رئيس حكومة الوفاق الليبية: نرحب بالحوار مع المؤسسة العسكرية لإخراج البلاد من أزمتها الراهنة

السراج قال لـ«الشرق الأوسط» إن مكافحة التنظيمات الإرهابية في سرت قاربت على الانتهاء

فايز السراج (أ.ف.ب)
فايز السراج (أ.ف.ب)
TT

رئيس حكومة الوفاق الليبية: نرحب بالحوار مع المؤسسة العسكرية لإخراج البلاد من أزمتها الراهنة

فايز السراج (أ.ف.ب)
فايز السراج (أ.ف.ب)

قال فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي، إن الحوار بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمؤسسة العسكرية مرحب به من أجل إنجاز الاتفاق السياسي وإخراج ليبيا من أزمتها الراهنة، مشددا على حاجة ليبيا إلى وضع استراتيجية شاملة لمحاربة الإرهاب على كامل التراب الليبي.
وقال السراج، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنه على استعداد للعمل مع كل القوى السياسية، مؤكدا حاجة بلاده إلى جهود الجميع. كما تحدث عن نتائج ملتقى لندن الذي خصص لمناقشة الأوضاع الاقتصادية والمالية لبلاده، مشيرا إلى أنه تم التوافق على عقد لقاء آخر في العاصمة الإيطالية روما لوضع ضوابط تنهي الخلافات بين المؤسسات الاقتصادية والمالية.
ودعا السراج المؤسسة العسكرية الليبية إلى التعاون الكامل مع المجلس الرئاسي لوضع خطة لمحاصرة خطر الإرهاب، مبرزا أن عمليات سرت العسكرية قاربت على الانتهاء بعد التخلص من تنظيم داعش في هذه المنطقة، وأن المجلس الرئاسي ينتظر اجتماع مجلس النواب في أقرب وقت للاتفاق على تعديل الإعلان الدستوري حتى يتمكن من تشكيل الحكومة الجديدة. كما أعرب عن أمله في أن تحظى بالثقة والدعم للقيام بدورها وإنجاز المهام التي تناسب المرحلة الراهنة، وفيما يلي أهم ما جاء في الحوار.
* ما نتائج ملتقى لندن الذي عقد مؤخرا، وهل يساهم في تنفيذ اتفاق الصخيرات وحل المشكلات التي تعطل الحل السياسي في ليبيا؟
- جاء ملتقى لندن في إطار بحث الإشكاليات المادية والمالية والاقتصادية، والعلاقة بين حكومة الوفاق والمجلس الرئاسي والمصرف المركزي، وقد تحدثنا بوضوح وشفافية عن الوضع المالي مع صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي، وبحضور كل من المفوض بوزارة التخطيط في حكومة الوفاق، وممثلين عن المصرف المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط وديوان المحاسبة، وأيضا مجموعة من الخبراء الماليين والاقتصاديين المحليين والدوليين. وقد اتفقنا على تجاوز العقبات، ويجري الآن إعداد الميزانية لعام 2017 بالتشاور مع جانب المحاسبة والمصرف المركزي.
* وهل توافقتم على رقم محدد للميزانية لتسيير أعمال الدولة؟
- هذا أمر داخلي، لكن الملتقى بحث الأسس العامة للتعامل بين المؤسسات حتى ننهي المشكلات والتداخل الحاصل، وعليه تم الاتفاق على عقد اجتماع آخر في العاصمة الإيطالية روما، بعد اجتماع لندن الإيجابي جدا، الذي ساهم في إحداث توافق كبير، ونقلنا إلى حوار بين المصرف المركزي في طرابلس والحكومة.
* لماذا تأخر الإعلان عن تشكيل الحكومة الليبية؟
- ننتظر عقد اجتماع لمجلس النواب، يتم خلاله تعديل الإعلان الدستوري حتى يكون مجلس النواب شريكا كاملا في الاتفاق السياسي، ثم نتقدم بعد ذلك بتشكيل الحكومة الجديدة إلى مجلس النواب لاعتمادها.
* وهل تطرقتم إلى طبيعة تشكيل الحكومة الجديدة أو تم التوافق على استمرار عدد من الوزراء؟
- لم نتطرق بعد إلى حجم الوزارة، ومن سيبقى ومن سيغادر، وحاليا نسعى لاستكمال الحكومة الحالية للقيام بدورها، خصوصا بعد رفض أربعة وزراء القيام بعملهم حتى نتمكن من تسيير الأعمال وإدارة شؤون البلاد.
* هل هناك مسعى بينكم وبين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح والمشير خليفة حفتر؟
- توجد مساع كثيرة عربية وإقليمية ودولية لحل بعض المشكلات، ونأمل من مجلس النواب أن يؤدي دوره، ويمارس مهامه، وأن يتحمل مسؤولياته، خصوصا فيما يتعلق بالاستحقاقات المطلوبة منه وفقا لنصوص الاتفاق السياسي، كما أتمنى من المؤسسة العسكرية أن تتعاون معنا لإتمام المهمة وفق الاتفاق السياسي.
