مصادر أممية: لم نتلق أي طلب بالسماح لصالح بالانتقال لعزاء كاسترو

لجنة العقوبات ستنظر في تمديد حظر السفر على الرئيس السابق في فبراير المقبل

علي عبدالله صالح
علي عبدالله صالح
TT

مصادر أممية: لم نتلق أي طلب بالسماح لصالح بالانتقال لعزاء كاسترو

علي عبدالله صالح
علي عبدالله صالح

لم تؤكد الأمم المتحدة ما إذا كان الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح قد بعث فعلا برسالة إلى مجلس الأمن الدولي يطلب فيها رفع اسمه من قائمة المحظورين من السفر للمشاركة في عزاء الرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو بالعاصمة الكوبية هافانا.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي، دام بابو، إن المجلس لم يتسلم أي رسالة من هذا القبيل من أي طرف.
وأضاف المتحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس مجلس الأمن للشهر الحالي لم يتسلم أي رسالة من أي طرف بخصوص طلب رفع اسم الرئيس السابق علي عبد الله صالح (من قائمة العقوبات) للسفر إلى كوبا.
كما أكد فرحان الحق، المتحدث الإعلامي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن الأمم المتحدة لا تستطيع التأكد من هذه المعلومة. وصرح دبلوماسي مطلع في مجلس الأمن الدولي، له صلة بنظام العقوبات المفروضة على اليمن، لـ«الشرق الأوسط»، بأنه لم ير حتى يوم أمس «أي رسائل من هذا القبيل» تتعلق بهذا الطلب.
وحسب الإجراءات المعمول بها، فإن أي طلب من هذا القبيل يجب أن تنظر فيه لجنة العقوبات الخاصة باليمن، ولن يبت فيه بالإيجاب إلا إذا حدث توافق بالإجماع على الطلب ووجدت اللجنة أن هناك فعلا أمورا تبرر إزالة اسم الشخص من قائمة العقوبات.
ومن الناحية الإجرائية، تنظر لجنة العقوبات في شطب أي اسم بعد حصولها على مثل هذا الطلب من الدولة المعنية التي ينتمي إليها الشخص المعني. ورأى متابعون لحالة صالح، أن الحوثيين لا يمكنهم تقديم مثل هذا الطلب مباشرة، لأنهم غير ممثلين في الأمم المتحدة التي يمثل الحكومة اليمنية فيها السفير الدكتور خالد اليماني.
وكانت لجنة العقوبات قد قررت في 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 إدراج اسم علي عبد الله صالح في قائمة العقوبات بموجب الفقرتين «11» و«15» من قرار مجلس الأمن رقم «2140»، وتلبية للمعايير المنصوص عليها في الفقرتين «17» و«18» من القرار نفسه الذي اعتمد. وتتمثل العقوبة المفروضة على صالح في حظر السفر وتجميد الأصول ضده بسبب انخراطه وتقديم الدعم للأعمال التي تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن. وحسب اللجنة، فإن صالح شارك في الأفعال التي تهدد السلام والأمن، أو الاستقرار في اليمن، مثل تلك التي تعرقل تنفيذ اتفاق 23 نوفمبر 2011 بين حكومة اليمن والمعارضة لها، التي تنص على سلمية انتقال السلطة في اليمن. وفي عام 2011 نصت المبادرة الخليجية على أن يتنازل علي عبد الله صالح عن منصبه رئيسا لليمن بعد أكثر من 30 عاما، إلا أن الرئيس السابق تحول اعتبارا من خريف عام 2012، إلى واحد من الأنصار الأساسيين لإجراءات الحوثيين العنيفة في شمال البلاد، وفق ما ترى اللجنة.
وسيبقى الحظر المفروض على صالح ساريًا حتى 26 فبراير 2017، وهو التاريخ الذي ستبت فيه اللجنة بتمديد قرار العقوبات أو إلغائها. وتضم اللجنة، التي تتخذ قراراتها بالإجماع، من 15 عضوا من أعضاء مجلس الأمن، ويرأسها حاليا الياباني كورو بيسهو.
وكان حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ينتمي إليه صالح قد ذكر في بيان أمس، أن الرئيس السابق طلب من مجلس الأمن الدولي السماح له بالسفر إلى كوبا للعزاء في وفاة الزعيم الكوبي فيدل كاسترو.
وزعمت مصادر مقربة من قيادات في حزب المؤتمر العام بصنعاء، أن صالح طلب من رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة تأمين طائرة أممية لنقله من اليمن إلى العاصمة الكوبية هافانا، ثم العودة إلى صنعاء تحت مسؤولية الأمم المتحدة التي أصدرت قرار منع السفر له.
في غضون ذلك، استبعد الناشط السياسي اليمني المحامي خالد الشعيبي، صحة الطب.
وقال الشعيبي لـ«الشرق الأوسط»، إن لجنة العقوبات لا يمكنها النظر في طلب من هذا القبيل، لافتا إلى أن دواعي البت بطلب صالح من قبل لجنة العقوبات ليست متوافرة إنسانيا أو سياسيا، مستطردا أنه يمكن النظر فقط في حال كانت هناك تسوية سياسية تقتضي قبول الطلب أو لدواع صحية إنسانية محضة.



