انقلابيو اليمن يستنجدون بالقبائل بعد دحرهم في جبهات تعز

تحذيرات من مجاعة في المدينة بعد توقف المرتبات للشهر الثالث عل التوالي

انقلابيو اليمن يستنجدون بالقبائل بعد دحرهم في جبهات تعز
TT

انقلابيو اليمن يستنجدون بالقبائل بعد دحرهم في جبهات تعز

انقلابيو اليمن يستنجدون بالقبائل بعد دحرهم في جبهات تعز

تصدت قوات الجيش اليمني لهجمات الميليشيات الانقلابية (الحوثي وصالح) في أكثر من جبهة بمحافظة تعز بما أهمها جبهات المكلل والربيعي وجبل حبشي، شرق وغرب المدينة. وأعلنت قوات الجيش اليمني استهدافها لتجمعات الميليشيات غرب صالة الأمراء وتبة السلال، شرق المدينة، والتصدي لهجوم شنته الميليشيات على مواقع الجيش في تبة الخلوة بالربيعي، غرب المدينة، وأجبرتها على التراجع بعد مواجهات وقصف متبادل.
وشهدت الجبهة الغربية جبهة الصلو الريفية، جنوب المدينة، مواجهات بين الجيش الوطني والميليشيات الانقلابية في محاولة من هذه الأخيرة التقدم إلى مواقع الجيش في منطقة الصيار في الصلو، التي تمكنت القوات من استعادته قبل أيام بعدما كان معقل ميليشيات الحوثي وصالح في مديرية الصلو، أسفر عنها سقوط قتلى وجرحى من الميليشيات.
وقال العقيد الركن منصور الحساني، المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري في تعز، لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات الجيش تمكنت من ملاحقة الميليشيات في منطقة المكلل، ولقنتهم درسًا لن ينسوه، في حين تقوم القوات بتمشيط الأحياء القريبة من القصر الجمهوري ومعسكر التشريفات في حارة الكمب والمستشفى العسكري». وأضاف أن «العشرات من ميليشيات الحوثي وصالح سقطت بين قتيل وجريح، في حين سمع بكاء المحاصرين من عناصر الميليشيات وتوسلاتهم بأن لا يلقوا حتفهم مثل سابقيهم، بعدما أصابهم الذعر والهلع»، مثمنًا دور «طيران التحالف العربي الذي قدم لهم الإسناد الجوي واستهدف أسلحة الميليشيات التي تقصف بها تعز باستمرار».
وبينما تريد الميليشيات الانقلابية حسم معركة تعز؛ الأمر الذي جعلها ترسل بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى تعز، واستنجاد القائد الميداني للميليشيات، أبو علي الحاكم، بالقبائل ومشايخ تعز الموالين لصالح، لإرسال مقاتلين إلى صفوف الميليشيات التي تخوض حربًا ضد سكان تعز، قال الكاتب والباحث اليمني الدكتور عبده البحش، لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يجري في تعز هو لا يمكن وصفه إلا بالصمود الأسطوري في وجه الميليشيات الانقلابية، فهي اليوم تخوض معركتها الأخيرة والتي ستنتهي بتقهقر عملاء إيران». وأضاف أن «تعز تقاوم الانقلابيين الذين يدفعون بتعزيزاتهم إلى محيط مدينة تعز جراء خسائرهم الكبيرة التي تكبدوها، فها هي تعز اليوم تختزل كل معاني النضال والحرية والعدالة والمواطنة المتساوية، بما فيها مشروع الدولة اليمنية الحديثة المتمثلة باليمن الاتحادي الديمقراطي الحر، الذي يكون فيه السيد الوحيد هو القانون وليس الطبقية السلالية أو العنتريات والنعرات القبلية المتخلفة التي يتبناها تحالف الانقلاب المشؤوم». وتابع البحش أن تعز «ستواصل كسرها وتصديها لزحف الميليشيات الانقلابية، في الوقت الذي خضع عدد من المدن والمحافظات اليمنية لجناحي الانقلاب، غير أن تعز وقفت وقفتها الكبيرة متحدية الانقلابيين وقواتهم وحشودهم، وتتوافد عليه من كل المحافظات».
في هذه الأثناء، واصل طيران التحالف تحليقه على سماء تعز، واستهداف تعزيزات ميليشيات الحوثي وصالح، وتكبيدهم خسائر معتبرة. وأفاد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن طيران التحالف استهدف، فجر أمس، مواقع تمركز الميليشيات في تبة السلال، وتبة الجعشة، شرق المدينة، ودمر مصفحة ومدفع 75، وكذا تجمعات أخرى في جبل الزانج في الخمسين، شمال المدينة، دمر فيها دبابة للميليشيات كانت تقصف بها الأحياء السكنية، إضافة إلى استهدافه مواقع وتجمعات أخرى للميليشيات في البحابح بمنطقة الربيعية، غربًا.
إنسانيًا، أطلق «ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز» نداء استغاثة دعا فيه لإنقاذ محافظة تعز من كارثة إنسانية تهدد مئات الآلاف من إذا لم «يكن هناك أي تدخل سريع وعاجل لإنقاذ المدينة في المجال الصحي والغذائي». وقال الائتلاف في نداء، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «تعز تعاني منذ ما يقارب العامين أوضاعًا إنسانية بالغة السوء جراء الحرب المفروضة عليها، فاقمتها قلة وصول المساعدات الإغاثية من المنظمات الدولية المانحة للمتضررين في المحافظة، وخصوصًا بعد الكسر الجزئي للحصار وتأمين خط الضباب، غرب مدينة تعز منتصف أغسطس (آب) الماضي». وأضاف أنه «استمرار للمعاناة التي يعيشها السكان في تعز، فإن مستشفيات تعز باتت مهددة بالإغلاق في أي لحظة، وأولها مستشفيات الثورة، و(الروضة) كبرى مستشفيات المدينة، والأكثر استقبالات للمرضى والجرحى، جراء انقطاع الميزانية التشغيلية للمستشفيات، وتوقف بعض الجهات الداعمة لها، ونقص الأدوية والمستلزمات الطبية، وعدم قدرتها على تسديد أجور العاملين، في حين كان مستشفى الثورة الحكومي قد أصدر عددًا من بيانات الاستغاثة بعد توقف عمل بعض الأقسام، ومحذرًا من توقف بقية الأقسام بسبب نفاد وتوقف صرف الميزانية التشغيلية للمستشفى».
وأشار الائتلاف إلى المجاعة التي أصبحت تهدد الأهالي، خاصة بعد توقف صرف مرتباتهم لنحو ثلاثة أشهر، إضافة إلى استمرار عمليات النزوح والتهجير القسري من قبل ميليشيات الحوثي وصالح لأهالي مناطق المواجهات، وإلى «انتشار الأوبئة القاتلة، وآخرها انتشار وباء الكوليرا». وكانت الحكومة اليمنية قد أعلنت في وقت سابق أن تعز مدينة منكوبة جراء الحرب والحصار، كما أعلنت منظمات دولية في أحدث تقاريرها أن تعز هي أكثر المحافظات تضررًا من حيث عدد القتلى والجرحى والنازحين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.