شراكة دولية في أبوظبي لحماية التراث الثقافي المهدد

دعت دولة الإمارات العربية المتحدة وفرنسا ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) الجمعة إلى تعاون دولي لحماية المواقع التراثية الواقعة في مناطق النزاع، في افتتاح مؤتمر دولي بمشاركة أكثر من أربعين دولة في أبوظبي.
وافتتحت في مدينة أبوظبي أمس أعمال مؤتمر دولي يهدف إلى وضع آليات جديدة لحماية التراث الثقافي الواقع في مناطق النزاعات المسلحة والمهدد من الجماعات الجهادية والمتطرفة.
وسيحضر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى جانب ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اليوم الجلسة الختامية للمؤتمر الذي يشارك فيه رؤساء دول وممثلون عن نحو أربعين بلدا وجمعيات تعنى بالآثار.
وقالت المديرة العامة لليونيسكو إيرينا بوكوفا في كلمة ألقتها: «حتى ننجح، علينا أن نعمل معا. يجب أن نتحد جميعا من أجل التراث الثقافي.» ورأت أن حماية الآثار «لا يمكن فصلها عن حماية الحياة البشرية». معتبرة أن «التدمير الممنهج للآثار جريمة حرب».
ويمثل المؤتمر الذي يعقد في وقت شارفت أعمال تشييد متحف اللوفر في أبوظبي على نهايتها، فرصة لمناقشة إنشاء صندوق دولي لحماية التراث المهدد بالخطر على أن يخصص له مبلغ 100 مليون دولار.
وسيسمح هذا الصندوق بتمويل عمليات نقل معالم تراثية وحفظها وترميمها من خلال استخدام تقنية ثلاثية الإبعاد خصوصا، وكذلك تدريب أخصائيين لهذه الغاية.
وأوضحت بوكوفا في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية أن منظمة اليونيسكو «ستلعب دورا محوريا في إدارة وتقديم الإرشادات ومراقبة المسائل التي تحتاج إلى تمويل أكثر من غيرها.»
وأعربت عن تفاؤلها بشأن المساهمات المالية للدول المشاركة بفعل حضور رؤساء دول، معتبرة أن المؤتمر يشكل «بداية جيدة، إلا أن هناك الكثير من التحديات».
وسيكون الصندوق بشكل «وحدة قانونية مستقلة» بحسب وثيقة تمهيدية تشير إلى «مؤسسة قانونية سويسرية» ربما يتم إنشاؤها في جنيف اعتبارا من 2017.
وسيحظى الصندوق بحوافز ضريبية وسيستوحى من النظام الداخلي للصندوق العالمي لمكافحة مرض الايدز والسل والملاريا، وهو مؤسسة لا تتوخى الربح مقرها جنيف أيضا، بحسب مصدر فرنسي.
وقال محمد خليفة المبارك، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة الذي أشرف على التحضيرات للمؤتمر في الجلسة الافتتاحية: «يجب العمل بالتنسيق المباشر بين بلدان منظمة اليونيسكو».
وتابع: «نعمل سويا اليوم على طرح مبادرة عالمية تحت رعاية اليونيسكو لحماية التراث الثقافي المهدد بالخطر تبدأ (...) بإنشاء صندوق دولي لحماية التراث الثقافي في مناطق الصراع تبلغ قيمته مائة مليون دولار».
ورأى المسؤول الإماراتي أن المبادرة «ستساهم في تغيير مسار التاريخ»، معتبرا أن العالم يقف «أمام منعطف تاريخي نحتاج فيه إلى التعاون سويا لحفظ التراث وثقافات العالم».
وأكد رئيس معهد العالم العربي في باريس جاك لانغ أن «وقت التحرك الدولي قد حان: أطراف في القطاعين الخاص والعام تجتمع من أجل حماية التراث الثقافي الذي تهدده الحرب»، وأوضح لانغ: «المؤتمر سيطلق عملا فعليا».
وعشية افتتاح المؤتمر، دعا خمسة من حائزي جائزة نوبل للسلام، بينهم وزيرة خارجية بورما أونغ سان سو تشي، المشاركين إلى «تحمل مسؤولياتهم» والتحرك في مواجهة التحدي التاريخي المتمثل في الخطر الذي يهدد التراث العالمي في مناطق النزاعات.
وقال هؤلاء في بيان إن التطرف في العراق وأفغانستان وسوريا ومالي يقوض «أملنا في المستقبل».
وستطرح في طاولات مستديرة ثلاثة مواضيع خلال المؤتمر الذي وصف بأنه «الوجه الثقافي للتصدي للإرهاب على الصعيدين العسكري والسياسي»: الحماية أو «الوقاية من سقوط تراث ثقافي بايد مدمرة»، بحسب تعبير هولاند، التدخل السريع للتصدي أيضا لعمليات الاتجار والتهريب غير المشروعين، ترميم المعالم الأثرية التي تعرضت للتخريب أو التدمير بعد النزاعات.
وللمؤتمر هدف ثان هو إنشاء «شبكة دولية من الملاذات» لتلبية طلبات الدول الراغبة في حماية تراثها المهدد.
وقال هولاند في نيويورك في سبتمبر (أيلول): «كما هناك حق لجوء» للأفراد «علينا أيضا أن نجد حق لجوء للآثار»، وفي الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، أعلن هولاند أن المركز المقبل لحفظ الآثار في متحف اللوفر الذي سيفتح أبوابه عام 2019 في ليافان (شمال فرنسا) سيحفظ كذلك الآثار المهددة.
وسيزور هولاند متحف اللوفر في أبوظبي قبل افتتاحه رسميا في 2017، كما سيزور قاعدة الظفرة الجوية التي تنطلق منها طائرات إماراتية لضرب أهداف جهادية في العراق وسوريا.
وأقر المبارك في وقت سابق بأن موضوع حماية التراث «غالبا ما يبدو ثانويا أمام القضايا الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة عن نزاع غير متوقع»، مضيفا: «من واجبنا أن نتحد ونحمي هذا التراث ونحافظ عليه».
وتنعقد أعمال المؤتمر في إطار احتفالات الإمارات بالعيد الخامس والأربعين للوحدة.