أزمة السكن في ألمانيا تدفع إلى رواج «البيوت المتحركة»

الشباب والعاملون أكثر قاطني العائمات والحاويات

خلال السنوات العشر الأخيرة تمكن فقط واحد من بين كل ثلاثة أشخاص من تحقيق حلمه وامتلاك شقة أو بيت
خلال السنوات العشر الأخيرة تمكن فقط واحد من بين كل ثلاثة أشخاص من تحقيق حلمه وامتلاك شقة أو بيت
TT

أزمة السكن في ألمانيا تدفع إلى رواج «البيوت المتحركة»

خلال السنوات العشر الأخيرة تمكن فقط واحد من بين كل ثلاثة أشخاص من تحقيق حلمه وامتلاك شقة أو بيت
خلال السنوات العشر الأخيرة تمكن فقط واحد من بين كل ثلاثة أشخاص من تحقيق حلمه وامتلاك شقة أو بيت

على الرغم من إدراج ألمانيا على لائحة البلدان الأغنى في العالم، فإن نسبة مالكي البيوت من السكان قليلة مقارنة مع إيطاليا الأقل غنى على سبيل المثال أو بعض البلدان الاسكندنافية، وتحتل ألمانيا حاليا المرتبة الخامسة في ذلك الشأن على المستوى الأوروبي.
فخلال السنوات العشر الأخيرة، تمكن فقط كل واحد من بين كل ثلاثة أشخاص من تحقيق حلمه وامتلاك شقة أو بيت، وساعد في ذلك تدني الفائدة المصرفية على القروض؛ مع أن الشروط المرتبطة بعقد القرض صعبة.
والفئة الأكثر إقبالا على الاقتراض لبناء أو امتلاك منزل عائلة أو شقة هم موظفو المؤسسات الحكومية والشركات الكبيرة، إلا أن غالبية هذه البيوت أو الشقق تكون في الضواحي، لأن الأسعار في داخل المدينة باهظة جدا.
ولقد استفاد البعض من تدني الأسعار في مناطق شاسعة على محيط المدن الكبيرة مثل العاصمة برلين، أو اشترى بيوتا متداعية في الأقاليم الشرقية ورممها أو أعاد بناءها.
إلا أن شروط القروض الصعبة لم تنجح في فتح شهية كثير من الفئات، مثل أصحاب المهن الحرة والعاملين في الشركات والمصانع المتوسطة والصغيرة، فسياسة العمل حاليا في ألمانيا لا تطمئن، لأن رب العمل يمكنه صرف عماله، حيث إن مئات الآلاف منهم يعملون بعقود عمل قصيرة الأمد أو تتجدد سنويا. وعليه، فإذا ما لم يتمكن المقترض من تسديد أقساط قرض الشقة أو البيت لفترة معينة، فإن أول إجراء يتخذه المصرف أو المؤسسة المالية المقرضة هو مصادرة المنزل وعرضه في المزاد العلني بسعر يكون عادة أدنى مقارنة بالمبلغ الذي اقترضه، فيتعرض المقترض لخسارة كبيرة جدا.. فالمصرف يسترجع ما تبقى له من القرض، أما هو فقد يحصل على بعض المال حتى ولو كان قد سدد نسبة كبيرة من الدين.
وبعدها يتجه «المنكوب» في أمر بيته أو شقته إلى سوق العقارات للبحث عن مكان يؤويه وعائلته، وهنا يواجه مشكلة أخرى، فألمانيا لديها مشاريع لبناء مئات الآلاف من المساكن، لكنها مشاريع إما طويلة أو متوسطة المدى، والقليل منها سوف ينفذ على المدى القريب.
