فرقة «العمليات الخارجية» التي قتلت بن لادن تطارد الإرهابيين حول العالم

إدارة أوباما توسع صلاحيات القوات الخاصة

قوات خاصة أميركية خارج مدينة الرقة (واشنطن بوست)
قوات خاصة أميركية خارج مدينة الرقة (واشنطن بوست)
TT

فرقة «العمليات الخارجية» التي قتلت بن لادن تطارد الإرهابيين حول العالم

قوات خاصة أميركية خارج مدينة الرقة (واشنطن بوست)
قوات خاصة أميركية خارج مدينة الرقة (واشنطن بوست)

قررت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما منح إدارة قوات العمليات الخاصة (قوات النخبة)، وهي نفس الجهة التي ساعدت في قتل أسامه بن لادن في هجوم شنه سلاح البحرية الأميركية (نيفي سيل) عام 2011، صلاحيات إضافية للقيام بالتعقب، والتخطيط، وشن هجمات على الخلايا الإرهابية حول العالم. وبحسب مسؤولين أميركيين، فإن هذا الإجراء يأتي كرد فعل للتهديدات الإرهابية والمخاوف من انتشار المسلحين خارج معاقلهم في العراق وسوريا.
ومن المتوقع أن تتخطى المهام الجديدة أرض المعارك في العراق وسوريا وليبيا، حيث قامت «قيادة القوات الخاصة» بالكثير من العمليات السرية في الماضي. وعند اكتمال تنفيذ العمليات الجديدة، سوف تترقى قيادة العمليات الخاصة من كونها جهازا هجوميا رفيع المستوى يعمل تحت قيادة القيادة العسكرية الإقليمية ليتولى قيادة وحدة استخباراتية وعسكرية مستقلة متعددة المهام تعمل تحت اسم «فرقة العمليات الخارجية»، وستحاكي في تصميمها أسلوب عمل فرقة قوة العمليات الخاصة التي عملت على مدار الخمسة عشر عاما الماضية لكن نشاطها سيكون حول العالم لتعقب المقاتلين الأجانب في «داعش» والشبكات الإرهابية التي تخطط لشن هجمات في الغرب.
وأفاد مسؤولون طلبوا عدم كشف هويتهم بأن تشكيل وحدة عمليات خاصة جديدة جاء متأخرا في نهاية فترة أوباما الثانية لتعزيز جهود تعقب الإرهاب خارج مناطق الصراع التقليدية. لكن من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة الجديدة للرئيس المنتخب دونالد ترامب ستحتفظ بالكيان الجديد وبغيره من الوحدات التي أسسها أوباما.
ومن ضمن خطط وحدة العمليات الخاصة الجديدة رسم خطوط عريضة لعمليات مكافحة الإرهاب مثل موافقة عدد من الوكالات قبل شن الهجوم بواسطة طائرات الدرون «وضمان» عدم قتل أي مدنيين خلال العملية.
وأفاد المسؤولون بأنه من المقرر أيضا أن تشمل وحدة العمليات الخاصة الجديدة تقديم معلومات استخباراتية وتوصيات ونصائح للعسكريين قبل شن الهجمات، وستتألف من قوات أمنية من الدول الغربية الحليفة التقليدية، وقد تقوم بعمليات خاصة، وستعمل بشكل منفرد في مناطق أخرى من العالم حيث توجد حكومات ضعيفة، أو حيث لا توجد حكومات.
وتشبه طبيعة العمل العالمية للوحدة الجديدة ما قامت به الولايات المتحدة من عمليات تعقب لـ«القاعدة» بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001. فبعد وصول القوات الأميركية لأفغانستان واضطرار المسلحين للهروب من ملاذهم لتنفيذ عملياتهم حول العالم، قامت وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه» حول العالم بتعقب المشتبهين من «القاعدة» في عشرات الدول، ونجحت أحيانا في القبض على البعض وسجنهم وتعذيبهم استنادا لصلاحيات غير واضحة المعالم.
