باريس تريد من مجلس الأمن «إجراءات ملموسة» لحماية مدنيي حلب الشرقية

تضارب المواعيد أجَّل مؤتمر «النواة الصلبة» للعاشر من ديسمبر

العامل في الإغاثة أنس الباشا (24 سنة) ومدير مؤسسة «فضاء للأمل» قتل في غارة جوية على حي المشهد بحلب من الطيران الروسي أول من أمس.. أنس اعتاد القيام بأنشطة ترفيهية للأطفال في المناطق المحاصرة شمال سوريا (أ.ب)
العامل في الإغاثة أنس الباشا (24 سنة) ومدير مؤسسة «فضاء للأمل» قتل في غارة جوية على حي المشهد بحلب من الطيران الروسي أول من أمس.. أنس اعتاد القيام بأنشطة ترفيهية للأطفال في المناطق المحاصرة شمال سوريا (أ.ب)
TT

باريس تريد من مجلس الأمن «إجراءات ملموسة» لحماية مدنيي حلب الشرقية

العامل في الإغاثة أنس الباشا (24 سنة) ومدير مؤسسة «فضاء للأمل» قتل في غارة جوية على حي المشهد بحلب من الطيران الروسي أول من أمس.. أنس اعتاد القيام بأنشطة ترفيهية للأطفال في المناطق المحاصرة شمال سوريا (أ.ب)
العامل في الإغاثة أنس الباشا (24 سنة) ومدير مؤسسة «فضاء للأمل» قتل في غارة جوية على حي المشهد بحلب من الطيران الروسي أول من أمس.. أنس اعتاد القيام بأنشطة ترفيهية للأطفال في المناطق المحاصرة شمال سوريا (أ.ب)

أخيرا رسا خيار باريس على عقد اجتماع النواة الصلبة للمجموعة الداعمة للمعارضة السورية على المستوى الوزاري، في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بعدما كانت مصادر وزارة الخارجية أشارت الأسبوع الماضي إلى تاريخ السادس من الشهر المذكور. وبحسب الخارجية، فإن التأخير يعود لـ«تضارب المواعيد» الخاصة بالوزراء المدعوين. ولذا حرصت الجهة المنظمة على اختيار التاريخ الذي يلائم غالبية المشاركين الذين تحرص فرنسا على أن يكون بينهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري.
بيد أن مصادر متابعة للجهود الفرنسية أبدت «أسفها» لتأخر موعد الاجتماع باعتبار أنه إذا استمرت هجمة النظام والقوى التي تدعمه في حلب، فإن هناك «خطرا» من أن يحصل الاجتماع بعد أن تكون هذه القوى قد سيطرت على غالبية الأحياء الشرقية في حلب أو ما تبقى منها.
وأمس، قال جان مارك إيرولت، وزير الخارجية، إن الغرض من الاجتماع هو جمع الدول التي «ترفض منطق الحرب الشاملة» في سوريا، وهو ما كانت قد جاءت عليه «الشرق الأوسط» في عددها يوم أمس. وتريد باريس من خلال الاجتماع أن تكون هي «القاطرة» التي تجر وراءها الدول الأخرى الفاعلة التي تضاءل دورها في الأزمة السورية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. ومن هذا المنظور، فإن المنتظر من اللقاء المشار إليه الذي سيحصل يوم السبت (10 الجاري) أن يحاول «استنهاض عزيمة» الدول المعنية بالتعبير عن موقف «قوي» من روسيا وإيران والأطراف الأخرى الداعمة للنظام. وأعرب مصدر فرنسي سألته «الشرق الأوسط» عن أمله في أن تكون الضغوط التي يمكن أن تمارس على موسكو «ذات فائدة»، على الأقل مؤقتا، مثلما كان الحال عندما أسفرت ضغوط مشابهة، بمشاركة أميركية، عن تعليق العمليات الحربية ثلاثة أيام، من 18 إلى 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ومنذ ذلك الحين، تقول روسيا رسميا إنها لم تشارك أبدا في عمليات القصف على حلب، وهو ما قاله يوم أمس سيرغي رودوسكي، الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية الذي أكد أن الطيران الروسي لا يشارك في عمليات حلب منذ 44 يوما.
بيد أن باريس تبدو «مشككة» فيما يقوله المسؤول الروسي، لا بل إن وزير الخارجية عاد ليحمّل موسكو مسؤولية ما يقوم به النظام في شرق حلب. وقال إيرولت أمس، إن «التهاون اليوم إزاء بشار الأسد يرتب مسؤولية كبيرة على عاتق من يقوم به». وإذا كانت جهود الدبلوماسية الفرنسية لوقف مأساة حلب غير مضمونة، فإن باريس ترى أن من واجبها قرع ناقوس الخطر لأنه «آن الأوان لأن يستيقظ المجتمع الدولي، إذ إن المأساة جارية أمام أعيننا». لكن المشكلة أن الخطاب «الأخلاقي» أخذ يظهر على أنه الغلالة التي يراد منها التغطية على عجز الغربيين عن التأثير عمليا في الوضع الميداني السوري، لانعدام الرغبة في موازاة الثقل الروسي، أو بسبب أوضاع سياسية داخلية كما هي الحال في الولايات المتحدة الأميركية.
بانتظار ذلك، كانت الأنظار أمس متجهة إلى نيويورك لمعرفة ما سيسفر عنه اجتماع مجلس الأمن «الفوري» بناء على طلب باريس. وقالت المصادر الفرنسية، إن باريس اختارت التركيز على الزاوية الإنسانية للوضع في حلب والتحرك انطلاقا منها في مجلس الأمن «لأنها الوحيدة التي يمكن أن يغض الطرف الروسي النظر عنها، ويمتنع عن قتل أي مبادرة بشأنها في المهد». وانطلاقا من ذلك، دعا إيرولت مجلس الأمن لاتخاذ تدابير وإجراءات «ملموسة» لإنقاذ المدنيين وذلك عقب استقباله بريتا حاجي حسن، رئيس المجلس المحلي للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب. واستفاد الأخير من الفرصة لمطالبة المجتمع الدولي بفتح ممر آمن لمساعدة المدنيين على مغادرة الأحياء المحاصرة دون التعرض للأذى من قبل قوات النظام أو القوى الرديفة له. و«باسم الإنسانية وباسم القانون الدولي» طالب المسؤول المحلي في المؤتمر الصحافي المشترك مع إيرولت، بأن يسمح للمدنيين بالذهاب إلى «حيث يشاؤون».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».