​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
TT

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا المدارس العامة إلى مواقع لاستقطاب المراهقين وإرسالهم إلى الجبهات (إعلام محلي)

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) باليوم العالمي للمعلم، فيما لا يزال المعلمون في اليمن يعانون من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون، إذ اعتقلت الجماعة ألف معلم على الأقل، وأجبرت عشرات الآلاف على العمل من دون رواتب منذ ثمانية أعوام، في حين اضطر الآلاف إلى العمل في مجالات أخرى لتوفير لقمة العيش.

وإلى جانب تدني المرتبات في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وتأخر صرفها والنزوح القسري، طال من يعمل في قطاع التعليم الانتهاكات طوال العشر السنوات الأخيرة، سواء من خلال التسريح القسري والاختطافات، أو نتيجة تحويل الحوثيين المدارس والمؤسسات التعليمية إلى معسكرات لتجنيد الطلاب، أو نشر الأفكار الطائفية بهدف تغيير التركيبة المذهبية في البلاد.

انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

في هذا السياق ذكرت الشبكة اليمنية لروابط الضحايا أن المعلم اليمني يستقبل هذه المناسبة وهو يعاني من انتهاكات جسيمة لحقوقه الأساسية، مما يحوّل هذه الذكرى إلى يوم حزين بدلاً من يوم احتفاء.

وقالت الشبكة إنه منذ ما يقارب عشر سنوات من الحرب التي تسبب بها انقلاب جماعة الحوثي على الدولة ومؤسساتها، يعاني المعلم من أزمة إنسانية متفاقمة، تتمثل في حرمانه من حقوقه المالية والمدنية والسياسية، وتعرضه لمختلف أشكال العنف والانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والاختطاف والتهجير القسري.

ووفق ما ذهبت إليه الشبكة، فقد أدت هذه الأوضاع «المأساوية» إلى تدهور حاد في مستوى التعليم، وتفشي الجهل والأمية بين صفوف الشباب. ومع تأكيدها أنها تدرك حجم المعاناة التي يتعرض لها المعلمون في اليمن، أدانت بشدة جميع أشكال الانتهاكات التي يتعرضون لها خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، وطالبت المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بالتحرك العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات، وضمان حصول المعلمين على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

وطالبت الشبكة التي تضم روابط ضحايا الانتهاكات في اليمن بصرف مرتبات المعلمين ومستحقاتهم بشكل منتظم، لضمان استقرارهم المعيشي، وتمكينهم من أداء مهامهم التعليمية على أكمل وجه، وتوفير بيئة عمل آمنة للمعلمين، حفاظاً على حياتهم وكرامتهم، ولتشجيعهم على الاستمرار في عملهم، والإفراج الفوري عن جميع المعلمين المعتقلين والمختطفين في سجون الحوثيين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.

معدلات الأمية ارتفعت إلى 70 % في الأرياف اليمنية (إعلام محلي)

كما طالبت الشبكة بتوفير الدعم اللازم لإعادة تأهيل البنية التحتية التعليمية التي تأثرت بسبب الحرب، والعمل على تطوير المناهج الدراسية بما يتناسب مع احتياجات المجتمع اليمني.

ودعت جميع الأطراف وعلى وجهة الخصوص جماعة الحوثي المسلحة التي يتعرض المعلمون في مناطق سيطرتها إلى أشكال متعددة من الانتهاكات الممنهجة، إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل الجاد على إنهاء معاناة المعلمين، وصرف رواتبهم، وتوفير الظروف المناسبة لهم لأداء دورهم الحيوي في بناء مجتمع يمني مزدهر.

مأساة التعليم

أكد «مركز ألف لحماية التعليم» أن المعلمين في اليمن واجهوا تحديات بالغة التعقيد خلال العقد الأخير، متجاوزين كل الصعوبات التي فرضتها ظروف النزاع وانعدام الأمن، حيث أثرت الحرب والهجمات المسلحة على قطاع التعليم بشكل كبير مما أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء.

وبحسب ما أورده المركز بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، فإن هناك ما يقارب من ألف معلم مختطف ومحتجز قسراً معظمهم لدى جماعة الحوثي، وذكر أن هذا الأمر انعكس سلباً على روح وواقع العملية التعليمية، ودفع كثيراً من المعلمين للبحث عن وظائف بديلة.

