اتصالات محمومة على محور أنقرة ـ موسكو لتأمين سير «درع الفرات» نحو أهدافها

فحوص لمصابي «الحر» في مستشفيات تركية تثبت عدم استخدام «داعش» مواد كيماوية

قوات من المعارضة السورية تهاجم قوات النظام في قرية بيانون بحلب أمس (غيتي)
قوات من المعارضة السورية تهاجم قوات النظام في قرية بيانون بحلب أمس (غيتي)
TT

اتصالات محمومة على محور أنقرة ـ موسكو لتأمين سير «درع الفرات» نحو أهدافها

قوات من المعارضة السورية تهاجم قوات النظام في قرية بيانون بحلب أمس (غيتي)
قوات من المعارضة السورية تهاجم قوات النظام في قرية بيانون بحلب أمس (غيتي)

كثفت أنقرة من اتصالاتها «المحمومة»، عقب استهداف النظام السوري لقواتها التي تدعم عناصر الجيش السوري الحر في إطار عملية «درع الفرات»، في شمال سوريا، مما أدى إلى مقتل 4 جنود (أحدهم متأثرًا بجراحه) وإصابة 9 آخرين، الخميس الماضي، لتشمل مختلف الأطراف والمحاور الفاعلة في الأزمة السورية.
وأنشط محاور الاتصالات هو محور أنقرة - موسكو الذي تولاه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بنفسه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، عبر اتصالين هاتفيين خلال 24 ساعة فقط، بين يومي الجمعة والسبت، في سابقة نادرة، لبحث آخر التطورات الميدانية والسياسية في سوريا، وسبل إيجاد حل للمأساة الإنسانية في حلب.
الاتصالات بين إردوغان وبوتين جاءت بعد أن توصلت أنقرة، من خلال تفعيل الخط الساخن بين رئاستي أركان جيشي تركيا وروسيا، إلى أن موسكو لم تكن طرفًا على الإطلاق في قصف النظام للعسكريين الأتراك، بل وتقديم معلومات عن تنفيذ طيران النظام لهذا القصف، بحسب ما أبلغت به «الشرق الأوسط» مصادر قريبة من الاتصالات.
كانت موسكو التي حامت حولها الشبهات، لتزامن قصف العسكريين الأتراك مع الذكرى الأولى لإسقاط مقاتلات تركية قاذفة روسية على حدود سوريا، قد أكدت لأنقرة عبر الخط الساخن الذي أنشئ في إطار آلية التنسيق الثلاثي بين البلدين بشأن الوضع في سوريا، المكون من جهازي المخابرات ورئاسة الأركان ووزارتي الخارجية في البلدين منذ أغسطس (آب) الماضي، أن طائرات النظام هي من قتلت جنودها في ريف حلب، وأن الهجوم قامت به طائرة من طراز الباتروس الهجومية الخفيفة العاملة ضمن القوات الجوية لجيش النظام.
أما محور طهران الذي ظهر مجددًا مع القصف على العسكريين الأتراك في شمال سوريا، فقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن أنقرة تدرك أن إيران لم تكن بعيدة عن تحرك النظام السوري للقيام بهذه الخطوة، وأن الزيارة التي قام بها، السبت، كل من وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو ورئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان ولقائهما بالرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف وعدد آخر من المسؤولين الإيرانيين، استهدف إيصال رسالة إلى طهران بوصفها داعمًا رئيسيًا لنظام الأسد، ولفتح قناة حوار مرة أخرى مع إيران بشأن الأوضاع في سوريا والعراق.
وبحسب المصادر أيضًا، تسعى أنقرة لتأمين بيئة مساندة لإتمام معركة الباب، واستمرار عملية «درع الفرات» في طريقها دون حدوث مزيد من الخسائر، بعد أن بات واضحًا أن القتال حول الباب أصبح أكثر صعوبة بعدما أقام تنظيم داعش دفاعات حصينة حولها، وأدى إلى أن تخسر تركيا في يومين فقط 5 من جنودها وعددًا من دباباتها.
وتقول المصادر إن تأمين الموقفين الروسي والإيراني سيخدمان الهدف التركي، نظرًا لأن التحالف الدولي الذي تقوده أميركا ينظر إلى «درع الفرات» على أنها عامل ضغط في الوقت الذي يسعى فيه لطرد مقاتلي «داعش» خارج مدينة الموصل، آخر معاقل التنظيم الكبرى بالعراق، وأيضًا خارج مدينة الرقة، معقله الرئيس في سوريا.
وشهدت عملية «درع الفرات» منذ أيام اشتباكات بين عناصر المعارضة السورية التي تدعمها تركيا والمقاتلين الأكراد المدعومين من قِبَل واشنطن، في أثناء محاولة الطرفين انتزاع السيطرة على مدينة الباب الاستراتيجية، شمال حلب، من يد تنظيم داعش، وقبل أن يستهدف النظام العسكريين الأتراك.
