تعقيدات تواجه حل أزمة حلب سياسيًا

مواقف لافروف وجاويش أوغلو توحي باصطدام اجتماعات أنقرة بحائط مسدود

الرئيس اللبناني ميشال عون يصافح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون يصافح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (دالاتي ونهرا)
TT
20

تعقيدات تواجه حل أزمة حلب سياسيًا

الرئيس اللبناني ميشال عون يصافح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون يصافح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو (دالاتي ونهرا)

لا يبدو أن الاجتماعات التي تُعقد في العاصمة التركية أنقرة بين مسؤولين روس وقيادات عسكرية في المعارضة السورية نجحت حتى الساعة في تحقيق أي خرق يذكر على صعيد التوصل إلى إنجاز اتفاق سياسي يضع حدا للمعارك المحتدمة في مدينة حلب عاصمة شمال سوريا. ولم تعكس التصريحات الصادرة عن وزيري خارجية روسيا وتركيا، أمس، التوصل إلى أي تفاهم بشأن إخراج مقاتلي «فتح الشام» من المدينة مقابل وقف إطلاق النار، وهو ما أشارت إليه مصادر مطلعة على المفاوضات الحاصلة في أنقرة، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «تعقيدات كبرى تحيط بالملف في ظل انعدام الثقة بالنظام وداعميه، وقناعة الفصائل بأن الهدف الفعلي للروس هو توسيع رقعة سيطرة ميليشيات النظام جغرافيا لا أكثر».
المصادر أكدت، أنه «لم يتم إحراز أي تقدم في النقاشات المستمرة بين طرفي المعارضة وموسكو بإشراف تركي»، مشيرة إلى أنه «يجري الدوران في حلقة مفرغة». وأوضح سمير نشار، عضو الائتلاف السوري المعارض لـ«الشرق الأوسط» أن ما يحصل الآن في أنقرة لا يزال بإطار المقترحات التي تتقدم بها الأطراف، لافتا إلى أن «الفصائل التي تشارك في المباحثات يجب أن تتشاور مع المحاصرين في حلب، الذين يعود لهم اتخاذ القرار النهائي بشأن مصيرهم، كما موسكو مضطرة إلى التشاور مع الإيرانيين باعتبار أنهم والميليشيات الشيعية من يقودون فعليا الهجوم البري على المدينة». وأوضح نشار «الفريقان اللذان يتفاوضان يخشيان إعلان أي اتفاق وألا يتم الالتزام به». وأضاف: «الوضع صعب ومعقد جدا، ولا وجود لاتفاق حقيقي قابل للتنفيذ».
واعتبر نشار أن إعلان الفصائل تشكيل «جيش حلب» الموحد في الساعات الماضية «ليس مواكبة للتطورات الميدانية فقط إنما ردا على المقترحات السياسية التي يتم تداولها»، منبها من «سعي روسي لتفكيك جبهة مقاتلي المعارضة في حلب من خلال الحث على إخراج عناصر فتح الشام والذين لا يتخطى عددهم الـ400». وتساءل «أصلا ما الضمانات بأن يلتزم الإيرانيون والميليشيات الشيعية بباقي بنود الاتفاق في حال قبل عناصر (فتح الشام) بالخروج من المدينة؟».
ويوم أمس اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي مع نظيره الإيطالي باولو جينتيلوني، في روما، كل فصائل المعارضة المسلحة في حلب بـ«الخضوع لأوامر تنظيم جبهة فتح الشام» (النصرة سابقا)، مرجحا أن يكون الإعلان عن تشكيل «جيش حلب» الجديد: «ليس إلا محاولة لتقديم جبهة (فتح الشام) تحت اسم جديد وإخراجه من تحت العقوبات الدولية المفروضة عليه». واعتبر أن «المفاوضات السورية تقوض منذ أكثر من نصف عام من قبل تلك الأطراف التي تضع شروطا وتطالب بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد»، مدعيًا أنه «لم يعد هناك خطر تعرض القوافل الإنسانية للهجمات»، لافتا إلى أنه «يجب فقط الاتفاق مع السلطات السورية».
في المقابل، دعا وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى وقف فوري لإطلاق النار في سوريا ووصف الوضع في حلب بـ«الخطير» وقال: إن رئيس النظام السوري بشار الأسد «لا يصلح للحكم». وردا على سؤال عن الأسد في مؤتمر صحافي ببيروت ذكر جاويش أوغلو أنه «ما من شك أن الرئيس السوري مسؤول عن مقتل 600 ألف شخص، وأن من له سجل مثل هذا لا ينبغي أن يحكم دولة». وأوضح أن بلاده تتحدث إلى إيران وروسيا حليفتي الأسد، إضافة إلى النظام السوري ولبنان عن محاولة التوصل إلى حل في سوريا.
في هذه الأثناء، نقلت وكالة «آكي» الإيطالية عن مصدر دبلوماسي أوروبي قوله إن «روسيا لا تريد سقوط مدينة حلب في الوقت الراهن، وهي ستعمل على كبح جماح قوات النظام السوري والميليشيات السورية وغير السورية الرديفة لها، لكنها ستستمر في محاربة التنظيمات التي تصفها بالإرهابية في القسم الشرقي من المدينة». وأشار المصدر إلى أن «عدم رغبة روسيا سقوط القسم الشرقي من مدينة حلب في الوقت الراهن لا يعني أنها ستوقف عملياتها العسكرية هناك، أو أنها ستفك الحصار عن المدينة المُحاصرة؛ فالأمر ليس هدنة ولا مصالحة، بل هو قرار بتخفيف زخم الدعم الجوي الروسي لقوات النظام السوري والميليشيات المؤيد له والمرابطة حول حلب». بدورها، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول كبير بالمعارضة السورية فضّل عدم الكشف عن هويته، اتهامه روسيا بـ«المماطلة وعدم الجدية» في أول محادثات تجريها مع جماعات معارضة من مدينة حلب السورية في مؤشر على أن الاجتماعات المنعقدة في تركيا لن تحقق أي تقدم. ونبّه إلى أنه وفي حال لم تدخل الدول العربية والولايات المتحدة على الخط: «فنحن أمام مأساة حقيقية إذا الأمور استمرت على الوتيرة نفسها».
وبالتزامن، صعّدت بريطانيا أمس من مواقفها بوجه الأسد، وكرر وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون القول إن «بشار الأسد مسؤول عن مقتل معظم ضحايا المجازر المرتكبة في سوريا خلال السنوات الخمس الماضية»، وأضاف: «نعتقد أن الملايين في سوريا لن يقبلوا أن يحكموا من قبل الأسد مرة أخرى». وشدّد جونسون في كلمة له، الجمعة، في مركز أبحاث «تشاتام هاوس» (المعهد الملكي للشؤون الدولية)، حول الدور المتوقع لبشار الأسد (رئيس النظام السوري) في مستقبل سوريا، على وجوب إيجاد «طريقة جديدة للمضي قدمًا نحو الأمام»، لافتا إلى أنه «يجب طي صفحة الأسد».
وأكد جونسون، أن لندن «ستواصل انتهاج مواقف متشددة تجاه روسيا، ولن تتجاهل الدور الروسي بالمجزرة الجارية في مدينة حلب». وأضاف: «لا يمكننا تطبيع العلاقات مع روسيا، قلت مرات عدة، بإمكان روسيا أن تحظى باحترام العالم من خلال وضع حد لحملة القصف في سوريا، وإقناع الأسد بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، والالتزام باتفاقية مينسك المتعلقة بأوكرانيا. وسأستمر أنا ورئيسة الوزراء تيريزا ماي، في إرسال الرسائل في هذا الصدد».



