلمون يتعلمون من العمارة البيزنطية المسيحية. وكانت المئذنة جزءا يميز المباني الإسلامية بسبب الحاجة إلى رفع الآذان، لكنها لم تكن موجودة أيام الرسول الكريم. حتى بالنسبة إلى الجامع الأموي في دمشق، لم يتم إضافة المآذن إلا في وقت لاحق. العمارة الإسلامية عملية مكونة من عدة أشياء مختلفة حدثت في مراحل زمنية مختلفة. وحول وجود أي مقاومة أو انتقاد لفكرة مساجد بلا مآذن من مسلمين في المملكة المتحدة، بالنسبة لمشروعه الخاص بعمارة المساجد، الجديد أوضح سليم: «لم أواجه أي مقاومة من أشخاص متدينين. وسيفهم أي إمام أو شيخ أو عالم من الهيئات الشرعية أن هذه الرموز المعمارية ليست جزءا أصيلا من الدين، بل جزءا من ثقافتنا التي نستطيع تطويرها بأنفسنا، فهي لا تجعل الدين في وضع أفضل أو أسوأ». هناك بعض المقاومة من المسلمين لأنهم يشعرون أنه إذا فقد المبنى علاقته بما نراه عمارة إسلامية فسوف يفقد بصورة ما الهوية الإسلامية. أحيانًا يقيم الناس صلة بين العمارة الإسلامية التقليدية والهوية الإسلامية وأنا أحترم ذلك. بصفتي مصمما أنا بحاجة إلى الوضع في الاعتبار ما يعتقده الناس، وما الذي يشعر به المسلم العادي في الشارع تجاه الأمور. مهمتي إن شئت هي تقديم اقتراحات تشير إلى قدرتنا على القيام بالأمور بشكل مختلف دون أن يعد ذلك تنازلا عن الهوية الإسلامية. مع ذلك هذا هو جوهر السؤال: إلى أي مدى يمكن للمبنى الحفاظ على الهوية الإسلامية وأن يتسم بالطابع العصري في الوقت ذاته؟
وحول ردود الأفعال من أبناء الجالية المسلمة تجاه مساجد تخلو من المآذن والقباب، قال سليم ردا على سؤال لـ««الشرق الأوسط»: «أعتقد أن هذا سؤال أساسي يطرحه الناس وأنهم يريدون مبنى يمكن التعرف عليه بوصفه مبنى إسلاميا؟ حتى لو لم يكن به مئذنة أو قبة، أعتقد أن ذلك ينبغي أن يظهر في المواد أو عبر الزخارف الإسلامية الشهيرة، وفي الأشكال والوحدات المستخدمة وغيرها، وبالداخل «سيكون هناك منبر ومحراب وزخارف إسلامية نباتية وهندسية متنوعة توحي بهوية المكان». وعن المساجد التي يفخر بتصميمها، قال: «أعتقد أنه إما مسجد شاه بوران، أو دار الحكمة؛ فشاه بوران كان أول مسجد أقوم بتصميمه وسأظل أفتخر به طوال طريقي». وحول الطابع البريطاني للمساجد وملامحها، أوضح سليم: «أعتقد أنه فهم ثقافة وعصرية كل مسلم؛ وأعني بالعصرية العمارة العصرية. أعتقد أن ما نستطيع القيام به في بريطانيا هو فهم أهمية اختلاف الطرق التي يفهم بها الناس دينهم، وأنه لا يوجد طريقة واحدة صحيحة أو أكثر أصالة من الطرق الأخرى. أعتقد أنه لذلك يعد المعمار الإسلامي البريطاني واحدا من المعمارات التي ينبغي أن تستجيب لتقاليد المسلمين البريطانيين في هذا البلد». وأعرب سليم عن اعتقاده أن مسجد الحكمة في أبردين هو الأفضل من جهة التصميم، لأنه لا يزال يحتفظ بالطابع الفني الإسلامي في الداخل. وقال: «نعم.. لتأكيد طابعه الإسلامي، وكذلك حتى يكون مألوفًا بالنسبة للمسلمين وللقاعدة العريضة من الناس أيضًا. أشعر بأننا نحتاج إلى مبان إسلامية يشعر غير المسلمين بأنها تنتمي إلى ثقافتهم أيضًا على نحو ما، ويرتبطون بها بشكل ما». وقال: «إذا شيدنا مباني مغرقة في التقليدية، سيكون من الصعب جدًا لغير المسلمين أو المسلمين من الجيل الثاني أو الثالث إقامة رابطة مع هذا النوع من العمارة. لذا أعتقد أنه ينبغي أن يكون لدينا عمارة يستطيع من نشأ هنا، وحتى غير المسلم، الشعور بالتواصل معها. هناك وحدات من نجوم مصنوعة يدويًا من الخزف في المبنى مما يعني أن هناك عناصر فنية مستخدمة في المبنى». ويقول سليم، الذي ينحدر من والدين هنديين، إنه ينتمي إلى الجيل الأول من المسلمين المولودين في بريطانيا لوالدين مهاجرين إلى بريطانيا بعد الحرب العالمية، مما يكسبه نوعا من التخصص في دور العبادة الإسلامية التي ينشدها. وحول تصميمه مساجد في العالم الإسلامي خارج بريطانيا يقول سليم: «أود أن أقوم بذلك. أود أن أقوم بتصميم مسجد في العالم العربي. ليس لدي أي اعتراض آيديولوجي على المآذن؛ وأعتقد أنها قطعة معمارية قيمة لا ينبغي أن نفقدها؛ لكنني أعتقد أنه ينبغي توظيفها بالطريقة الصحيحة وللسبب الصحيح، لا كرمز فقط وذلك حتى يكون لها معنى».
وعن وجود ممانعة من بريطانيين ضد مشروع بناء المساجد الجديد، قال سليم: «لا أعتقد أنهم ضد هذا الأمر. من الصعب على الناس إقامة رابط مع هذا الشكل لأنه لا يمثل جزءا من تاريخهم أو ثقافتهم. أعتقد أنه إذا استطعنا تصميم معمار إسلامي يمكنهم التفاعل معه، فسيكون حينها الأمر مختلفا».
إلى ذلك، توجهت «الشرق الأوسط» إلى الشيخ حافظ إكرام الحق رباني، رئيس جمعية علماء بريطانيا، لتسأله عن المشروع الجديد الخاص ببناء مساجد بلا مآذن أو قباب، فقال إن «الله سبحانه وتعالى أرشدنا إلى عمارة المساجد فقال: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَهُ أَنْ تُرْفَعَ ‏وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِ وَالْآصَالِ* رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَة وَلا بَيْعٌ عَنْ ‏ذِكْرِ اللَهِ وَإِقَامِ الصَلاة وَإِيتَاءِ الزَكَاة يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)».‏
وهناك خلاف حول أول من بنى مئذنة في الإسلام، فقيل زياد بن أبيه عامل (معاوية بن أبي سفيان) في مدينة البصرة عام 45 هـ، وقيل مسلمة بن مخلد والي مصر في زمن حكم الأمويين عام 53 هجرية، أما أول قبة فإنها قبة مسجد الصخرة التي أمر بها الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان في عام 72 هـ.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».