بعد «شيوعية كاسترو».. الأعين على مستقبل العلاقات الكوبية ـ الأميركية

ترك خلفه طبقة عسكرية حاكمة تدير المشهد في البلاد

نائب الرئيس الكوبي ميغيل كانيل أقصى اليمين وأحد الوجوه المرشحة لقيادة البلاد أثناء استقباله رئيس وزراء كندا (أ.ب)
نائب الرئيس الكوبي ميغيل كانيل أقصى اليمين وأحد الوجوه المرشحة لقيادة البلاد أثناء استقباله رئيس وزراء كندا (أ.ب)
TT

بعد «شيوعية كاسترو».. الأعين على مستقبل العلاقات الكوبية ـ الأميركية

نائب الرئيس الكوبي ميغيل كانيل أقصى اليمين وأحد الوجوه المرشحة لقيادة البلاد أثناء استقباله رئيس وزراء كندا (أ.ب)
نائب الرئيس الكوبي ميغيل كانيل أقصى اليمين وأحد الوجوه المرشحة لقيادة البلاد أثناء استقباله رئيس وزراء كندا (أ.ب)

لا شك أن وفاة الرئيس الكوبي الأسبق وزعيم الثورة الكوبية في القرن العشرين فيدل كاسترو خلفت وراءها الكثير من ردود الأفعال المتباينة بين الداخل الكوبي الذي أنتج مظاهر للحزن والتساؤل حول مستقبل البلاد وفتح الباب لردود أفعال دولية مختلفة أيضا، من بينها الموقف الأميركي الذي عبر عنه الرئيس المنتخب ترامب والذي وصف كاسترو بالطاغية.
في بداية الأمر، استقبل الكوبيون الخبر بحالة من الحزن وتوقفت مظاهر الحياة في العاصمة «هافانا»، حيث قامت المقاهي بغلق أبوابها كما عاد من خرجوا لقضاء سهراتهم إلى منازلهم بعد معرفة الخبر واختفت موسيقى «السلسا» الكوبية الشهير من البيوت والمحال وخيمت حالة من الحزن داخل البلاد.
الكوبيون منذ عام 2006 اعتادوا على غياب الزعيم الكوبي كاسترو من المشهد السياسي؛ وذلك لأن كاسترو قرر الغياب عن قيادة البلاد، إلا أنه لم يغب عن الكتابة في الصحيفة القومية الشيوعية التابعة للحزب الشيوعي الكوبي، كما أن الزعماء والزائرين لكوبا دائما ما طرقوا باب الزعيم لزيارته وحتى إن لم تكن زيارات رسمية في إطار الزيارات الشخصية.
هذه المرة أدرك الكوبيون في الداخل أن غياب كاسترو يعني اختفاء صوت دافع عن الشيوعية في القرن العشرين، وأن آخر المناضلين عن مناهضة الإمبريالية الأميركية قد رحل، خصوصا أن كاسترو الذي قاد الثورة الشيوعية يعتبر من أواخر الباقين على قيد الحياة ممن قاموا بالثورة الكوبية وحتى رؤول كاسترو شقيق الزعيم الكوبي قد قرر التخلي عن السلطة في عام 2018؛ وذلك لأنه بلغ من العمر 85 عاما الآن مما يفتح الباب أمام التخمين بمن سيقود المرحلة المقبلة.
يرى الكثير من المحللين الاستراتيجيين أن موت فيدل كاسترو يعني أن التحول الديمقراطي في البلاد سيمضي بوتيرة أسرع، بل وأن الأفكار الشيوعية قد تدفن مع كاسترو إلا أن خورخي دواني، مدير المعهد الكوبي للأبحاث في فلوريدا، قال لـ«الشرق الأوسط» إن السياسة الأميركية الجديدة بقيادة ترامب قد تعقد المشهد الحالي وتعكر صفو التحول في كوبا، وأكد دواني أن رفع العقوبات على كوبا سيكون من المستحيل في ظل إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