هدنة غزة: محادثات القاهرة تشهد «تقدماً كبيراً»

طفلتان فلسطينيتان تقفان وسط أنقاض مبان مدمرة جراء الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفلتان فلسطينيتان تقفان وسط أنقاض مبان مدمرة جراء الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

هدنة غزة: محادثات القاهرة تشهد «تقدماً كبيراً»

طفلتان فلسطينيتان تقفان وسط أنقاض مبان مدمرة جراء الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفلتان فلسطينيتان تقفان وسط أنقاض مبان مدمرة جراء الغارات الإسرائيلية في قطاع غزة (أ.ف.ب)

قال مصدران أمنيان مصريان لوكالة «رويترز» للأنباء إن المفاوضات التي عقدت في القاهرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بشأن غزة تشهد تقدماً كبيراً.

وأشار المصدران إلى أن الأطراف اتفقت على عدد من القضايا، منها التوافق على وقف إطلاق نار طويل الأمد في غزة، مؤكداً أن بعض النقاط الشائكة لا تزال قائمة رغم التقدم المحرز في المحادثات، ومنها مسألة أسلحة حركة «حماس».

وقالت قناة «القاهرة الإخبارية» التابعة للدولة في مصر إن رئيس جهاز المخابرات المصري حسن محمود رشاد سيلتقي مع وفد إسرائيلي برئاسة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، الاثنين، في القاهرة.

وأضافت القناة أن هذا اللقاء يأتي في إطار الجهود المصرية القطرية لاستئناف وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» في غزة.

 

ويأتي الاجتماع في أعقاب زيارة وفد «حماس» لمصر قبل عدة أيام لبحث التهدئة.

ولم يؤكد مسؤولون إسرائيليون إلى الآن هذه المعلومات.

وتقود مصر، إلى جانب قطر والولايات المتحدة، جهوداً دبلوماسية لإنهاء الحرب المدمرة في غزة والتي دخلت شهرها الثامن عشر.

وكانت «حماس» أعلنت في وقت سابق هذا الأسبوع أن وفدها غادر القاهرة السبت بعد إجرائه محادثات مع الوسطاء المصريين.

وقال مسؤول في «حماس» لم يشأ كشف هويته لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن الحركة مستعدة لعقد «صفقة» لإنهاء الحرب في قطاع غزة تشمل إطلاق سراح الرهائن المتبقين دفعة واحدة وهدنة لخمس سنوات.

في 17 أبريل (نيسان)، رفضت «حماس» اقتراحاً إسرائيلياً يتضمن هدنة لمدة 45 يوماً في مقابل الإفراج عن 10 رهائن أحياء.

وفي مقابل مطالبة «حماس» باتفاق شامل، تطالب إسرائيل بإعادة جميع الرهائن ونزع سلاح «حماس» والفصائل الفلسطينية الأخرى، لكنّ الحركة شددت على أن هذا المطلب يشكل «خطاً أحمر».