* هل من المتوقع عقد اجتماع مباشر بين الرئاسات الثلاث لتقريب وجهات النظر؟
- بذلنا مساعي كثيرة كي نلتقي معا. والمجلس الرئاسي على استعداد لحوار يجمع كل مؤسسات الدولة والقوى السياسية، كما أدعم كل جهود الوفاق والمصالحة الوطنية، لأن ليبيا وطن يستوعب الجميع، ويحتاجهم في عملية البناء والمشاركة.
* ما أولويات رئيس المجلس الرئاسي حاليا؟
- بالتأكيد لم الشمل والتوافق والعمل الجماعي وحل كل الخلافات القائمة. وأتمنى من الأطراف التي ما زالت مختلفة معنا أن نعمل معا، ونتفاهم من أجل ليبيا وإنقاذها من الأزمات الراهنة. لدينا وضع أمني يحتاج للسيطرة ووضع مادي متراكم، واتفاق سياسي يجب تفعيله لإنهاء معاناة المواطن الليبي.
* ماذا عن الدور الذي يجب أن يقوم به المبعوث العربي صلاح الدين الجمالي؟
- لم ألتق مع المبعوث العربي بعد. لكن أتوقع أن يتم ذلك في أقرب وقت ممكن، لكي نعمل معا في سياق التوافق والانتقال إلى مرحلة أفضل، تحقق الأريحية والقبول من كل القوى السياسية، وقد التقيت الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، واتفقنا على الاستمرار في مساعي التوافق، وتنفيذ كل ما تحتاجه ليبيا في المرحلة الراهنة، كما قابلت رئيس اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى الرئيس التشادي، وتحدثنا كثيرا عن أولويات العمل في ليبيا، ووعد بالتواصل مع جميع الأطراف لوضع الحلول المناسبة التي تساعد على تنفيذ الاتفاق السياسي.
* ما الموقف مع الرئاسة الأميركية الجديدة في ضوء تصريحات مثيرة للجدل أطلقها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حول رغبته في الحصول على نصف النفط الليبي؟
- لم يتم أي اتصال مع الرئاسة الأميركية الجديدة، ولدينا عمل متواصل مع المبعوث الأميركي والدولي، ولا توجد أي خلافات. أما فيما يتعلق بتصريح ترامب حول النفط الليبي فأرى أن هذا السؤال يجيب عنه ترامب.
* هل طلبتم من القمة العربية الأفريقية أي دعم، خصوصا أن بيانها تحدث عن إحاطة بالتطورات وترحيب فقط؟
- تم تأكيد أهمية تجاوز كل العقبات، كما اتفق خلال القمة على تقديم الدعم لمجلس الرئاسة وحكومة الوفاق الوطني، والطلب من مجلس النواب التنفيذ الكامل للالتزامات الواردة في الاتفاق السياسي الليبي، الموقع في ديسمبر (كانون الأول) عام 2015 وبكل البيانات الصادرة عن الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، والبيان الصادر عن الاجتماع رفيع المستوى الذي انعقد في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وكذلك دعم دور دول الجوار الليبي ومساهماتها في إيجاد الحلول المناسبة.
* ما نتائج العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب وتنظيم داعش؟
- مكافحة التنظيمات الإرهابية في سرت قاربت على الانتهاء، لكن يبقى تحدي الإرهاب في كل ليبيا قائما، ويحتاج إلى خطط شمولية وعمل مكثف بشكل أكبر، ونأمل أن يكون هناك توافق بيننا وبين المؤسسة العسكرية لمكافحة الإرهاب على كامل تراب ليبيا، وأن نعمل معا لتنظيف البلاد من هذا الخطر الذي يتهدد الجميع.
* كيف تقيم الإجراء التونسي بوضع مراقبة إلكترونية على الحدود لمنع تسلل الإرهابيين في الاتجاهين؟
- بالتأكيد هذا الإجراء سيكون مفيدا للطرفين، ويقلل من فرص تسلل الإرهاب، وسيساعد في إحكام السيطرة لمنع الخطر الذي نتعرض له مع تونس، ونحن على تواصل مع الإخوة في تونس لتنسيق الجهود في هذا المجال.
* تردد خلال الأسبوعين الماضيين زيارتكم لمصر لاستئناف مساعي الوساطة مع مجلس النواب والمؤسسة العسكرية. فهل سيتم ذلك قريبا؟
- الزيارة إلى مصر ستكون قريبة، ولا أرى أي مشكلات في التواصل مع شركاء الوطن للانتقال للأفضل دائما.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.