إسراع الرئيس الأميركي المنتخب ونائبه بكتابة ردود أفعالهم حول وفاة كاسترو عبر مواقع التواصل الاجتماعي طرحت الكثير من التساؤلات حول مستقبل العلاقات الكوبية الأميركية. كوبا الآن تعيش مرحلة حاسمة في حياتها، حيث إن فنزويلا الحليف الثري الذي كان يدفع بأموال البترول مقابل الأطباء الكوبيين المهرة والمدرسين قد لا تستطع الاستمرار في ذلك بسبب انخفاض أسعار النفط، كما أن الاتحاد السوفياتي القديم قد لا يكون لديه الحماسة القديمة نفسها لدعم الجزيرة في مواجهة «الإمبريالية» الأميركية، وهي كلها عناصر تدفع إلى نتيجة واحدة وهي أن كوبا الآن ليس لديها سوى الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي ليس لديها سوى طريق الإصلاح، ولكن مع تصريحات ترامب الأخيرة تدفع كل التكهنات نحو أيام، بل ومن الممكن أن تكون سنوات صعبة في حياة الكوبيين، خصوصا أن الإدارة الأميركية التي احتضنت المعارضة الكوبية في فلوريدا القريبة من كوبا لم يعكسوا اليوم في احتفالاتهم بوفاة كاسترو هذه الروح، كان يعتقد الكثير أن الكوبيين المتواجدين على الأراضي الأميركية قد يمهدون جسور التعاون والانفتاح، لكن على ما يبدو أن الجمهوريين يرون أن كوبا ما زالت قابعة تحت ظلال الديكتاتورية ويجب تحرير البلاد عبر التغير السريع، وهو ما لا يعرفه أحد الآن وسط غياب القيادات القادرة على أحداث هذا التحول.
في هذه الأثناء بدأت تتوارد الأنباء حول مستقبل الجزيرة الكوبية، خصوصا أن الجزيرة تدخل على مفترق طرق قد يفتح رحيل كاسترو عن المشهد الكثير من التكهنات. فبعد قرار الرئيس الحالي رؤول كاسترو عن عدم البقاء في السلطة بعد عام 2018 فقد بدأت أوساط دولية وداخلية في طرح أسماء قد تكون بديلة لقيادة الجزيرة وأحداث التحول الذي بدأه رؤول كاسترو، وبالفعل تواترت الأنباء عن اسم ميغيل دياس كانيل وهو النائب الأول لرئيس الجمهورية، كما أنه شغل مناصب في الحزب الشيوعي الكوبي ويعتبر كانيل الذي يبلغ من العمر 56 عاما، من أبرز القيادات الشابة الكوبية والمتشبعة بالأفكار الشيوعية، ومن الشخصيات التي قد تقود إلى مرحلة انتقال البلاد إلى التطبيع مع العالم الخارجي.
عملية الإصلاح التي بدأها الشقيق رؤول كاسترو يبدو أنها مستمرة؛ وذلك لأن منذ غياب الزعيم الثوري فيدل كاسترو كان هناك قرار بعملية الإصلاح وأن هناك زعامات داخل الحزب الشيوعي قد أبدت نيتها على المضي قدما نحو صفحة جديدة، ولكن بخطا حثيثة دون الاستعجال والإسراع في العملية ويقول الخبير الأميركي بريان لاتيل ومؤلف كتاب «ما بعد فيديل» إن فيديل كاسترو أنشأ قاعدة عسكرية وبطانة من الجيش الكوبي قادرة على قيادة البلاد من بعده عسكريا وسياسيا واقتصاديا، وأن بعد رحيل صاحب الثورة الكوبية أو حتى شقيق كاسترو أو عدم وجود الوجوه القديمة والتي تقدمت في العمر الآن ستدار البلاد عبر الجيش الكوبي الذي يضع تحت يده مقدرات البلاد، وهو من سيكون له الكلمة الفصل في من يحدد بوصلة السفينة الكوبية.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».