ولقد بلغ عدد الشقق السكنية في ألمانيا حتى عام 2015 نحو 42 مليون وحدة، وعدد المباني السكنية قرابة 80 ألفًا. لكن عدد المستأجرين أو الباحثين عن مسكن تعدى 40 مليون شخص، يضاف إليهم أكثر من 675 ألف لاجئ أتوا منذ عام 2011 وحتى اليوم إلى ألمانيا، وهم بحاجة إلى مساكن أيضًا عندما تقبل طلبات لجوئهم.
وتعتبر مدينة ميونيخ من المدن الأغلى ثمنا في القطاع العقاري، إن كان من حيث الإيجارات، أو أسعار الشقق أو المباني، أو أسعار الأراضي، فمتوسط ثمن المتر المربع في شقة بحي متوسط يتجاوز 7160 يورو (نحو 7600 دولار)، وبدل الإيجار لشقة لا تتعدى 42 مترا مربعا في الطابق الخامس ومن دون مصعد يصل إلى 750 يورو (ما يناهز 800 دولار) شهريا. كما يتجاوز سعر المتر المربع لشقة في ضواحي فرانكفورت مساحتها 50 مترا مربعا 6 آلاف يورو (نحو 6365 دولارًا)، وتكون مجهزة تجهيزا بسيطا وأحيانا من دون مصعد.
* النزوح سبب ارتفاع الإيجار
ولقد شهدت كل المدن الألمانية ما بين عام 1980 وعام 2015 ارتفاعا صاروخيا في بدل الإيجارات تجاوز 100 في المائة، وبعد الوحدة بين شطري ألمانيا تفاقم الوضع لنزوج مئات الآلاف من الأقاليم الشرقية إلى الغربية، فظهرت أزمة قلة المساكن.
وظلت العاصمة برلين تقاوم ارتفاع بدل الإيجارات وأسعار الأراضي إلى أن استسلمت لأصحاب العقارات والمباني، مما جعل الفترة الذهبية التي عاشتها بعد الوحدة في طي النسيان. واليوم فإن بدل إيجار شقة مساحتها 50 مترا مربعا قفز من 500 يورو (نحو 530 دولارًا) إلى 1000 يورو (1060 دولارًا) شهريا، وتوجد أحياء في برلين لا يمكن لموظف أو عامل عادي حتى التفكير في السكن فيها، مثل الحي الحكومي أو وسط برلين الذي يعرف باسم «برلين ميتي». والأمر ليس أفضل في مدن مثل دوسلدورف أو أسن أو كولونيا أو بون، فشقة لا تتعدى 40 مترا مربعا لا يقل بدل إيجارها عن 500 يورو شهريا، يضاف إليها الكهرباء ومصاريف جانبية أخرى.
هذا الوضع والتوقعات بمواصلة ارتفاع بدل الإيجار دفع بالكثيرين، وبالأخص الطلاب إلى التفكير أو اللجوء إلى المساكن المتنقلة، وهي فكرة بدأت قبل 15 سنة في مدن كبيرة مثل ميونيخ وفرانكفورت لكن القلة كانوا يخوضون هذه المغامرة، والفكرة توسعت اليوم وأصبح هناك شركات ومقاولون ومهندسون يقومون ببناء ما يسمى بـ«الميني» شقق، أو شقة صغيرة متنقلة مساحتها بضعة أمتار مربعة، تتوفر فيها كل وسائل الراحة والضروريات من المطبخ والسقيفة الصغيرة إلى المرحاض وحتى الحمام.
