فرنجية يرفض ملاقاة مبادرة عون.. والرئيس اللبناني ينبّه من «إضاعة الفرصة»

نائب عن «المستقبل»: الخلاف سياسي وأبعد من الحقائب.. ودفع للتشكيل قبل الميلاد

فرنجية يرفض ملاقاة مبادرة عون.. والرئيس اللبناني ينبّه من «إضاعة الفرصة»
TT

فرنجية يرفض ملاقاة مبادرة عون.. والرئيس اللبناني ينبّه من «إضاعة الفرصة»

فرنجية يرفض ملاقاة مبادرة عون.. والرئيس اللبناني ينبّه من «إضاعة الفرصة»

لم يلاق النائب سليمان فرنجية رئيس تيار «المردة» في لبنان المبادرة الأخيرة التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لحل الأزمة الحكومية، والتي دعا من خلالها كل من لديه «هواجس» معينة لمشاركته إياها بهدف معالجتها. وفضّل فريق «المردة» عدم التعاطي مع البيان الرئاسي الأخير على أنّه موجه إليه، وأصر على أن فرنجية لن يزور القصر الجمهوري إلا إذا طلبه رئيس البلاد بالاسم.
سلبية فرنجية بالتعاطي مع المبادرة الرئاسية تركت، في الواقع، أثرها على عملية تشكيل الحكومة التي لا تزال تراوح مكانها في ظل الخلاف على حصة «المردة»، كما على توزيع الحقائب وخاصة حقيبة الأشغال التي يتمسك بها كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحزب «القوات اللبنانية»، ويرفض أي منهما التنازل عنها. وقالت مصادر معنية بعملية تأليف الحكومة مقربة من الرئيس عون لـ«الشرق الأوسط» إنّه «كان واضحا في بيانه لجهة دعوته مَن لديه هواجس أو ملاحظات أو استفسارات، أيا كان هذا الفريق، للتوجه إلى قصر بعبدا (مقر الرئاسة) لتوضيحها ومعالجة الأمور العالقة بهدف تسهيل عملية التشكيل»، لافتة إلى أن «البيان لم يكن موجها لشخصية معينة بل لكل الأفرقاء الذين عبّروا بتصاريح سابقة لهم عن هواجس معينة وأبرزهم الكتائب والمردة والحزب القومي (السوري الاجتماعي) وغيرهم».
وأوضحت المصادر أنه يجري حاليا «رصد ردود الفعل المختلفة من المبادرة الرئاسية بهدف تقييمها وتحديد اتجاه الأمور»، مشددة على أن «هذه المبادرة فرصة لا يجب إضاعتها خاصة أنها غير مرتبطة بتوقيت زمني». وأضافت: «أما إذا لم يكن هناك تجاوب معها، فعندها يتحمل كل فريق مسؤولية القرار الذي اتخذه».
هذا، ولقد تردت العلاقة بين فرنجية وعون، اللذين كانا يُعتبران حلفاء مقربين جدا وجزءا من تكتل سياسي واحد هو تكتل «التغيير والإصلاح» الذي كان يرأسه عون، في أعقاب قرار رئيس تيار «المستقبل» العام الماضي ترشيح رئيس تيار «المردة» لرئاسة الجمهورية، وعدم تحبيذ عون للموضوع، بل اعتباره أن رئاسة الجمهورية حق له كونه صاحب أكبر كتلة نيابية مسيحية.
ويبدو أن فرنجية لم يتخط بعد هذا الموقف الذي اتخذه عون. فهو وبعدما قرر المضي بترشيحه للرئاسة ومواجهته داخل البرلمان، قاطع الاستشارات النيابية التي استضافها رئيس الجمهورية في قصر بعبدا لتكليف رئيس جديد للحكومة. واللافت أن فرنجية لا يخوض صراع «الكباش» الحكومي الحالي وحيدا من خلال مطالبته بالحصول على إحدى الوزارات الخدماتية الأساسية، وبالتحديد الطاقة أو الاتصالات أو الأشغال، إنما يحظى بدعم قوي من الثنائي الشيعي وبالتحديد رئيس المجلس النيابي نبيه برّي وما يسمى «حزب الله».
ومن ثم، باتت معظم القوى السياسية مقتنعة بأن ما يعيق عملية تشكيل الحكومة أبعد من «التناهش الحاصل على الحقائب الوزارية»، وهو ما عبّر عنه النائب عن تيار «المستقبل» محمد قباني الذي تحدث عن «صراع على أمرين أساسيين: الأحجام السياسية خاصة أننا على أبواب عهد جديد وسياسة العهد والحكومة وسط الأزمات العاصفة بالمنطقة، والانقسام الحاصل بين محورين ومشروعين.. الأول مشروع إيراني يقوده (حزب الله) والثاني مشروع عربي يرفض الأول ويريد المحافظة على علاقات لبنان العربية».
وأوضح قباني في حديث لـ"الشرق الأوسط" انّه بالرغم من الاتفاق الذي تم بين تيار "المستقبل" و"التيار الوطني الحر" الذي أدّى لانتخاب العماد عون رئيسا، الا أن التيارين يتناقضان في الكثير من الامور والخلافات السياسية لا تزال موجودة بينهما"، لافتا الى ان "هناك من يريد التأكد من التوجه السياسي الجديد للعهد والحكومة قبل القيام بأي خطوة الى الأمام".
‎واستهجن قباني الدفع الحاصل لاتمام اتفاق على قانون تجري على اساسه الانتخابات النيابية قبل تشكيل الحكومة، مشددا على ان هناك أولويات يجب مراعاتها. وقال:"على كل الاحوال الصراع ليس على القانون وحده بل على اتجاه العهد سياسيا"، مرجحا رغم ذلك ان لا تطول عملية تأليف الحكومة في ظل وجود "دفع كبير لاعلان الولادة قبل عيد الميلاد"، الموافق في 24 من الشهر الحالي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.