ومصدر قلق واشنطن هو أن تؤدي هذه المواجهات بين الطرفين الحليفين لها إلى شغل قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية (المرفوضة من جانب تركيا) قوامها الرئيس عن الهجوم على مدينة الرقة، مما سيؤدي إلى تباطؤ سير المحاولة الحالية للتحالف لتوجيه ضربة حاسمة لتنظيم داعش.
وعلى الرغم من الوضعية الراهنة التي تمر بها عملية الباب، في إطار العملية الأوسع «درع الفرات»، فإن محللين يرون أن أنقرة تمكنت من تحقيق هدفين مهمين؛ أولهما وقف الهجمات الصاروخية لـ«داعش» على المدن التركية الحدودية مع سوريا، والفصل بين المنطقتين اللتين تسيطر عليهما القوات الكردية السورية، وترغب في تحويلهما إلى كيان فيدرالي على حدود تركيا، وهو الأمر الذي ترفضه الحكومة التركية بشدة.
ويقوم عدد قليل من القوات الأميركية بمساعدة تركيا في تنسيق هجماتها الجوية والتخطيط للمعارك، ولكن الدبابات التركية قامت بالتقدم داخل سوريا بشكلٍ أعمق مما توقعته الولايات المتحدة الأميركية في البداية، بحسب المسؤول الأميركي.
ويقول الجيش الأميركي إنَّه لم يقم بدعم المحاولات التركية للسيطرة على مدينة الباب بسبب عدم تنسيق تركيا مع أميركا بشأن هذا الأمر. وبحسب مصادر تركية، فإن أنقرة تشعر بعدم ارتياح للموقف الأميركي من عملية «درع الفرات» في المرحلة الأخيرة التي اتجهت فيها إلى الباب، إضافة إلى تقاعس أميركا عن تنفيذ وعودها بانسحاب عناصر وحدات حماية الشعب الكردية من منبج، ولذلك أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الثلاثاء الماضي، أن قوات «درع الفرات» ستنتهي من تحرير الباب قريبًا، وستتجه بعد ذلك إلى منبج.
وعلى الرغم من التساهل الغربي مع الخطة التركية لإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا، على مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، فإن مسؤولين غربيين يخشون من عدم امتلاك تركيا القدرة على الدفع بالعدد المطلوب من الجنود بسوريا لحماية هذه المنطقة التي تخطط لها، والتي يقدر عدد العناصر المطلوبة لحمايتها بـ30 ألفًا.
وعلى صعيد التطورات في عملية «درع الفرات»، أفادت مصادر عسكرية بأن إدارة الكوارث والطوارئ التركية لم ترصد أي مواد كيميائية لدى فحصها القذيفة الصاروخية التي أطلقها تنظيم داعش الإرهابي في شمال سوريا، أمس، وأوقعت إصابات في صفوف قوات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا، وذلك خلافًا لما أعلنه الجيش التركي عن استخدام التنظيم لمواد كيميائية. وقالت الإدارة التابعة لرئاسة مجلس الوزراء التركي إن «الحادث يعتقد أنه ناجم عن وضع (داعش) لمواد مسيلة للدموع داخل قذائف الهاون والصواريخ».
وكانت صحيفة «حريت» التركية قد ذكرت على موقعها على الإنترنت أن مقاتلي المعارضة نقلوا إلى مستشفى في محافظة كيليس الحدودية التركية للاشتباه في تسممهم بالكيماويات، بعد أن عانوا من إعياء مستمر وصداع حاد. وقالت وسائل إعلام أخرى إن فرق الإغاثة التابعة لهيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية أجرت عدة اختبارات على مقاتلي المعارضة المصابين، بحثا عن آثار مواد كيماوية، لكن الإدارة أكدت بعد الفحوصات أنه لا أثر لمواد كيميائية.
وقال الجيش إن المقاتلات التركية دمرت 4 أهداف لـ«داعش» في منطقة أنيفاه قرب الباب، خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، وإن مقاتلاً من المعارضة السورية المدعومة من تركيا قتل، وأصيب 14 آخرون في اشتباكات. ونشرت تركيا أنظمة دفاع جوي تستهدف الطائرات منخفضة الارتفاع بصواريخ ستينجر في إقليم غازي عنتاب، قرب حدودها مع سوريا، على خلفية قصف النظام السوري لجنودها، الخميس.
في السياق نفسه، نقلت «رويترز» عن مصادر أمنية وطبية أن انفجارًا هز أحد الشوارع في بلدة الراعي، بشمال سوريا، أمس، فيما يعتقد أنه تفجير انتحاري نفذه تنظيم داعش، وأن 12 مصابًا (أغلبهم من الأطفال) نقلوا لمستشفى تركي.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.