وناشد المركز المعني بحماية التعليم الحوثيين سرعة صرف رواتب المعلمين والتربويين في مناطق سيطرتهم، التي توقفت منذ عام 2016، والإيفاء بالتزاماتهم تجاه عشرات الآلاف من المعلمين والمعلمات، وضمان حمايتهم من الاعتقال والاختطافات والإخفاء القسري والحجز التعسفي.

كما ناشد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بتحسين رواتب المعلمات والمعلمين في مناطق سيطرتها، والتي لا تفي بأبسط متطلبات الحياة المعيشية الضرورية في ظل تدهور أسعار الصرف وتفشي البطالة.

الحوثيون أجبروا عشرات الآلاف من المعلمين على العمل دون رواتب منذ 8 أعوام (إعلام محلي)

ودعا المركز الجهات المهتمة بالتعليم إلى تبني مشاريع تضمن استمرارية التعليم وتحسين جودته، وتعمل على دعم المعلمين وتدريبهم وتأهيلهم خاصة في ظل وجود شريحة واسعة من المتطوعات والمتطوعين الذين يعملون في الميدان لتغطية نسب العجز الكبيرة في الطاقم المدرسي، ودون أدنى معايير التأهيل والتدريب.

وتحدّث المركز عما وصفها بـ«مأساة التعليم في اليمن» وقال إن نسبة الأمية تقدر بنحو 70 في المائة في الأرياف، و38 في المائة في المدن، وذكر أن 45 في المائة من المعلمين لا يحملون شهادة الثانوية العامة، وأن 13.8 في المائة فقط لديهم شهادة جامعية، كما أن الخصخصة والافتقار إلى التنظيم أثرا سلباً على جودة التعليم في الوقت الذي يدخل فيه التعليم خارج اليمن مرحلة التحول الرقمي.

وكانت إحصائية حكومية حديثة ذكرت أن 4.5 مليون طفل باتوا خارج التعليم في اليمن، وهو رقم يزيد بمقدار الضعف على الرقم المسجل مع بداية النزاع، حيث لم يتجاوز العدد مليوني طفل.

مدارس طائفية

أفادت مصادر في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» بأن قطاع التعليم يعاني من نقص شديد في الكوادر البشرية نتيجة وقف التوظيف منذ عام 2011، ومن بعد ذلك الحرب التي أشعلها الحوثيون في نهاية عام 2014.

وقالت المصادر إن كثيراً من المدارس استعانت بمتطوعين للعمل وتغطية العجز، إذ يحصلون على مكافآت شهرية متدنية لا تتجاوز عشرين دولاراً في الشهر يتم توفيرها من التبرعات التي يقدمها التجار أو من عائدات السلطات المحلية.

وأثّر تراجع سعر العملة المحلية، وفق المصادر، بشكل كبير على رواتب الموظفين العموميين وفي طليعتهم المعلمون، حيث أصبح راتب المعلم الواحد خمسين دولاراً بعد أن كان يعادل مائتي دولار.

وأشارت المصادر إلى أن هذا الوضع دفع بمجاميع كبيرة إلى ترك العمل في سلك التعليم والالتحاق بالتشكيلات العسكرية؛ لأنهم يحصلون على رواتب أعلى.

المياه تغمر ساحة إحدى مدارس صنعاء والطلاب ملزمون بالدوام (إعلام محلي)

وفي مناطق سيطرة الحوثيين تحدثت المصادر العاملة في قطاع التعليم عن تدهور مخيف في مستويات الالتحاق بالمدارس مع زيادة الفقر، وعجز الأسر عن توفير متطلبات التحاق أبنائها، والعروض التي يقدمها الحوثيون للمراهقين في سبيل الالتحاق بجبهات القتال والحصول على راتب شهري يساوي 100 دولار، إلى جانب التغذية ووضع أسرهم في صدارة قوائم المستحقين للمساعدات الغذائية التي توزعها المنظمات الإغاثية.

ووفق هذه الرواية، فإن اهتمام الحوثيين بتحويل المدارس إلى مواقع لاستقطاب المراهقين، ونشر الأفكار الطائفية وقطع مرتبات المعلمين وفرار الآلاف منهم خشية الاعتقال دفع بالجماعة إلى إحلال عناصرها بدلا عنهم، واختصار الجدول المدرسي إلى أربع حصص في اليوم بدلاً من سبع.

كما وجهت الجماعة عائدات صندوق دعم المعلم لصالح المدارس الطائفية الموازية التي استحدثوها خلال السنوات الأخيرة، ويتم فيها منح المعلمين رواتب تصل إلى 700 دولار، كما توفر هذه المدارس السكن الداخلي، والتغذية، والكتب المدرسية بشكل مجاني للملتحقين بها.