مشهد تصويت بوتفليقة على كرسي متحرك يعمق الجدل بشأن انتخابات الرئاسة الجزائرية

اشتباكات بين الأمن وشبان رافضين للاقتراع في ولاية البويرة.. ونسبة المشاركة أبرز تحد

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على كرسي متحرك خلال الادلاء بصوته في مدرسة البشير الإبراهيمي في العاصمة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على كرسي متحرك خلال الادلاء بصوته في مدرسة البشير الإبراهيمي في العاصمة أمس (إ.ب.أ)
TT

مشهد تصويت بوتفليقة على كرسي متحرك يعمق الجدل بشأن انتخابات الرئاسة الجزائرية

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على كرسي متحرك خلال الادلاء بصوته في مدرسة البشير الإبراهيمي في العاصمة أمس (إ.ب.أ)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على كرسي متحرك خلال الادلاء بصوته في مدرسة البشير الإبراهيمي في العاصمة أمس (إ.ب.أ)

صوت الجزائريون أمس لاختيار رئيس للبلاد من بين ستة متنافسين، بينهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الذي أدلى بصوته على كرسي متحرك وهو طامح لفترة رئاسية رابعة على التوالي، ومنافسه الرئيس علي بن فليس الذي أكد «تفاؤله» بالفوز وجدد «التحذير من التزوير».
وجرى الاقتراع وسط إجراءات أمنية مشددة ومخاوف مسبقة لدى المواطنين من حدوث «نزاع» حول النتيجة المرتقبة بين المتنافسين الرئيسين، وربما اشتباكات في بعض الأماكن يقدم عليها رافضون للاقتراع بسبب ترشح الرئيس بوتفليقة وهو عاجز صحيا عن أداء بعض الوظائف الكلامية والجسدية. كما تمثل نسبة المشاركة تحديا أمام هذا الاقتراع، خصوصا بعدما تجندت عدة قوى سياسية خلال الأسابيع الماضية تدعو الناس للامتناع عن التصويت في ما سمته «المهزلة الانتخابية».
وكان لافتا أن الرئيس بوتفليقة أدلى بصوته على كرسي متحرك في مدرسة البشير الإبراهيمي بأعالي العاصمة، في مشهد قد يعمق الجدل المرتبط بصحة الرئيس. وحضر الرئيس مرفوقا بشقيقه وكبير مستشاريه بالرئاسة السعيد، وشقيقه الآخر ناصر المستشار بالرئاسة أيضا، والأمين العام بوزارة التكوين المهني، ونجله الأصغر الذي يبلغ عشر سنوات.
ونزل بوتفليقة من سيارة مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، وسط إجراءات أمنية مشددة وبحضور مسؤول التشريفات بالرئاسة. ولم يتفوه بكلمة واحدة أثناء الدقائق الخمس التي أمضاها داخل مكتب التصويت، ورفع يده اليمنى ثلاث مرات لتحية الموجودين في المكتب من موظفين ومصورين وصحافيين. فيما سلم عليه بعض المصوتين الذين كانوا ينتظرون الدور لوضع الورقة في الصندوق، وكان بينهم مسؤول الإعلام بمديرية حملته وزير الصناعة سابقا عبد السلام بوشوارب. والتحق الرئيس بالعازل حاملا معه ظرفا وأوراق المرشحين الستة، وبعد ثوان خرج ليضع الظرف في الصندوق. وفعل شقيقاه ناصر والسعيد الشيء نفسه بعده. ثم خرج الرئيس وهو يدقق النظر في الحاضرين وعن يمينه ابن شقيقه. ووضع في السيارة التي أقلّته من جديد تحت زغاريد امرأة، أظهرت سعادتها لرؤيته، وقالت لصحافي أجنبي «ربي يحفظ رئيسنا من كل سوء».
لكن سيدة جزائرية قالت لـ«الشرق الأوسط» داخل مركز الاقتراع بعدما رأت المشهد «يا إلهي، لماذا لا يتركونه يرتاح؟ هذا ليس بوتفليقة الذي أعرفه». وعبرت السيدة الستينية عن شعورها بـ«الألم»، على حد تعبيرها، وهي ترى الرئيس فوق كرسي متحرك يدفعه الحرس الرئاسي الخاص إلى باب مكتب الاقتراع. وقال شخص آخر، يسكن بنفس الحي الذي يقيم به الرئيس، إن حالة بوتفليقة «تحسنت كثيرا مقارنة بما كان عليه في الشهور الماضية، لكنني لا أتصور أنه يملك القدرة على الاستمرار في الحكم».
