تونس: مبادرة سياسية لحل أزمة الحزب الحاكم

دعوة الرئيس السبسي إلى محاولة التوفيق بين الحكومة ونقابة العمال لتجاوز التوتر بين الطرفين

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يصافح الإمام حسن شلغومي خلال زيارته إلى باريس أمس (أ ف ب)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يصافح الإمام حسن شلغومي خلال زيارته إلى باريس أمس (أ ف ب)
TT

تونس: مبادرة سياسية لحل أزمة الحزب الحاكم

الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يصافح الإمام حسن شلغومي خلال زيارته إلى باريس أمس (أ ف ب)
الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي يصافح الإمام حسن شلغومي خلال زيارته إلى باريس أمس (أ ف ب)

أعلن الأزهر القروي الشابي، الممثل الشخصي للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، عن مبادرة رئاسية لحل أزمة «حزب النداء»، الحزب الحاكم في تونس، وقالت مصادر من رئاسة الجمهورية إن الباجي سيعلن عن تفاصيل هذه الخطة بنفسه إثر عودته من بلجيكا، حيث يحضر جلسات الحوار بين بلاده والاتحاد الأوروبي.
ويتولى الباجي حاليا منصب الرئيس الشرفي لحزب «النداء»، بعد تأسيسه سنة 2012، وتمكنه من إزاحة تحالف «الترويكا»، بزعامة حركة النهضة (حزب إسلامي) من السلطة في انتخابات 2014.
وحسب ما تسرب من معطيات حول هذه المبادرة بعد التكتم عليها إلى حين عودة الباجي، فمن المنتظر أن تقضي أهم نقطة بعقد مؤتمر استثنائي لحزب النداء بداية السنة المقبلة، وتحديدا في النصف الأول من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.
وفي معرض الحديث عن تفاصيل هذه المبادرة السياسية الجديدة، اعتبر الشابي أن العنصر الأساسي فيها يكمن في الدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي للحزب، الذي لم يعقد مؤتمره الأول منذ تأسيسه منتصف 2012، وعدم قطع الطريق أمام أي طرف سياسي، إثر الخلافات السياسية العميقة التي عرفها الحزب منذ فوزه في انتخابات سنة 2014.
وتقترح هذه المبادرة قيادة جماعية لحزب النداء طوال المرحلة التي تفصله عن موعد المؤتمر الاستثنائي، وإشراك جميع الفرقاء، سواء من شق حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي، أو من شق رضا بلحاج المدعوم من عدة قيادات سياسية لها وزن داخل حزب النداء، على غرار بوجمعة الرميلي والأزهر العكرمي. وأشارت مصادر مطلعة من حزب النداء، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هذا الاتفاق السياسي يدعو في حال إقراره إلى إعادة انتخاب نجل الرئيس التونسي في منصب أمين عام الحزب، مع اشتراط تجريده من منصب المدير التنفيذي لحزب النداء، في محاولة لإرضاء الشق الغاضب من سيطرة حافظ قائد السبسي على القرار السياسي داخل حزب النداء، والابتعاد عن شبهة توريث الحزب، ومن ثم السلطة لابن الرئيس التونسي الحالي.
ومن المنتظر أن يدعو نجل الرئيس التونسي بنفسه إلى هذا المؤتمر الاستثنائي، أما المؤتمر الانتخابي فستتعهد مختلف الأطراف بتنظيمه خلال شهر يونيو (حزيران) 2017.
ويقضي الاتفاق السياسي، الهادف إلى حل الأزمة السياسية داخل حزب النداء، إلى تكليف حافظ قائد السبسي بالأمانة العامة للحزب إثر المؤتمر الاستثنائي، على أن يتولى الفريق المعارض لسياساته أهم الخطط داخل حزب النداء، وذلك لضمان عدم انفراده بالقرار السياسي، فيما يعهد لنجل الرئيس ملف الانخراطات والانتخابات على المستويين المحلي والجهوي.
ويلعب الرئيس التونسي دورا توافقيا في حل أزمة الحزب الحاكم، وقد سبق له أن نفى في أكثر من حوار إعلامي نصرته لنجله في معركة الخلافات السياسية بين قيادات النداء، ويلوح في المقابل بتشكيل جبهة الوحدة الوطنية كحزب بديل لحزب النداء، في حال عدم توفقه في التوافق السياسي خلال الفترة التي تفصل البلاد عن الانتخابات البلدية، المقررة نهاية السنة المقبلة والانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة دستوريا لسنة 2019.
على صعيد متصل، وفي نطاق البحث عن حل للأزمة الحادة التي برزت بين حكومة الوحدة الوطنية والاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، دعت أطراف سياسية مشاركة في الحكومة إلى اضطلاع الباجي قائد السبسي بمهمة الحوار الوطني بين الحكومة ونقابة العمال، وذلك لتجاوز التوتر بين الطرفين، في ظل تمسك النقابة بشن إضراب عام عن العمل في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الحالي في القطاع العام، مشيرة إلى ضرورة عودة الأطراف الموقعة على «وثيقة قرطاج»، والتي أفرزت تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، إلى طاولة الحوار لتجاوز الأزمة الحادة التي اندلعت بين الحكومة ونقابة العمال.
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) من بين الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج، إلى جانب نقابة رجال الأعمال وتسعة أحزاب سياسية، من بينها حزب النداء وحركة النهضة.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.