ويأمل البعض في «البنتاغون» في رؤية الوحدة الخاصة الجديدة تعمل جنبا إلى جنب مع «سي آي إيه» لتعقب المشتبهين في العمليات الإرهابية خارج مناطق الحرب التقليدية.
وفي السنوات الأخيرة، تضاءلت مشاركة وحدة العمليات الخاصة في العمليات شبه العسكرية، باستثناء بعض الضربات الجوية في باكستان واليمن، وتحول القرار بشأن الضربات بطائرات «الدرون» في سوريا إلى وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون». ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت «سي آي إيه» مستعدة للتعاون مع الوحدة الخاصة، وعلى نطاق أوسع مع البنتاغون عقب قرار البيت الأبيض الأخير.
ونظرا لاتصالاتها الواسعة وشبكات التجسس التي تديرها في جميع أنحاء العالم وخبرتها الطويلة في العمليات السرية، لا تزال «سي آي إيه» تتمتع بقدرات أكبر وأوسع على التوغل مقارنة بوحدة العمليات الخاصة الجديدة.
وبحسب عسكريين أميركيين، ستقدم وحدة العمليات الخاصة الجديدة تقاريرها إلى البنتاغون من خلال «قيادة العمليات الخاصة».
في الماضي، كانت هناك وحدات مثل «وحدة دلتا»، أو «دلتا فورس»، والتي كانت جزءا من وحدة العمليات الخاصة، وكانت تعمل تحت قيادة العمليات الإقليمية، غير أن وحدة العمليات الخاصة الجديدة سوف تغير من ذلك التدرج بتحويل قائد وحدة العمليات الخاصة، الجنرال ريموند توماس، إلى صانع للقرار فيما يتعلق بملاحقة التهديدات الإرهابية.
ووفق مسؤول سابق بوزارة الدفاع: «الآن بات بمقدور توماس أن يطلب ما يشاء، وإن لم يكن هناك أولويات عاجلة، على القادة المعنيين تنفيذ أوامره».
فأمر تحويل فرقة العمليات الخاصة إلى وحدة ذات صلاحيات للعمل حول العالم استمر مطروحا للنقاش على الطاولة على مدار الخمسة عشر عاما الماضية.
وفي عام 2001، كان الجنرال بالقوات الجوية الجنرال تشارلز هولاند، والذي كان حينها قائدا للقوات الخاصة، مترددا في إعادة تشكيل فرقة تضع وحدة ستجعلها تحتك بالقادة الإقليميين نظرا لتقارب طبيعة عملها، ويتبقى أن نرى ما إذا كانت وحدة العمليات الخاصة الجديدة سوف تكون سببا في توتر العلاقة مع الجنرالات المسؤولين عن القوات الأميركية في الشرق الأوسط أو في أوروبا. ففي شهادة أمام الكونغرس شهر مارس (آذار) الماضي، اقترح توماس أن منح المزيد من الصلاحيات لوحدة العمليات الخاصة من شأنه أن يسمح بالقيام بـ«عمليات متزامنة» لمواجهة تهديدات جماعات لا تتبع دولا بعينها والتي تتخطى الحدود الجغرافية.
وعند طلب التعليق على الخطة الجديدة، أصدر البيت الأبيض بيانا لم يذكر فيه اسم وحدة العمليات الخاصة، غير أنه اعترف بالدور الذي تقوم به في تعقب المقاتلين الأجانب بعيدا عن أرض المعركة.
فبحسب البيان «استطاعت هذه القوات التي تعمل على الأرض بالتعاون مع الشركاء جمع معلومات هامة من أرض المعركة وأرسلتها إلى شركائنا في التحالف وكذلك إلى حلفائنا»، مضيفا: «تساعدنا هذه المعلومات في القيام بعمليات ضد قادة تنظيم داعش وضد مخططي الهجمات وتعقب المقاتلين الأجانب العائدين إلى بلدانهم وتحسين عمل جهات إنفاذ القانون في اكتشاف المخططين للعمليات الإرهابية قبل حدوثها».
* خدمة «واشنطن بوست» - خاص بـ {الشرق الأوسط}



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».