البحرين تعلن عن اكتشاف مدفني ملِكَين من العصر البرونزي

تحاليل أثبت ارتباطًا وثيقًا ما بين حضارة دلمون وبلاد الرافدين

المنطقة الأثرية التي ربطت حضارة دلمون ببلاد الرافدين  ({الشرق الأوسط})  -  كشفت عملية ترجمة النقوش وتحليلها اسم الملك الذي كان يرقد في المدفن
المنطقة الأثرية التي ربطت حضارة دلمون ببلاد الرافدين ({الشرق الأوسط}) - كشفت عملية ترجمة النقوش وتحليلها اسم الملك الذي كان يرقد في المدفن
TT

البحرين تعلن عن اكتشاف مدفني ملِكَين من العصر البرونزي

المنطقة الأثرية التي ربطت حضارة دلمون ببلاد الرافدين  ({الشرق الأوسط})  -  كشفت عملية ترجمة النقوش وتحليلها اسم الملك الذي كان يرقد في المدفن
المنطقة الأثرية التي ربطت حضارة دلمون ببلاد الرافدين ({الشرق الأوسط}) - كشفت عملية ترجمة النقوش وتحليلها اسم الملك الذي كان يرقد في المدفن

أعلنت هيئة البحرين للثقافة والآثار خلال مؤتمر صحافي عقد أمس في متحف البحرين الوطني عن كشف تاريخي مهم ينير فصلاً من فصول تاريخ مملكة البحرين المكتوب، إذ يعود إلى أكثر من 3700 سنة أي نحو 1700 قبل الميلاد، حيث تم اكتشاف أسماء ملِكَين من ملوك دلمون ممن حكموا أثناء العصر البرونزي، فضلاً عن تحديد مدفنيهما الملكيين. وكشفت تحاليل الكربون المشعّ التي أجريت على المدفونين الموجودين في المدافن الملكية بقرية عالي وسط المملكة أنهما بُنيا تقريبًا في عام 1715 و1700 قبل الميلاد.
وقالت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار إن جهود التنقيب متواصلة طوال العام، ولكن هذه المرّة كشفت التنقيبات عن سر جديد يمكن اعتباره منعطفًا مهمًا مرّت به مملكة البحرين، مشيرة إلى أن طبقات الأرض «ما زالت تُخفي في جعبتها ما يجعلنا نتوق لاكتشافه والإعلان عنه».
* خلفية عن الاكتشاف
اكتشف فريق من علماء الآثار البحرينيين عام 2012 عددًا من شظايا أوعية حجرية في أحد المدافن الملكية في عالي. وكانت هذه الأوعية في الأصل قد وضِعت في مدفن ملك دلموني من العصر البرونزي. وتبينت لفريق الباحثين مدى أهمية هذا الاكتشاف عندما أظهرت التحاليل التي أجريت على هذه الشظايا على يد خبير الآثار الدكتور ستيفن لارسن من فريق التحقيقات المشترك بين متحف البحرين ومتحف مويسغارد بالدنمارك أن أربعة من تلك الأوعية تحمل نقوشًا مسمارية مكتوبة باللغة الأكادية القديمة.
وكشفت عملية ترجمة هذه النقوش وتحليلها التي قام بها البروفسور جياني مارتشيزي من جامعة بولونيا بإيطاليا أن ثلاثة منها تذكر اسم الملك الذي كان يرقد في المدفن، حيث أظهرت أن اسمه كان «ياغلي - إيل» وأنه كان «خادم إنزاك من أغاروم». أما اسم «ياغلي - إيل» فيعني تقريبًا «الإله يتجلّى بشخصه»، وذلك في إشارة محتملة إلى مرتبة القداسة التي كان يتمتع بها ملوك دلمون. ووفقًا للبروفسور مارتشيزي، فإن اسم الملك الدلموني يدل على أنه كان ينتمي للعموريين - أو الأموريين. وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في كونه يثبت وجود صلة بين السلالة الملكية المدفونة في عالي والممالك العظيمة في بلاد ما بين النهرين التي حكمها العموريون أثناء تلك الحقبة الزمنية مثل بابل وماري وحلب وآشور وإيبلا وغيرها.
وتذكر جميع النقوش قصر الملك وتدعوه بلقبه الدلموني الملكي وهو «خادم إنزاك من أغاروم»، وهو لقب معروف منذ عام 1879 كونه ذُكِر في نقوش مجهولة التاريخ على «حجر دوراند» الشهير تقول: «قصر ريموم، خادم إنزاك من أغاروم». وتطابق النقوش المكتشفة حديثًا نقوش «حجر دوراند» تمامًا مضاف إليها اسم الملك. ومن العجيب أن أحد النقوش الملكية المكتشفة حديثًا في عالي يذكر بالنص أن الملك «ياغلي - إيل» كان ابن الملك «ريموم».