وفي خارج مكتب التصويت، وقف عدد كبير من المصورين المحليين والأجانب، لالتقاط صور المرشح غير العادي. وعبر صحافيون جزائريون وأجانب عن استيائهم لرفض الحرس الرئاسي دخولهم إلى مركز الاقتراع، بحجة أن المكان لا يتسع إلا لبضعة صحافيين جرى انتقاؤهم من طرف مديرية الإعلام بالرئاسة. وانطلق الموكب الرئاسي بسرعة كبيرة على طول شارع البشيري الإبراهيمي، تحت زغاريد نساء وقفن على جنبات الطريق. وعادت الحركة إلى الحي من جديد، بعد أن توقفت لمدة 30 دقيقة. وغير بعيد عن المكان كان المشهد مختلفا بعض الشيء في مدرسة محمد عليق بحي حيدرة. فهناك أيضا حضر عدد كبير من الصحافيين منذ وقت مبكر انتظارا لقدوم «المرشح المستقل» علي بن فليس. وبعد أن وصل مرفوقا بعدد كبير من المساعدين، وجد بن فليس صعوبة للتقدم نحو مكان الإدلاء بصوته بسبب التفاف الصحافيين والمصورين حوله. وبعد تصويته أدلى بتصريح للصحافة شدد فيه على «ضرورة احترام سيادة الشعب»، مذكرا بأنه حذر من التزوير طوال الحملة الانتخابية وما زال يحذر منه اليوم. وقال إنه «وعد الجزائر بمشروع واعد» وحضر لها «مستقبلا واعدا يتضمن مشروعا للتجديد». كما عبر عن «تفاؤله» بالمرحلة المقبلة «شريطة أن تحترم إدارة الشعب»، مما سيسمح له بقيادة البلاد «نحو شاطئ الأمان، لكن إذا حدث غير ذلك وبقي التزوير يلعب دوره فالأمر يصعب حله وستتفاقم الأزمة». وتابع قائلا «لا أتمنى هذا على الإطلاق، فأنا رجل سلم وسلام، رجل محبة ووئام، رجل يرفض العنف ولا ينادي له على الإطلاق، بل يعمل من أجل سكينة وهدوء وطمأنينة الجزائر».
وبدورهم، صوت المرشحون الآخرون عبد العزيز بلعيد مرشح جبهة المستقبل، ولويزة حنون زعيمة حزب العمال اليساري والمرأة الوحيدة المشاركة في السباق الرئاسي، وعلي فوزي رباعين مرشح حزب «عهد 54»، كلهم في العاصمة، بينما صوت موسى تواتي مرشح حزب الجبهة الوطنية في ولاية المدية (80 كم جنوب العاصمة) التي يتحدر منها. وكان لافتا أن بلعيد، الذي يعد أصغر المتنافسين الستة (50 عاما) دعا بعد الإدلاء بصوته الشباب إلى التصويت لأن جيل الاستقلال «حاضر في هذا السباق»، في إشارة إلى شخصه الذي يعد المرشح الوحيد المولود بعد استقلال البلاد عن فرنسا عام 1962.
وتمثل نسبة المشاركة الشعبية أكبر تحد في هذه الانتخابات، علما بأن مجموعة الأحزاب التي قررت مقاطعة الاقتراع ظلت تتحدث خلال الأسابيع الماضية عن وجود تجاوب شعبي مع دعواتها لتفكيك المصداقية عن الاقتراع الذي يشارك فيه الرئيس بوتفليقة وهو في وضع صحي لا يؤهله لأداء مهام الرئاسة، على حد قولها. ولاحظت «الشرق الأوسط» حتى ظهر أمس تدني نسبة الإقبال في بعض مراكز الاقتراع بالعاصمة، إلا أن العاصمة والحواضر الكبرى في البلاد تصنف في العادة ضمن الولايات الأقل مشاركة. واستفاد السكان من العطلة التي منحت لهم بسبب يوم الاقتراع، للخروج والاستمتاع بالجو الذي كان مشمسا.
وتحدث مرشحون، مثل بن فليس وتواتي، صباح أمس، عن بروز مؤشرات أولية على التزوير. إلا أن غالبية المرشحين، عدا بوتفليقة وبن فليس، لم يتمكنوا من توفير عدد من الممثلين عنهم لمراقبة مراكز الاقتراع. وقال رئيس بلدية حيدرة أمس إن المركز الذي صوت فيه بن فليس لم يأته سوى مراقبين أحدهما عن بوتفليقة والثاني عن بن فليس.
ودعي أكثر من 23 مليون ناخب للتصويت في أكثر من 60 ألف مركز ومكتب اقتراع في كل الولايات الـ48، يشرف على تأطيرها 460 ألف شخص. وافتتحت مراكز الاقتراع في الساعة الثامنة صباحا، على أن تغلق في السابعة مساء مع إمكانية تمديد المهلة ساعة إضافية.
وتحدثت تقارير عن وقوع اشتباكات بين متظاهرين مناهضين للاقتراع وقوات الأمن في منطقة رافور التابعة لولاية البويرة غير البعيدة عن العاصمة، أصيب خلالها العشرات من عناصر الدرك الوطني. ووقعت الاشتباكات، حسب مصادر محلية، إثر إقدام متظاهرين على حرق صناديق الاقتراع. وتحدثت المصادر عن وقوع أحداث مشابهة في منطقتي السحاريج وأغبالو التابعتين لنفس الولاية. وفي بلدة آيت رزين بأقبو التابعة لولاية بجاية (شرق، عاصمة القبائل الصغرى)، أحرق مجهولون مكتب اقتراع.
يذكر أن السلطات أمرت بنشر 180 ألف عنصر أمن إضافة لقوات الدرك والجيش، لتأمين الاقتراع على مستوى الوطن. وجاءت هذه الأحداث بينما شدد وزير الداخلية الطيب بلعيز، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية، على «اتخاذ جميع آليات الشفافية والحياد والأمن لإنجاح الاقتراع»، ودعوته المواطنين إلى «المشاركة بقوة في الاستحقاق الذي يجري في ظل الأمن والطمأنية». ومن المنتظر أن تعلن نتائج الانتخابات اليوم الجمعة، علما بأن قانون الانتخابات ينص على أنه في حال لم يحصل أي مرشح على أغلبية 50 في المائة من الأصوات سيجري تنظيم دور ثان في غضون أسبوعين.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.