* السكن المتحرك
مع تزايد الإقبال على الشقق المتنقلة، أصبح التنافس كبيرًا بين الشركات والمقاولين لعرض الأفضل والأجمل والأحسن.. وبالطبع الأكثر تنافسية وجذبًا من حيث الأسعار. وهناك اليوم شقق بمساحة لا تقل عن العشرين مترا مربعا بسعر 15 إلى 30 ألف يورو (16 إلى 32 ألف دولار)، وتدخل ميدان المنافسة شركات نمساوية كثيرة، وهذا شجع سيدة الأعمال النمساوية تريزا شتاينغر وصديقها على «ركوب الموجة» وتأسيس مكتب عقارات في ألمانيا لبيع المنازل المتحركة، وساعدها في ذلك أنها مهندسة معمارية وصديقها خبير عقاري، وهي تختار للزبائن الأماكن المفضلة لتركيز البيت مع توفير كل مستلزماته كالكهرباء والتدفئة بواسطة الطاقة المتجددة التي تحتاج فقط إلى صفائح شمسية. كما تتوفر إمكانية الاتصالات عن طريق الهواتف النقالة، التي يمكن ربط عقدها بتوفير قنوات تلفزة.
وأغلب زبائن تريزا شتاينغر من الشباب الذين يرغبون في العيش وسط الطبيعة، أو ممن لا يمتلكون أموالا طائلة للإيجار، فيلجأون إلى القروض الصغيرة أو مساعدة من العائلة.
ولدى هذه الشركة اليوم منازل لها شرفة ونوافذ نصف حجرية مساحتها 2.5 متر X 6 أمتار، وحتى العشرة أمتار، لكنها ثابتة من دون أساسات، مع ارتفاع نحو النصف متر عن الأرض. ويترك الخيار للزبون لإدخال تعديلات على التقسيمات الداخلية أو فرش الشقة.
ولا يخشى ساكن مثل هذه البيوت أي نقص، فأعمدة الخطوط الكهربائية متوفرة في ألمانيا حتى بالقرب من الغابات، ومن يُرِد الاستقلال عن شركات الطاقة يمكنه استخدام لوحات ضوئية ووضع البطارية في أحد زوايا المنزل، فتطور هذه التقنية في ألمانيا جعل استخدامها سهلا للغاية.
إلا أن لارا مولر، الطالبة في جامعة كولونيا، لجأت إلى «حاوية» للسكن فيها حولتها إلى شقة صغيرة فيها كل لوازم العيش من الحمام وحتى زاوية النوم، وفي الصيف تستقبل أصحابها أمام باب الحاوية.
وكل ما يلزم لارا متوفر: فرن وتدفئة ومياه ساخنة تعمل بالبطارية، وماء للاستحمام يأتيها من خزان يحتوي على 650 لترا، كما أضافت إليه فلتر لماء الشرب، لكن عليها أن توجد في مكان فيه «وصلة» مع أحد المجاري الصحية من أجل التخلص من مياه الصرف، وتسكن اليوم بالقرب من تجمع سكني مما يجعلها غير معزولة.
وتبرر لورا هذه الخطوة بأن هناك أكثر من 80 ألف شخص في المدينة، والشقق المعروضة للإيجار بأسعار معقولة لا تتجاوز نحو 5 آلاف شقة. وهي من جانبها لا تستطيع دفع بدل إيجار مرتفع لأنها تحصل من والديها على 670 يورو شهريا (نحو 710 دولارات) فقط، وأجرة أصغر شقة تبلغ نحو 650 يورو.. لذا قررت العمل خلال الصيف وشراء حاوية حولتها إلى شقة مريحة، ووضعتها في مكان لا يبعد عن الجامعة سوى 40 دقيقة بالدراجة.
* السكن في العائمات
كما دفع ارتفاع أسعار الشقق البعض إلى السكن فوق الماء - أو بالقرب منها - في عوامات، مما جعل هذا القطاع في رواج متواصل. ففي برلين على سبيل المثال شركة «فاسر فيرك» المتخصصة ببناء عائمات لتكون إما مكاتب أو شقق عائمة، فالأسعار كما تقول مديرة التسويق أقل بكثير مما يدفعه الناس لشراء مساكن. فشقة عائمة مساحتها حتى الـ70 مترا مربعا من طابقين لا يتعدى سعرها 80 ألف يورو (نحو 85 ألف دولار).