ولتحديد التسلسل الزمني للسلالة الملكية المدفونة في عالي، عكف فريق الباحثين المشترك طوال السنوات السبع الماضية على البحث والتحقيق في الترتيب الزمني وتأريخ المدافن الملكية في عالي، معتمدين في ذلك على مزيج من التنقيبات الميدانية وتحليلات لعِمارة المدافن والتأريخ بواسطة الكربون المشعّ. وأسفرت التحليلات التي قادها الدكتور لارسن بدعم من هيئة البحرين للثقافة والآثار ومتحف مويسغارد ومؤسسة كارلسبرغ في الدنمارك عن تحديد مدفن الملك «ياغلي - إيل» التي وجِدت النقوش بداخلها، ما يعني ضمنًا أن المدفن الملكي المكتشف سابقًا يمكن أن يكون مدفن والده الملك «ريموم».
* حقائق ومعلومات
العموريون - أو الأموريون - شعب يتحدث اللغة السامية بدأ بالظهور على الساحة العالمية في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وترتبط لغتهم باللغتين العبرية والعربية. ووفقًا لمصادر سومرية قديمة، كان العموريون في الأصل يتخذون مساكنهم في الخيام ويعيشون أسلوب الحياة البدوية. غير أن القبائل العمورية لاحقًا - ربما مع بداية الألفية الثالثة قبل الميلاد - غزت وفرضت سيطرتها على معظم الأراضي الواقعة اليوم في سوريا والعراق وربما أيضًا أراضي دلمون واستقروا في الحواضر، وأصبحوا بحلول القرون الأولى من الألفية الثانية قبل الميلاد القوة المهيمنة في منطقة الشرق الأوسط.
تقع المدافن التلّية الملكية في عالي وسط شمالي الجزيرة الرئيسية لمملكة البحرين. وكان الموقع يتألف في الأصل من 12 إلى 14 تلا ملكيا كبير الحجم يحدّها نحو مائتي مدفن كبيرة الحجم أيضًا وكانت هذه الأخيرة مخصصة لعلية القوم أو كبار رجال الحاشية ويعود تاريخها إلى ما بين أعوام 2.000 و1.700 قبل الميلاد. بقيت 10 من هذه المدافن الملكية محفوظة إلى هذا اليوم، وكان يصل علوها إلى 15 مترًا ولا يزال علو بعضها يصل إلى 12.5 متر. وقد اكتُشفت المقبرة الملكية في الزاوية الشمالية الغربية من أكبر مقبرة تلّيّة في العالم؛ إذ كانت تحتوي في الأصل على 11.000 مدفن مخصصة للناس الذين كانوا ينتمون إلى الطبقات الدنيا من المجتمع الدلموني. وكانت المدافن الملكية في عالي منذ عام 1879 محور كثير من التنقيبات الأثرية، بما في ذلك تلك التي قامت بها أخيرا مديرية الآثار في هيئة البحرين للثقافة والآثار بإشراف المرحوم علي إبراهيم وفريق التحقيقات المشترك بين متحف البحرين ومتحف مويسغارد بإشراف الدكتور لارسن، والموقع مرشح الآن بقوة ليُدرج على لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو.
* التنقيب في المدفن بين عامي 2009 و2012
عُثر على كميات كبيرة من أوعية الفخار والحجر الصابوني من عصر دلمون المبكرة، ويعود تاريخها إلى الفترة التي تم فيها دفن الملك، غير أن القبر نُهب في العصور القديمة وأُعيد استخدامه كمدفن في فترة لاحقة. وعلى الأرجح لن يكون بالإمكان تحديد رفات الملك «ياغلي - إيل، ابن ريموم وخادم إنزاك من أغاروم» من بين العظام البشرية الكثيرة الموجودة في الموقع.
* حجر دوراند
زار الكابتن إدوارد دوراند البحرين في 1878 و1879. وقام بالتنقيب في أحد المدافن الملكية في عالي وأجرى عدة تحقيقات أثرية أخرى في مختلف أنحاء الجزيرة الرئيسية للبحرين. وفي عام 1879 وجد دوراند الحجر الشهير الذي بات لاحقًا يُعرف باسمه، وهو حجر بطول 80 سنتمترا على شكل قدم بشرية. وكان الحجر وقت «اكتشافه» قد وضِع في حائط مدرسة مسجد الشيخ داود في بلاد القديم. عاد دوراند إلى منزله بلندن جالبًا معه الحجر الذي تم تدميره لاحقًا تحت وابل نيران القصف النازي أثناء الحرب العالمية الثانية. وكان «ريموم» الشخصية الأكثر غموضًا في الدراسات الدلمونية، حيث لم يكن معروفًا تاريخ الحجر ومن كان هذا المدعو «ريموم». غير أن ذِكر النقش للإله «إنزاك»، الذي كان معروفًا آنذاك عن طريق ألواح طينية وجِدت في العراق أنه كان الإله الراعي لأرض دلمون، ما قاد في النهاية إلى تحديد البحرين بأنها أرض دلمون القديمة، وقد كان اسم دلمون مستخدمًا من قبل السومريين القدماء في جنوب العراق، أما اسم المكان «أراغوم» فهناك من يقول إنه في الواقع الاسم الذي أطلقه الدلمونيون القدماء على دلمون (البحرين). وتوجد نسخة طبق الأصل من الحجر والنقوش في متحف البحرين الوطني وفي المتحف البريطاني في لندن.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».