والعائمات هي بيوت متينة تبنى من الخشب والحديد كما البيوت العادية، ويدخل الحجر في أماكن معينة. وهي مسطحة كي لا تتعرض لفقدان التوازن، رغم أن هذا نادر لأنها تكون على ضفاف البحيرات حيث المياه غير متحركة. وتطلي جدران العائمة من الداخل والخارج بطلاء السفن. ويعتمد في الإنارة والتدفئة والكهرباء والغاز على طريقتين: إما عبر مولد كهرباء أو عن طريق الطاقة الشمسية التي أصبحت منتشرة في ألمانيا.
والهندسة التي بينت بها المساكن العائمة تسمح بتمديد أنابيب ماء مع تنظيم ماء الصرف فيها بشكل لا يختلف عن البيوت العادية، وبواسطة مضخة يتم الاستفادة من مياه البحيرات، ولكل عائمة جسر قصير يتصل بالرصيف حيث تربط به.
* منازل عمودية
وضع المهندس المعماري كارل فولف في مدينة فريدريش هافن تصاميم منزله العمودي كي يبنى في فراغ بين عمارتين في شارع جانبي، سعيًا منه للاستفادة من كل سنتيمتر مربع. فارتفاع البيت سوف يكون 240 سنتيمترا، وعرضه 130 سنتيمترا. ورغم صغر مساحته، تتوفر فيه كل شروط الإقامة المريحة، فهو مؤلف من ثلاثة طوابق مفتوحة عموديا على بعضها البعض؛ الطابق الأرضي غرفة مطالعة ومطبخ، ثم سلم قصير إلى الطابق العلوي حيث غرفة النوم والحمام، وفوقه غرفة جلوس، ولا تغيب النوافذ عن التصميم.
وبهذا يريد المهندس الألماني مواكبة التطور الهندسي في اليابان لمواجهة قلة المساكن وارتفاع أسعارها. فأحد المهندسين اليابانيين بنى في ضاحية بطوكيو بيتا عموديا من الزجاج من طابقين بهدف دخول أكبر كمية من الضوء الطبيعي.
* من بيوت إجازة إلى مساكن ثابتة
ومع أن القانون الألماني لا يسمح بالسكن التام في بيوت متنقلة أو بيوت غير حجرية، لكن يوجد حاليا في ضاحية برلين وعلى ضفاف الأنهار أو بالقرب من الغابات تجمع لما يسمى بمساكن «الإجازة» أو نهاية الأسبوع، وهي بيوت صغيرة مبينة من الخشب وفيها كل الضروريات الحياتية.
ولقد تحولت هذه المساكن منذ سنوات إلى مساكن عادية، فالساكنة الألمانية بيتر لوب، وهي مدرسة متقاعدة، تسكن منذ أكثر من عشر سنوات في منزل كهذا مؤلف من طابقين، الأرضي فيه غرفة الطعام والمطبخ وغرفة الجلوس، وفي الطابق العلوي غرفة نوم جدرانها من زجاج وأيضًا الحمام.
كما حولت لوب الجداران إلى خزائن داخلية، وأمام البيت حديقة صغيرة تطل على منزل آخر تسكنه امرأة مسنة، وله نفس المواصفات تقريبا، وتبلغ مساحة المسكن نحو 54 مترا مربعا.
وتدفع لوب شهريا 150 يورو للكهرباء والماء والتدفئة التي تشغلها طوال الشتاء. ووصلت تكاليف تحويل السكن وشرائه من مالكه السابق إلى 30 ألف يورو، ويحتاج الخشب إلى صيانة مرة كل خمسة أعوام.
وفي هذا التجمع السكني يوجد أكثر من مائة منزل من نفس النموذج تقريبا، معظم ساكنيهم لا تتوفر لديهم الإمكانية لاستئجار شقة، ويشعرون بالراحة في وسط الطبيعة طالما أن خطوط الهاتف والكهرباء والغاز متوفرة.



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.